الأحد 2 كانون الثاني (يناير) 2022

57 عاماً على “فتح”... نوستالجيا الشتات

ناصر السهلي
الأحد 2 كانون الثاني (يناير) 2022

بين فلسطينيي المهجر، ثمة جيل يعيش نوستالجيا هويته التي تشكّلت على وقع انطلاقة “حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح”. وعلى شعارها “العاصفة”، بكل رمزيته عن “الكفاح المسلح”، عاش بعضهم لسنوات حالة أخرى من تجنّب تفاصيل “الجنوح” نحو “السام”، بعد “أوسلو”.

يقترب جيل المهجر، من غير جيل مواكبة التأسيس، من عقده السادس. وعلى الرغم من ذلك، وكلما انفتحت سيرة “فتح”، تبقى سردية “زمن الثورة” والزعيم الراحل ياسر عرفات (أبو عمار)، تُشحن بحذر بنوستالجيا “العمود الفقري للعمل الوطني”، أي ما مثّلته انطلاقة “فتح” قبل 57 عاماً (في الأول من يناير 1965).

خلال العقدين الأخيرين، لم يكن ممكناً تجنّب ملاحظة سيطرة شعور خيبة “زمن الفراغ” لدى البعض، وخصوصاً بعد مرحلة اغتيال عرفات، بعد حصار دامٍ في مقره برام الله. ذلك الشعور يبدو أكثر عمقاً عند جيل شبّ على “كاريزما أبو عمار” نفسه، وخصوصاً بين لاجئي لبنان وسورية، الذين آمنوا بأن عرفات و“فتح” لعبا دوراً في ترسيخ الهوية الفلسطينية.

وعادة ما كانت تستعيد الحالة الفلسطينية، بغض النظر عن الجغرافيا، ذكرى انطلاقة “فتح” باعتبارها تذكيرا بفلسطنة منظمة التحرير الفلسطينية، بعد مرحلة أحمد الشقيري. لكن منذ أعوام، وعلى هامش “ذكرى الانطلاقة”، يبرز نقاش الخيبات، وخصوصاً من خفوت صوت ودور الحركة الوطنية الفلسطينية، سواء تعلق الأمر بهم أو بقضية التحرر الوطني عموماً.

ولعل التعاطي مع أوضاع فلسطينيي سورية يقدّم مثالاً على الخيبة. فهؤلاء، يساراً ويميناً، خبروا عن كثب منذ مطلع السبعينيات محاولات النظام السوري الهيمنة على الورقة الفلسطينية، ولو من خلال شق واستهداف معظم الفصائل وشخصياتها، بمن فيهم عرفات بنفسه.

منذ 2011، تحوّل موقف بعض الفصائل إلى ما يشبه الفرجة على تدمير مخيمات سورية، وتهجير سكانها. لم يعد الغضب المنتشر بين شتات اللجوء الفلسطيني يطاول فقط من حمل السلاح باسم “القدس” دفاعاً عن نظام دمشق، بل امتد مع التهكم ليشمل مواقف “فتح” نفسها، والتي ذاق منتسبوها بالأصل ويلات تهمة “العرفاتيين” في سجون المزة وتدمر و“فرع فلسطين” و“الضابطة الفدائية”. فساهمت زيارات أقطاب السلطة من رام الله إلى دمشق طيلة 10 سنوات، وعجزهم عن إعادة أسرة واحدة إلى سكنها في مخيم اليرموك، أو إطلاق مئات المعتقلين، ومنهم فتحاويون جرت تصفيتهم تحت التعذيب في سجون بشار الأسد، في تعميق الظهور بحالتي وهن وهزال عند حركة وطنية تحوّلت إلى خطاب أشبه بالتحليل الحيادي لا تمثيل الشعب.

ليس سراً أنه يسري بين فلسطينيي شتات مخيمات سورية، نظرية عن “مؤامرة” لتهجير الفلسطينيين بعيداً، كما جرى في لبنان منتصف الثمانينيات في الحصار والحرب ضد مخيماته، من حلفاء نظام دمشق.

وفي كل الأحوال، فإن نقاش الحنين إلى الماضي عند جيل فلسطيني بعينه لا يختلف كثيراً عن مثيله على أرض فلسطين وفي دول الجوار. فحركة “فتح” عند هؤلاء لم تعد بذلك العنفوان الذي شكّلته لعقود، بعد أن أصبحت منذ 2004 منشغلة في متاهات “السلطة والحكم”، أكثر من انشغالها بأهدافها الجوهرية في التحرر الوطني. وإذا كان ذلك ما أصاب الفصيل الأكبر، فليس حال البقية أفضل حالاً. فرتابة التحوّل إلى “أحزاب” سلطة، والسير في دهاليز ربع قرن من وهم إنهاء الاحتلال بالتسويات والتنازلات، يزيد الشعارات خيبات ومرارة مع كل ذكرى فلسطينية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2184525

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

4 من الزوار الآن

2184525 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 3


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40