السبت 31 تموز (يوليو) 2021

تطبيع رياضي كامل الدسم

السبت 31 تموز (يوليو) 2021 par سعدية وفرح

شخصٌ ما اقتحم بيت أخيك وطرده منه، بعدما ادّعى أنّه بيته هو، وقتل بعض أبناء البيت وشرّد البقية، وأصبح يتصرّف عقوداً طويلة بصفته صاحب البيت المغتصَب أساساً، واعتاد أن يدعو أقرباءه من مختلف أنحاء العالم للسكنى في بعض غرف هذا البيت، لكنّه يمنع سكانه الأصليين حتى من حق زيارته.

وأخيراً، أتى أبناء المحتل إلى البيت، المشاركون بما فعله والدهم الآن، ليلعبوا مع أبنائك في الساحة المقابلة، والمطلوب منك أن توافق بحجّة أنّ هذه رياضة، وأن لا دخل للعب والرياضة بأيّ شيء آخر، وأنّ أبناءه وأبناءك يفعلون ذلك باسم السلام وحده... هذا هو التطبيع الرياضي... فتخيّل. وهو ما حدث ويحدث بالضبط في فلسطين حرفياً.

الصهاينة المحتلون للأراضي الفلسطينية، الممعنون في الاحتلال، والتنكيل بأهلنا في فلسطين، المستمرّون في الاحتلال واغتصاب الأراضي وسرقة البيوت، الرافضون كلّ خطة سلام تتضمّن الاعتراف حتى ببعض الحقوق الفلسطينية في الأرض، كالمبادرة العربية، يشاركون في البطولات العالمية التي تجمعهم مع بعض الفرق العربية، والمطلوب من العرب دولياً الموافقة على اللعب معهم، وإلّا خسر هؤلاء العرب تلك المقابلات الرياضية، وتحمّلوا العقوبات من الجهات المنظمة أيضاً! ظلم إضافي اعتاد اللاعبون العرب على تحمّله في سبيل إيمانهم المطلق بالقضية الفلسطينية، فمجرد اللعب مع اللاعبين الصهاينة يعتبر اعترافاً بهم وبكيانهم وباحتلالهم فلسطين، وهو ما يرفضه الوجدان العربي دائماً.

وملف التطبيع الرياضي قديمٌ يتجدد الحديث عنه مع كلّ بطولة رياضية عالمية تجمع ما بين اللاعبين العرب ولاعبي الكيان الصهيوني، في بعض المقابلات بسبب القرعة، كدورة الألعاب الأولمبية التي تُقام هذه الأيام في طوكيو. وعلى الرغم من أنّ معظم اللاعبين العرب اعتادوا على الانسحاب المشرف تلقائياً من مثل هذه المقابلات، فالجديد الذي ترافق مع موجة التطبيع الأخيرة أنّ لاعبين عرباً أصبحوا يفكرون جدّياً في خوض مبارياتهم مع اللاعبين الصهاينة، وهو الأمر الذي يضع علامات استفهام جديدة على هذا الملف كلّه، ذلك أنّ خوض المنافسات الرياضية أمام لاعبي الكيان الصهيوني وفرقه ما زال يعتبر اعترافاً مذلاً بالعدو وممارساته وهو تطبيع كامل الدسم مع سياساته.

ومن يقول إنّ على اللاعبين العرب مقابلة الصهاينة في المنافسات الرياضية لا يخرج عن أربعة: الأول مؤمن بالتطبيع وينادي به فعلاً ولا يخجل من ذلك. الثاني مؤمن بالتطبيع لكن يشعر بالخجل أو بالخوف من غضب الجماهير العربية حوله. الثالث ساذج يرى أنّ الصراع لا يخرج عن فكرة من يضرب من، فتجد مثل هذا يشجّع اللاعبين العرب على مقابلة أندادهم الصهاينة لضربهم والإمعان في التنكيل بهم في الملعب، ومن المضحك أنّ هناك من ينصح اللاعبين العرب بمواجهة الصهاينة بحجّة الأخذ بالثأر منهم وضربهم! وهذا أمر مناقض لفكرة الألعاب الأولمبية تحديداً، علاوة على أنّ هؤلاء ليسوا متأكدين أساساً من الفوز عليهم. أما النموذج الرابع فهو غبيٌّ لا يعرف الفرق بين الحرب والمنافسة الرياضية، فيظن أنّ المنافسة الرياضية هي نوع من الحرب، وعلى العرب عدم الانسحاب منها، لأنً ذلك يعتبر انهزاماً مبكراً.

السؤال الذي يطلّ برأسه من بين كلّ هذه الاحتمالات: هل يحق لكلّ اللاعبين العرب اتخاذ مواقف حرّة ومستقلة على هذا الصعيد، بعيداً عن سياسات حكوماتهم المتعلقة بالتطبيع فعلاً؟ الإجابة واضحة ويعرفها الجميع، أنّ معظم اللاعبين العرب لا يملكون رفاهية اتخاذ قراراتهم بشأن اللعب مع الفرق الصهيونية بحرية. وبالتالي، هذه القرارات حكومية محض، ما يجعلها ترتد على سياسات التطبيع المباشر أو غير المباشر مع الصهاينة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2184542

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع مقالات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2184542 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40