السبت 24 تموز (يوليو) 2021

مقالات في صحافة العدو :“بيغاسوس” أذن إسرائيلية لزعماء عرب.. والسؤال: ماذا يخفي الموساد؟

السبت 24 تموز (يوليو) 2021

- كيف ينظر بينيت إلى أزمة الفلسطينيين الاقتصادية والحل السياسي معهم؟

تجري في الأسابيع الأخيرة من خلف الكواليس اتصالات غير مباشرة، مفاجئة لدرجة ما، بين إسرائيل والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية. وضع السلطة الاقتصادي السيئ يقلق الأمريكيين والإسرائيليين. ومدخولات السلطة من الضرائب والمساعدات الخارجية تنخفض، ويزداد عجزها بوتيرة سريعة، حتى البنوك الفلسطينية تخاف من إعطائها المزيد من الائتمان. هكذا يجد بينيت نفسه يناقش طرق تأمين بقاء قيادة السلطة.

كانت إدارة بايدن ستسر بضخ المزيد من الأموال لصالح بقاء رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لكن عائقاً جوهرياً يقف في الطريق على شكل قانون تيلر فورس، وهو القانون الذي صادق عليه الكونغرس قبل ثلاث سنوات في عهد إدارة ترامب والمسمى على اسم الرجل العسكري الأمريكي الذي قتل في عملية أثناء زيارته تل أبيب في 2016. هذا القانون يمنع أمريكا من تحويل مساعدات اقتصادية للسلطة طالما بقيت تمول سجناء أمنيين في إسرائيل وتساعد عائلات مخربين قتلوا.

طرح الأمريكيون مؤخراً أفكاراً مختلفة لتغيير ترتيبات دعمهم للسلطة لئلا يخرقوا القانون. وتم الحديث عن تبني نموذج اجتماعي من المساعدة طبقاً للصعوبات الاقتصادية للعائلة، ولكنه نموذج قد يكون مقروناً بمخصصات لسجناء جنائيين، وهو الأمر الذي ستجد السلطة صعوبة في تلبيته. إن أي تراجع لعباس عن دعم الإرهابيين سينظر إليه الفلسطينيون على أنه خيانة للروح الوطنية، وذلك سيخدم حماس.

ناقش بينيت أيضاً مشاريع اقتصادية وبنى تحتية في الضفة الغربية، على أمل تحسين الوضع في مناطق السلطة. ووجد جهاز الأمن صعوبة في تحديد مشاريع يمكن تسريع تنفيذها. الأحد القادم، ستصادق الحكومة على 15 ألف تصريح عمل أخرى في إسرائيل لفلسطينيين من الضفة يعملون في فرع البناء. كل ذلك يحدث على خلفية ما يوصف في إسرائيل كصافرة إنذار حقيقي، وانخفاض حاد في تأييد الفلسطينيين للسلطة، الذي يظهر في استطلاعات الرأي العام.

القضية التي تواصل ملاحقة عباس تتعلق بموت أحد معارضي السلطة، وهو نزار بنات، في سجن السلطة بالخليل قبل شهر تقريباً. وعبرت الإدارة الأمريكية عن اشمئزازها من الحادث الذي يذكر رجالها بقتل الصحافي المعارض للنظام السعودي، جمال خاشقجي، في تركيا. الإدارة الديمقراطية أقل تسامحاً مما كانت عليه الحال في عهد ترامب إزاء خرق حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، كما يفعل الآن جنرالات في مصر.

في الوقت الذي يستعد فيه بينيت لإظهار سخاء تجاه الفلسطينيين اقتصادياً، لا يبدو أنه مكترث باستئناف العملية السياسية ولا مصلحة له في ذلك. أحد الحجارة الأساسية التي بنى عليها بنيت الشراكة مع يئير لبيد هو التفاهم بأن الحكومة الهجينة غير قادرة على التقدم في المسائل المختلف عليها، وعلى رأسها حل النزاع مع الفلسطينيين. في المقابل، يحتاج عباس إلى إنجاز علني ليظهر للأمريكيين إرادة جيدة بخصوص العملية السياسية. من هنا جاءت محاولاته لتنسيق لقاء وصورة مع رئيس الدولة الجديد، إسحق هرتسوغ، وهو أمر لا يتحمس له رئيس الحكومة. استجاب الأمريكيون لطلب بينيت، وأجلوا إعادة فتح القنصلية في شرقي القدس رغم مطالبات عباس.

مثل السلطة، حماس قلقة أيضاً من وضعها الاقتصادي. عيد الأضحى مر، ومع ذلك لا حل حتى الآن لتحويل الأموال القطرية إلى قطاع غزة. ورغم ذلك، الهدوء يسود القطاع، لكن من الواضح لإسرائيل أن وضعاً كهذا لن يستمر لفترة طويلة.

وقت الإصلاح

لقد حدثت مشكلة لبينيت في بداية الأسبوع، التي سارع إلى إصلاحها. الأحد، حيث حج مئات اليهود إلى الحرم بمناسبة 9 آب اندلعت مواجهات عنيفة بين المصلين المسلمين والشرطة. وسيطر رجال الشرطة على الوضع، وأصدر رئيس الحكومة بيان إشادة لوزير الأمن الداخلي والمفتش العام للشرطة، ووعد بحماية حرية العبادة للمسلمين واليهود في الحرم.

ولكن بيان بينيت تجاوز الوضع القائم الحساس في الحرم. فقد حرصت حكومات إسرائيل خلال سنوات إلى الحفاظ على حرية زيارة اليهود للحرم وليس على حرية الصلاة. البيان الذي ترتبط صياغته المتسرعة بغياب تجربة كافية في المكتب، استقبلته إدارة واشنطن والقصر الملكي في عمان بدهشة (عشية لقاء الرئيس جو بايدن والملك عبد الله) ومثلهما قيادة “راعم” في إسرائيل. في اليوم التالي، اضطر مكتب رئيس الحكومة إلى إصدار بيان تعديلي: سيبقى الوضع القائم على حاله، وسيتم تأمين حق اليهود في الزيارة فقط.

في موازنة الاعتبارات بين الانتقاد من اليمين وبين الغضب الدولي والتوتر في الائتلاف، اختار بينيت وبحكمة المخرج الأقل خطراً. ولكنها مشكلة تدل على مشكلة أعمق. يبدو أن بينيت في كثير من خطواته كان مدفوعاً بمسألة ما الذي كان سيفعله نتنياهو لو كان في مكانه أكثر مما هو على استعداد للاعتراف به. هذه الزلات لا تبشر بالخير، ويفضل أن يتذكر أنه وصل إلى منصبه بالصدفة، نتيجة أحداث سياسية مع حد أدنى من الاحتمال. بينيت في السلطة بفضل تحالف غير ممكن من التناقضات، التي حدثت لسبب واحد، وهو إقصاء الشخص الذي ما زال يخاف منه، عن الحكم.

تدل القضية أيضاً إلى التحالف الإجباري مع قائمة “راعم”، التي ما زالت ملتزمة بشدة بالحركة الإسلامية. شخصيات كبيرة في الحزب تفاخرت بنجاحها في التأثير على الحكومة، لكن بقي الكثير من العقبات المحتملة، من إخلاء الخان الأحمر ومروراً بالبناء غير القانوني في النقب، وانتهاء بموقف “راعم”، ومن تصعيد محتمل في القطاع، هذا إلى جانب الخطر الأكثر شدة على الحكومة في هذه الأثناء الذي يكمن في إعادة تفشي كورونا.

كرئيس للحكومة، يتخذ بينيت موقفاً معاكساً: حكومته ترد على الزيادة في الإصابة بضبط نفس معين، الذي يعكس تشويشاً أيضاً. من يحاول استغلال ذلك هو سلفه في هذا المنصب. فقد كشف نتنياهو أول أمس أنه توجه إلى المدير العام لشركة فايزر ومدير عام شركة موديرنا لينقلا وجبة تطعيمات ثالثة لإسرائيل، رغم أن الخبراء المختصين لم يبلوروا حتى الآن أي موقف في هذا الشأن. سيحاول نتنياهو الإمساك بكل قشة تلوح له، وكلما استمر الوباء في الازدياد فسيعمل على انتقاد الحكومة بذريعة أنها تهمل حياة المواطنين دون أن يذكر بأن 6400 شخص منهم ماتوا في فترة حكمه.

بقلم: عاموس هرئيل

هآرتس 23/7/2021

- صحيفة عبرية: ما الذي كشفت عنه “وثيقة الجماجم” لتجعل رؤساء إسرائيل الثلاثة يرضخون لرجال المخابرات؟

بعد 37 سنة من قضية الخط 300، يكشف ملحق 7 أيام لأول مرة وثيقة الابتزاز التي بمعونتها نال رئيس جهاز الأمن العام “الشاباك” أبراهام شالوم، ويوسي غينوسار، وشركاؤهما، العفو من رئيس الدولة إسحق هرتسوغ حتى قبل أن تفتح محاكمتهم، والحملة الليلة المجنونة لإقرارها قبل أن تسرب إلى وسائل الإعلام.

لقد جرى بحث قضية الخط 300 أو كما سميت لاحقاً “قضية الشاباك” بتوسع كبير من كل صوب منذ هزت إسرائيل منتصف الثمانينيات. ولكنه لم يحدث أن أجيب على السؤال لماذا اختار رؤساء حكومة الوحدة بيرس وشامير ورابين “دفن القضية”. لماذا أقروا وساندوا ودفعوا نحو منح عفو جارف لرجال جهاز الأمن العام – الشاباك من الرئيس حاييم هرتسوغ، بينما كانوا يعرفون حجم النقد الجماهيري ضدهم. لماذا اختاروا العمل في صالح الأشخاص الذين خدعوهم على مدى فترة طويلة بل وفي حالة شامير حاولوا حتى إدانته.

يكمن الجواب على هذا السؤال بين صفحات تلك الوثيقة التي ركض المستشار القانوني المفزوع يوسف حريش لجلبها من سيارته، وثيقة فُصّلت فيها عشرات حالات الاغتيالات لنشطاء الإرهاب، وتعذيب المعتقلين والمخربين الذين اختفوا في عمليات نفذها “الشاباك” و”الموساد” و”أمان” بالتخويل وبالإذن. إن كشف مضمونها كجزء من موقف الدفاع في المحكمة – مثلما هدد رجال الشاباك عمله، كان سيلحق ضرراً هائلاً بأسرار الدولة بعامة وبالأشخاص الثلاثة الذين صادقوا للمخابرات بتنفيذ الأعمال بخاصة.

ولم يصدق بيرس المصدوم كيف يمكن لأحد أن يتجرأ على كتابة هذه الأمور بوثيقة، واعتبر ذلك ابتزازاً يمارسه يوسي غينوسار، رجل الشاباك الذي بادر إلى الخطوة. وسمّى دوف فايستغلاس (محامي غينوسار) هذه الورقة المتفجرة “وثيقة الجماجم”.

وكان يوسي غينوسار دعا إلى جلسة في غرفته في الفندق وطرحوا هناك سلسلة من الاغتيالات للمطلوبين وإخفاءات لحالات من التعذيب انتهت بالموت وجرت كلها بإذن من رؤساء الوزراء.

وكان الهدف المعلن لوثيقة الجماجم هو الإظهار بأن قتل الشابين الفلسطينيين من عملية خط 300 لم يكن أمراً شاذاً، ولكن الهدف الخفي كان الابتزاز الصرف. وقال أحد الوزراء عند بحث موضوع العفو المطلوب: “فهمنا على نحو ممتاز المعنى الحقيقي لهذه الوثيقة الساخنة التي وضعوها على الطاولة. وكان واضحاً لنا أننا ملزمون بأن نوقف رقصة الشياطين هذه ونهتم بألا يصل رجال المخابرات إلى المحكمة.

ويتذكر المحامي رام كاسبي أنه هرع إلى بيت الرئيس بعد أن غادر ديوان رئيس الوزراء في سيارة المحامي يعقوب نئمان، شريك الرئيس هرتسوغ، وقال: “شرحنا له الكارثة التي ستقع إذا ما خرجت وثيقة الجماجم، وأنه لا مفر من إصدار العفو للجميع، وهو وحده ما سينهي القصة.

ويروي كاسبي بأن الرئيس هرتسوغ طلب أن يرى “ابروم” (أبراهام شالوم) رئيس الشاباك على انفراد. ويقول كاسبي: “عندما خرج رئيس الشاباك من عند رئيس الدولة، رأيت الدموع على وجهه. كان غريباً أن يرى المرء هذا الرجل الصلب وهو يبكي. شخصاً، بكيت عندما وصلت مع وحدتي إلى المبكى. الرجال لا يبكون. أما ابروم فحتماً أنه بكى أقل مني بكثير.

وقع رجال الشاباك على طلبات العفو للرئيس كما كان مخططاً. وعندما وصل الأمر إلى غينوسار ادعى بأن لا حاجة له بالعفو.

يقول كاسبي: الحل الذي وجدناه هو إدخال كلمات “يدعون أني ارتكبت مخالفة”، أي دون اعتراف من غينوسار. وأملنا أن يقرأ هرتسوغ في ظلمة الليل كل الطلبات الـ 13 وألا يكون يقظاً بما يكفي كي يلاحظ التغيير”.

في اللجنة الوزارية، صوت ستة في صالح القرار واثنان ضد. شارون عارض إذ قال: “هذا خزي وعار أن يحتاج رجال الشاباك إلى العفو. وكذا وايزمن عارض هو الآخر مؤكداً أنه من “الخزي والعار أن يتلقوا العفو”.

أما القرار فقد اتخذ. وبعد وقت قليل من ذلك وقع هرتسوغ على طلبات العفو.

بقلم: رونين بيرغمان

يديعوت أحرونوت 23/7/2021

- قرية لفتا.. هذا ما تذكره عودة بعد سماعه نية إسرائيل إقامة “حي فاخر” على أراضي قريته المهجرة

هذه هي القرية الأكثر حزناً في إسرائيل، ويبدو الأكثر جمالاً أيضاً من بينها. لم يعد هناك مثلها: قرية أشباح، ما زال معظم بيوتها قائمة قبل أن تهدم إسرائيل أسقفها لعدم توطينها من جديد؛ حوالي الستين بيتاً التي بقيت، بيوت من طابقين وأحياناً من ثلاثة طوابق على سفح الجبل، تندمج بشكل مدهش مع المشهد الطبيعي؛ بيوت حجرية وأقواس، كل طابق فيها يروي قصة ذاك العهد ونمط بناء مختلف، درة هندسة معمارية نادرة، دليل على ما كان هنا، دليل صامت على حياة كانت هنا واختفت. مسجد، معاصر زيتون قديمة، طواحين قمح، بقايا أرضيات ملونة، طريق معبدة تؤدي إلى نبع القرية الذي كان ذات يوم القلب النابض ومركز الحياة فيها، والآن يستحم بمياهه المسروقة طلاب مدارس دينية وشبيبة تلال في العطلة الفصلية.

بين البيوت المهجورة أشجار صبر بالطبع، تدل على وجود عائلة فلسطينية من صور باهر جاءت لقطف ثمار الصبر في عيد الأضحى بواسطة عصا عليها علبة فارغة في نهايتها [صبارة]، مثلما كانت الحال من قبل. اليوم السابق صادف يوم 9 آب الذي يحد فيه اليهود على خراب الهيكل الذي كان أيضاً مسلخاً وهدم قبل 2000 سنة. هؤلاء اليهود يمنعون الجيران العرب من الحداد على بيوتهم التي هدمت قبل 73 سنة ويتهمونهم بالتورط في كارثتهم.

كتاب “أول ذات ريمينز”، لوليد الخالدي، يتحدث عن 410 بيوت في العام 1931 في قرية لفتا، و2550 شخصاً ساكناً في 1945. يعقوب عودة الذي ولد عمره 7 سنوات في النكبة يتحدث عن 550 بيتاً في 1948 وعن حوالي 40 ألف شخص من أحفاد اللاجئين المنتشرين بين شرقي القدس والضفة الغربية والأردن والشتات. هو الآن عمره 81 سنة، ويظهر في عمر السبعين، ويقوم بالقفز في طرقات القرية مثل ابن الأربعين. يعرف كل شجرة تين ويتذكر كل بيت؛ كل جدار هنا له ذكرى فيه. معلم متقاعد من شعفاط قضى 17 سنة في السجن الإسرائيلي، لكنه لا يتحدث الآن عن ذلك لأن ذلك لا يتعلق بموضوعنا. موضوعنا هنا هو النضال من أجل الحفاظ على المكان.

يعد عودة ناشطاً في “التحالف من أجل إنقاذ لفتا”، وهو جمعية يهودية – فلسطينية تناضل منذ سنوات من أجل إنقاذ القرية. نشطاء آخرون في التحالف مثل دفنه غولان- البروفيسورة الزائرة في علم الاجتماع من الجامعة العبرية، وايلان شتاير- الخبير في التاريخ الجزئي، يرافقوننا في جولة بين بيوت القرية. وعند مشاهدة بيوت الأشباح هذه، كنا سألناهم عن سبب عدم هدم إسرائيل القرية في العام 1948 مثلما فعلت مع مئات القرى الأخرى، ولكن لا إجابة لديهم. تم إسكان القرية في 1949 بمهاجرين من اليمن، وبعد ذلك بمهاجرين من كردستان، لكنهم جميعاً غادروها. ثمة فندق فاخر بقي هنا في الجزء الخلفي للقرية، وشركة هندسة معمارية يهودية. البيوت الأخرى فارغة ومهجورة وحزينة. “الموت للعرب”، كتب على بيت عائلة العاصي التي هربت إلى الأردن، البيت الذي يطل على نبع القرية. زجاجات بيرة فارغة تنتهك حرمة المسجد المحروق. معظم شواهد القبور في المقبرة التي على سفح الجبل اختفت، ومنها قبور المواطنين الثلاثة الذين قتلوا في مذبحة لفتا، إطلاق النار القاتل الذي نفذه الجنود اليهود على مقهى صالح عيسى في 28 كانون الأول 1947. “احترم أباك وأمك”، يقول إعلان لـ “أوبتيكا هالبرن” من البيت الذي بني على أنقاض المقهى على قمة الجبل، غير بعيد عن المحطة المركزية في القدس.

وثمة يد مجهولة أيضاً انتزعت عدداً غير قليل من حجارة البيوت ذات الأقواس، على أمل إخفاء أنها ستنهار من تلقاء نفسها. ولكن العمل العربي هنا كان أقوى من أي يد شريرة، ومعظم البيوت لم تنهدم، ولا حتى بعد كل هذه السنوات التي سكن فيها المشردون والمدمنون واستخدموها وكأنها بيوتهم. ولكن ثمة خطر أكبر الآن وهو خطر الأموال. فسلطة أراضي إسرائيل ستنشر في الأيام القريبة كراسة عطاء لبناء حي فاخر على أنقاض لفتا. 259 فيلّا وفندقاً ومجمعاً تجارياً. وتتعهد سلطة أراضي إسرائيل بالحفاظ على البيوت، ونشطاء الإنقاذ على قناعة بأن الحي الفاخر سيمحو جمال القرية وتراثها، والنضال العام والقانوني على مستقبل القرية انطلق. حتى بلدية القدس تعارض المخطط حتى الآن. في 2004 وُضع مخطط مشابه تم إحباطه في نهاية الأمر بعد نضال عام.

المهجرون الآخرون ونشطاء النضال اليهود يعرفون جيداً أنه لن تكون عودة إلى هنا، على الأقل ليس في السنوات القريبة. خسارة، فقد كان يمكن إقامة مشروع ريادي للعودة، عودة على سبيل المثال مثل شقة نموذجية، بادرة حسن نية من إسرائيل للاجئين كي يعودوا إلى بيوتهم المهجورة، دون حاجة إلى طرد أي يهودي من بيته. ولكن هذه تعدها إسرائيل 2021أحلام يقظة. هدف النضال هو الحفاظ على ما هو قائم، وعدم المس به وعدم هدمه، وعدم البناء، ويكفي تثبيت البيوت حتى لا تنهار، وترك قرار مستقبل القرية للأجيال القادمة.

الذين يؤيدون العودة يعتقدون أن هذه الوصمة التي على مدخل عاصمة إسرائيل قد تستخدم كتذكار صامت، ربما يثير الوعي. “وعي العودة”، كما تسميه غولان في كتابها “أمل على هامش الحرم الجامعي” (من إصدار ريسلينغ)، يشبه متحف الضاحية 6 في كيبتاون، الذي سيستخدم كمركز تعليمي لذكرى القرية التي تم تدميرها واختفت. وعندما تذهب غولان أبعد من ذلك، تتحدث عن القرية كمكان اجتماع للجان الحقيقة والمصالحة بين إسرائيل والفلسطينيين، التي سيتم تشكيلها ذات يوم خيالي، مثلما في جنوب إفريقيا. من يحبون الطبيعة وجودة البيئة يريدون الحفاظ على المشهد الجميل والطبيعة البرية، يكفي أن تنظر إلى مباني حي “جفعات شاؤول” التي ترتفع فوق بيوت القرية كي تفهم كم سيكون البديل قبيحاً. ومؤسسات دولية مثل “اليونسكو” كانت أدخلت لفتا إلى قائمة المواقع قبل الإعلان عنها كموقع تراث عالمي. وصندوق مواقع التراث العالمي الذي وضعها في قائمة الـ 24 موقعاً تراثياً المعرضة للخطر، يعملون من أجل إنقاذ القرية. يمكن الافتراض أن مالاً كبيراً وتطويراً يختفيان من وراء قرار بناء الحي الفاخر المقدسي، وكذا نية في محو الذكريات ومعها آخر احتمالات العودة.

بالنسبة لعودة، يدور الحديث عن مشروع حياة، إذ يحمل معه في حقيبته أنى ارتحل صور الكواشين التركية وذكريات الطفولة الخاصة. ويمكنه التحدث عنها لساعات، ومن الصعب وقفه. هو يأتي إلى هنا مرة كل أسبوع أو أسبوعين وهو يتكئ على ماضيه ويفحص الحاضر. قبل بضعة أيام، اكتشف أن بعض الحجارة اقتُلعت من سقف المسجد، ولم يبق من بيت طفولته الثاني إلا كومة حجارة مغطاة بالأشواك. وبيت العائلة الأول قبل انتقال العائلة إلى البيت الثاني والذي يقع على الجانب للوادي، ما زال موجوداً. الطابقان العلويان تم تدميرهما. شقيق جده، المؤذن، كان يؤذن من شرفة هذا البيت داعياً للصلاة. ومبنى الكنيست يقع على أراضي القرية، في حي الشيخ بدر. ولكنه بعيد من هنا. وصلت أراضي القرية حتى وادي الجوز في شرقي القدس. سبعة مناشير حجارة كانت موجودة فيها لبناء بيوت القرية من حجارة المنطقة وست معاصر زيتون.

ما الذي تشعر به عندما ترى طلاب المدرسة الدينية في القرية؟ ما الذي تشعر به إذا أخذت هويتك وأخرجت منها صورتك ووضعت بدلاً منها صورة شخص آخر؟ صمت للحظة، وواصل: “طفولتي كانت هنا في بركة النبع، كنت مثل السمكة. عندما كان يدق جرس المدرسة على قمة الجبل، كنا نتسابق من يصل أولاً عن طريق القفز من صخرة إلى أخرى نحو النبع. المدرسة بقيت على حالها ويجري فيها تعليم للتوراة. سحب عودة من حقيبته صورة أخرى، صورة دُفعته في المدرسة.

بعد إطلاق النار على مقهى صالح عيسى، جاء إحراق بيت المختار محمود صيام كإشارة تحذير للسكان من أجل المغادرة. أصبحت القرية محاصرة، 20 بيتاً تم تفجيرها، وتبادل لإطلاق النار بين الجنود اليهود والعرب أصبح روتيناً. سكان القرية، ومن بينهم الطفل يعقوب، وجدوا ملجأ لهم في الوادي. في النهاية، قرروا إخلاء النساء والأطفال. يتذكر عودة السفر في الشاحنة الذي انتهى به في رام الله. “خلال ساعة أصبحت لاجئاً. لم نأخذ معنا شيئاً. في الغد سنعود. كنا ملوكاً، وخلال ساعة أصبحنا متسولين ونطرق الأبواب طلباً للطعام. هكذا انضممت إلى الحركة الوطنية الفلسطينية. حلمت بالعودة طوال حياتي. بقي والده مع مقاتلي القرية حتى مذبحة دير ياسين المجاورة، التي وقع رعبها على سكان القرية مثلما وقع على فلسطينيين كثيرين. وعندها غادروها بشكل نهائي لم يعد بإمكانهم العودة إليها. والده توفي بعد سنة في سن الـ 37. وعودة على ثقة بأن ذلك جاء نتيجة الحسرة. بعد 15 شهراً في رام الله انتقلت العائلة إلى البلدة القديمة في القدس كي يكونوا أقرب إلى لفتا.

“لا حق لأحد ببناء حي فاخر وهدم بيوت أجدادنا وآبائنا وتدمير ذكرياتنا. أعرف أنني لا أستطيع العودة إلى بيتي، ولكن اسمحوا لنا بإبقاء الوضع على حاله. لفتا لم تهدم في الحرب. لا تدمروها الآن”. فجأة تذكر أحد البيوت في الوادي الموجود عند أقدامنا، الذي زرعت صاحبة البيت الازهار في حديقته. كان الأولاد يتسللون إلى الحديقة ويحاولون قطف الأزهار. وقد قامت بضبطهم ذات مرة وقال الأولاد إنهم جاءوا لشم روائحها فقط. وهي قالت إذا قطفوا الأزهار سيموتون ولن يستطيعوا شمها بعد ذلك. ومنذ ذلك الحين، لم يقطف عودة أي زهرة في حياته.

بقلم: جدعون ليفي وأليكس ليباك

هآرتس 23/7/2021

- صحيفة عبرية: “بيغاسوس” أذن إسرائيلية لزعماء عرب.. والسؤال: ماذا يخفي الموساد؟

أمس، أعطت كلمات إسرائيل وNSO في “غوغل” نحو 10 ملايين نتيجة محترمة لبرنامج التجسس “بيغاسوس” الذي تم إنتاجه في دولة فتية ومنح إسرائيل مكانة مشكوكاً فيها كدولة تساعد الأنظمة الديكتاتورية في ملاحقة نشطاء حقوق الإنسان، وملاحقة الخصوم السياسيين والصحافيين ودول صديقة.

تنصت دول وشركات تجارية وتجسسها على بعضها ليست بظاهرة جديدة، وتنصت أجهزة المخابرات هو أساس نشاطها. كانت السفارات من الأزل هدفاً للتنصت، حتى بين الدول الصديقة. وتحولت مراقبة حسابات الفيسبوك وتويتر من قبل الأنظمة إلى ظاهرة “مقبولة” منذ فترة طويلة. مثلاً، تم نسيان قضية تنصت الـ ان.اس.ايه الأمريكية على هواتف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، التي هزت العلاقة بين الدولتين. أو التنصت الذي قام به الأمريكيون على شقة إيهود باراك.

المعلومات الضخمة التي تجمعها شركات المعلومات عن ملايين المواطنين، وقضية فقدان الخصوصية، تدفع إلى تطوير وسائل تكنولوجية متقدمة لحماية المعلومات. ولكن يبدو أن العاصفة والخوف هذه المرة ينبعان من الحجم الضخم، حوالي 50 ألف رقم هاتف، من الأهداف التي اختيرت للتنصت، ومنها رؤساء دول، وسياسيون كبار، ورجال أعمال، وصحافيون، ونشطاء اجتماعيون، وأهداف أخرى تم استخدام التجسس من أجلها. تصدر اسم NSO العناوين قبل ثلاث سنوات عقب قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في تشرين الأول 2018. في آذار 2019 قال شليف خوليو، مدير الشركة، في مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” لشبكة “سي.بي.اس”: “يمكنني القول بشكل واضح بأن ليس لنا علاقة بهذا القتل الفظيع”. ولكن تحقيقاً لصحيفة “الغارديان”، الذي أضيف الآن إلى “مشروع بيغاسوس” وعشرات الصحف والمراسلين في العالم، الذي يفحص تورط الشركة والبرنامج في قضايا التجسس، أظهر أن هاتف زوجة خاشقجي، حنان العتر، تم اختراقه بالبرنامج قبل عدة أشهر على قتله، وأنه بعد بضعة أيام على القتل جرت محاولة لدخول هواتف أصدقاء خاشقجي بالبرنامج، وتم تضمين رقم هاتف المدعي العام في تركيا لقائمة الهواتف “المهمة جداً” التي تم الكشف عنها، وإن كان من غير الواضح إذا كان مشغلو البرنامج نجحوا في اختراقه. التنصت على هاتف المدعي العام التركي كان حيوياً بالنسبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كي يعرف ما يدور في عمق التحقيق والنتائج التي قد تدينه بالشروع بالقتل كما يبدو.

في السنة نفسها، برز اسم NSO في قضايا أخرى مرتبطة بإمارة دبي. فابنة حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، الأميرة لطيفة، هربت من البيت وشقت طريقها بيخت “مسترومو” من عُمان إلى الهند. وبعد أن غادر اليخت المياه الإقليمية لعمان، اعتقدت لطيفة أنها في الطريق إلى الحرية. ولكن خلال فترة قصيرة تم وقف اليخت من قبل جنود كوماندوز تابعين لدبي، وهؤلاء اختطفوا الأميرة وأعادوها إلى بيتها. وبقيت لفترة طويلة لم يسمع أحد عنها ولم يشاهدها. الكشف عن مشروع “بيغاسوس” يدل على أن الأميرة ووالدتها، الأميرة هي أيضاً، كانتا هدفاً محتملاً للمتابعة بواسطة “بيغاسوس”، وكان التقدير أن هذا البرنامج ساعد رجال الكوماندو على معرفة مكان وجودها. هذا التقدير يطرح السؤال: لماذا لم يتم اعتقالها قبل مغادرة الدولة. ولكنه سؤال مثل كل الأسئلة التي وجهت للبلاط الحاكم بهذا الشأن- لا إجابة.

بعد سنة على ذلك، في العام 2019، اهتزت دبي ودول عربية أخرى من نشر حول هرب الأميرة هيا، (زوجة ابن راشد، والأخت غير الشقيقة للملك عبد الله، ملك الأردن) إلى بريطانيا. وكتب الكثير عن أسباب هربها والمعاملة المهينة لها في بلاط حاكم دبي. ولكن ما يتبين الآن هو أن هاتفها ربما كان ملاحقاً بصورة دائمة بواسطة برنامج “بيغاسوس”. هل عرفت NSO أن البرنامج الذي باعته لدبي مخصص لملاحقة زوجة وابنة ابن راشد؟ أو أن المصادقة على البيع كان جزءاً من التعاون الاستخباري بين إسرائيل والإمارات حتى قبل التوقيع على اتفاق السلام؟

ولكن إذا كان بإمكان هذه القضايا الثلاث أن تعتبر إساءة استخدام البرنامج لأغراض شخصية، فمن الصعب تصنيف الكشوفات الأخيرة التي اختير بحسبها رئيس فرنسا ايمانويل ماكرون، هدفاً للمتابعة من قبل المغرب بهذه الطريقة. نفت NSO أن ماكرون تم تحديده كهدف لـ “زبائنها”، وقالت الشركة إن ظهور رقم هاتفه في قائمة الهواتف التي كشفت لا يدل على أن البرنامج مزروع في هاتفه. ووعد ماكرون، الذي دعا لنقاش مستعجل في مجلس الأمن القومي في بلاده للتحقيق في القضية، بـ “تسليط كل الأضواء عليه”.

ولكن حتى ملك المغرب محمد السادس نفسه كان حسب قائمة الهواتف، هدفاً للمتابعة من جانب جهات في الجيش والمخابرات في بلاده. ومثله أيضاً رئيس الحكومة سعد الدين العثماني. إذا كانت الوقائع صحيحة فهي توضح مدى عمق الشكوك والمخاوف بين النخب الحاكمة في المغرب والتهديدات الحقيقية التي تحدق باستقرار الدولة. ولا يقل عن ذلك أهمية قرار “الزبائن” في المغرب، استخدام البرنامج الإسرائيلي بالتحديد للحصول على معلومات عما يحدث في الدولة. هل تمر هذه المعلومات أيضاً على جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، أم أن هذا لغز ينتمي لعالم الخيال العلمي؟

إن كشف أرقام الهواتف والعلاقة الوثيقة مع شركة NSO يوضح أنه ليس اختراقاً آخر فحسب من قبل أنظمة لهواتف الخصوم في الدولة، بل هو شبكة دولية، داخلية وخارجية، وفرت معلومات حسب الشكوك قادت إلى القتل والاختطاف والسجن غير القانوني والتأثير على سياسة حكومات. وفي الوقت الذي توجد فيه كل هذه المعلومات لدى شركة خاصة، فمن غير الواضح إذا كانت هذه المعلومات قد وصلت إلى أيدي إسرائيل. هل كانت حكومة إسرائيل تعرف عن قائمة زبائن NSO؟ وهل صادقت أو كان يمكنها المصادقة على بيع البرنامج لكل زبون من زبائن NSO؟ وهل بادرت عبر الشركة أو بواسطة زبائنها إلى التنصت على هذه الأهداف؟ هذه بعض الأسئلة فقط التي سيتم التحقيق فيها من قبل جهات أمنية واستخبارية ولجان برلمانية وحكومية في كل الدول التي تم الكشف فيها عن نشاطات البرنامج.

بقلم: تسفي برئيل

هآرتس 23/7/2021



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2184487

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع عن العدو  متابعة نشاط الموقع عين على العدو   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184487 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40