السبت 3 تموز (يوليو) 2021

بلطجية بزيّ رجال أمن

حسين لقرع / الجزائر
السبت 3 تموز (يوليو) 2021

أثبتت جريمة اغتيال الناشط السياسي والمعارِض الفلسطيني نزار بنات، أنَّ السلطة الفلسطينية لا تختلف في شيء عن أكثر الأنظمة العربية استبدادا وقمعا لشعوبها واستهتارا بحياة مواطنيها وكرامتهم.

بسبب انتقاداتٍ تتعلق بـ”التنسيق الأمني” مع الاحتلال، وتفشي الفساد في صفوف رجال السلطة، وآخر قضاياه فضيحة اللقاحات الصهيونية الفاسدة، ضاقت سلطةُ أوسلو ذرعا بالناشط نزار، فأرسلت إليه 25 رجل مخابرات فجرًا فاقتحموا بيته وانهالوا عليه ضربا بالهراوات أمام زوجته وأطفاله وسحلوه وعذّبوه، ليتوفى في مخفر أمن بعد ساعة واحدة من اعتقاله.. وهي جريمة قتل بشعة خارج إطار القضاء، وتصرّفٌ عصاباتي إجرامي لم يعُد يحدث سوى في الدول العربية الغارقة في القمع والاستبداد، ولا يمكن أبدا تبريرُه بـ”سلاطة لسان” الشهيد نزار، كما يردِّد أبواقُ السلطة الفلسطينية التي تروّج بلا حياء للظلم والقهر والدوس على الكرامة البشرية، وتصرّفِ رجال الأمن على طريقة البلطجية ورجال العصابات الخارجة عن القانون.

والملاحَظ أن هذه الجريمة البشعة أرتُكبت بعد ثلاثة أسابيع فقط من إقدام الاحتلال على قتل اثنين من عناصر المخابرات الفلسطينية في جنين بدم بارد، ومع ذلك لم يتحرّك هذا الجهاز للثأر لهم، وبلع الإهانة، وواصل “التنسيق الأمني” معه وكأنّ شيئا لم يكن، وها هو الآن يستأسد على مواطن أعزل ذنبه الوحيد أنه تجرّأ ومارس حقه في نقد الفساد والمفسدين في السلطة، ويقتله بكلّ وحشيةٍ وفظاظة وحقد…

جريمة قتل نزار خارج إطار القضاء، تكشف أنّ هذه السلطة لم يعُد لها من وظيفة غير “التنسيق الأمني” مع الاحتلال ضدّ الفلسطينيين الأحرار؛ فالاعتقال وقع في المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال، ولا يمكن لرجال الأمن الفلسطيني الدخول إليها إلا بضوءٍ أخضر منه، وتنسيق تامّ، ولعلّ الكيان كان يريد وقوع هذه الجريمة لإفساد فرحة الفلسطينيين بانتصار غزة، وإيقاع الفتنة بينهم، وإفشال جهود المصالحة والعودة بها إلى الوراء، وهو ما بدأ يقع فعلاً؛ فقد بدأ التراشقُ بالاتهامات بين السلطة وحماس وتصاعد الغليانُ الشعبي في مدن الضفة، والمسؤوليةُ تتحمّلها سلطة أوسلو التي وضعت نفسها في خدمة الاحتلال وأجندته وسخّرت شرطتها للتنكيل بمعارضيها وقمع شعبها ومنعه من حقّه في التظاهر السلمي، فضلاً عن حماية المستوطنين في الضفة المحتلة.

نزار بنات ليس “خاشجقي فلسطين” كما وصفته صحفٌ صهيونية، بل نقدِّر أنه بوعزيزيٌّ آخر ظهر في فلسطين وسيكون اغتيالُه لعنة تُنهي حكم عباس وسلطته القمعية والمتعاونة مع الاحتلال ضدّ شعبها، كما كان بوعزيزي تونس سببا في انهيار نظام زيد العابدين بن علي في 14 جانفي 2011، وكما كان تعذيب مواطنٍ في مخفر أمن بمصر حتى الموت سببا في سقوط مبارك في فبراير من السنة نفسها.. لقد خرجت الجماهير في رام الله ومدن عديدة بالضفة تنادي بسقوط عباس والسلطة الفلسطينية، وهي على حقّ؛ فالسلطة التي تنتهك كرامة مواطنيها وتتعمّد إهانتهم وإذلالهم أمام نسائهم وأطفالهم، وتسحلهم وتعذّبهم حتى الموت بدل تقديمهم للقضاء، وتتباهى قبل ذلك بإحباط الكثير من عمليات المقاومة في الضفة وبأنّها أنقذت أرواح الكثير من الصهاينة المحتلّين.. هي سلطةٌ غير جديرة بأن تبقى في الحُكم، ولن يتمكّن الشعبُ الفلسطيني من تحرير الضفة وبقيّة بلده من الاحتلال الصهيوني إلا بعد تحريرها أوّلا من هذه السلطة العميلة التي تحمي المحتلّين وتنكِّل بالفلسطينيين الأحرار.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2184527

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2184527 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40