السبت 26 حزيران (يونيو) 2021

جولة في الصحافة العبرية

السبت 26 حزيران (يونيو) 2021

- صحيفة عبرية: “من المنتصر؟”.. السؤال الذي سيعيد الحرب على غزة

إن عدد القتلى المتدني نسبياً في صفوف حماس جراء حملة “حارس الأسوار”، بمعنى أن بند الفتك الذي وضعه الجيش الإسرائيلي كشرط للإنجاز في مواجهة عسكرية مع حماس، لم يجد تعبيره في الحملة الأخيرة، ويشرح صعوبة الوصول إلى تسوية في المحادثات التي تجرى مع حماس بوساطة مصرية.

مع انتهاء المعارك، وضعت إسرائيل مستوى عالياً من الشروط تجاه حماس، في ضوء ما يراه الجيش الإسرائيلي كانتصار واضح في الحملة الأخيرة. بالمقابل، يصف المصريون واقعاً آخر تماماً. إن يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، يتجول بغرور، كأنه انتصر على إسرائيل بسبب قوة صموده والربط الذي نشأ بين حماس والقدس والشعبية العالية التي حظى بها في أعقاب الحملة في شوارع غزة، مثلما في الضفة أيضاً.

في مداولات “الكابينت” الأخيرة، وصف مسؤولو الجيش الإسرائيلي أزمة حقيقية في العلاقات بين السنوار وقائد الذراع العسكري لحماس محمد الضيف، الذي يسعى إلى اتخاذ خط أكثر اعتدالاً يؤدي إلى تسوية وليس إلى تصعيد آخر. خط السنوار في هذه المرحلة هو الخط السائد، والأسبوع القادم سيقرر بشكل أوضح ما إذا كان الاتجاه نحو تصعيد آخر وليس إلى تسوية. حتى الآن، فشلت مساعي الوساطة المصرية، لأن الطرفين يتمترسان في أعماق مواقفهما، وكلٌّ واثق بانتصاره ويرغب في أن يجد هذا تعبيره في إنجاز سياسي واضح.

إن اختراقاً بقيادة مصرية يبدو بعيداً عن العيان الآن، إلا إذا تخلت إسرائيل عن الخطوط والشروط التي وضعتها في نهاية الحملة: بدء إعمار غزة بعد حل مسألة الأسرى والمفقودين؛ وتغيير آلية إدخال أموال المساعدة من قطر ودول أخرى عبر دفعات ومن خلال السلطة الفلسطينية، والرقابة على إدخال البضائع وغيرها من الشروط.

فجوة المفاهيم بالطريقة التي يرى فيها كل طرف نتائج الحملة الأخيرة واسعة جداً، وهنا أيضاً عقدة إسرائيل وحماس على حد سواء. فكل تنازل أو مرونة في الشروط قد يعتبر هزيمة ويؤدي إلى انتقاد جماهيري. هدوء الأيام الأخيرة مضلل، وكلما مر الوقت بدون توافقات تزداد الاحتمالات لمواجهة أخرى في القطاع.

خطأ في العدد

بعد شهر من انتهاء الحملة، من الأهمية بمكان أن نتوقف عند الوثيقة التي وضعها ونشرها مركز معلومات الاستخبارات والإرهاب هذا الأسبوع، الذي يحمل اسمه اللواء مئير عميت. يفحص التقرير وبعمق معطيات القتلى في قطاع غزة أثناء الحملة. هذه وثيقة معلوماتية وأساسية، وإن كانت تمتنع عن استخلاص الاستنتاجات والنقد، ولكن الصورة التي تنشأ عنها واضحة: القتلى الذين يمكن الإشارة إليهم بشكل مؤكد لحماس ومنظمات الإرهاب الأخرى في القطاع أدنى بكثير مما قدر الجيش الإسرائيلي في نهاية الحملة، وبالتأكيد عن التوقعات قبل الانطلاق إليها.

ومع أن مركز المعلومات يشير إلى إمكانية وجود قتلى آخرين لم يشخصوا بعد أو لم ينشلوا من تحت الأنقاض، ولكن بات الافتراض بأن الصورة العامة لن تكون مختلفة جوهرياً بعد شهر من انتهاء الحملة، حتى لو كان هناك مخربون آخرون ولم ينشر أمر مقتلهم.

وحسب المنشور، فإن 234 فلسطينياً قتلوا في أثناء “حارس الأسوار”. وحسب المعطيات التي جمعها مركز المعلومات من مصادر مختلفة، فإن ما لا يقل عن 112 منهم كانوا نشطاء في منظمات الإرهاب. في نهاية الحملة، قدر الجيش بأن عدد نشطاء الإرهاب الذين قتلوا في أثنائها أعلى من 200.

نسبة القتلى بين نشطاء الإرهاب والمدنيين في القطاع تقف عند نحو 1:1، أي مقابل كل قتيل مدني مقتل ناشط إرهاب. وهذه نسبة مشابهة لتلك الحملات الأخرى في قطاع غزة، التي نفذت من الجو، وتعتبر جيدة مقارنة بجيوش أخرى في العالم تقاتل ضد منظمات إرهابية تعمل في ظل استغلال السكان كدرع بشري.

في الحرب بالطبع كل شيء نسبي، وبين القتلى أيضاً 52 طفلاً و 38 امرأة. نحو 40 من القتلى المدنيين أنهوا حياتهم نتيجة لانهيار مبنيين في أثناء الحملة بعد أن هاجم سلاح الجو أنفاقاً أدى المس بها إلى انهيار المباني داخل الأرض، وليس كنتيجة لإصابة الصواريخ للمباني. وثمة معطى مهم آخر يشير إلى أن 21 شخصاً بينهم على ما يبدو 13 مديناً أيضاً قتلوا جراء إطلاق فاشل لصواريخ سقطت في أراضي القطاع أو تفجرت في زمن إطلاقها. من أصل 4.360 صاروخاً أطلقت نحو إسرائيل في أثناء الحملة، منها 680 سقطت في أراضي القطاع، والجيش الإسرائيلي بالمقابل هاجم نحو 1.500 هدف، ومنظومات الدفاع اعترضت نحو 2.000 صاروخ.

قتل في إسرائيل في أثناء الحملة 12 شخصاً، منهم 8 مدنيين وبينهم طفلان. 3 مواطنين أجانب وجندي قتل بإصابة صاروخ مضاد للدروع. ومن بين نشطاء الإرهاب الذين قتلوا في الحملة، حسب التقرير، 63 فقط معروفون كنشطاء حماس، 25 نشطاء فتح، 20 نشطاء الجهاد الإسلامي، 2 من نشطاء الجبهة الشعبية وآخران لمنظمات إرهاب أخرى.

التعمق في بحث المعطيات في التقرير يظهر صورة مذهلة أكثر. 37 من نشطاء حماس من أصل 63، قتلوا في الأيام الأولى من القتال، حتى قبل تفعيل خطة الخداع ومهاجمة شبكة الأنفاق في الليلة التي بين 13 و 14 أيار. عملياً، بعد هجوم الميترو، فإن عدد قتلى حماس بالمتوسط اليومي انخفض كلما استمرت الحملة. حتى نهاية الحملة على الأقل حسب المعطيات في هذه اللحظة، قتل 26 آخرون فقط، أي أقل مما قتل لحماس في يومين ونصف من بداية المعركة.

التوازن والتواضع

من ناحية الجيش الإسرائيلي، كانت حماس هي الهدف المركزي في الحملة الأخيرة، ووجهت إليها معظم المقدرات. واستهدفت الحملة المس بقدرات منظمة الإرهاب، ومواقع الإنتاج، والمعامل والمنشآت العسكرية الهامة وبالتوازي نزع قدراتها الهجومية في البحر والجو والبر وفي الأنفاق. إلى جانب ذلك، فإن أثر الفتك في مس واسع بنشطاء حماس وكبار مسؤوليها، شكل هدفاً مركزياً آخر.

حسب آخر معطيات التقرير، فإن هذا المفهوم لن يجد تعبيره في النتائج على الأرض، والمسألة التي تطرح السؤال إذا كان ممكناً تحقيق هدف كهذا دون تفعيل قوات برية. مهما يكن من أمر، فإن مقابل الأهداف التي قررها الجيش الإسرائيلي بنفسه، لا يمكن الإمساك بالحبل من طرفيه والتعاطي مع “حارس الأسوار” كحملة ناجحة بشكل استثنائي عندما يكون واضحاً بأن فجوة كبيرة كانت في هذا المعطى.

لقد حقق الجيش الإسرائيلي في الحملة الأخيرة إنجازات مهمة لا ينبغي الاستخفاف بها بالمس بقدرات حماس. وتعبر الإنجازات جيداً عن تقدم عملياتي، تكنولوجي واستخباري. كما أن المس بشبكة الأنفاق له تأثير في المستقبل على الميدان القتالي مع حماس. ولكن إلى جانب ذلك، فالجيش الإسرائيلي هو الذي وضع بند الفتك كشرط لانتصار واضح، حتى في معارك محدودة ليست ضمن مهمة هزيمة العدو. لم يستوفِ الجيش الإسرائيلي هذا الهدف، ويجب أن نقول هذا بشكل واضح كي نستخلص الدروس المناسبة والتعاطي مع إنجازات الحملة الأخيرة بالتوازن والتواضع الصحيحين.

هذه الفجوة، إلى جانب المس المحدود وغير الكافي لقدرات حماس الصاروخية، وإلى جانب إنجازات بالوعي مبالغ فيها من الجهة الأخرى والتي يعزوها السنوار لنفسه في الحملة الأخيرة، هي التي توجد في أساس عدم القدرة على التقدم في مفاوضات القاهرة، التي لا تؤدي في هذه الأثناء إلى أي مكان، وربما أساساً إلى المواجهة التالية.

بقلم: تل ليف رام

معاريف 25/6/2021

- “تيسا” الإيراني.. عملية توجسها نتنياهو ونفذها بينيت على هيئة “إصبع في عين أمريكا”

إسرائيل تصمت، في كل القنوات. الولايات المتحدة تصمت (وربما لا تعرف)، وحتى الإيرانيون الذين يسارعون لرؤية عميل موساد خلف كل زاوية ومن تحت كل سرير، لم يتهموا (حالياً على الأقل) إسرائيل بالوقوف خلف الهجوم على مشروع “TESA” لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في إيران، ليلة أول أمس، في مدينة قرطاج بواسطة الطائرة المسيرة “كودكوفتر” وربما بضع طائرات كهذه.

ومع ذلك، فإن إسرائيل هي المشبوهة الفورية، وذلك لأن لها مصلحة وقدرة لتنفيذ مثل هذه العملية المعقدة أيضاً. وحسب ما قالته مصادر إيرانية مطلعة على التحقيق في الهجوم لـ “نيويورك تايمز” (في نبأ مذيل بتوقيعي أنا أيضاً) تضمنت العملية إطلاق “الكودكوفتر” من الأراضي الإيرانية من ساحة على مسافة غير بعيدة عن الهدف، إطلاق الطائرة وهجومها نفسه.

عندما أرادت الولايات المتحدة المس بنائب قائد القاعدة الذي وجد ملجأ في حي فاخر بطهران وفقاً للمنشورات، فقد توجهت لإسرائيل. يمكن الافتراض بأن هذا ليس لعدم رغبتها في أن تفعل الأمر بنفسها – فقد كان لها حساب طويل معه – بل لأن إسرائيل هي اليوم الدولة الوحيدة التي لها قدرة للعمل سراً – براً في إيران.

وليس هذا فقط: فقد قالت مصادر أمريكية لـ “التايمز” بأن الموقع الذي تعرض للهجوم يندرج في قائمة المواقع التي عرضتها إسرائيل في بداية 2020 على قادة كبار في إدارة ترامب، بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو، ورئيسة السي.اي.ايه جينا هسبل، بل والرئيس ترامب نفسه، كأهداف محتملة للهجوم في إطار الحملة الواسعة التي خططتها إسرائيل ضد المشروع النووي الإيراني. في السنة والنصف بعد ذلك نفذت سلسلة هجمات كهذه نسبت لإسرائيل: في أيلول 2020 أصيب أحد الأهداف الأساس للحملة – منشأة توازن أجهزة الطرد المركزي في نطنز، حيث تصل الأجهزة من مصنع “TESA” وهي تركب هناك قبيل إدخالها إلى العمل في تخصيب اليورانيوم؛ في نيسان 2021 انفجرت عبوة شديدة الانفجار داخل قاعات تخصيب اليورانيوم وأصابت قسماً كبيراً من أجهزة الطرد المركزي التي ركبت فيها.

وهذا الهجوم أيضاً، كما وصفته المحافل الإيرانية، يشبه الهجوم الذي نفذ بواسطة طائرات صغيرة بلا طيار الذي نفذ ضد منشأة لحزب الله في بيروت في آب 2019، حين اتهمت المنظمة الموساد بالعملية.

إذا كان كل هذا صحيحاً، فكفيل أيضاً بأن تختبئ دراما فمن خلف الهجوم تتعلق بشبكة العلاقات المعقدة التي بين رئيس الوزراء بينيت وسلفه نتنياهو. من المهم أن نفهم بأن عملية من هذا النوع هي نتيجة تخطيط وإنتاج لأشهر طويلة، أحياناً سنوات. فهي لا تولد في يوم تشكيل الحكومة، وليس مفاجئاً أن عرضت على الأمريكيين كإمكانية (حسب المنشورات الأجنبية) قبل نحو سنة ونصف. وبالتالي، إذا كانت المنشورات الأجنبية صحيحة، فقد خُطط لهذه العملية منذ زمن، وكان يفترض بها أن تكون جزءاً من سلسلة عمليات لإسرائيل ضد إيران في فترة حكم ترامب. قد يكون جزءاً من هذه العمليات تأجل لأسباب عملياتية وانتقل إلى فترة بايدن، ولكن ربما تأجلت هذه العمليات أيضاً لأسباب أخرى. بكلمات أخرى، قد يكون نتنياهو، حين كان رئيس وزراء، قرر ألا يقر هذه العملية، لسلسلة من الأسباب.

مثل هذه العملية التي قد يكون لها تداعيات عسكرية ودولية واسعة، تستوجب إقراراً مبدئياً للتنفيذ من رئيس الوزراء، وإقراراً قبل التنفيذ، لفحص ما إذا كانت الظروف قد تغيرت. في هكذا حالة، يعقد رئيس الوزراء المحفل المسمى لجنة رؤساء أجهزة الأمن الموسعة التي تضم رؤساء أجهزة الأمن، إضافة إلى رئيس الوزراء نفسه، وزير الدفاع، ورئيس هيئة الأمن القومي وغيرهم.

في هذه الحالة ربما يكون نفتالي بينيت -الذي لم يسمع من نتنياهو شيئاً عن عمليات الموساد في النصف ساعة التي خصصت للتداخل بينهما- قد تعرف بعد ذلك (من خلال الإحاطة التي تلقاها من رئيس الموساد دافيد برنياع عن المهر ثقيل الوزن) عن عملية جاهزة يمكنها أن تنطلق على الدرب في كل لحظة وتحتاج لقرار بشأنها. وهكذا إذا كانت كل هذه التقديرات صحيحة، فقد كان نتنياهو هو الذي تخوف من العمل في إيران (ويحتمل أنه لأسباب مبررة تماماً) وبينيت بالذات، ذاك الذي يدعي نتنياهو بأنه لن يأخذ أي مخاطرة بهذا الشأن، هو الذي قرر الأمر بالهجوم.

ليس واضحاً بعد كم من الضرر لحق بمصنع إنتاج أجهزة الطرد المركزي. ولكن الواضح أن أمر بينيت بالهجوم عليه يعبر عن نهج حازم تجاه الموضوع، ويشير إلى أن هذا النهج يقبله شركاء بينيت في القيادة، وعلى رأسهم يئير لبيد. إذا كانت إسرائيل مسؤولة عن الهجوم، في الوقت الذي يزور فيه رئيس الوزراء الولايات المتحدة، فليس معقولاً أن تفعل هذا دون أن يكون أطلع مضيفيه على ذلك. وإلا فإنه سيخاطر بحرج كبير إذا ما فسرت العملية كزق إصبع في عين الأمريكيين، خصوصاً في ذروة المفاوضات الجارية مع إيران في فيينا. من جهة أخرى، يبدو أن هذا هو على الزمن الأفضل، إن لم يكن الحصري الذي تبقى لتنفيذ عمليات كهذه قبل التوقيع على الاتفاق. صحيح أن إسرائيل لن توقع الاتفاق، ولكن واشنطن -كما بات واضحاً- تتعهد فيه ألا تكون مشاركة في عمليات تخريب واغتيال في إيران، والإيرانيون لا بد سيتوقعون من الولايات المتحدة أن تلجم إسرائيل.

إن سياسة الحكومة الجديدة، التي لم يتفق عليها بعد، تراوح بين محورين أساسيين، بل هناك من يقول متعارضين: الأول، بعد أن منع نتنياهو مندوبي إسرائيل من إبداء أي تدخل في تصميم الاتفاق النووي، فإن الذين حلوا محله كفيلون بأن يقرروا محاولة التأثير على الاتفاق ويحددوا مع الأمريكيين ما الذي سيعتبر خرقًا جسيماً له من جانب إيران، بطريقة تجعل الولايات المتحدة تتفهم عمليات تخريب إسرائيلية ضد إيران. المحور الثاني، إذا كانت إسرائيل بالفعل تقف خلف الهجوم على مصنع أجهزة الطرد المركزي، فإن أمر بينيت بالعمل في إيران يظهر خطاً صقرياً وحازماً تجاه المشروع النووي إلى جانب محاولة لتطوير أجواء جديدة وحوار بين الدولتين؛ إذ مثلما قال أمس في طابور الطيارين: “في نهاية المطاف – مسؤولية مصيرنا تبقى في أيدينا وليس في يد أي أحد آخر”.

بقلم: رونين بيرغمان

يديعوت 25/6/2021

- هل ستحدث سياسة بايدن في الشرق الأوسط هزة إقليمية؟

لم يتفاجأ جيمس كاين في الشهر الماضي، وهو صاحب شركة النفط “دلتا إينرجي”، عندما أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أنه يريد سحب الإعفاء من العقوبات التي فرضت على سوريا من الشركة، وأنها لن تستطيع مواصلة استخراج النفط من الحقول في شمال سوريا، التي تسيطر عليها القوات الكردية. كاين، السفير الأمريكي السابق في الدانمارك، المنصب الذي عينه الرئيس جورج بوش فيه عام 2005، هو عضو في الحزب الجمهوري من شمال كارولاينا، وكان يطمح أيضاً بأن ينتخب في مجلس الشيوخ. وقد أقام شركة استشارات للنفط خاصة، هو وجيمس رايس، الضابط السابق في قوة “دلتا”، ووقع في 2020 على اتفاق لاستخراج النفط مع الإدارة الكردية في شمال سوريا لبيع إنتاجه في الأسواق العالمية، ويعمل لمصلحته ويساعد أيضاً في تمويل جهود الأكراد العسكرية.

أما سوريا، التي فُرض عليها عقوبات شديدة، ومُنعت الشركات الدولية من عقد الصفقات معها، وروسيا صاحبة الرعاية والامتيازات الاقتصادية الرئيسية في سوريا، اعتبرتا نشاط الشركة الأمريكية محاولة من قبل إدارة ترامب لـ “سرقة” نفط سوريا ومساعدة قوات المتمردين الكردية. ترامب الذي أعلن أنه سيسحب قواته من سوريا، وهو التصريح الذي تراجع عنه عقب ضغط كردي وضغط مستشاريه، قرر أن يعطي شركة “دلتا” إعفاء من العقوبات لفترة سنة، مستخدماً الإعفاء كذريعة لإبقاء نحو 900 جندي أمريكي في شمال سوريا، إضافة إلى حوالي 200 جندي يتواجدون قرب معبر تنف، الذي يفصل بين سوريا والعراق. “قواتنا هناك للدفاع عن حقول نفط الأكراد”، أوضح ترامب.

ولكن وريثه، بايدن، كانت له خطط أخرى. فهو عارض إخراج القوات الأمريكية من سوريا، لكنه بدأ في تبني الاستراتيجية الأمريكية الخاصة به حول بؤر قوة، الصين وروسيا، في حين أن تم إبعاد الشرق الأوسط عن رأس سلم الأولويات. عندما أعلنت إدارة بايدن عن عدم تجديد الإعفاء من العقوبات الذي أعطي لشركة النفط الخاصة بكاين، سارع المتحدثون بلسانه إلى التوضيح بأن “الجيش الأمريكي غير موجود في سوريا للدفاع عن النفط أو الحصول على فوائد منه. النفط لمواطني سوريا”.

لكن من ينتقدونه لم يهضموا هذه التفسيرات الإيثارية بسهولة، فقد طرحوا تفسيراً آخر يسعى بايدن -بحسبه- إلى أرضاء روسيا ونقل رسالة لإيران بأنه يتجه نحو مصالحة دبلوماسية وليس نحو مواجهة عسكرية أو اقتصادية. وإذا كان التنقيب عن النفط في شمال سوريا يغضب النظام السوري والكرملين فهو سيعرض بادرات حسن نية مهدئة للخطر، مثل إلغاء الإعفاء من العقوبات.

بالنسبة للأكراد الذين حصلوا على مكانة حلفاء في عهد ترامب، فقد لا تكون هذه ضربة اقتصادية شديدة – لأن الدعم الأمريكي أعطاهم سوراً دفاعياً أمام محاولة النظام السوري السيطرة على حقول النفط من جديد – بل هو إشارة شديدة على أن بقاء القوات الأمريكية لا يعني بالضرورة تبنيها الطموحات السياسية للأكراد.

احتفالات تخريج

يبدو أن قضية الإعفاء التي ألغيت ليست أكثر من خطوة رمزية. وعندما تنضم إليها قرارات جديدة أساسها سحب القوات وسحب السلاح والمعدات العسكرية الأمريكية من منطقة الشرق الأوسط ومن أفغانستان، يبدو أنه بعد نصف سنة على تتويج بايدن، أصبح بالإمكان تمييز الخطوط العامة لسياسته الإقليمية الجديدة. مئات الشاحنات والطائرات الأمريكية بدأت في سحب أطنان من المعدات العسكرية من أفغانستان، وسلاح وذخيرة، استعداداً للانسحاب النهائي للقوات من الدولة التي احتلت في 2001.

ليس صدفة أن يذكر بايدن 11 أيلول كيوم لإخلاء آخر جندي أمريكي. في ذاك اليوم قبل عشرين سنة حدثت العمليات التي خلقت ذريعة الحرب ضد أفغانستان واحتلالها. يوجد نحو ثلاثة آلاف جندي أمريكي في أفغانستان، وهؤلاء لم يعودوا بحاجة إلى انتظار القوات التي ستحل محلهم ليقدموا لهم إحاطة. ينوي بايدن الآن عقد صفقة مع تركيا تمكن قواتها من حماية المطار في كابول العاصمة، لكن ليس أكثر من ذلك.

ما الذي سيحدث في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية؟ يبدو أنه سيحدث المزيد من الشيء نفسه: مواجهات عنيفة بين طالبان والجيش الوطني الضعيف، ربما إعادة سيطرة طالبان على أفغانستان، وهي دولة يسيطرون فيها في الأصل على معظم المناطق. ويمكن التخمين بأن الولايات المتحدة ستنسى هذه الدولة المدمرة مثلما نسيتها بعد انتهاء الحرب بين أفغانستان والاتحاد السوفييتي السابق. وإذا اندلعت فيها حرب أهلية فسترسل طائرات محملة بالدواء والغذاء، لكنها لن ترسل جنوداً.

احتفالات تخريج يتوقع إجراؤها في عدد من الدول الأخرى في المنطقة. في بداية الشهر الحالي، أعلنت الإدارة الأمريكية عن سحب بطاريات الباتريوت من السعودية والكويت والأردن والعراق لغرض “الصيانة”. وقد أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن، عن هذا القرار لنظيره ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في مكالمة هاتفية في 2 حزيران. المتحدثون بلسان البنتاغون قالوا إن المكالمة تركزت على الحرب في اليمن والتزام الولايات المتحدة بـ “دفاع السعودية عن نفسها”. وهذا هو جوهر الرسالة. السعودية، حسب تقدير الإدارة، حسنت قدرتها العسكرية، وتستطيع الدفاع عن نفسها. وعلى أي حال، ستكتفي الولايات المتحدة ببيع السلاح وتقديم الاستشارة، ولن تحارب إلى جانبها في حال اندلعت هذه الحرب.

لم يأت بايدن بأي جديد مقارنة بترامب، الذي أوضح للسعودية بأنه لا يحارب حروبها حتى ضد إيران. إذا أرادوا المساعدة، قال ترامب، فعليهم دفع المقابل. ولكن خطوة بايدن بسحب صواريخ الباتريوت التي أرسلها ترامب إلى السعودية، تترجم تصريح ترامب إلى عملية علنية على الأرض، وجاءت بالتوازي مع المحادثات التي تجريها واشنطن مع حكومة بغداد حول سحب القوات الأمريكية من العراق. في العراق نحو 2500 عسكري أمريكي بعد أن سحبت الولايات المتحدة قبل ذلك عدداً مشابهاً من العسكريين في أعقاب قرار البرلمان العراقي من العام 2020 بإخراج جميع القوات الأمريكية من العراق كرد على تصفية الجنرال قاسم سليماني.

عبء سياسي جديد

مثلما في حالة السعودية، تقول الإدارة الأمريكية بأن الجيش العراقي يمكنه مواجهة التحديات العسكرية، وأنه لم تعد هناك حاجة لتدخل أمريكي. متحدثون أمريكيون شرحوا بأن الولايات المتحدة ستحتفظ بآلاف الجنود في المنطقة، ولن تغادر ساحة الشرق الأوسط. ولكن أي تحرك للقوات، لا سيما تقليص التواجد العسكري، سيتم تفسيره قبل أي شيء كعملية سياسية.

ومثل سحب الإعفاء من شركة النفط الأمريكية في سوريا، هكذا أيضاً قرارات بايدن بالنسبة لإعادة الانتشار في السعودية والعراق، يتم عرضها وكأنها تستهدف المساعدة في المرحلة الأولى على إنهاء المفاوضات بنجاح على الاتفاق النووي مع إيران، والإشارة لإيران بأن الولايات المتحدة لا تنوي أن تدخل معها في مواجهة عسكرية. هناك أيضاً من يذهب أبعد من ذلك، ويعتقد أن الأمر يتعلق بخطوات بناء ثقة مع الإيرانيين بهدف توسيع مساحة الحوار فيما بعد معها.

مصادر عسكرية أمريكية مجهولة أوضحت لوسائل إعلام غربية أن الوجود العسكري لأمريكا في العراق والسعودية لم يمنع هجمات المليشيات الشيعية التي تعمل ضد أهداف أمريكية في العراق أو الهجمات الإيرانية على السعودية، وهكذا فإن سحب القوات من هذه الدول لن يؤثر على القدرة الدفاعية أو منع الهجوم عليها. هذا التفسير يثير سؤالاً: لماذا استمر الوجود العسكري الأمريكي في دول الشرق الأوسط لفترة طويلة إذا لم يكن فيه أي فائدة دفاعية؟ ولكن السؤال العملي الأكثر أهمية هو: كيف ستفسر كل من إيران وروسيا والصين إعادة انتشار القوات الأمريكية، وماذا سيكون استنتاج دول الخليج؟

الفطرة السليمة تفترض أنه عند التوقيع على الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران لن يعود لإيران أي دافعية لإجراء حوار سياسي مع الولايات المتحدة والتعاون معها على حل نزاعات إقليمية أو من أجل تقليص تدخلها في شؤون دول المنطقة. هذا الافتراض الأساسي يتضمن أيضاً الأموال الطائلة التي ستكون لدى إيران، التي ستستخدمها لتوسيع نفوذها وتمويل التنظيمات الإرهابية وتطوير صواريخها البالستية. وبهذا تعظيم تهديدها التقليدي.

في المقابل، هناك احتمالية لسيناريو آخر طرحه بعض مستشاري الرئيس بايدن، وهو أن عودة إيران إلى سوق النفط العالمية والتجارية العالمية قد تجبرها على إجراء مفاوضات مع السعودية، على الأقل من أجل تنسيق أسعار النفط. وهي ستواصل كونها معتمدة على الصين، التي وقعت على اتفاقات بعيدة المدى لشراء النفط من إيران مقابل استثمارات ضخمة في البنى التحتية، مدة 25 سنة، ولن تستطيع التنازل عن علاقاتها مع الولايات المتحدة، على الأقل في مجال البنوك وتحويل الأموال، وستسعى إلى الخروج من الزاوية التي حشرت فيها والتي تضطر منها إلى إدارة نفوذها بواسطة منظمات وقبائل مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والمليشيات الشيعية في العراق.

حسب هذا التقدير المتفائل، فإن الشرعية التي ستحظى بها إيران في أعقاب الاتفاق النووي ستمنح النظام الإيراني قدرة على الوصول المباشر إلى دول رفضتها حتى الآن، مثل مصر والأردن ودول الخليج، بالأساس بسبب ارتباطها بالسياسة الأمريكية المناوئة لإيران. والآن تستطيع أن تستأنف علاقاتها معها دون خوف من الضغط أو من فرض عقوبات أمريكية. ولكن هذا التقدير يقتضي فحص التطورات السياسية في إيران ومراكز الضغط التي ستنشأ فيها في أعقاب انتخاب الرئيس الجديد، إبراهيم رئيسي، الذي يمثل المقاربة المحافظة الراديكالية التي تستبعد وجود علاقة مع الولايات المتحدة.

“التحركات التي ينفذها الرئيس بايدن في المنطقة تشير إلى تناقض بين إعلانه في قمة الناتو، الذي بحسبه “أمريكا تعود”، وبين تطبيقه على الأرض. ولكن أمريكا تعود مع عبء سياسي جديد قد يحدث هزة إقليمية، ليس بأسلوب عسكري.

بقلم: تسفي برئيل

هآرتس 25/6/2021

- رئيس سابق للشاباك: هكذا نسقط حكومة بينيت ونحفظ لإسرائيل أمنها وأعمدتها العرقية

دعوني أروي لكم عن تعديل قانون المواطنة (لم شمل العائلات) من مصدر أول مثلما لم يسبق لكم أن سمعتم. تعديل قانون المواطنة الذي أقرته الكنيست عام 2003 كأحكام طوارئ، والذي يستدعي تمديداً في الكنيست كل سنة، يقضي –كقاعدة- بعدم منح المواطنة الإسرائيلية لمقيم في يهودا والسامرة أو غزة، أو لمقيم من دول العدو: إيران، ولبنان، وسوريا، والعراق.

آلاف الطلبات التي رفعها المقيمون من هذه الأماكن هي مثابة محاولات تنقيط متواصلة لـ “حق العودة”، الذي تؤيده الأحزاب العربية وأحزاب اليسار. تعديل القانون وتمديده كل سنة في الـ 18 سنة الأخيرة منعا إغراقاً لإسرائيل بالعرب الفلسطينيين من دول العدو ومن مناطق يهودا والسامرة وغزة.

كنت في حينه رئيس الشاباك، وأذكر جيداً صخب إقرار طلبات لم شمل العائلات التي كانت الدولة وبأمر لا مفر منه، مطالبة بإقرارها في ذروة الانتفاضة الثانية. بعض من أولئك الذين وصلوا بطريقة لم شمل العائلات شاركوا في العمليات الانتحارية القاسية وغيرها من العمليات في ظل استغلال قدرتهم على التحرك في أرجاء إسرائيل مع سيارة ذات لوحة صفراء وبطاقة هوية زرقاء. هكذا عمل مسفّرو المخرب الانتحاري في فندق بارك في نتانيا مساء ليل الفصح في 2002 وهكذا أيضاً انتحاريون ومخربون كثيرون آخرون قتلوا وجرحوا مئات الإسرائيليين.

كرئيس لجنة الخارجية والأمن تصدرت على مدى السنين الأخيرة موضوع تمديد التعديل لقانون المواطنة كل سنة وأحياناً بمواظبة لبضعة أشهر، لا يجب أن تؤدي الرغبة المبررة والصحيحة لإسقاط الحكومة الحالية إلى إسقاط السد الذي يمنع تنفيذ مطلب “حق العودة” للعرب إلى دولة إسرائيل والقدس في داخلها.

القانون الأساس للهجرة، أو كل قانون دائم آخر (ليس أحكام طوارئ)، هو أمر يستوجبه الواقع. غير أنه في عقدة أساسية القائمة، واضح أن موعد انتهاء مفعول تمديد القانون حتى 6 تموز 2021، لا يوجد احتمال لإجازة مشروع القانون بثلاث قراءات. إذا لم يمدد التعديل للقانون لفترة زمنية معينة، فالمعنى القانوني هو أنه لم يعد هناك خطر أمني للم شمل العائلات من دول العدو. وهذا وضع خطير، وقد يكون بلا مرد! كما أن تمديد تعديل القانون لأشهر قليلة سيسمح بالعمل بشكل جذري على القانون الأساس للهجرة أو على تعديل آخر لقانون المواطنة لا يكون مجرد أحكام طوارئ.

سنسقط هذه الحكومة دون أن نمس بأعمدتنا الوجودية وبالمبدأ الأساس: إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي.

بقلم: النائب آفي ديختر
إسرائيل اليوم 25/6/2021



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2184654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع عن العدو  متابعة نشاط الموقع عين على العدو   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184654 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40