الأحد 30 أيار (مايو) 2021

“النويات التوراتية” ذراع التهويد الضارب

سليمان ابو ارشيد
الأحد 30 أيار (مايو) 2021

أوضح عضو بلدية “غفعتاييم” عن حزب “ميرتس”، أوري كارمن، في مقال نشره مؤخرًا (“هآرتس”) كيف تصدى هو ورفاقه لمحاولة إقامة “النواة التوراتية” التي تشكلت من “متدينين متطرفين”، بحسبه، قدموا من مستوطنة “متسبيه يريحو”، إلى جانب إحباط محاولة مماثلة في مدينة “رمات هشارون” المجاورة، أواسط البلاد، مشيرًا إلى أن “النويات التوراتية” هي مشروع سياسي حزبي لتيار الصهيونية الدينية، وممول من الدولة، وهو ذراع للمشروع الاستيطاني اليهودي “الحردلي” القادم من مستوطنات الضفة الغربية، ويقوم على الفوقية اليهودية المسيحانية (المسيانية).

ومن الواضح أن الحالتين في المقال المذكور هما دليل على الفشل التي منيت به ذراع هذا المشروع الذي بدأ بعد عملية “فك الارتباط” مع غزة، في المدن اليهودية الصرف، الغنية وذات الطابع العلماني، والتي استهدفها بغية نقل الجمهور اليهودي العلماني إلى طرف المستوطنين واليمين الديني المتطرف، ما جعله يتركز أساسا في الذراع الثانية التي امتدت إلى الضواحي والمدن “المختلطة” تحت ستار التصدي للهجرة السلبية، فيما كان هدفها الحقيقي تهويد ما تبقى من عروبة هذه المدن، وإغلاق الدائرة على بقايا سكانها الفلسطينيين بهدف اقتلاعهم.

تقرير مركز “مولاد” للأبحاث من عام 2015 كشف أن 80% من النويات التي تحظى بدعم وحدة الاستيطان، هي نويات توراتية وأن عملها الأساسي تركز في النشاط القطاعي الهادف إلى تعزيز البنية السياسية والإيديولوجية لليمين الاستيطاني، بما في ذلك إقامة مدارس دينية ونشر قيم “اليهودية” وفق ما يراها حزب “البيت اليهودي”. لاحقًا، جرى تحويل الميزانيات بواسطة وزارتي المعارف (في عهد نفتالي بينيت) ووزارتي الإسكان والزراعة في عهد أوري أرئيل.

وعلى سبيل المثال، فقد ازدادت “النواة التوراتية” في اللد ازدادت في العقدين الاخيرين بصورة ملحوظة عدديًا ونوعيًا، حتى أنها باتت تسيطر على المدينة التي وإن ظل غالبية سكانها اليهود من الشرقيين، فإن الناطقين باسمها كما ظهر في الإعلام في الفترة الأخيرة، هم من أصحاب القبعات (كيباه) المنسوجة من الأشكناز، فيما يقول عرب اللد “إن هؤلاء ليسوا هم اليهود الذين عاشوا معنا، إنهم مسلحون ويرمون علينا الحجارة ويقولون إنهم سيشترون بيوتنا”.

إنهم في كل الحالات نبتة غريبة عن المكان ولا يسعون للاندماج. في حالة المدن المختلطة هدفهم التهويد وتهميش العرب واقتلاعهم؛ وفي حالة اليهود العلمانيين يعملون على “تديينهم” وفرض نمط حياتهم وبسط هيمنتهم على السكان، بواسطة القوة السياسية والاقتصادية التي يتمتعون بها، إن كان عبر الدعم الحزبي/ الحكومي الرسمي أو عبر أموال التبرعات التي يحصلون عليها من الجاليات اليهودية في الخارج، كما تشير التقارير.

وبعد أن رفضهم المركز، ركزوا نشاطهم في مدن الضواحي والمدن “المختلطة”، فتعاظم شأنهم في اللد ويافا وعكا بشكل خاص، حيث يشكلون أداة ضاربة في عملية التهجير والتهويد لما تبقى من أحياء المدينة الفلسطينية ومعالمها، وعامل قمع وترهيب لسكانها العرب كما ظهر في الأحداث الأخيرة.

لكن من المفارقة أن المتدينين اليهود “الأصليين” هم أول المتضررين أيضا، لأن “النويات التوراتية” تغير طابع مؤسسات التربية الدينية التقليدية القائمة في هذه المدن منذ جيل مبكرة، وتقود إلى التطرف الديني السياسي وصولا إلى محو الحدود مع مستوطنات الضفة الغربية، وحتى إدخال مليشيات “شباب التلال” إلى اللد، كما حدث مؤخرًا.

وإن كان نشاط المليشيات العنيفة في المدن المختلطة ليس مثل نشاط التديين في جهاز التعليم في المدن اليهودية العلمانية، كما يشير الكاتب المذكور، إلا أنهما جزءان من المخطط الكبير نفسه، الذي يؤمن إلى أن تستطيع “القومية المسيحانية” فرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة، فإنها يجب أن تحاول فرض الواقع القائم في الأراضي المحتلة عام 1967 داخل إسرائيل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2184615

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184615 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40