الاثنين 17 أيار (مايو) 2021

إلى عباس: كم مرة أتتك البطولة فجَبُنْتَ عنها؟

بقلم:د.ايوب عثمان
الاثنين 17 أيار (مايو) 2021

بعد أن واصلت التعلق بذرائع الاستسلام والانكسار والانهزام كي تنتصر للتفاوض المذل المهين كقولك:” إذا توصلنا إلى حل بالمفاوضات نكون قد أنجزنا، وإذا فشلنا فنحن لا نخسر لأننا خسرانين خسرانين”، وكقولك:” لأن الاستيطان لن يتوقف، بل سيتصاعد، سواء وافقنا على المفاوضات أم رفضناها. لكننا إن لم نذهب فسنخسر أكثر…”،
وبعد أن كنت قد أعلنت في عام 2008 عن وقف المفاوضات، ثم عدت إليها بلا ضمانات وبلا اشتراطات، بلا تحسينات أو تعديلات،
وبعد أن لم تسعَ إلى خلق بديل عن الاستسلام أو التفاوض، فأبقيت الشعب أسيراً للتفاوض باعتباره سبيلاً واحداً وحيداً لا غيره ولا سواه، لتأمين استمرارك على رأس سلطة خربة، أو رئيساً لسلطة بلا سلطة، كما وصفت نفسك، غير مرة، ومرة،
وبعد أن تركت الاستيطان يتمدد ويتمدد ويتمدد إلى أن فاجأتنا – قبل سنوات – بإقرارك واعترافك أن “الاستيطان لن يتوقف، بل سيستمر ويتصاعد، سواء وافقنا على المفاوضات أم رفضناها”،
وبعد أن أبقيت نفسك – وأنت رئيس في قبضته خمس رئاسات من السلطة إلى الدولة إلى حركة فتح إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية – أسير “لازمة كلاميةٍ” اعتدت أن ترددها وتشدو، على الدوام، بها فتقول دون خجل أو وجل: “البديل عن المفاوضات هو المفاوضات، وإن فشلت المفاوضات، فلا سبيل أمامنا إلا المفاوضات”،
وبعد أن فرّغْت – وما زلت تعمل جاهداً على تفريغ – حركة فتح، صاحبة الإرث النضالي والإرادة الثورية من مضمونها وإرثها، – كما فرّغْت – وما تزال – منظمة التحرير الفلسطينية من مضمونها الكفاحي الوطني الذي أنشئت من أجله، إذ لم تفعل شيئاً في شأن تفعيلها وإعادة إحيائها وتطويرها، طبقاً لما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الفصائلي معك في مارس 2005 بالقاهرة، وكذلك في اتفاق القاهرة عام 2011،
وبعد أن شهدْتّ مجاناً – أمام وفد حاخامي يهودي متطرف استقبلته بكل ترحاب ومحبة وجرأة في مكتبك برام الله في 27/8/2012 – إذ قلت إن “إسرائيل وجدت من أجل أن تبقى، دولة لها كيانها، وليس لأن تزول”،
وبعد أن عبرت عن أمنيتك وشوقك للقاء أكثر الحاخامات تطرفا، الحاخام عوفاديا يوسيف، الذي اشتهر بتطرفه العدائي للعرب، إذ وصفهم بالأفاعي وواصل تحريضه على قتلهم، فضلاً عن إباحته قتل الأطفال وإفتائه بإجازة حرب “الرصاص المصبوب” على غزة في عام 2008/09،
وبعد أن تنازلت عن حق العودة، إذ أكدت على ذلك بتنازلك عن صفد حيث آباؤك وأجدادك ومسقط رأسك،
وبعد أن سَخِرْت وواصلت سخريتك من المقاومة إلى حد الإيغال والتنمر في سخريتك، إذ وصفتها ووصفت صواريخها بأنها “عبثية”، تماماً كما عبّرت غير مرة عن سخريتك أيضاً من سفن وقوافل التضامن القادمة إلى غزة، كسراً للحصار المفروض عليها، واصفاً إياها – هي الأخرى – بأنها “سفن وقوافل عبثية”،
وبعد أن واصلت ممارسة الضغط على المقاومة، بغية تدجينها وإخضاعها وتركيعها لتصفية قضية شعبها، مؤكداً بما تفعل أنك أنت الذي تحاصر قطاع غزة وأهله وتضيق على حياته وعلى مقاومته،
وبعد أن أثبت بالفعل قبل القول أنك لا تؤمن بشرعية مقاومة الاحتلال بكل وسيلة تتاح إلا التفاوض وسيلة واحدة وحيدة يتيمة، لا غيرها ولا سواها،
وبعد أن آمنت بالتنسيق الأمني إيمانا بلغ مبلغ القدسية والقداسة التي قتلت وتقتل شعبنا كل يوم، وتنتهك مشاعره في كل لحظة،
وبعد أن أبقيت الانقسام لأكثر من أربعة عشر عاما، حتى دون أن تفكر بالحضور إلى غزة، على الرغم من مناشدات أهلها لك بالحضور إليها، ودون أن تترجم بفعلك قولك الذي تشدقت به أمام السفراء العرب في موسكو بتاريخ 23/3/2011 حيث قلت : “أقصر الطرق بين فتح وحماس… هو طريق رام الله غزة”،
وبعد أن لم يَجُلْ في فكرك أو خاطرك أن تصل غزة عقب ولو واحدة فقط من حروب ثلاثة دمرتها وقتلت الآلاف من أهلها، فيما نحن الآن في سعير حرب رابعة هي الأكثر قتلاً وهلاكاً ودماراً،
وبعد أن رفضت صفقة القرن قولاً، فيما عززتها عملاً وتعززها عبر القطيعة التي نرى ما أكثر اجتهادك في تعزيزها مع غزة على نحو من شأنه أن يؤدي إلى فصلها عن الضفة والقدس في بؤرتها، وهو ما تستهدفه صفقة القرن تماماً، بل وتحديداً،
وبعد أن أسست لأوسلو كما أسست لصفقة القرن عبر وثيقتك مع يوسي بيلين المسماة “وثيقة عباس – بيلين”، قبل نحو ستة وعشرين عاماً،
وبعد أن قلت في رفض صفقة القرن أحسن ما لديك من قول، فيما بذلت من الفعل أسوأه وأحقره،
وبعد أن وفرت ما وفرته وتوفره لدولة المستوطنين من هناء وهدوء وتكريم وإسعاد وما أنزلته وتنزله على قطاع غزة وأهله من كوارث ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية،
وبعد أن قمت بسحب تقرير جولدستون الذي دافع عن الحق الفلسطيني وأدان الإجرام الصهيوني باقتراف جرائم القتل العمد، بينما كنت تعلم علم اليقين أن قرارك بسحبه أو بتأجيله إنما يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل ممارسة أقذر المساومات وأقوى الضغوط وأبشعها للتصويت ضد هذا التقرير الأممي الذي نال استعداد 38 دولة لدعمه ومساندته لتبني مشروع إحالته إلى مجلس الأمن الدولي،
وبعد أن كان السبب وراء إصدار أمرك بسحب تقرير جولدستون هو إذعانك – طبقاً لصحيفة معاريف – للتهديد الإسرائيلي إما بمنح أو بمنع ترخيص شركة (الوطنية) للاتصالات الخليوية التي يقف ابنك على رأسها،
وبعد أن أمضيت عمرك كارهاً لمصطلح “الثوابت الفلسطينية” كما سمعناك متحدثاً لمحاورك، متذرعاً بأن السياسة لا تعرف لغة الثوابت، على اعتبار أنها ليست إلا متغيرات، ناسياً أو متناسياً أن الحديث عن “الثوابت الفلسطينية” على نحو خاص ليس أمراً سياسياً فقط، وإنما هو أمر وطني فلسطيني بحت لا يجرؤ أي وطني فلسطيني مهما كانت جرأته أوعلت منزلته وسلطته أن يتجرأ عليه فيدير ظهره له أو يتجاوزه أو أن يبيعه،
وبعد أن لم تُبِنْ – بالمعنى العملي الميداني – عن قناعته لديك بأنه لا دولة بلا غزة، ولا دولة في غزة، ولا غزة بلا حماس، و”غزة لا تعني حماس”، و”الضفة لا تعني فتح”،
وبعد أن لم تبذل أي جهد لترسيخ قاعدة مفادها ألا مكنة لأحد أن يشطب رفيق دربه، مهما بلغت درجة اختلافه معه، الأمر الذي يلزمه إما بالاتحاد أو بالاتفاق أو بالتوافق أو بالتنسيق معه،
وبعد أن واصلت إصرارك على الالتزام باتفاق أوسلو الذي كررت اعترافك – كما اعترف كبير مفاوضيك صائب عريقات رحمه الله – بفشله، والذي لم تحترمه منذ زمن بعيد، بل وانتهكته دولة الاحتلال مرة ومرة ومرات، الأمر الذي يؤكد عدم احترامك لشعبك ولكرامته الوطنية ولنضاله الأسطوري،
وبعد أن بقيت – وما تزال – مصراً على البقاء والتمركز والتحصن في معسكر المفاوضة والمساومة ضد معسكر النضال والمقاومة، تقديساً للتنسيق الأمني والمساومة، وتجريماً للنضال والمقاومة،
وبعد أن لم تُرِنا أي جهد منك لحساب تطوير وتجميع وخلق أوراق القوة الفلسطينية لمواجهة المشروع الصهيوني اليوم الذي تراه بأم عينيك قد نجح في اعتماد قانون اسمه “يهودية الدولة”،
وبعد أن لم تأت حتى اللحظة، بما هو مطلوب منك – بل حتمي عليك – من توحيد للجبهة الداخلية وخلق مشروع وطني فلسطيني ضد الاحتلال، للتخلص من أوسلو والتزاماتها، وإطلاق يد المقاومة، وتعزيز صمود الشعب، وإشراك الشتات في مواجهة هذا المشروع الصهيوني الآخذ في التمدد،
وبعد أن كان جل جهدك – وما يزال – منصباً على محاصرة قطاع غزة وإذلال أهله وإفقارهم،
وبعد أن أدرت لتفاهمات بيروت في يناير 2017 حول المجلس الوطني ظهرك، حيث قمت بعقده منفرداً في رم الله في أبريل 2018،
وبعد أن رددت على اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة في أكتوبر 2017 باستمرارك في اقتراف جريمة إنزال العقوبات على قطاع غزة وأهله،
وبعد أن واصلت رفضك لعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية،
وبعد أن صرحت على قنوات التلفزة – مباهياً ومبتهجاً – في أكثر من مرة، أن أجهزتك الأمنية تدخل إلى المدارس لتفتيش حقائب التلاميذ التي أخرجتم منها ذات مرة 70 سكيناً يعلم الله ما الذي فعلته أجهزة دايتون ضدهم وضد أسرهم،
وبعد أن وقفت من مسيرات العودة موقفاً معادياً جعل الموقف الصهيوني أكثر قوة، وأكثر هدوءاً،
وبعد أن لم تلتزم – ثم واصلت عدم الالتزام – بقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي قضت بإلغاء التنسيق الأمني الذي مددتّه بالحياة وخلعت عليه صفة القدسية والقداسة،
وبعد أن اعترفت عن نفسك وبلسانك أنك رئيس “سلطة بلا سلطة”، وأنك رئيس “سلطة تحت احتلال بلا كلفة”، وأنك رئيس “سلطة تحت بساطير الإسرائيليين “، الأمر الذي يجعلك بلا وزن ولا قيمة ولا كرامة،
وبعد أن تفاخرت بقولك إنك تلتقي مع رئيس الشاباك الصهيوني مرة كل شهر حيث تتفق معه في أكثر من 99% في كل المسائل الأمنية دون خلاف بينكما،
وبعد أن أعلنت منذ نحو ثلاثة عشر عاماً أو يزيد أنك لن تبقى رئيساً للسلطة لو أن شخصين اثنين فقط من الشعب قالا:” يسقط عباس، فسأكون أنا الثالث، ولن أبقى”، ما يعني أنك تقول ما لا تفعل، وهو أمر ليس من سمات أو صفات القادة، أو الزعماء، أو حتى المخاتير،
وبعد أن أقصيت الإسلاميين ثم الحقت بهم اليساريين ثم الوطنيين ثم المقربين إلى أن انفض عنك قضاة ومستشارون، فلم يتبق حولك إلا جبناء ومنتفعون وضعفاء وكاذبون وخائنون ومنافقون وجوف وجاهلون،
وبعد أن خرجت على إرادة الشعب والأمة والأصول والمبادئ الوطنية،
فهلّا جال في فكرك عمل لو أتيت عليه لكفاك، ومن سوء الخاتمة انتشلك ونجاك فعافاك؟! وهلّا فكرت في أمر لو فعلته لمسح عنك كل ما علق فيك من قبح ورذائل؟! وهلّا فكرت في استدعاء بطولة هي لم تكن يوماً فيك، إذ لا تليق هي بك، ولا تليق أنت بها، فأنت لست أهلاً لها؟! وهلا فكرت وأنت في الخامسة والثمانين من عمرٍ كم اقترفت خلاله من سوءات كثيرة وكبيرة، وسيئات عديدة وخطيرة، فيما لم يبق في بقية عمرك كثير بقية تعينك على تطهير نفسك الآثمة الردية؟!
أما آخر الكلام، فهلّا أفرغت سلاحاً ما يزال مكدساً في حاويات سلطة شهدتّ أنت أنها “سلطة بلا سلطة” لتضعه في يد شعب ثائر يتحرق شوقاً إلى قيادة فيها من الرشد بقدر ما فيها من العنفوان والثورة، فتقوده إلى إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة لحساب مقاومة المشروع الصهيوني، تمهيداً لاجتثاثه؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2184520

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2184520 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40