الأحد 2 أيار (مايو) 2021

د. محسن القزويني: انتخاب الإرادة الفلسطينية.. قيادة غير جديرة بالقيادة

الأحد 2 أيار (مايو) 2021

ضيّع الرئيس محمود عباس باعلانه تأجيل الانتخابات التشريعية في 22/5/2021 فرصاً كثيرة؛ منها فرصة تحقيق الوحدة الفلسطينية بين قطاع غزة والضفة الغربية حيث جرى الاتفاق بين الفصائل الفلسطينية قاطبة ومنها حركة حماس على اجراء الانتخابات التشريعية وبعد ذلك انتخابات الرئاسة في 31 / تموز من هذا العام وانتخاب المجلس الوطني، وهي فرصة ذهبية كان ينتظرها الشعب الفلسطيني والعالمين العربي والإسلامي بفارغ الصبر لأنها السبيل الوحيد لتحقق الوحدة الفلسطينية المنشودة في مواجهة الغطرسة والتعنت الإسرائيلي.
ومن الفرص التي ضيعها قرار التأجيل؛ التأكيد على أهمية القدس للشعب الفلسطيني وانها العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية المرتقبة ورفض جميع المحاولات الإسرائيلية والدولية لتحويلها إلى عاصمة لإسرائيل.
ومن الفرص الضائعة جراء تأجيل الانتخابات صعود الممثلين الحقيقيين للشعب الفلسطيني الذين قاوموا الاحتلال ولازالوا، الذين أجبروا السلطات الإسرائيلية على التراجع عندما قرّرت نصب البوابات الالكترونية في القدس الشريف عام 2017، وأخيراً أجبروا سلطات الاحتلال على التراجع عن قرارها بنصب الحواجز عند باب العمود.
فهؤلاء الذين قاوموا الاحتلال الإسرائيلي بالوسائل السلمية وبعدم الانصياع لارادة الاحتلال وقراراته المجحفة هم شباب المرحلة وهم يشكلون ثلث المرشحين للانتخابات. ولو كانت هذه الانتخابات ستجرى في موعدها المقرر لكانت أفضل وسيلة لفضح الممارسات الإسرائيلية حيث تَرَشّح اكثر من ستين عنصرا فلسطينياً يقبعون خلف الزنزانات الإسرائيلية، وعلى رأسهم المناضل مروان البرغوثي الذي استطاع أن يمتلك قلوب الشعب الفلسطيني بمواقفه الجريئة وتصريحاته الشجاعة وهو أسير بأيدي جلاديه، وكان من المتوقع أن ينافس مروان البرغوثي محمود عباس في انتخابات الرئاسة التي ستجري بعد ثلاثة أشهر من الآن وحظه بالفوز كبيرٌ جداً لما يمتلكه من شعبية في الأوساط الفلسطينية كافة، فكان وجوده في قائمة المرشحين في الانتخابات فرصة لفضح إسرائيل وعند فوزه سيكون اول أسير يفوز بالرئاسة وسيكون ذلك شاهداً حياً على مظلومية الشعب الفلسطيني الذي اختار رئيساً له وهو قابع في السجون.
لقد أكدت السلطة الفلسطينية الحاكمة بقرارها تأجيل الانتخابات أو ربما الغائها بأنها غير جديرة بقيادة الشعب الفلسطيني في المرحلة الراهنة لأنها أذعنت لارادة الاحتلال عندما رفضت إقامة الانتخابات في مدينة القدس خلافاً لاتفاقيات أوسلو، ومعنى ذلك أنها غير قادرة على إقامة الدولة الفلسطينية المرفوضة اسرائيلياً، والتي لا يمكن أن تتحقق الا بوجود قيادة فلسطينية قادرة على فرض نفسها على إسرائيل بمختلف الوسائل.
فقد كان من المؤمل بعد اجراء الانتخابات، ترتيب البيت الفلسطيني وتحقيق الوحدة الفلسطينية وتشكُّل إرادة فلسطينية مقارعة للاحتلال وهو ما تخشاه إسرائيل التي سعت بكل ما تملك من قوة على الغائها مهما كلفها من ثمن لأن هذه الانتخابات ستصبح مفصلاً في المسار الفلسطينية سيما وانها تأتي في ظروف صعبة تعيشها إسرائيل بعد فشلها في اقناع الطرف الأمريكي بعدم التفاوض مع ايران، والذي يُبشّر بمستقبل زاهر للمقاومة الفلسطينية وعودة فكرة “العدو الأول” لدى الشعوب العربية والإسلامية وانه ليس سوى إسرائيل.
كان أمام الرئيس محمود عباس وسائل عديدة لاجراء الانتخابات في مدينة القدس في موعدها؛ كان باستطاعته اجراءها بدون الموافقة الإسرائيلية باستخدام أطواق بشرية لحماية صناديق الاقتراع وحماية الناخبين، وفي حالة الاضطرار كان باستطاعته اجراءها الكترونياً كما جرى ذلك في دول كثيرة من العالم التي أجرت انتخاباتها في ظروف جائحة كورونا، لكن القضية لا تبدو لها علاقة بالموقف الإسرائيلي من الانتخابات، إذ ظهر لمحمود عباس ان هذه الانتخابات ستضع نهاية لتاريخه السياسي وتاريخ الهياكل القديمة التي لازالت تتحكم بمقدرات الشعب الفلسطيني وانها ستاتي بقيادات شابة تخرّجت من السجون الإسرائيلية أو لازالت في السجون، وهي التي ستقود الشعب الفلسطيني في المرحلة القادمة بإقامة دولته المرتقبة وعاصمتها القدس. وأن إسرائيل التي تمر بأحلك أدوارها السياسية بعد فشل صفقة القرن ستُجبر على القبول بالواقع الفلسطيني الجديد سلماً أو حرباً لأنها ستواجه الإرادة الفلسطينية الحقيقية التي جربت كل الحلول مع إسرائيل ولم يبق لها الا فرض ارادتها على القرار الإسرائيلي مهما كلفها ذلك من ثمن.

كاتب عراقي



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2184585

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2184585 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40