الأحد 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020

بايدن أم ترامب: مّن المفضّل لدى الإمبراطورية؟

صبحي حديدي
الأحد 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020

العالم بأسره، مجبر وليس طائعاً أغلب الظنّ، حفظ عن ظهر قلب عدد المندوبين إلى المجمع الانتخابي في ولايات بنسلفانيا وجورجيا ونيفادا وأريزونا، حيث تتعاقب دراما الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ فيشتدّ التشويق هنا أو يتراجع هناك، وتشتعل الأخبار تارة فتصبح عاجلة، أو تبهت تارة أخرى فتنقلب إلى بائتة. كذلك تعرّف العالم على “سوسيولوجيا” هذه الولايات (مدن، بلدات، قرى، مقاطعات…)، ومعمارها الديمغرافي (لاتينو/ أفرو/ آسيو –أمريكا)؛ قبل، أو حتى من دون، معرفة توجهاتها السياسية والاجتماعية العابرة للانشطار التقليدي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومن باب أولى بين المرشح/ الرئيس دونالد ترامب والمرشح/ الرئيس المنتخب جو بايدن.

كان طريفاً، إلى هذا، أن يعرف العالم نوايا التصويت لدى 165 ألف عسكري أمريكي ينتشرون في أربع رياح الأرض خارج الولايات المتحدة، طبقاً لإحصائيات البنتاغون المعلنة حتى شهر آب (أغسطس) الماضي. ولعل مبعث الطرافة الأوّل يبدأ من حقيقة غير عسكرية لا تخصّ طبيعة الخدمة في القواعد خارج أمريكا، بقدر ما تخصّ طبيعة السياسة الخارجية التي يعتمدها البيت الأبيض؛ بحيث (كما قد يقول المنطق) يمكن لرئيس مثل ترامب لم يشعل حرباً جديدة، أن يتفوق على رئيس قادم مثل بايدن لا يمكن التكهن مسبقاً حول نواياه بصدد حروب المستقبل.

تفصيل آخر طريف هو جملة الاعتبارات الدستورية والقانونية والإدارية التي تقترن بتصويت العسكري خارج البلاد بالمقارنة مع زميله العسكري، أو حتى المدني، داخل الولايات المتحدة؛ في مستوى تشريع هذه الولاية أو تلك، أو مستوى معاملة أوراق التصويت القادمة من الخارج ومدة احتسابها ضمن المهلة القانونية لإعلان النتائج في كل ولاية أو على صعيد فدرالي، فضلاً بالطبع عن السلطة المدنية مقابل السلطة العسكرية في إدارة تصويت العسكر؛ وسوى ذلك من مسائل تكررت، وتبدلت معالجاتها منذ الحرب الأهلية، في ضوء النزر اليسير الذي يقوله الدستور عن الأمر.

تفصيل ثالث، أوسع نطاقاً وأعرض دلالة، يخصّ مفهوم الإمبراطورية الأمريكية في بُعدها العسكري على وجه التحديد؛ بمعنى مشاعر المقاتل حول وجوده بعيداً عن بلده وأسرته، وما الذي يخدمه هذا الوجود في سياقات عامة متصلة بخدمة العَلَم والفخار الوطني والواجب العسكري، وما إذا كانت السياسة الخارجية في هذه الحقبة أو تلك مسخّرة لرفعة الولايات المتحدة وبسط نفوذها وعلوّ كعبها أم العكس. وكلّ هذه الجوانب لا تطمس، بالطبع، خصوصيات الأصل الاجتماعي أو الإثني أو المناطقي، والانحيازات السياسية والإيديولوجية والثقافية.

وفي انتخابات 2016 بلغت أصوات الاقتراع الغيابي في صفوف العسكر أكثر من 252 ألف صوت، ذهبت في نسبة أعلى إلى ترامب؛ حيث تشير المعطيات إلى أنّ غالبية المجندين العاملين في وزارة الدفاع أقرب إلى سياسات الحزب الجمهوري؛ تاريخياً أوّلاً، ثمّ بسبب من سياسات الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان تالياً. وتتوقع “هيئة مساعدة الانتخابات” الحكومية أنّ رقم انتخابات العسكر هذا العام سوف يكون أكبر، اتكاءً على معدلات التصويت العالية في البلاد إجمالاً؛ وكذلك اعتماداً على معطى وصول 48 ألف ورقة اقتراع من العسكر حتى أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بالمقارنة مع 33 ألف خلال انتخابات 2016.

ولأنّ أمريكا تنتشر عسكرياً في 150 بلداً، عدا وجود عسكري قتالي مباشر في أفغانستان والعراق وسوريا، فإنّ البيت الأبيض حكومة حرب لدى تسعة أعشار الإدارات؛ جمهورية كانت أم ديمقراطية، وأشعلت حروباً جديدة أم تابعت إضرام النيران في حروب قديمة. والمنطق يقول إنّ نزوع العسكر نحو ممارسة الجبروت واستعراض القوّة، أياً كانت المسوغات السياسية والعسكرية والأخلاقية في الخلفية، يرجّح تصويتهم لصالح الإمبراطورية غالباً؛ حتى إذا كان ممثلها اليوم نموذج هابط مثل ترامب، سبق له مراراً أن تهكم على العسكر عموماً وأسرى الحرب خصوصاً.

والجندي في هذا يستوي مع المدني الذي اختار ترامب، على ضدّ من نقائض فاضحة كبرى، ذات اليمين وذات الشمال.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2184561

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

4 من الزوار الآن

2184561 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40