الأحد 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020

فقط.. الأسماء تتغير

عبد الناصر بن عيسى*
الأحد 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020

كلما أطلّت علينا انتخاباتٌ رئاسية أمريكية، إلا وراحت شعوب بعض البلاد تقدم عواطفها لهذا مثل القرابين، كأنه وليّ أمرها الذي سيتكفل بحياتها بعد فوزه، وتتمنى خسارة ذاك وكأنه مصدرُ بؤسها.

وحجم المتابعة للسباق المحموم نحو البيت الأبيض بين جو بايدن ودونالد ترامب، بلغ ذروته في النسخة الجديدة، حتى أنك تظن بأن لا شيء يشغل العالم سوى الانتخابات الأمريكية، أو كأن الرئيس الجديد هو الذي سينقذ العالم من الضياع والظلم والفقر.

هناك من يظن خاطئا أن ترامب كان حليفا فوق العادة للإسرائيليين، قدّم لهم هدية العمر التي لم يحصلوا عليها من غيره، عندما منحهم على طبق ثلاث دول عربية “طازجة” ووعدهم بالمزيد، وبأن جشعه الاقتصادي هو ما حرم بلادا من ملايير الدولارات، ظنا منهم بأن لكل رئيس أو لكل كتلة حزبية سواء ديمقراطيين أو جمهوريين نهجه الخارجي المختلف عن البقية، لكن الحقيقة هي أن السياسة الأمريكية منذ أن دخل الصهاينة أرض فلسطين، وأقاموا دولتهم سنة 1948 في عهد هاري ترومان، وهم يتلقون دعما أمريكيا فاق دعم الإنجليز، بل إن كل رئيس يتسلم الحكم إلا ورفع السقف في مساعدته للإسرائيليين ضمن نهج يسير عليه رؤساء أمريكا خاصة في السنوات الخمسين الأخيرة، من ريتشارد نيكسون إلى دونالد ترامب، ولم يضبط التاريخ رئيسا أمريكيا – بما فيهم الأسمر ذي الأصول الإفريقية والإسلامية باراك أوباما – يميل ولو بأضعف الإيمان إلى المظلومين في الشرق الأوسط.

أسماء الرؤساء وحدها من تتغير، أما النهج فهو واحد، والذي يظن بأن بايدن مختلف خارجيا عن ترامب، وبأنَّ الموقف الأمريكي قادرٌ على أن يتغير، واهمٌ بالتأكيد؛ فاللوبي الصهيوني لا يراهن على رئيس دون آخر، أو يعمل لاسمٍ دون آخر، فهو متلوِّنٌ مثل الحرباء تجده بكل الألوان مع الجميع، مقتنعٌ بأن السحابات الأمريكية حتى وإن تغيّر لونها، ستُمطر جميعا في “أرض الميعاد”.

خلال حرب تحرير الكويت عندما أطلق الأب جورج بوش “عاصفة الصحراء” التي دمّرت العراق، كان أول منتقد له، هو ابنه جورج دوبليو بوش، الذي اعتبر الدخول إلى العراق “خطأ لا يُغتفر”، لكن بمجرد أن حكم هذا الابن المنتقِد بعد سنوات أبيه وعهدة بيل كلينتون، حتى تولى استعمار العراق مباشرة، فكافأه الأمريكيون بعهدةٍ رئاسية ثانية، لأجل ذلك يمكن لمتصفح التاريخ الأمريكي ولو سطحيا ملاحظة أن ما قام به ترامب من رعاية حفلات التطبيع مع إسرائيل، هو صورة طبق الأصل لما قام به جيمي كارتر عندما جرّ أنور السادات إلى بلاط مناحيم بيغن.

هناك من تابع الانتخابات الأمريكية المجنونة، بكل تفاصيلها وكأنه يتابع مباراة كرة ساخنة لا يعرف الفائز بها، وهناك من ناصر هذا الفريق أو ذاك، ظنا منه بأن مصلحته قد تكون مع أحدهما، لكن الحقيقة الجليَّة هي أن المستفيد الوحيد من النتيجة مهما كان حاسمها، واحد، من دون انتظار صافرة النهاية ولا العودة إلى “تقنية الفار”.

كاتب جزائري*



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2184661

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2184661 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40