الأحد 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020

أمريكا ما بعد آل Trompe

عمار يزلي*
الأحد 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020

كل الأعين مشدودة هذه الأيام، وستبقى فترةً غير محددة، إلى نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية غير المسبوقة. غير مسبوقة من حيث الرهانات على النتائج وما بعد النتائج، وضخامة الصراع بين الجناحين الممثلين في قوة دونالد ترامب المتنامية من اليمين ووسط اليمين والمتدينين الإنجيليين، وما يسمونه باليسار ويسار اليمين والطبقات الهشة والعمالية والملوَّنين الذين دعموا المرشح الديمقراطي جو بايدن بشدة هذه المرة خاصة عبر التصويت عبر البريد ومدة أيام بسبب جائحة كورونا.

خصمان داخليان يتنازعان سيطرتهما على الداخل الأمريكي ولكن أيضا على السياسة الخارجية، وهذا سر أهمية الانتخابات الأمريكية هذه السنة بالنسبة للعالم أجمع وخاصة العالم العربي والإسلامي.

من المؤكد الآن أن المرشح الديمقراطي بات هو الفائز باعتباره على مرمى حجر من حاجز 270 صوتا من المجمَّع الانتخابي الكفيل بأن يعطي التأشيرة لدخول عتبة البيت الأبيض لأربع سنوات مقبلة.. غير أن تنطُّع الرئيس ورفضه التسليم بالهزيمة بسهولة، سيبقى يدافع بشراسة عن فوز غير مستحق، يبدو له أنه هو الأحق به وأن الأصوات التي ذهبت عبر البريد لمناوئه هي أصواتٌ مسروقة وغير شرعية، غير أنه في الأخير سيقبل بالنتيجة ولو متأخرا على مضض.. مرغم أخاك لا بطل.

ما يهمنا نحن كعرب ومسلمين من هذه الانتخابات، هي كونها مصيرية بالنسبة للعلاقات الخارجية الأمريكية؛ فقد تعوَّدنا معرفة عبر التاريخ أن السياسة الخارجية الأمريكية لا تتأثر عادة باللون السياسي لساكن البيت الأبيض المغادِر والوافِد، ولكن هذه المرة، سيكون هناك تغيُّرٌ واختلافٌ كبير: أول ما سيواجهه بايدن في حالة فوزه، هو إعادة ترميم العلاقات الأمريكية الدولية مع أوروبا وخروج ترامب من اتفاقية المناخ في باريس والعلاقات التجارية بين أوروبا وأمريكا وبين الصين وأمريكا.. وترميم العقوبات المفروضة على الدول والقطاعات التي رفضت الخضوع لإملاءات ترامب في مواجهة إيران، وأيضا العودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران من أجل إعادة العمل بالاتفاق النووي.

أكبر رهان في العالم العربي والإسلامي هو القضية الفلسطينية، التي ستعرف بدءا من السنة الثانية تقريبا لحكم بايدن “إعادة الروح” للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المفلسة مع حكم نتنياهو، على أساس حل الدولتين وليس على أساس صفقة ترامب الميتة. لهذا، أكبر ما يخشاه بعض حكام العرب هو رفع الغطاء عنهم، خاصة في قضية حقوق الإنسان والوقوف المستميت لترامب مع قياداتهم في هذا الملف وفي ملفات أخرى، منها حرب اليمن والدعم غير المشروط لبعض دول الخليج في مجابهة المد الإيراني حسب زعم ترامب ومجموعة حصار قطر.. نفس الأمر بالنسبة لمصر، إذ سيجد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نفسه إزاء حكم جديد في الولايات المتحدة، لا يمنحه توقيعا على بياض إزاء الحريات الديمقراطية والدعم غير المشروط العسكري والمؤسساتي لمصر مقابل علاقاتها المتميزة مع إسرائيل. المطبِّعون، أيضا سيجدون أنفسهم فقدوا “حليفا مبتزا”: حلب اللبن وذبح البقرة.. مع ذلك لن يقبلوا ببايدن رئيسا في قرارة أنفسهم إلا تملُّقا ومداهنة ومسايرة إلى حين انتهاء ولاية الديمقراطية لعل ترامب يعود في قميص جديد بعد 2024.. مع العلم أن بايدن سيدعم إسرائيل ولكن في نفس الوقت سيحاول كسب الفلسطينيين ولو بنصف حل.

سيناريوهاتٌ كثيرة مقبلة، لن يكون العرب بمنآى عن الخوض فيها بقدر خوض الأمريكان أنفسهم فيها، وإن كان الأمريكان يهتمُّون أكثر بالداخل، إلا من حيث المال المجلوب والمحلوب من الخليج لتطعيم اقتصاد أمريكا المتأثر بجائحة كورونا.

* كاتب جزائري



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2184537

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2184537 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40