الأحد 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2020

عدن … سردية حزينة في زمن إحتلال الأَعْرَاب (2015– 2020م)

أ. د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
الأحد 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2020

تتناقل المواقع الإلكترونية الأخبار بحلوها ومُرَّها وفِي غمضة حين تجد جميع أخبار المدن والقرى والبلدان ومن أية بُقعة من بِقاع العالم أمام شاشتك على الآيباد أو الهاتف أو على سطح حاسوبك المحمول Laptop، وتنساب تلك الأخبار بيسرٍ وسهولة لتكون بين يديك، لكن ما يعنينا هُنا هو حالة مدينة عدن في ظلال الاحتلال السعودي–الإماراتي وما تعانيه من أوجاع تحوَّلت إلى أشبه بالظل الرفيق الملازم للمدينة المنهكة، نتابع أوضاعها وأوضاع سُكَّانها ومدنيها بقلقً شديداً وبالذات في النواحي الأمنية والعسكرية والمعيشية والتعليمية والصحية وخلافها.
مُنذ ما يزيد عن خمس سنوات ونصف والمدينة ترزح تحت احتلال دولتين هي الأغنى (إقتصادياً)، والأثرى (مالياً) في شبه الجزيرة العربية، هما دولتي المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكانت مُبررات ذلك العدوان والاحتلال هو جلب الرَّخاء والازدهار للمدينة التي عَرفت وعاشت ازدهاراً لافتات مُنذ العشرينات من القرن العشرين، أي في الزمن الكولونيالي تحت التاج البريطاني، وفِي ذاك الزمان لم تتكونا ولم تتأسسا بعد لا السعودية ولا الإمارات في الوجود السياسي، عدن كانت في ذاك الزمان دُرَّة الجزيرة العربية ودانة المدائن العربية، وكانت تُضاهي مُدن العواصم العربية الكبرى مثل بيروت، وبغداد، والقاهرة ودمشق، وكانت تسبقها أحياناً في بعض جوانب التخطيط العمراني وخدمات الكهرباء والمياه والثقافة.
الكثير من البسطاء من أبناء عدن وحتى في المحافظات الواقعة تحت الاحتلال خرجوا في الساحات والشوارع وحتى الحارات مهللين وفرحين حاملين رايات وأعلام ورموز دُول الاحتلال السعودي والإماراتي والبحريني وغيرها من دول العدوان، واعتبروهم (مُخّلصين) لهم من الجيش اليمني الذي أسسه الرئيس الأسبق/ علي عبدالله صالح، ومجاهدي ومقاتلي اللجان الشعبية لأنصار الله الحوثيين بقيادة القائد الحبيب/ عبدالملك بدرالدين الحوثي، لذا اعتبروا البسطاء من عامة الشعب بأن المُخّلصين لهم هم جيوش وجحافل آل سعود وآل نهيان، وأنَّهم ينتظرون سخائهم وكرمهم العروبي وفقاً وتراث (الكرم الحاتمي) الشهير من تُراثنا العربي المتداول، كانوا يحلمون بالثواني والدقائق والساعات بأنَّ ثروات العُرْبَان ستنهال عليهم من كل حدبٍ وصوب، وأنَّ خزائنهم ستظل مُشرعه لوصول الأموال إلى كل حي و (حافه)، وشارع وزقاق، الجميع من هؤلاء كان مصدق للحكاية، وبالذات بعد (غزوة ترامب على الرياض)، وهي الزيارة التي تكرَّم بها سيد البيت الأبيض الأمريكي دونالد ترامب الذي خطف هو وابنته الرشيقة/ إيفانكا ترامب، وزوجته الأنيقة عارضة الأزياء السلوفينية/ ميلانيا ترامب، خطفوا من مال آل سعود في غضون يومين أو ثلاثة أيام مبلغ خُرافي بلغ 450 مليار دولار أمريكي عداً ونقداً، هذا غير الهدايا العينية الثمينة.
كانت أعناق هؤلاء البسطاء مشرئبه نحو التلفاز لمشاهدة أعظم حدث إعلامي صادم، ولكنه حدث يوحي لهؤلاء بإيجابية كبيرة، ولسان حالهم جميعاً يقول: طالما وقد حصل هذا الأجنبي (المسيحي) على جميع هذه المغانم، فكيف بِنَا نحن الأشقاء العرب المسلمين، يهمسون بصوتٍ هادئ لبعضهم البعض بالقول بأنَّ عدن والمحافظات التي يتواجد به (المُخلِصون) سيكون نصيبها على الأقل مُضاعف بحُسْبةٍ بسيطةٍ منها باعتبارهم مُخلِصون وجيران وعرب ومسلمون.
لكن حُلم هؤلاء البسطاء لم يدم طويلاً خاصةً بعد أن سمعوا سيد البيت الأبيض الأمريكي يقول في مهرجان خطابي علني لاتباعه من المتطرفين العنصريين البيض يقول لهم: بأننا نحن الأمريكان من يقوم بحماية الحُكَّام السعوديين، ولولا حمايتنا لهم لما بقوا في السلطة أسبوعاً واحداً، بعد أن سمعوا تلك التصريحات الوقحة والخارجة عن اللياقة الأدبية في التخاطب بين الشركاء أو الأصدقاء، فاقوا من الصدمة.
ليهمس هؤلاء البسطاء لبعضهم بالقول: لقد تبدَّد حُلمنا وتبخَّر على شواطئ عدن الملتهبة طالما والأمريكي الوقح أخذ تلك الأموال مقابل حمايته للأسرة المالكة السعودية، فكيف بِنَا نحن الذي ننتظر منهم الخلاص والتمويلات التي تعيد لشوارعنا ومدننا ومحافظاتنا سنائها وحيويتها.
المدنيين من الناس في عدن لا يريدون الغوص والغرق مرةً أخرى في أحلام اليقظة، وتتحوَّل أحيائهم وضواحي عدن وبقية المحافظات (المحررة) إلى فردوسٍ آخر ينعموا فيها، بل تحوَّل حلمهم إلى الحصول على شربة ماء هانئة كما كانوا يحصلون عليها في زمن الاستعمار البريطاني (البغيض) والحُكم الاشتراكي اليساري (التوتاليتاري المتشدد)، وفِي ظلال دولة الوحدة اليمنية (المذمومة من رعاع الحراكيش)، تخيلوا كم هو قنوع وبسيط ذاك الحلم لهذا المواطن العفيف الذي اختصر أحلامه في شربة ماء نظيفة مقبولة السعر والقيمة، اليوم لم يعد حتى ذلك الحلم متاح للناس، تحولت أحياء وشوارع عدن إلى تزاحم لسيارات نقل المياه (الصهاريج والبويات)، يتم بيع الماء بسعر لا يقوى المواطن العدني عليه في ظل تدهور سعر الريال اليمني مقابل أسعار العملات الأجنبية، وانقطاع رواتب العديد من الموظفين والعاملين في الجهازين المدني والعسكري، وما اعتصامات الأخوة العسكريين المتقاعدين في البريقاء أمام معسكر المُحتل السعودي–الإماراتي إلاّ صورةً محزنة من صور إذلال اليمنيين من قِبَل هؤلاء الغُشم الأَعْرَاب.
مُجرد أنْ تفكر أنْ تعيش في مدينة ساحلية في أي بقعة بالعالم، تفكر جدياً في وضع الكهرباء والماء في تلك البقعة من العالم، فدرجات الحرارة بالصيف والشتاء عادةً تكون عالية إلى درجةٍ لا يطاق العيش فيها، وعدن والمدن الساحلية هي مدن من هذا النوع، كم سيتحمل الإنسان انقطاع التيار الكهربائي وتوقف المياه عن الضخ، ففي عدن في ظل هذه الظروف تنقطع خدمات الكهرباء لساعات طويلة تصل إلى 20 ساعة توقف، أمَّا المياه فتنقطع لأيام وأسابيع.
خُلاصة الفكرة هو أنَّ ما يحدث هو بِفعل فاعل وهُم (المُخلصون) كما تراءى للبعض من البسطاء من أهل عدن، هؤلاء هُم الأَعْرَاب الذين عاثوا فساداً في اليمن وفِي العديد من البلدان العربية وهُم من أقدَمَ اليوم على بيع القضية العربية المركزية فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
أمَّا عُملاء الرياض وأبوظبي من اليمنيين فقد استمروا الانبطاح والتمدد في منتجعات وفنادق الرياض وأبوظبي والدوحة وإسطنبول، هؤلاء لو تذكروهم وتذكروا صراخهم بأنَّهم (سيستميتون) للدفاع عن الجنوب وعن الشرعية، أين هم الآن؟، وأين انتهت مزايداتهم؟، ألم يتحولوا إلى عبيد ومستأجرين بثمن بخس لأسيادهم؟ كي يخدموا في المحصلة الأخيرة دولة العدو الإسرائيلي الصهيوني، والله أَعْلَمُ مِنَّا جَميعاً.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾
رئيس مجلس الوزراء
صنعاء



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2184557

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2184557 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40