السبت 14 كانون الأول (ديسمبر) 2019

في صحافة العدو

السبت 14 كانون الأول (ديسمبر) 2019

- في مباحثات نتنياهو-بومبيو: كيف يبدو الحديث عن ضم الغور لعباً بالنار؟

قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه في لقائه الأسبوع الماضي في البرتغال تباحث مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حول التهديد الإيراني وإمكانية ضم غور الأردن لإسرائيل. سارع مساعد وزير الخارجية إلى النفي، وقال إنه لم يجرِ أي بحث في موضوع الغور. يبدو أن أحداً منهم لا يكذب.

في الصف الطويل من النقاط التي أعدت لنتنياهو قبيل الحديث مع بومبيو، كانت، أغلب الظن، مسألة مستقبل غور الأردن أيضاً، فيما أن رئيس الوزراء لم يطرحها كي يتلقى جواباً، بل كي يبلغ عن أن الموضوع مطروح على جدول الأعمال. ذعر مساعد الوزير من أن الأمر يبدو وكأن الولايات المتحدة تعطي إذناً لمس فظ باتفاقات دولة هي ذاتها وقعت عليها كشاهد، فسارع إلى النفي بأن الموضوع بحث.

ولكن هذا ليس مهماً إن كان الموضوع قد ذكر خلال الحديث أو جرى بحثه فحسب، المهم هو أن أمريكا ترامب أيضاً لا تسارع إلى الدخول إلى فخ ضم مناطق من المنطقة ج، تشكل جزءاً مستقبلياً من السلطة الفلسطينية، التي يسكنها الفلسطينيون تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية ويعيشون وفقاً لقوانينها.

تطرح فكرة ضم ثلث الضفة الغربية بين الحين والآخر، ولا سيما عشية الانتخابات، وتسقط بعدها. من الصعب أن نعرف إذا كانت تثير انفعال الناخبين، وليس واضحاً إذا كانت تفرح الإسرائيليين الذين يعيشون في الغور. أتذكر جيداً الوفد الذي جاء إليّ فور التوقيع على اتفاق أوسلو، وبينهم مزارعون من الغور، ملح البلاد، ممن جاؤوا إلى الغور في السنوات الأولى بعد احتلال الضفة. قالوا لي إن حقيقة توقيع الاتفاق وصولاً إلى اتفاق دائم بعد خمس سنوات من ذلك، تضعهم في وضع مربك جداً: الظروف صعبة، والمسافة عن مركز البلاد واسعة، وأولادهم يغادرون الغور بعد الخدمة العسكرية، وبيع المنازل يكاد يكون متعذراً، ولا سيما بعد أن باتت الريح تهب في اتجاه الاتفاق، وفي هذا الاتفاق سيصبح الغور، أغلب الظن، جزءاً من الدولة الفلسطينية.

لم يكن طلبهم الوحيد ضم الغور لإسرائيل، بل منحهم الاستقرار، وربما السماح لهم، منذ الآن، بأن يطلعوا على ما ينتظرهم. طلب معظمهم استباق الأمر وتلقي التعويض كي لا “يبقوا في الهواء”. كان من الصعب ألا نتفهم قلوبهم. تحدثت عن ذلك طويلاً مع رئيس الوزراء إسحق رابين، وقال لي إنه غير مستعد لأن يبحث مع المستوطنين عن التعويض طالما لم تتقرر حدود دائمة.

بعد أن تسلم رئيس الوزراء نتنياهو مهام منصبه في المرة الثانية، وبعد أن ألقى خطاب بار ايلان حول استعداده للاعتراف بحل الدولتين، قال إنه سيصر في إطار الاتفاق الدائم على أن يقف الجيش الإسرائيلي على نهر الأردن على مدى أربعين سنة. لم يتحدث عن الضم بل فقط عن وجود عسكري. أفترض بأنه فهم جيداً بأن طلباً إسرائيلياً لضم أرض كبرى بهذا القدر من الضفة في إطار الاتفاق سيمنع ضم مناطق أقرب إلى الخط الأخضر وأهم لإسرائيل، وإنه في أثناء عشرات السنين التي مرت منذ طرح مشروع يغئال الون على جدول الأعمال، وقع أمران أساسيان: السلام مع الأردن أبعد الحدود مع أعدائنا حتى حدود الأردن – العراق، واخترعت تجديدات تكنولوجية تسمح بالحصول على معلومات استخبارية وإخطار أصحاب القرار في الزمن الحقيقي. يمكن لإسرائيل أن تدافع عن نفسها من دون ضم الغور، بينما مطلب الضم هو نوع من الأمور التي يطرحها من لا يريد الوصول إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين بل “إدارة النزاع”.

أما الولايات المتحدة، بما فيها التي بإدارة ترامب، فلن تدخل إلى فخ من شأنه أن يضع اتفاقات السلام الإسرائيلية مع الأردن ومصر في خطر، ناهيك عن الرد الفلسطيني الذي سيضع حداً للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وسواء بحث نتنياهو مع بومبيو في هذه المسألة أم لا، فالحديث يدور عن لعب بالنار محظور اللعب به.

بقلم: يوسي بيلين
إسرائيل اليوم 13/12/2019

- هنية “السياسي”.. بتوقيت القاهرة وتل أبيب: خرج برحلة صيد دولية ولن يعود خالي الوفاض

ينوي إسماعيل هنية أن يستغل تصريح الخروج الذي حصل عليه من مصر، فمنذ انتخابه رئيساً للمكتب السياسي لحماس في صيف 2017 لم يسافر هنية إلى الخارج، باستثناء زيارات عمل في مصر. في حين أن نائبه صالح العاروري يحظى بحرية الحركة ويتجول في أرجاء الشرق الأوسط، وخالد مشعل، سلفه، يعيش في قطر وهو حر في التجول أينما يريد، وللدقة، أينما يكون الأمر آمناً، أما هنية فمحبوس في القطاع لأن أي عملية خروج له تحتاج إلى تصريح من مصر من أجل السفر عبر مطار القاهرة.

بعد أن أجرى الأسبوع الماضي هو وزياد نخالة، السكرتير العام للجهاد الإسلامي، محادثات في مصر مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، واصل السفر إلى تركيا، ومن هناك ينوي زيارة قطر وماليزيا وإندونيسيا ولبنان وموريتانيا. وهو يأمل الحصول على دعوة أيضاً من الكرملين من أجل الالتقاء بالرئيس الروسي فلادمير بوتين. زيارة السعودية ودولة الإمارات غير مشمولة في برنامج الجولة. وليست واضحة حتى الآن زيارته لإيران. تقول حماس إن هذه الرحلة الطويلة وستستمر ستة أسابيع على الأقل، وآخرون يعتقدون بأنها ستستمر لأشهر وربما أكثر.

هل يدل إعطاء التصريح لهنية على أن مصر راضية عن الاتفاقات التي تم التوصل إليها في المحادثات؟ بعض المحللين في مصر يقدرون أن “التهدئة” الآن في المراحل النهائية، ولم يبق إلا عدد من الأمور التقنية التي يمكن أيضاً حلها.

مصادر في حماس قالت للصحيفة بأنه لا يوجد حتى الآن أي اتفاقات، لكن نية مصر وإسرائيل هي التوصل إلى أكثر من تهدئة طويلة المدى، التي ستستمر ثلاث – خمس سنوات. الدولتان تسعيان إلى وضع القاعدة لصفقة تبادل أسرى ومفقودين، كما أشار عدد من المتحدثين في حماس. إذا تبين أن هذه الإشارات صحيحة، فإن صفقة كهذه يمكنها أن تخدم جيداً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قبيل الانتخابات القادمة، وربما هذه هي الورقة السرية التي يحتفظ بها قرب صدره. مع ذلك، من الواضح أن صفقة تبادل كهذه ستشمل أيضاً سجناء حماس الذين اعتقلوا مرة أخرى بعد صفقة شاليط، وإطلاق سراح سجناء حماس الذين بقوا مسجونين في مصر بعد أن أطلقت مصر سراح 25 سجيناً أثناء زيارة ممثلي حماس والجهاد السابقة في تشرين الأول الماضي.

تعاون مثمر

الهدف الأساسي من جولة هنية هو جمع أكبر قدر من المساعدات والتعهدات للاستثمار في غزة. وهذه ستساعد حماس على إعادة إعمار القطاع وإنشاء بنية تحتية اقتصادية قابلة للحياة تشمل إقامة مناطق صناعية على الحدود بين القطاع ومصر، التي سيكون جزء منها في الأراضي المصرية وسيتم تشغيل آلاف السكان من غزة فيها. يبدو أن هنية أصبح مزوداً بضوء أخضر من إسرائيل للبدء في مرحلة التطوير، وهذا خاضع للتوقيع على اتفاق تسوية طويلة المدى. هذه المرحلة يمكن أيضاً أن تشمل إنشاء جزيرة قرب غزة، ستستخدم كميناء وبوابة عبور للبضائع، وبهذا ستتجاوز الحصار الإسرائيلي على القطاع.

إذا أقيم مشروع الجزيرة هذا، فهذا ليس حلاً للمدى القصير، لكنه يشغل مصر التي أرادت تفاصيل عن جوهره، حيث إنها تريد ضماناً بأن رافعة ضغطها على القطاع، المتمثلة بمعبر رفح، لن تسرق من بين يديها. وهي تفضل الوضع القائم الذي تتحكم فيه بأي دخول وخروج من غزة، سواء من ناحية اقتصادية أو أمنية. في هذه الأثناء، تبدو القاهرة راضية عن التعاون بينها وبين حماس في مسألة حماية الحدود مع سيناء، وقريباً سيقام المزيد من نقاط المراقبة وستزداد الدوريات المصرية والفلسطينية على جانبي الحدود.

هكذا تجد حماس نفسها في دور حرس حدود مزدوج، أمام مصر وأمام إسرائيل، وهي مكانة تمنحها أهمية استراتيجية، رغم أنه ليس جزءاً من حلم العملية السياسية الذي هو أصلاً غير قائم.

الأمر المهم هو أنه حتى من دون اتفاق التعاون الأمني –حسب النموذج الذي وقعت عليه إسرائيل مع السلطة الفلسطينية– ثمة تعاون كهذا يجري وتعدّ فيه حماس حكومة مسؤولة تجاه إسرائيل عن كل انحراف أمني. وهو مكانة حتى السلطة الفلسطينية لا تحظى بها. إضافة إلى ذلك، تفعل إسرائيل ما تشاء في أراضي السلطة، في حين أنها في غزة لا تقوم باقتحامات ليلية بغرض الاعتقال، ولا تقطع الطرق أو تدمر بيوت المخربين.

يمكن القول أيضاً إن إسرائيل تتعامل مع غزة كدولة ذات سيادة، فكل اقتحام لأراضيها، براً أو جواً، يمكن أن يجر وراءه ردوداً عنيفة، في حين أن عملاً مشابهاً في الضفة الغربية يعدّ أمراً روتينياً، بحيث لا يعرض مواطني دولة إسرائيل للخطر. وهكذا.. هناك ميزان ردع أمام غزة يشبه الموجود أمام حزب الله، أما أراضي السلطة الفلسطينية فهي في أفضل الحالات ساحة للعب.

إن لهذا التعاون ثمناً أيديولوجياً، يلزم حماس بأن تشرح سبب إجراء مفاوضات للتسوية، وكيف أن تسوية كهذه تتساوق مع عقيدة المقاومة (بكل الوسائل) ومع النظرية الموجودة في ميثاق حماس الجديد، التي تقول إن إسرائيل عدو أبدي. إجابة سريعة على ذلك قدمها مصدر كبير في حماس، محمود الزهار، الذي شرح في مقابلة بأن “التهدئة هي أحد وسائل المقاومة التي ستمكننا من التقاط الأنفاس وإعادة تنظيم أنفسنا من جديد ومراكمة أدوات للنضال من أجل التحرر. لن نعطي في أي يوم هدنة دائمة للاحتلال”. اعترف الزهار بأن حماس تحتاج أيضاً إلى فترة تهدئة، دون أن يحدد مدتها، شريطة أن لا تكون أبدية، وأن التهدئة من مجرد تعريفها، ليست اتفاق سلام أو اعترافاً بإسرائيل، لذلك هي لا تمس أسس النضال.

السلطة الفلسطينية تنظر إلى هذا التفسير، لا سيما قيادة فتح، باستخفاف وانتقاد. فهناك يعرضون على سبيل المثال موافقة هنية على إقامة مستشفى ميداني أمريكي في أراضي القطاع كخضوع لإملاء أمريكي وإسرائيلي، ويتهمون حماس بإعطاء الشرعية لإقامة قاعدة أمريكية بغطاء المستشفى. رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتية، لا يكتفي بالنقد؛ فقد أعلن بأن السلطة ستبدأ بتشغيل المستشفى الذي أقيم بتمويل تركي بعد سنتي تأخير. وأضاف بأن السلطة توصلت إلى اتفاقات مع تركيا حول تمويل تشغيل المؤسسة الطبية، التي تحتوي على 180 سريراً.

ورغم حقيقة أن العلاقات بين السلطة الفلسطينية برئيسها محمود عباس وتركيا برئيسها رجب طيب اردوغان بعيدة عن أن تكون ودية، بسبب الدعم الكبير الذي تعطيه تركيا لحماس، إلا أن عباس يفضل أن يستفيد شخصياً من هذا الحدث، وأن لا يسمح لحماس بأن تستفيد سياسياً من إقامة المستشفى. وبالمناسبة، باتخاذ قرار تشغيل المستشفى التركي فإن السلطة الفلسطينية تعترف بأنها هي وليست إسرائيل، التي منعت افتتاحه حتى الآن.

بين السعودية وإيران

قضية المستشفى مثال على المنافسة على الشرعية التي تتأجج بين حماس وفتح على خلفية قرار محمود عباس إجراء انتخابات في المناطق، وهو قرار وافقت عليه حماس في السابق. إلى جانب المسائل التقنية والحاجة إلى الحصول على موافقة إسرائيل من أجل إجراء الانتخابات، بما في ذلك في شرقي القدس، هناك خلاف حول إجراء الانتخابات قبل التوصل إلى مصالحة بين فتح وحماس أو أن الانقسام بينهما لا يجب أن يؤثر على إجرائها. حتى الآن لم يتم تحديد موعد للانتخابات، وهناك شك إذا ما كانت إسرائيل ستسمح بإجرائها في شرقي القدس. ولكن حماس بدأت بإعداد ملف الأعمال الجماهيري والمدني لها من أجل الوصول إلى التنافس من موقع قوة، ليس فقط في غزة، بل في الضفة الغربية أيضاً. هنا يكمن الهدف الآخر لجولة هنية في الدول العربية والإسلامية: هو يأمل بأن تمنحه هذه الجولة الدولية الفرصة لتقديم نفسه كسياسي، وليس فقط كرئيس منظمة. ويأمل أن يغطي على عباس باعتباره الممثل المعروف والمتفق عليه للفلسطينيين. من هذه الناحية فإن الربح الذي سيجنيه هنية وحماس من التهدئة أكبر بكثير من تحقيق تهدئة عسكرية. وهو سيضمن لحماس مكانة العصا الدائمة في دواليب أي عملية سياسية، حتى من دون استخدام السلاح.

ولهنية مهمة أخرى في رحلته الطويلة: عليه أن يضمن استمرار وجود الملجأ الذي يحظى به رجاله في قطر، ومحاولة العثور على وسطاء يمكنهم ويوافقون على المصالحة بين حماس والسعودية ودولة الإمارات. سيصل هنية إلى دول الخليج في الوقت الذي تفحص فيه احتمال المصالحة مع قطر، بعد أن ظهر رئيس حكومة قطر للمرة الأولى في قمة دول الخليج التي عقدت هذا الأسبوع في الرياض. إشارات المصالحة بدأت قبل ذلك عند مشاركة المنتخب السعودي في مباريات كأس الخليج التي عقدت في الدوحة، عاصمة قطر، وتواصلت بإعلان وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الله آل ثاني، بأن قطر لا تؤيد الإسلام السياسي وحركة الإخوان المسلمين. قطر تؤيد كل الشعوب وليس الأحزاب السياسية.

كان هذا أكثر من إشارة على أن قطر مستعدة للقيام بدورها في الاستجابة على الأقل لأحد طلبات السعودية واتحاد الإمارات والبحرين ومصر، التي تعتبر الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. ليس واضحاً حتى الآن إذا ما كانت قطر تنوي المطالبة من نشطاء الإخوان المسلمين الذين يسكنون على أراضيها بمغادرة الدولة، ومن المشكوك فيه أن يكون في هذا تهديد لقيادة حماس في قطر، التي تواصل قطر تمويل نشاطاتها المدنية في غزة.

كجزء من صراع السعودية ضد إيران، فهي يمكن أن تطالب قطر بأن تضع أمام هنية إنذاراً في مسألة علاقات حماس مع إيران. في إطار الـ 13 طلباً التي طرحتها السعودية على قطر التي تضمنت تقليص علاقاتها مع إيران كشرط لرفع الحصار عنها. العلاقة بين حماس وإيران ضعفت جداً بالفعل في السنوات الأخيرة، لكن قيادة حماس في لبنان تستمر في علاقاتها مع إيران وحزب الله. إذا كان هنية يسعى إلى إعادة حماس إلى الحضن العربي ويتحول إلى جهة شرعية يمكنها أن تحظى باعتراف عربي، وليس فقط من مصر وقطر، فهو يحتاج إلى حسم استراتيجي تجاه إيران يشبه الحسم الذي اتخذه خالد مشعل عندما قرر الانفصال عن سوريا في العام 2012 وبهذا قطع العلاقات مع إيران.

ولكن خلافاً لمشعل، هنية مكبل بمواقف الجهاد الإسلامي المرتبط بالحبل السري لإيران، وكل ضعضعة في شبكة العلاقات بين المنظمتين، يمكن أن تضر بالإنجازات السياسية التي يراكمها هنية، وأيضاً يمكن أن تضر باحتمال وجود تهدئة طويلة المدى. في حل هذه المعضلة سيتبين الفرق بين هنية السياسي وهنية رئيس المنظمة. ويبدو أنه كلما زادت إنجازاته وأصبح لديه الكثير مما يخسره، سيزداد أيضاً حزام الأمان ضد مغامرة عسكرية.

بقلم: تسفي برئيل

هآرتس 13/12/2019

- رسالة إلى وزير الجيش الإسرائيلي: لهذا.. لا يمكنك إعادة “مملكة يهودا”!

1
حجم الخط

“مملكة يهودا” التي يتوهمها نفتالي بينيت وأصدقاؤه من “غوش ايمونيم” على مر أجيالها، سقطت. الحقيقة هي أنها لم تقم من جديد في أي يوم منذ خرابها الأخير في أعقاب تمرد باركوخبا الفاشل. وزير الدفاع يعرف ذلك منذ زمن، وبقراره توسيع البؤرة الاستيطانية اليهودية في الخليل من خلال إضافة حي فوق سطح محلات سوق الجملة الفلسطيني السابق لن يقلب الواقع، المحزن من ناحيته، رأساً على عقب فقط، بل سيزيد الثمن الذي سيطلب من المجتمع دفعه مستقبلاً مقابل إعادة إسرائيل إلى طريق الصواب. شبيهاً بعمليات التهويد التي زرعها في طلاب إسرائيل، فإنه يزرع بذور الفوضى القادمة. “يقوم بتلغيم المنطقة أولئك الذين سيختارون استئناف العملية السياسية وتأسيس شبكة علاقات أخرى مع الفلسطينيين، في اليوم الذي سيحرر فيه هو وأصدقاؤه، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي قام بتعيينه كعقل سياسي ليس لديه اعتبارات أمنية أو حكومية، دولة إسرائيل من القبضة الخانقة القومية المتطرفة – المسيحانية.

ورغم 52 سنة من الاحتلال الإسرائيلي وعشرات مليارات الشواقل التي استثمرت والسنوات العشر من الحكم المتواصل لحكومة قومية متطرفة – مسيحانية برئاسة نتنياهو، فإن مملكة يهودا لم تقم من جديد. في المنطقة التي تقع بين “غوش عصيون” والخط الأخضر جنوباً (في بؤرة الخليل الفلسطينية) يعيش الآن حوالي 800 ألف فلسطيني، وفي داخلهم -حسب معطيات مكتب الإحصاء المركزي في كانون الأول 2018- يعيش 9980 إسرائيلياً يسكنون في 15 مستوطنة صغيرة جداً تابعة للمجلس الإقليمي جنوب جبل الخليل. وإليهم يجب أن نضيف المجلس المحلي “كريات أربع” الذي يعيش فيه 7323 شخصاً (أقل من السنة الماضية). أي أن مقابل كل إسرائيلي يسكن في هذه المنطقة 47 فلسطينياً يسكنون فيها أيضاً. ديمغرافيا 2: 98 لصالح الفلسطينيين. الأغلبية الساحقة للمنطقة المعرفة بمنطقة أ أو ب، أي تحت اختصاص السلطة الفلسطينية. باقي المنطقة، المعرفة بمنطقة ج، المكونة بالأساس من ممرات ضيقة، والقائمة على طرق وصول إلى المستوطنات الصغيرة. في حين أن سكان المنطقة الفلسطينية في الخليل تساهم بـ 40 في المئة من الناتج الإجمالي الخام للسلطة، فإن السكان اليهود الذين ليس لديهم زراعة أو مناطق صناعية مهمة، مصنفة في المقياس الاجتماعي – الاقتصادي لإسرائيل في العناقيد 3 و5 المتدنية، ومعظمها تعمل في نطاق الخط الأخضر. بشكل عام، هاتان المجموعتان السكانيتان تعدان مع التنظيمات والأحزاب الدينية المتطرفة. دعم الفلسطينيين لحماس والجهاد الإسلامي في هذه المنطقة أكثر مما هو في محافظات أخرى في الضفة الغربية. في حين أن الأغلبية الساحقة للإسرائيليين في هذه المستوطنات صوتت في الانتخابات الأخيرة لأحزاب قومية متطرفة – مسيحانية، موجودة على يمين الليكود.

إذا كان الأمر كذلك، فإن المعركة على يهودا، التي لم يكن في أي يوم فرصة للنجاح، تم حسمها، ليس “بالدم النار”، بل لأسباب أقل أهمية من ذلك، ومرتبطة بأرض الواقع. معظم الإسرائيليين الذين يعيشون في نطاق الخط الأخضر فهموا أنه لن يكون من الصحيح من ناحية سياسية وأمنية واقتصادية – اجتماعية، التوطن في قلب قلب السكان الفلسطينيين في جبل الخليل.

بينيت يعرف أن المعركة في الخليل المدينة حسمت منذ زمن. هذا حدث حتى قبل أن تبدأ المعركة من جديد، مع سيطرة أتباع الحاخام كوك على فندق بارك في عيد الفصح في العام 1968، وعلى رأسهم وقف موشيه لفنغر. والمبادر إلى العملية اليكيم هعتسني، الذي عرف أيضاً أن يحدد ما يريد شعب إسرائيل وما هي نظرته لسلطة القانون: “لقد كان واضحاً لنا أن الشعب يريد العودة إلى الخليل، وإذا كانت الحكومة لا تريد ذلك، فيجب وضعها أمام حقيقة، رغم أنني شخص يحافظ على القانون ويحرص على ذلك، إلا أننا في هذا الأمر… لم نكن مستعدين لقبول الحكم وقلنا إنه يجب خلق حقائق. لم يكن لدينا أي تردد في هذا الشأن”. الـ 800 يهودي الذين يعيشون اليوم في المدينة التي يبلغ عدد سكإنها 230 ألف نسمة من الفلسطينيين (أقل من 0.5 في المئة)، يدل على كم من “الصدق” و”الحكمة” كانت في ادعاءات هعتسني وأصدقائه.

عندها، ماذا اختار بينيت أن يفعل؟ أن يضيف إلى اليهود القلائل بضع مئات أخرى من أجل أن يجبي ثمناً أعلى من حكومة مستقبلية يكون لديها مواقف سياسية أخرى. على المدى القصير، أوجد التخطيط والبناء تحدياً أمنياً أكبر أمام قوات الأمن، التي تضع الآن جندياً تقريباً على كل إسرائيلي يعيش في الخليل، عندما سيضطرون إلى التعامل مع الرد الفلسطيني المتوقع على الخطة. ربما يعتقد بينيت بأنه وفي خضم المعركة سيكون بالإمكان فعل أكثر مما يفعله الجيش الآن من أجل الدفاع عن المستوطنين في هذه المنطقة بالخليل. واليوم، يتبع الجيش الإسرائيلي وسائل متشددة ضد السكان الفلسطينيين، تشمل إغلاق المحلات والمصالح التجارية وإغلاق الشوارع أمام حركة السيارات، وفي شوارع معينة حتى يتم منع الفلسطينيين من السير فيها بصورة مطلقة. في المدى الأبعد، النية هي خلق تحد سياسي واجتماعي لحكومة أخرى تريد العودة إلى العملية السياسية وإلى حل الدولتين، الذي سيكون مقروناً بإخلاء الإسرائيليين الذين يعيشون في بيوت معزولة في قلب التجمع الفلسطيني في الخليل، ويقيمون مع جيرإنهم شبكة علاقات سيئة وعنيفة. ليس جديداً أو مفاجئاً على الإطلاق بأن المستوطنات اليهودية في منطقة الخليل لم يتم شملها في أي يوم في إطار الاقتراح الإسرائيلي لتبادل المناطق، في المفاوضات التي جرت مع الفلسطينيين؛ بسبب الواقع الديمغرافي والجغرافي الذي وصف أعلاه.

بذور الفوضى المخططة في الحي الجديد فوق سوق الجملة في الخليل هي البداية. ومن سيتجول هذه الأيام في الخليل سيكتشف النوايا الكاملة من خلال اللافتات المعلقة في كل زاوية عن طريق السكان الإسرائيليين: “من البلدة القديمة وحتى المشهد الطبيعي لنمراة، لأن مدينتنا المقدسة، الخليل، تريد النمو فقط” و”حملة تجنيد لإنقاذ البيوت القديمة في الخليل”. ، يجب أن نشرح لشعب إسرائيل الذي يترك مدينة الآباء بأن الأمر يتعلق بنية خلق تواصل بناء مأهول بين بيوت اليهود في الشارع الرئيسي للحي اليهودي السابق، وربطه كله مع “كريات أربع” التي تقع في الشرق. هذه الخطة لا تأخذ في الحسبان الـ 90 ألف فلسطيني الذين يمتلكون آلاف البيوت و1350 محلاً تجارياً في هذه المنطقة. فرصة خطوة كهذه في إطار القانون الإسرائيلي وقيوده الحالية توازي فرصة خلق تواصل يهودي بين “كريات أربع” وبئر السبع أو مع “غوش عصيون”. أي هي فرصة معدومة.

مع ذلك، إن إعلان بينيت كشف لنا بأنه لا توجد حدود للانغلاق الاجتماعي والأخلاقي للمستشارين القانونيين في وزارة الدفاع الذين كتبوا رأيهم الذي شرعن تخطيط الحي الجديد على سطح الحوانيت التجارية في سوق الجملة. الحديث يدور عن محلات تجارية كانت بملكية يهودية حتى العام 1948، ولكن منذ ذلك الحين وخلال عشرات السنين، حظي الفلسطينيون بمكانة سكان محميين فيها. وحسب الرأي الذي تم تقديمه، سيكون بالإمكان هدم المحلات وإعادة بنائها دون أي نية لفتحها. هكذا سيكون بالإمكان بناء حي يهودي، بذريعة أن الحوانيت مغلقة أصلاً منذ 25 سنة. لا يهم مطلقاً بالنسبة لوزير الدفاع وطاقم المساعدين الذين اختارهم بعناية، أن هذه المحلات قد أغلقت في أعقاب المذبحة التي نفذها باروخ غولدشتاين ضد المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي في عيد المساخر في العام 1994، ولا يهم أن إسرائيل برئاسة نتنياهو تعهد في “اتفاق الخليل” الذي وقع في 1997، السماح للفلسطينيين بإعادة فتح السوق في شارع الشهداء، والسماح فيه بحركة السيارات الفلسطينية.

بهذه الروح العنصرية، فإن كل ما سيطلب من الحكومة القادمة، سواء بقيت بتركيبة سابقاتها، سيكون فرض القانون الإسرائيلي على منطقة “الخليل 2” التي بقيت تحت السيطرة الإسرائيلية حسب اتفاق الخليل، وضمنها “قانون أملاك الغائبين” الذي سيحول سكان الخليل في هذه المنطقة بين عشية وضحاها إلى غائبين. أملاكهم ستصادرها حكومة إسرائيل، ولن تستطيع أي محكمة عليا منع ذلك. اللجوء المؤقت الذي فرض على عشرات آلاف الفلسطينيين وسكان هذه المنطقة الذين بحثوا عن مكان مؤقت في الخليل يقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية من أجل كسب الرزق والابتعاد عن مهوى الذراع المهينة والمهددة للمستوطنين الذين يحظون بحماية الجيش الإسرائيلي، وسيتحول إلى لجوء دائم موجود في القانون الإسرائيلي.

ستحرص إسرائيل من ناحيتها على أن تواصل الإعلان عن نفسها بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط التي تحافظ على سلطة القانون. وعوديد رفيفي، رئيس مجلس افرات، سيواصل نشر مقالاته عن العالم الموازي الذي يعيش فيه بتعايش مشترك مع الفلسطينيين ويتجاهل أن الأمر يدور حول العلاقة بين الحصان وفارسه.

بقلم: شاؤول اريئيلي

هآرتس 13/12/2019

- استطلاع: كتلة اليسار مع العرب ستشكل الحكومة إذا بقي نتنياهو في زعامة الليكود

يبدأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حملة الانتخابات الثالثة في السنة الأخيرة بفارق مهم عن خصمه غانتس، ومع تخوف غير قليل من فقدان الحكم في نهاية الطريق. وبينما يندفع “أزرق أبيض” برئاسة بيني غانتس إلى الأمام، فإن الليكود برئاسة نتنياهو يسجل تراجعاً. وفي الساحة الداخلية أيضاً يفقد نتنياهو التفوق، حين ينال منافسه على رئاسة الحزب النائب جدعون ساعر وفقاً للاستطلاع عدداً مماثلاً من المقاعد التي ينالها نتنياهو لو كان هو الذي يقف على رأس الليكود.

أجرى الاستطلاع أمس معهد “مأجار موحوت” بإدارة البروفيسور إسحق كاتس في أوساط 500 شخص يمثلون عينة من السكان الراشدين في إسرائيل، وتبلغ نسبة الخطأ في العينة 4.4 في المئة.

في البداية فحص الاستطلاع ما مدى المشاركة المقدرة للجمهور الإسرائيلي في الانتخابات، كون هذه هي الانتخابات الثالثة. 59 في المئة فقط قالوا إنهم سيأتون بالتأكيد للتصويت. 23 في المئة قالوا إنهم سيأتون باحتمالية عالية. كما يتبين من الاستطلاع أن هناك تعادلاً بين استعداد مصوتي “أزرق أبيض” للتصويت مع مصوتي الليكود.

يتضح من الاستطلاع أنه لو أجريت الانتخابات اليوم لحصل الليكود برئاسة نتنياهو على 31 مقعداً، و”أزرق أبيض” سيرتفع الى 37. وتسجل القائمة المشتركة ارتفاعاً الى 14 مقعداً. العمل – جيشر 6، المعسكر الديمقراطي 4. لو كانت النتائج الحقيقية، فالحديث يدور عن الإطاحة بنتنياهو عن رئاسة الوزراء،كون كتلة اليسار مع الكتل العربية تصل -حسب الاستطلاع- الى 61 مقعداً تمنع كل إمكانية عن نتنياهو لتشكيل الحكومة.

أما كتلة اليمين فتهبط إلى 51 مقعداً، حيث تحصل شاس على 8 مقاعد، ويهدوت هتوراه 7، واليمين الجديد برئاسة نفتالي بينيت واييلت شكيد 5، أما اتحاد أحزاب اليمين فلا يجتاز نسبة الحسم، وكذا قوة يهودية. و”إسرائيل بيتنا” برئاسة ليبرمان يحصل على 8 مقاعد في هذا الاستطلاع.

أما إذا كان جدعون ساعر هو الذي سيترأس الليكود، فإن الحزب برئاسته سيحصل على 31 مقعداً، مثلما كان سيحصل برئاسة نتنياهو. ولكن في مثل هذا الوضع ينزل “أزرق أبيض” الى 33. وفي خريطة الكتل – فإن كلة الوسط – اليسار، مع ضم القائمة المشتركة، تهبط إلى دون 61 وتحصل على 57 مقعداً.

في مسألة الملاءمة لرئاسة الوزراء التي كان نتنياهو يتمتع بها حتى الان بفارق كبير، سجل تآكل في مكانة رئيس الوزراء وارتفاع في قوة غانتس. 42 في المئة قالوا إن نتنياهو هو الأكثر ملاءمة، و40 في المئة اعتقدوا أن بيني غانتس ملائم و 18 في المئة أجابوا بأنهم لا يعرفون أو قدموا إجابات أخرى. أما عندما يتواجه غانتس مع ساعر، يرتفع غانتس إلى التفوق على مرشح الليكود، حيث يحصل على 36 في المئة، بينما لا يفضل إلا 31 في المئة من الناس ساعر. وارتفع عدد المترددين إلى 33 في المئة.

60 في المئة من المستطلعين أجابوا بأن في نيتهم التصويت في الجولة الثالثة لذات الحزب الذي صوتوا له في الجولة السابقة. 13 في المئة قالوا إنهم سيغيرون تصويتهم و27 في المئة قالوا إنهم يفكرون في ذلك.

ورغم محاولة بنيامين نتنياهو اتهام يئير لبيد وبيني غانتس بالتسبب بوقوف إسرائيل أمام انتخابات ثالثة – فإن 43 في المئة يعتقدون أن نتنياهو هو المذنب الأساس في تقديم موعد الانتخابات. وفي مسيرة الذنب يأتي نتنياهو مع 30 في المئة، أما بيني غانتس فهو المذنب الأساس في نظر 5 في المئة من الإسرائيليين فقط، فيما يتحمل يئير لبيد الذي في نظر 6 في المئة.

وما هي إرادة الشعب بعد الانتخابات؟ 30 في المئة يريدون أن يروا حكومة وحدة من الليكود و”أزرق أبيض”، 19 في المئة يفضلون حكومة وحدة بمشاركة تجمع اليمين، 20 في المئة يفضلون حكومة يمينية ضيقة، بينما 15 في المئة فقط معنيون بحكومة يسارية ضيقة.

بقلم: ماتي توخفيلد
اسرائيل اليوم 13/12/2019



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 2255 / 2184557

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع عن العدو  متابعة نشاط الموقع عين على العدو   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2184557 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40