السبت 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019

صحف العدو وتغطية العدوان - مقالات

السبت 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019

- “أنا والغريب.. على ابن عمي”: هكذا أصبحت حال الفصائل الفلسطينية في غزة وفق سياسة إسرائيل!

لا بد أننا سنمحو هذا من ذاكرتنا في غضون بضعة أيام، ولكن ملايين الفلسطينيين لن ينسوا لحماس تشرين الثاني 2019. فعلى مدى يومين فقط في هذا الأسبوع سحق شقيقهم الأصغر والشقي، الجهاد الإسلامي، تحت القدرة العسكرية للصهاينة، بينما تركوه يتضرج بدمائه دون أن يمدوا له اليد. كيف يقال، الثأر يقدم بارداً، والجهاد كسب عزلته عن جدارة.

لماذا الثأر؟ لأنه منذ أكثر من سنة وقادة حماس يستجدون أخوانهم في الجهاد كي يوفروا لهم، عند اللزوم، بيئة هادئة تساعدهم في مساعيهم لتحقيق تسهيلات من إسرائيل؛ أجواء تسمح لإسرائيل بأن تقتنع بأنه من المجدي لها أن تعطي التسهيلات. ولكن “الجهاد” أصر المرة تلو الأخرى على إحباط التفاهمات وخرق اتفاقات وقف النار. ومثل الولد الشرير في الروضة الذي يركل الدلو للجميع، والذي باتت المربية (المصرية) يائسة منه ورفعت اليدين. ولكن كان من الطبيعي أن تأتي اللحظة التي يدخل فيها المدير غاضباً فينقل الولد الشرير إلى روضة أخرى. روضة كلها خير.

بالنسبة لحماس كان الاتصال غير المباشر مع إسرائيل هو الوسيلة الأولى في سموها لتحقيق التسهيلات. قطاع غزة تحت الإغلاق، والسنوار ورجاله صاغوا تكتيكاً للخروج منه بالتدريج: استخدام العنف غير الفتاك وكأنه لا توجد محادثات، والتقديم في المحادثات وكأنه لا يوجد عنف. وقد نجح طريقهم فوق التقدير. في هذه الفترة حقق قطاع غزة سلسلة من الإنجازات لم يشهدها منذ عقد؛ تمديد مدة توريد الكهرباء للسكان من أربع ساعات في اليوم إلى متوسط 20 ساعة (بفضل السولار بتمويل قطري)، وفتح معبر رفح، وأنبوب تنفس لمليوني مواطن من القطاع، ودعم مالي بمئة ألف عامل (100 دولار في الشهر لكل واحد) هو أيضاً من الصندوق القطري.

ومن وراء الزاوية انطلقت منذ الآن المشاريع الكبرى: ترميم شبكة الكهرباء لتتلقى توريداً منتظماً من إسرائيل عبر خطوط التسيير،وإاقامة مستشفى للأمراض العضال في القطاع، وبناء منشأة تحلية على شاطئ غزة. كل ذلك بتنسيق مع إسرائيل وبموافقتها. من المفاجئ مشاهدة القوة الشديدة للواقع وبأي سهولة تنجح في فرض نفسها على الناس. الطرفان مشبعان بالكراهية المتبادلة، كل واحد منهما يرى الآخر عدوه الخالد، وهما على اتصال منتظم وعملياً يبنيان العلاقات من جديد.
مساواة في العبء

في حلم زعماء حماس رأوا كيف ينجحون في غضون سنوات قليلة في مهمتهم العليا لإخراج القطاع من الإغلاق. أما حكومة إسرائيل من جهتها فتبين لها أنه من خلال الاتصالات غير المباشرة تنجح في لجم حماس، وليس أقل من ذلك في تعزيز الانقسام السياسي مع السلطة الفلسطينية. هذا الانقسام هو حجر أساس في إضعاف مطالبتهم المستقبلية بدولة واحدة تمتد من الضفة حتى قطاع غزة.

هذه الإنجازات هدد الجهاد بتفجيرها بانتظام، وكل تسوية نالت صاروخاً، وكل فترة هدوء هددت برشقة صواريخ، كما أطلق رجاله النار لغرض القتل أيضاً. رشقات إلى سديروت، إلى بئر السبع، إلى عسقلان، محاولة للمس بالجنود بنار القناصة. ذاك الصاروخ إياه الذي أطلق إلى بئر السبع في تشرين الأول 2018 خرب بيتاً. ولشدة الحظ، قبل لحظات من ذلك تمكن سكان البيت من الدخول إلى الغرفة الأمنية.

من قاد سياسة الرفض الخطيرة هذه هو بهاء أبو العطا، قائد اللواء الشمالي للذراع العسكري. أما إسرائيل فقد عضت على الشفتين كي لا تدخل في الفخ الذي نصبه لها الجهاد. وفعلت حماس كل ما في وسعها كي تلجمه، ولكن دون أن تحطم القواعد، واستخدم المصريون طريقة العصا والجزرة. عندما كانوا يريدون الضغط ويوقفون رجال الجهاد ممن يخرجون إلى سيناء. وعندما أرادوا أن يثيبوهم على أنهم أولاد طيبون، كانوا يخرجونهم إلى الحرية. وبفضل ذلك، وأحياناً عن طريق المعجزة، فشلت معظم مؤامراته.

لماذا أصر الجهاد على ركل الدلو؟ أسباب ذلك يجب البحث عنها داخل القطاع. فقد مل قادة التنظيم الوقوف جانباً ومشاهدة نجاحات حماس دون أن يكون لهم نصيب في ذلك. وفي السنة الأخيرة ترجمت هذه النجاحات بالمال. ليس القطري فقط، بل ملايين الدولارات في الشهر وأموال الضرائب دخلت إلى صندوق حماس بفضل التجارة المنتعشة في رفح. قادة حماس لم يشاركوا أخوانهم بالمداخيل أو في عملية اتخاذ القرارات الهامة، مع أن للطرفين ماض وثيق من الكفاح المشترك ضد إسرائيل.

شعر الجهاد بأنه مطالب بالمساواة في العبء دون الأرباح. من هنا وحتى استخدام العنف كان الطريق قصيراً عندها اكتشف الطرفان بأن ليس لحماس أوراق ضغط كثيرة على الأخ العاق. فالجهاد تنظيم كبير (9 آلاف مقاتل) وذو نفوس بين السكان. ليس سهلاً إلقاء قيادته إلى السجن أو اعتقال وتعذيب رجالهم،كما هو متبع. مثل هذه الخطوة كانت ستصطدم برد حاد مضاد وبمقاومة من الجمهور. ولما كان الجهاد واظب على عملية خرق التفاهمات ووقف النار فقد نجح في ضرب العدو والخصم في الوقت نفسه. فاجأ إسرائيل في كل مرة من جديد، وزرع الفزع بين سكان غلاف غزة، وأحرج قيادة تل أبيب. وإذ فعل قادة الجهاد ذلك، فقد ألمحوا لحماس بأن من يدعى إلى العلم عند الطوارئ جدير بأن يشارك في الأفراح أيضاً. ووقع الجيش الإسرائيلي في الفخ كل مرة من جديد: الجهاد ضغط على الزناد، فأرسلت الطائرات تلقائياً لضرب حماس.

هذا لا يعني أن رجال حماس لن يستخدموا الجهاد عندما يكون هذا مريحاً لهم، ولكن هذا الأسبوع عندهم هو أسبوع الشماتة، إلى جانب إحساس غريب بالمشاركة. فقد جمع الجهاد الجميع لأن يتعاونوا ضده. فمن كان يصدق بأن تتعاون إسرائيل في أي مرة مع حماس كي تضرب طرفاً ثالثاً. في تفكير ثان، لماذا نتفاجأ. من صدق حتى قبل عقد أو اثنين أن تتعاون إسرائيل مع فتح كي تضرب حماس؟ أحيانا يكون التاريخ باعثاً على التثاؤب لكثرة ما يكرر نفسه.

بقلم: جاكي خوجي
معاريف 15/11/2019

- ما المقابل الذي تنتظره حماس من إسرائيل ومصر؟

المواطنون الإسرائيليون وسكان قطاع غزة وجدوا أنفسهم في تناقض غير معقول. المجموعتان السكانيتان وقيادتهما حاولتا التخمين هل ومتى ستنضم حماس إلى المعركة الجارية ضد الجهاد الإسلامي. يبدو أن سنوات طويلة لم يتم القيام في إسرائيل بتمييز حاد وحاسم جداً بين المنظمتين، فكلتاهما تعتبر منظمة إرهابية. وضدهما، وضد التنظيمات الأخرى في القطاع، تشن إسرائيل حرباً ضروساً. وبصورة ثابتة، تلقي إسرائيل المسؤولية على حماس عن كل ما يجري في القطاع. ومن هنا أيضاً فإن سياسة الرد الجارف لها في كل عملياتها العسكرية في القطاع، وبصورة تقليدية نشاط أي منظمة ضد إسرائيل جر المنظمة الأخرى.

هذه المرة تأمل الحكومة والجيش والشاباك ومواطنو الدولة أن تتصرف حماس كمنظمة رسمية مسؤولة ومنطقية، وتهدئ الجهاد الإسلامي أو على الأقل توقف سلاحه. إذا تمسكت حماس بسياسة ضبط النفس ولم توسع مستوى القتال، الذي يمكن أن تكون تداعياته أشد وأكثر مما حدث حتى الآن، سيكون على إسرائيل أن تفحص مجدداً قواعد تصرفها إزاء هذا التنظيم. وهذه من شأنها أن تقتضي منها السماح لحماس باستخدام وسائل سيطرة وإدارة، وبالأساس تمويل، تمكنها من أن تقوم حقاً بدورها كحكم محلي مستقل، بصورة تجبرها على أن تأخذ في الحسبان احتياجات إسرائيل الأمنية دون التنازل عن أيديولوجيا الكفاح المسلح. أي أن الأيديولوجيا ستستمر في تشكيل راية التنظيم، وسيتم التطبيق “بطرق مختلفة”، كما صرح قادة حماس في السنوات الأخيرة.

المكانة الكبيرة لحماس في القطاع لا تستند فقط على كمية السلاح الموجودة في حوزتها وعلى شرطتها المخيفة التي تستخدمها ضد السكان، بل تدير سياسة خارجية مستقلة وكأنها دولة، من خلال كونها لاعبة في عدة ساحات. منذ العام 2012، وهي السنة التي غادرت فيها قيادتها بسبب مواقفها المبدئية والانتقادية ضد نظام الأسد، وهي الخطوة التي أدت إلى قطيعة طويلة مع إيران، اضطرت حماس إلى أن تجد لنفسها مصادر دعم وتمويل بديلة، مصر برئاسة الرئيس محمد مرسي، رجل الأخوان المسلمين الذي استعان بحماس من أجل الهرب من السجن المصري، فتح أمامها بوابة مصر التي كانت مغلقة أمامها في السابق. أما تركيا فمنحتها إطار تمويل قوياً، وكذلك قطر.

انضم الجهاد الإسلامي في الحقيقة إلى الموقف المناهض لسوريا في تلك السنة، لكنه واصل على الحفاظ على علاقته بإيران، إلى أن تلقى ضربة شديدة في نهاية 2015 عندما قلصت إيران بحوالي 90 في المئة من حجم المساعدة التي منحتها له وأبلغته بأنه تحول من شريك حيوي إلى صديق. سبب ذلك هو أن الجهاد امتنع عن إظهار الدعم للحوثيين في اليمن ورفض إرسال قوات دعم ومدربين عسكريين إلى الساحة في اليمن. هذا الموقف وضع الجهاد في نظر إيران كجزء من التحالف السعودي الذي تشكل عند صعود الملك سلمان إلى سدة الحكم لشن حرب شاملة في اليمن.

ولكن خلافاً لحماس، لم ينجح الجهاد في أن يبني لنفسه شبكة علاقات سياسية واقتصادية مع دول المنطقة. لقد استند إلى تبرعات شخصية واستمرار المساعدة البسيطة من إيران. كما أنه لم يكن بحاجة إلى حجم التمويل الذي تحتاجه حماس، كمسؤولة أيضاً عن إدارة الأجهزة المدنية في غزة.

عند عزل مرسي وتولي الحكم من قبل عبد الفتاح السيسي في تموز 2013 تم إغلاق أنبوب التوريد والتمويل الرسمي من مصر، ثم حماس وجدت نفسها إزاء نظام مصري معاد فتح حرباً ضروساً ضد الأخوان المسلمين وشركائهم، ومنهم حماس ومنظمات الإرهاب في سيناء. أغلق المصريون معبر رفح ودمروا الأنفاق التي ربطت بين غزة وسيناء وأقاموا عائقاً أرضياً عريضاً بين القطاع وسيناء. كل ذلك، إضافة إلى الحصار الشديد الذي فرضته إسرائيل وعملية الجرف الصامد في صيف 2014، وضع حماس في طريق سياسي مسدود وشلل اقتصادي أثار انتقاداً واحتجاجاً مدنياً في القطاع.

بعد سنتين على ذلك، وبوساطة حزب الله، تمت إعادة إصلاح العلاقة بين الجهاد وإيران، التي منحته حقنة تمويل جديدة، ولكن بحجم أصغر مما حصل عليه قبل القطيعة مع طهران. في المقابل، تبنت إيران التنظيم الشيعي “الصابرين” بقيادة هشام صالح، الذي انشق في 2010 عن الجهاد على خلفية خلافات شخصية وفكرية.

طمحت إيران بأن تضمن لنفسها معقلاً آخر في القطاع إزاء ما اعتبر في نظرها كولاء مشكوك فيه للجهاد، الذي انضم لحماس في خطواتها السياسية إزاء مصر في أعقاب عملية الجرف الصامد. حاولت إيران أن تفرض على الجهاد الانضمام إلى صفوف تنظيم “الصابرين”، وتعيين قادته في وظائف كبيرة في التنظيم كشرط لزيادة المساعدة، ولكن دخلت حماس في حينه إلى الصورة وبدأت بحرب لاقتلاع قواعد التنظيم الصغير. هشام صالح وعدد من المخلصين اعتقلتهم حماس، أما الجمعية الخيرية التي ترأسها وشكلت مصدراً لتمويل نشاطاته فقد أغلقت. بهذا، خدمت حماس الجهاد الذي خشي وبحق أن إيران ستحاول استبداله بتنظيم “الصابرين” أو على الأقل أن تخلق لنفسها بديلاً في حالة ظهر أن الجهاد أقل خضوعاً. لقد كان لهذه الخشية على ما يبدو ما تستند إليه. في صفوف الجهاد سبق وسمعت أصوات تعارض العلاقة الوثيقة مع إيران. إن المقولة الإسرائيلية الساحقة التي تقول إن الجهاد وإيران هما الشيء نفسه، تحتاج إلى إعادة فحص.

طورت حماس، في المقابل، علاقتها مع مصر التي كانت ذروتها في فتح معبر رفح بصورة كاملة تقريباً. وفود لحماس تم استدعاؤها إلى القاهرة من أجل الالتقاء مع رؤساء المخابرات المصرية التي ترأسها عباس كامل، والذي عينه السيسي كمسؤول عن الملف الفلسطيني.

حسب مصادر في حماس، فإن هذه النقاشات لم تقتصر فقط على مسألة الإطلاق من غزة والمواجهات مع إسرائيل. مصدر من حماس في غزة قال إنه “جرت فيها محادثات سياسية واسعة مثل علاقة حماس مع سوريا وقطر، وإمكانية المصالحة بين حماس والسعودية، وبالأساس، كيف يتم صد نفوذ إيران في القطاع”. وحسب قوله، فإن “يمكن لقيادة حماس أن تشعر بأن مصر تتعامل معها ليس فقط كتنظيم له أجندة محلية، بل كمن يستطيع المساعدة في الأجندة السياسية والإقليمية لمصر”.

تعهد قيادة حماس بمنع انتقال نشطاء تنظيمات إرهابية من سيناء إلى القطاع، الذي حصلوا فيه في السابق على ملجأ ومساعدة، والحرص على فحص من يدخلون ويخرجون عبر معبر رفح.. خلق نوعاً من التحالف الأمني بين حماس ومصر، رغم الانتقاد الذي سمع من جانب تنظيمات سلفية في غزة بأن حماس تحولت لتصبح حرس الحدود المصري. هذا في حين أن مصر نفسها تقيم تحالفاً أمنياً وثيقاً مع إسرائيل.

أوضحت حماس لمصر بأن لا يمكنها قطع علاقتها مع الجهاد الإسلامي وإيران، لأنه لا يوجد للجهاد بديل عن الجمهورية الإسلامية. ولكنها اقترحت على القاهرة تعزيز علاقتها مع الجهاد واعتباره شريكاً، بالأساس لأنه حيوي في فرض سلطة حماس في القطاع. التناقض الكامن هو في أن المصالح المشتركة بين مصر وحماس حولت إسرائيل إلى حليفة لحماس في النضال ضد إيران، في الوقت الذي تعترف فيه إسرائيل ومصر أيضاً بضرورة الحفاظ على سلامة قيادة حماس ككابح ناجع لإيران. وافقت مصر على صك الأسنان وهي توافق على تحويل ملايين الدولارات إلى القطاع من قطر، عدوتها وركيزة الأخوان المسلمين، من أجل أن تستطيع حماس تعزيز حكمها الذي وقف على شفا الإفلاس أمام الاحتجاج المدني المحلي الذي بدأ في الظهور تحت شعار “نريد أن نعيش”.

واصلت حماس الحفاظ على علاقة مع القيادة الإيرانية، وفي تموز الماضي وصل إلى طهران وفد بقيادة صالح العاروري، نائب إسماعيل هنية، ولكن كان العاروري في التصريحات العلنية حذراً من عرض هذا اللقاء على أنه انعطافة في العلاقات. “هذا اللقاء غير موجه ضد أي دولة عربية أو إسلامية. علاقتنا مع إيران جزء من شبكة العلاقات التي هي لنا مع دول تعارض المشروع الصهيوني”، قال العاروري.

بغرض المقارنة، عندما زار رئيس المكتب السياسي للجهاد، زياد النخالة، إيران في نهاية كانون الأول 2018، حظي باستقبال رسمي، وبتعهد عملي من حسين اشتري، قائد الأمن الداخلي في إيران، يقضي بأن إيران ستكون مستعدة لتدريب الفصائل الفلسطينية. رداً على ذلك، النخالة أعلن بأن الجهاد يقف بصورة كاملة إلى جانب إيران في صراعها ضد الغرب والعدو الصهيوني.

في تشرين الأول الماضي عندما وصل وفد الجهاد إلى مصر (الذي شارك فيه بهاء أبو العطا) من أجل مناقشة قضية التسوية مع إسرائيل، طرح للنقاش الموضوع الإيراني مرة أخرى. التقدير هو أنه بعد انتخابات المكتب السياسي للجهاد التي جرت في العام 2018، جاءت قيادة يسهل معها فحص العلاقة مع إيران، أو على الأقل تختلف في مواقفها بالنسبة لإيران. لهذا الغرض، وافقت مصر على أن تقدم للجهاد بادرة حسن نية، حيث أطلقت سراح 25 عضواً في الجهاد عادوا إلى القطاع مع الوفد.

رئيس المكتب السياسي، النخالة، يعتبر مؤيداً للعلاقة مع إيران، ولكن -حسب محللين فلسطينيين- هو ليس في جيب أي دولة. من يعارض علاقات حصرية مع إيران هو محمد الهندي، الذي لم يعين نائباً للنخالة بضغط من إيران، لكنه شخص مؤثر وهو عضو مقرب من النخالة، وبالأساس مؤيد لتوسيع العلاقة مع تركيا وقطر ودول أخرى. من بين الـ 11 عضواً في المكتب، 5 منهم من سكان غزة وواحد من الضفة الغربية، وشخص يمثل السجناء. في السابق كان لغزة ممثلان، وربما سيؤثر توسيع التمثيل الداخلي أيضاً على تخفيف العلاقات مع إيران.

هذه الاعتبارات السياسية لها تأثير كبير على التطورات على الأرض، منها حجم المواجهة الأخيرة. وحماس التي نجحت خلال السنين في أن تتحول إلى لاعب سياسي إقليمي، لا يمكنها السماح لنفسها بأن تكون مرتبطة بفيتو الجهاد. هذه المرة أوضحت للجهاد للمرة الأولى بأن “أخوة المقاومة” ليست تلقائية. والأكثر من ذلك، فمن دون حماس لا يوجد للجهاد أي احتمال لأن يصمد وحده في هذه المعركة. عملياً، كان هنا استعراض قوة مهم لحماس ورسالة واضحة لإيران. هذا الموقف يمكنه أن يفيدها جيداً في معركة الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني التي من أجلها ستطلب حماس المقابل المناسب، سواء من مصر أو من إسرائيل.

بقلم: تسفي برئيل
هآرتس 15/11/2019

- من يمنع عن إسرائيل هزيمتها في الحرب المقبلة مع إيران؟

إليكم ثلاثة افتراضات مدعومة جداً عن الحرب الكبرى المقبلة: أولاً، هي آخذة في الاقتراب وستكون مع إيران وحلفائها في المنطقة. ثانياً، ستجبي من إسرائيل ثمناً باهظاً، كما يبدو الأكبر منذ حرب الاستقلال التي قتل فيها أكثر من 6 آلاف جندي ومواطن. ثالثاً، الجيش الإسرائيلي لن ينتصر في هذه الحرب رغم أن الطرف الثاني سيدفع ثمناً باهظاً.
إذا قبلنا هذه الافتراضات، ومن أقوال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان افيف كوخافي، يتبين أنهما لا يفكران بطريقة أخرى، فمن الواضح أنه لا يوجد لإسرائيل رغبة في الحرب المقبلة، ويجب أن تفعل كل ما في استطاعتها من أجل منعها. المشكلة هي أن إسرائيل يديرها زعيم يقارن نفسه بتشرتشل ويعتبر إيران تهديداً نازياً. لذلك، فإن عمل كل الأجهزة المسؤولة عن التفكير الاستراتيجي في إسرائيل تم توجيهه في هذا العقد لمسألة كيف ننتصر على إيران، وليس كيف نمنع الحرب الزائدة. إليكم قائمة بالمواضيع الأساسية المسؤولة عن ذلك. تذكروها أيضاً عندما لا يفيدكم الجلوس في الملاجئ:
وزارة الشؤون الاستراتيجية. لا شك أن منع الحرب المقبلة هو أمر استراتيجي بارز، لكن هذه الوزارة التي حظيت في السنوات الأخيرة بميزانيات بمئات الملايين، تنشغل في محاربة حركة الـ بي.دي.اس. صحيح أنه لا يوجد أي مواطن في إسرائيل تضرر من هذه المقاطعة وإن ودرجة تهديدها غير واضحة تماماً، لكن من الواضح أنه لا يوجد لوزارة الشؤون الاستراتيجية الوقت والتفويض لمعالجة التهديدات عديمة الأهمية مثل الحرب المقبلة مع إيران.
هيئة الأمن القومي. في الأصل، عندما كانت تسمى مجلس الأمن القومي، كان عليه الانشغال أيضاً بتخطيط بعيد المدى، ثم يوصي الحكومة بالخطوط السياسية. الآن هو هيئة لها تأثير محدود، واسمها يظهر في الأساس عندما يقوم رئيس الهيئة بعلاج مسائل الأمن القوم،ي مثل منع انسحاب نفتالي بينيت واييلت شكيد من الائتلاف، أو عندما يتحدث نائبه، المسؤول أيضاً عن الواقع السياسي، عن “الوعد الإلهي”، فإن منع الحرب مع إيران غير مشمول كما يبدو في التفويض التوراتي. لذلك، فإن هيئة الأمن القومي لا تقوم بعلاجه.
وزارة الخارجية. في دول أخرى في العالم تعدّ هذه الوزارة المسؤولة عن إدارة السياسة الخارجية، بما في ذلك مواجهة تحديات الأمن القومي بوسائل سياسية. هكذا كان الأمر لدينا أيضاً إلى حين ترك موشيه شريت الوزارة في العام 1955. ومنذ ذلك الحين تحولت لتصبح “خادمة لوزارة الدفاع”. والآن بعد سنوات، لم يعد هناك وزير مسؤولاً عنها بوظيفة كاملة، لذا فإن هذه الوزارة تشكل على الأكثر ملحقاً لوزارة الإعلام.
الموساد للاستخبارات والمهمات الخاصة. ذات يوم كانت إدارة سياسة الخارجية سرية، والاتصالات مع أعداء جزءاً من وظيفته. الآن لا يبدو أن هناك تفويضاً لإيجاد قناة مفاوضات سرية ومباشرة مع من سيكونون أعداءنا في الحرب المقبلة. وبات النقاش معهم بواسطة الصاروخ والاغتيال والقصف، التي تقرب الحرب ولا تبعدها.
ولنا أيضاً مكتب رئيس الحكومة مع “حوض للأسماك” وأقسام سرية، ومن يدري ماذا أيضاً. هذا المكتب تم تحييده في العقد الأخير عن كل شخص رفيع يمكنه أن يفكر بصورة أصيلة بشأن أنه من الواجب استثمار موارد لمنع حرب مع إيران. أساس دوره في المجال الاستراتيجي هو أن يشرح إلى أي درجة تشكل إيران تهديداً جدياً، وأن يضع إسرائيل على رأس سهم المواجهة معها. إن من يترأسه في السنوات الأخيرة، يبدو أنه منشغل أكثر بإنقاذ نفسه من التقديم للمحاكمة بدلاً من إنقاذ إسرائيل من كارثة مستقبلية.
الجهات الدولية لن تساعد. ذات يوم كان يمكن الاعتماد على أن في البيت الأبيض رئيساً مسؤولاً سيستخدم كل نفوذه لمنع الحرب، أما الآن فيجلس هناك شخص لا يتركز تفكيره التكتيكي إلا على تغريدة الصباح، وكذا تفكيره الاستراتيجي في تغريدة المساء. جميع البالغين المسؤولين في الغرف حوله تركوه، أو هم في عملية مغادرة. لذلك، هم أيضاً لن يفعلوا أي شيء.
قبل حرب يوم الغفران كانت أمام زعماء إسرائيل خيارات سياسية يمكن أن تمنع الحرب، لكن بسبب تقديراتهم بأن تفوق الجيش الإسرائيلي سيردع العرب أو سيضمن انتصاراً واضحاً وسريعاً إذا اندلعت حرب مع ذلك، فإنهم لم يميلوا إلى استخدامه. نظرة إلى زعماء اليوم.. من رئيس الحكومة نتنياهو ومروراً بوزير الدفاع بينيت وانتهاء بوزير الخارجية كاتس ووزير الشؤون الاستراتيجية اردان ورئيس الموساد كوهين ورئيس هيئة الأمن القومي مئير بن شبات، تثير الاشتياق لغودا وديان وغليلي وألون. إذ من الواضح الآن لكل من له عينان في رأسه أن نصراً عسكرياً لن يكون، وأن ثمن الحرب سيكون باهظاً جداً. يعتبر هذا السلوك تنازلاً حقيقياً، وإذا اندلعت حرب مع إيران فنحن الذين سندفع الثمن.

بقلم: اوري بار – يوسف

هآرتس 15/11/2019

- بشهادة صمت العالم العربي: هكذا حققت إسرائيل هدفها في غزة!

كل بحث في مسألة معاني الجولة الأخيرة يجب أن يبدأ بإزالة المعضلة المفترضة ظاهراً، عن الطاولة، ألا وهي: هل كانت تصفية أبو العطا مجدية، في ضوء الثمن الاقتصادي الباهظ المتمثل بتعطيل مناطق واسعة في إسرائيل؟ رغم الانشغال المكثف في الموضوع، فإن المسألة غير ذات صلة من أساسها: من المهم أن نتذكر أن الإحباط لم يأت لتصفية حسابات قديمة، بل كان إحباطاً لنوايا وقدرات مسؤول الجهاد الإسلامي على تنفيذ عمليات بحجم كبير. لو تحققت لفرضت على إسرائيل الرد بيد قاسية، مما سيشعل جولة مواجهة مشابهة في حجمها إلى هذا الحد أو ذاك. ليست إسرائيل هي التي اختارت خيار التصعيد، بل الجهاد الإسلامي، كجزء من نمط أوسع من النشاط التي تبادر إليه ايران وتنفذه بواسطة فروعها.

إذا كان هكذا، فهل تحققت أهداف إسرائيل (في إطار فهم إدارة النزاع)؟ أولاً وقبل كل شيء: هل رمم، وإن جزئياً، الردع؟ في الوضع الذي نحن فيه، ليس هناك بل ولن تكون أجوبة غير قابلة للتأويل على هذه الأسئلة.

من حيث الجوهر، الردع هو وضع نفسي غامض وغير مستقر، وليس غرضاً مادياً يمكن أن يقال عنه بشكل ملموس إن كان موجوداً أم لا. على الرغم من ذلك، ثمة أمور يمكن الإشارة إليها: أولاً وقبل كل شيء، القرار الواضح والثابت لقيادة حماس بعدم الانضمام إلى القتال يعكس ليس فقط العداء المتبادل بينها وبين الجهاد الإسلامي، بل أيضاً يعكس الردع الذي نجحت إسرائيل في خلقه بالفعل. فلو اعتقدت حماس بأن الثمن سيكون متدنياً، ما كانت لتتردد في تثبيت موقعها كـ “الأخ الأكبر” وأخذ الصدارة في إدارة المعركة مع إسرائيل. أما إنهم لم يفعلوا فلذلك معنى عملي ورمزي بعيد الأثر.

صحيح أن رافق ذلك نوع من “الجزر” في شكل حقائب مالية من قطر وترتيبات توريد للوقود والبضائع من إسرائيل: ولكن تتعاظم الرسالة في ذلك. منظمة أقيمت قبل 30 سنة لغاية كفاح جهادي لإبادة إسرائيل، لم تقترب بصفتها هذه من تحقيق أهدافها، وتنطوي حالياً، عملياً، في نوع من “الهدنة” المتواصلة – مقابل الاحتياجات المادية للسكان الخاضعين لإمرتها.لإسرائيل ولغيرها مصلحة في ذلك. وفي إطار ذلك، ثمة علامة استفهام حول شرعية الإسلام السياسي الراديكالي كطريق أيديولوجي، بينما في الوقت نفسه تتراكم آثار أحداث أخرى، بما فيها تصفية أبو بكر البغدادي.

بالنسبة للجهاد الإسلامي نفسه، فهو يدعي أنه “انتصر” وفرض معادلة جديدة، ولكن الدخول في دائرة المفاوضات مع مصر كان يعني أن اسرائيل حققت هدفها الأساس. فالتعهد بوقف النار معناه أن التنظيم يتخلى – تحت الضغوط المتداخلة من مصر وحماس، وبأثر خسائره أيضاً– عن نيته في إثارة، بتكليف من ايران، استفزازات متزايدة التعاظم. وكما أسلفنا، كان يفترض بهذه أن تتداخل مع محاولات النظام في طهران لهز المنظومة الإقليمية والدولية لفرض مفاوضات نووية متجددة وفقاً لشروطها والخروج من الضائقة الاقتصادية المحتدمة عقب العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب. إذا كانت الحملة أدت، حتى ولو لفترة زمنية محدودة، إلى شطب قدرة الجهاد الفلسطيني على تقديم خدمات من هذا النوع لأسياده في طهران، فإن خطوات إسرائيل تكون قد خدمت جيداً مصلحتها الاستراتيجية ومصلحة غيرها، وصمت العالم العربي يثبت ذلك.

أمام كل هذا يقف ادعاء زعيم الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، بأنه “حقق” تنازلاً إسرائيلياً في مسألة إطلاق النار الحي في أثناء المواجهات على الجدار. ولكن المعنى العملي لهذا “التنازل” محدود. فعلى أي حال لا يستخدم الجيش الإسرائيلي النار الحي إلا بانعدام الخيار، والكثير منوط الآن بالطريقة التي سيعمل فيها رجال حماس أيام الجمعة القريبة المقبلة. فإذا لم تكن لهم بالفعل مصلحة في المواجهة، مثلما أثبتت سلوكهم في أحداث الأيام الأخيرة، إذن فلديهم مصلحة في تفعيل اللجم كي لا يضعوا وقف النار قيد الاختبار.

بقلم: د. عيران ليرمان

رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن

نائب رئيس الأمن القومي ومسؤول كبير في شعبة الاستخبارات سابقاً

اسرائيل اليوم 15/11/2019



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2184594

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع عن العدو  متابعة نشاط الموقع عين على العدو   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184594 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40