السبت 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2019

لبنان ما بين المؤامرة و إسقاطها

ليليان العنان
السبت 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2019

هل كان لبنان على موعد مع مؤامرة جديدة من شأنها إدخاله في حرب أهلية هو بغنى عنها في أيّ وقت…؟

هل دخل لبنان دائرة الخطر الذي لا مفرّ منه…؟

أسئلة كثيرة طرحها ويطرحها الشعب اللبناني، خاصة المؤيد لخط المقاومة، وهي أسئلة بات يطرحها تلقائياً بعد سماعه كلمة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله وشرحه المسهب للوضع السياسي الحالي في البلد بكامل نقاطه السياسية، متطرّقاً من خلاله لتوضيح موقف الحزب من التظاهرات التي عمّت مختلف المناطق اللبنانية من الجنوب إلى البقاع فالشمال والجبل وبيروت العاصمة، على مدار ثمانية أيام متتالية وهي لا تزال مستمرة حتى اليوم، والتي بدأت بشعارات مطلبية محقة حول الأوضاع المعيشية والاقتصادية والأزمات الكبيرة التي يعيشها البلد منذ مدّة ولكنها شيئاً فشيئاً بدت تتخذ نمطاً مغايراً عن الوضع الذي لأجله نشأت.

إذ أصبح هناك الكثير من التساؤلات التي طرحت حول هذا الحراك الشعبي، هل هو حراك شعبي مستنبط من الشارع اللبناني، أو هل هناك جهة معينة تريد تسييس هذا الحراك وفق أجندات خارجية يكون من إحدى أهدافها ضرب بيئة المقاومة وتصويرها على أنها لا تتوافق مع قيادتها، ولما لا ربما إدخال لبنان في حرب أهلية وإعادة الزمن به إلى نحو ثلاثين عاماً للوراء، خاصة أننا شاهدنا حالات عبارة عن قطاع طرق كانوا يستغلون الحراك لتنفيذ سياساتهم البلطجية عبر تسكير الطرقات أمام الناس والتدقيق في هويّاتهم، وهذا ما يذكرنا بأيام 1975 ـ 1990 عندما كان لبنان حينها يعاني من حرب أهلية داخلية خلقت فيه روح الطائفية بين أبنائه بحيث لم يعد حينها شعار الوحدة الوطنية وتقاسم العيش الواحد سوى حلم إلى أن انتهت الحرب وعاد لبنان يلملم بعضه البعض بمكوناته كافة.

بالعودة إلى التساؤلات التي تمّت إثارتها خلال هذه الفترة حول وجهة الحراك ومضمونه والتي طرحها العديد من اللبنانيين من محللين، مدنيين، عسكريين، وسياسيين، وهذا حق لا يمكن تخطيه، خاصة أنّ هناك الكثير من الأمور التي يجب توضيحها ونحن في حالة حراك شعبي مفاجئ هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ كلّ مراقب للأوضاع السياسية التي تعيشها المنطقة العربية والإقليم بشكل عام يشكل حالة من البركان المشتعل سياسياً وعسكرياً، ولما لا ولبنان جزء لا يمكن تحييده عن المنطقة وهو يضمّ أقوى قوّة مقاومة في العالم استطاعت أن تهزم «إسرائيل» مرات عدة، واستطاعت أن تغيّر مسار الحرب في سورية بالتوافق مع الجيش السوري وإيران لصالح محور المقاومة، وها هي اليوم ولغاية هذه اللحظة تستطيع حماية لبنان من أيّ خطر يمكن أن يتهدّده سواء أكان خطراً «إسرائيلياً أم إرهابياً أم داخلياً عبر تفجير الشارع اللبناني من خلال تظاهرات مطلبية محقة، إلى خلق حاجز بين المقاومة واللبنانيين عبر إلزام حزب الله على تنفيذ مطالبهم وكأن لم يعد في الدولة سوى المقاومة لكي تتحمّل كامل المسؤوليات عن معالجة الفساد الذي استمرّ على مدار ثلاثين عاماً، في الوقت الذي لم تكن المقاومة موجودة أصلاً في السلطة وكانت حينها مشغولة في كيفية تحرير الأرض من الإحتلال الإسرائيلي للبنان.

وبعد الحديث الشامل لسماحة السيد حسن نصر الله حول الحراك وحول شرح الموقف منه، تمّ التأكيد للجميع وخاصة أولئك الذين لم يحاولوا تصويب الأمور بشكل صحيح والمضيّ وراء «ثورة» مفبركة ظاهرها الحقوق المطلبية وباطنها أو مضمونها النيل من قوة حزب الله وتسليط الضوء على سلاحه، وهذا ما شاهدناه جلياً في بعض المناطق اللبنانية حيث تظاهرت مجموعات تنتمي سياسياً لحزبي القوات اللبنانية والكتائب، خاصة أنّ التصويب فيها لم يستهدف سوى سلاح حزب الله والعهد الذي يرأسه الرئيس العماد ميشال عون، على اعتبار أنّ حزب الله هو من أراد الرئيس عون رئيساً للجمهورية اللبنانية.

من جهة أخرى نجد أنّ شعار «كلن يعني كلن» تمّ استخدامه من قبل هؤلاء لكي يشمل الأمر حزب الله، وعلى رأسه السيد نصر الله، من ضمن المتهمين بالفساد الذين أغرقوا الدولة بالدين العام، فيما هناك من نادى بذلك نزل وانتمى للشارع كحزب القوات اللبنانية الذي أعلن استقالة وزرائه كوسيلة منه لقيادة الشارع المسيحي إلى جانب حزب الكتائب الذي بات «مناهضاً» للفساد فيما آل الجميّل من الجدّ إلى الحفيد وما بينهما كلهم شاركوا في السلطة منذ نحو ثمانين عاماً ولغاية اليوم، وما زالوا يتقاضون أموالاً طائلة من الدولة اللبنانية ويريدون الآن محاربة الفساد، كيف وهم من الأشخاص الذين شاركوا بفساد هذه الدولة منذ عقود متتالية.

إذاً، الهدف واضح وصريح وهو ضرب الوحدة الوطنية اللبنانية، ضرب قوة حزب الله في الداخل اللبناني، ضرب العهد الذي يرأسه الرئيس العماد ميشال عون حليف حزب الله في السياسة، وإغراق حزب الله وحلفائه في حرب أهلية لا تبقي ولا تذرّ

إضافة إلى كلّ ذلك هناك محاولات البعض من المتظاهرين للتعدّي على الجيش اللبناني تصويراً منهم أن بذلك يصبح الجيش وكأنه في حالة عداء مع أبناء شعبه.

هو مخطط لم يكن واضح المعالم في اليوم الأول للحراك ولكن بعد مرور عدة أيام أصبح هناك أسئلة تطرح، وبعد مشاهدات عن الوضع القائم بدأنا نحلّل الأحداث ونربطها ببعضها البعض، إذ كان يرتسم أمام أعيننا صورة ما سمّي بـ»الثورات العربية» او «الربيع العربي» وما حصل ويحصل في سورية، ليبيا، مصر، تونس، الجزائر… وجميعها كان الغرض منها إشعال الفوضى، وهذا ما حصل فعلاً، حيث رفعت الشعارات المطلبية نفسها لتصل الأمور إلى ما نراه من خراب ودمار…

هناك مطالب محقة بالتأكيد، وهذا امر لا يمكن التغاضي عنه، لكن في المقابل هناك ورقة إصلاحية وضعتها الحكومة بالتوافق بين كافة الأحزاب والتيارات السياسية الشريكة في السلطة، وتضمّنت الورقة بنوداً ربما لا تفي بكامل المطلوب إلا أنها تبقى أفضل من الفوضى، ورقة إذا تمّ تطبيقها سريعاً قادرة على إظهار تغيير من ناحية الأوضاع الاقتصادية بحيث تمحورت حول بنود هامة كجعل العجز في الموازنة 0.6 ، ومن دون إضافة ضرائب أو رسوم جديدة على الشعب اللبناني، والعمل على إقرار قانون محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة، إضافة إلى رفع الحصانة عن السياسيين… وغير ذلك من البنود الإصلاحية الهامة…

لكن هناك مَن حاول أن يصوّر أنّ الشارع لم يقتنع بهذه الورقة، بل يطالب بتغيير النظام السياسي وإسقاط الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، وهذا مستحيل أن يحصل في أيام معدودة، يعني أنّ المخطط هو جعلنا أمام فراغ سياسي ودستوري من شأنه أخذ البلد نحو الفوضى المجهول.

وهذا ما حذر منه السيد نصرالله الذي جزم بأنّ هناك من أراد استغلال الحراك وجرّه الى مكان آخر، وذلك بالطبع من قبل سفارات معينة ودول أجنبية وعربية معروفة بمناهضتها للمقاومة وبتعاونها مع بعض الأحزاب السياسة الداخلية التي كانت موجودة في السلطة، وذلك لأجل تصفية حسابات سياسية معروفة….



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 45 / 2184585

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2184585 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40