السبت 28 أيلول (سبتمبر) 2019

طالعين وطالعات لان الوباء انتشر واستفحل

بقلم نادية حرحش*
السبت 28 أيلول (سبتمبر) 2019

رئيس الوزراء في احدى مداخلاته خير الشعب بين المال والوطن. وربما بعد نصيحة استشارية وعلى غرار أوباما في فترة رئاسته الأولى عندما ذهب لمكتب دائرة السير والمواصلات ليجدد رخصة قيادته، قرر اثناء الجلسة الوزارية الاطمئنان على سير خدمة الاستقبال الهاتفي في وزارة النقل بقسم تجديد رخص القيادة.
خطة عنقودية وانتخابات إسرائيلية يعقد فيها نتانياهو العزم على التواجد ويفلح من جديد. ورئيس فلسطينيي يطير بالأحفاد الى نيويورك. كل شي في البلد تمام. فأولادهم لا يمشون في الشوارع ولا يدرسون في نفس المدارس ويطيرون ليصبحوا بناة وطن خاص بهم لمستقبل لهم بجامعات تؤهلهم ليستمروا بالبناء على خراب صنعه الآباء والاجداد.
شركة كهرباء منهارة يهدد انهيارها سيطرة مطلقة قادمة للجهات الإسرائيلية، وقطع لخدمات الكهرباء ينذر بعقوبات جماعية على استخدام الكهرباء بسبب التسيب وعدم دفع قطاعات كبيرة للكهرباء في تراكمات مهولة تقترب منها المصيبة مع كل لحظة.
الوزراء لم يرجعوا الأموال المستحقة عليهم، والرئيس بعد اقالة مستشاريه صار يأخذ اولي القربى للزيارات الرسمية.
نايفة تتصفى دماؤها على الحاجز بعد عملية اغتيال علنية، ولا يعرف أحد اسمها لأيام، وتكبر الاشاعات في شأنها بين عائلة تتبرأ من “شهادتها” وتبكيها حرقة، وبين احتلال يقتل وينجو بفعلته وينظر الى خيبتنا باستهزاء.
العنف الداخلي يتفجر في وجوهنا، لا ادب في سياقة ولا اخلاق، تتنفس الصعداء إذا ما وصلت الى بيتك حيا وبلا اقتتال او خبطة سيارة. وامرأة أخرى محتجزة بسرية بمستشفى رام الله بعد ان ضربها أحد اقاربها وهشم رجليها تكسيرا وسافر!! ومشعوذون يصعقون امرأة لاخراج جن وتطلقهم النيابة بغرامة مئة دينار.
وحملة للنساء بلافتات “طالعات” تجوب شوارع المدن الفلسطينية لعل هناك من يسمع. ولكن من يسمع؟ ولمن النداء؟
هل الازمة في العنف ضد النساء؟ ام الازمة في عنف يمارس على عقولنا منذ سنوات؟
هناك عنف مجتمعي يتم ممارسته وكأن داعش استوطنت في عقولنا وتتسرب تدريجيا الى مشاعرنا وقلوبنا. كم التعليقات المسيئة التي تشنها النساء ضد النساء، مرعب. وكأن تلك النساء محصنات من العنف لأن المرأة غير المحجبة تنادي الى تعنيفها. وكأن الضحايا قتلن وهن في نوادي فسق وعري! تعليقات معيبة بحق مجتمع انجبت نساءه بطولات أسندنا عليها استمرارنا كشعب يدكه الاحتلال منذ عقود. ضحايا بكيناهن وذرفنا الدموع عليهن من اسراء الى اسراء ..نيفين، الاء ، براء، نايفة وقائمة تطول من ضحايا كان الحجاب لا يفارق رؤوسهن… ولم يكن في هذا المجتمع الذي يقتل ذكره بلا هوادة مرة وتستمر انثاه في ذرف السم في رأس القاتل ليقتل من جديد، أي رحمة ولا مخافة من عقاب ات لا محالة من رب يمهل ولا يهمل.
بعيدا عن التعصب والتدعش الحاصل، كيف يمكن لمجتمع اقام القيامة وكاد ان يطلق كل حرائق العالم قبل أسابيع قليلة بعد جريمة هزت العالم بسبب صرخة اسراء غريب وقتلها بين تستر واهمال وقمع وتخلف؟ كيف يستطيع رجل ان يعذب امرأة أخرى بطريقة أكثر وحشية ولا يخاف من العقاب ولا يهاب فضيحة؟
كيف تستطيع امرأة شتم امرأة وتعييبها وفضحها بسبب لباسها وقد رأت كيف كانت رهام قريبة اسراء غريب جزء من جريمة أودت بحياة شابة بسبب هكذا ملاسنات وفتن؟
كيف انتصرت رهام بالنهاية وصارت هي لسان الحال؟
اين المشكلة؟ هل هي بالبيوت التي تربي على تحقير الانسان للإنسان وتجمل من مظهر يجب ان تكون عليه المرأة وتدس الفتن وتشعل الحرائق كرها ومكيدة؟
هل هو الفراغ المطلق الذي يؤسسه جهاز الهاتف الخلوي فيخلي الناس من مضامين انسانيتهم ويستعرضون أنفسهم المتخيلة بين خير مطلق وشر مطلق على الفيسبوك فيكتفون ليكملوا حياتهم البائسة كما خطط مسبقا لها؟
ام هو نظام التعليم الذي جهد على مدار عقدين ان يغير المناهم الوطنية ويجعل من رام الله عاصمة ومن إسرائيل دولة بحدود، وأبقى باسم ورباب في البيت يكبرون وينجبون أسماء جديدة بلا عقول مع ام تطبخ واب يقرأ الجريدة؟
مناهج لا بد ساعدت بتعزيز خطاب طائفي، متخلف، مبني على العشائرية والكره والتطرف.
كيف وصلنا الى هنا؟
لا أستاذ يستطيع ان يعلم؟ ولا منهج يعكس هوية ولا يعزز اخلاقا ولا يحث على سلوكيات تبني مجتمعات سوية؟
كيف أصبحت رؤوسنا محجبة بغطاء وعريت اجسادنا لننهشها ونقتلها ونستبيحها تحت أي تبرير؟
اين ذهبت المبادئ وأين الاخلاق؟
اين الادب واين القيم؟
ما الذي تقوم به الأمهات بالبيوت؟ وما الذي تفعله المناهج بعقول أبنائنا بالمدارس؟
الشباب يا أبو مازن ليسوا حفيديك اللطيفين البهيين اللذان رافقاك في رحلتك الى نيو يورك لتبرز شباب فلسطين امام العالم. الشباب في فلسطين ينشؤوا على المناهج الملوثة التي حشيت بها عقول أبناء هذا الشعب على مدار عقدين فأصابتنا بهذا الوباء المنتشر في انحائنا كالطاعون. وليس على المناهج التي شب عليها احفادك وأبناء وزرائك في مدارس عاصمتك الخاصة.
من اجل هذا علينا ان نكون جميعا في طليعة “طالعات” و”طالعين” لان الوطن لن يعمر الا بنساء احرار.
نساء تخرجن من قلب المعاناة بين ذكورية واحتلال، لتجيب رئيس الوزراء : لا نريد مال ولا نريد وطن. لا نريد وطن خواء. فالوطن يبنى بابنائه الاحرار. أبناء تعليمهم حر واكلهم حر ولبسهم حر. نريد حرية وعدالة اجتماعية.

*كاتبة فلسطينية مقدسية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2184622

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2184622 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40