السبت 31 آب (أغسطس) 2019

إسرائيل بحاجة لمن يردعها لا من يفضحها

بقلم: علي الصالح *
السبت 31 آب (أغسطس) 2019

دولة الاحتلال وممارساتها لا تحتاج لمن يفضحها فهي مفضوحة أصلا، وتعمل بغطاء أمريكي وبسياسة غض الطرف من قبل دول أخرى، وعلمتنا التجارب الكثيرة، أنها تضع نفسها فوق القانون الدولي، وتعامل كذلك، لذا فهي لا تحفظ عهودا ولا تحترم قوانين ولا تصون ذمما. جرائمها ضد الفلسطينيين، بقتلهم وتدمير منازلهم ومنشآتهم بأحدث الوسائل الحربية الأمريكية، ومصادرة أراضيهم، وممارسة سياسة التطهير العرقي والتهويد في القدس، رغم القوانين والقرارات الدولية، التي يفترض أن تمنعها عن ذلك، كل ذلك يأتي تحت بند الدفاع عن النفس.
وحتى من يدعون أنهم مسؤولون عرب، يرددون كالببغاوات المصطلحات نفسها وفي مقدمة هؤلاء طبعا صديق دولة الاحتلال خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية دولة البحرين، التي أصبحت الجردل الذي تلقي فيه واشنطن كل ألاعيبها السياسية الخبيثة المتعلقة بمحاولات تصفية القضية الفلسطينية. هذا الوزير الذي نصب نفسه حامي حمى إسرائيل ومدافعا عن حقوقها في الدفاع عن النفس، يتساوق ويتماهى مع سياساتها، بل يزاود عليها، وفي آخر تغريدات الوزير البحريني، اعتبر القصف الإسرائيلي للعراق دفاعا عن النفس. وكان قد وصف الاعتداءات الاسرائيلية على قطاع غزة ضربا من ضروب الدفاع عن النفس، ويبرر سياسات دولة الاحتلال ورفضها لعملية السلام بتفهم مخاوفها.
والآن وبعد أن وصلت الأوضاع إلى ما وصلت إليه، ولم يعد هناك متسع من الوقت للمناورة والمماطلة والتسويف، فإن دولة الاحتلال لا تحتاج لمن يفضحها، بل لمن يردعها ويوقفها عند حدها. نعم هي بحاجة لمن يردعها صحيح أن الفلسطينيين يفتقرون لترسانة السلاح التي تزود بها الولايات المتحدة إسرائيل، الولايات المتحدة التي أصبحت بسياساتها وممارساتها العدو رقم واحد للشعب الفلسطيني وطموحاته الوطنية، لكننا قادرون على ردع دولة الاحتلال، وتحقيق الانتصار عليها بحشد طاقات شعبنا الجبارة والمتنوعة، ودعم صموده على أرضه وحمايته، نردعها بتفجير هذه الطاقات الكامنة في وجه جنودها ومستوطنيها. نردعها بالانتفاضة والمبادرة التي ستفقد هذه الترسانة العسكرية فاعليتها ومفعولها، كما نردعها بالمقاومة بكل الوسائل المتاحة لا بالتسول والدعوات المتكررة للمجتمع الدولي، واستجداء أنظمة التطبيع العربية، فهذه الدول حسمت أمرها ووقفت مع العدو «على عينك يا تاجر»، كما فعل ويفعل وزير خارجية البحرين وغيره ممن يسمون زورا وبهتانا زعماء عربا، نعم بذلك يكون الردع. نعم بالانتفاضة، كما علمتنا تجاربنا على مدى قرن من الزمن، لا بالتسول على عتبات الدول العظمى وتابعياتها العربية، يكون الرد على تغول جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين، بتسهيلات ودعم وحماية منه، وبالانتفاضة والمقاومة نردع الاحتلال ونوقف سياسته التهويدية، سواء في الضفة الغربية أو القدس المحتلة.
نعم بالانتفاضة والمقاومة نعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية، وندفعها إلى رأس سلم الاولويات الإقليمية والدولية، وغير ذلك لن يكون إلا مضيعة للوقت، وإعطاء الفرصة للاحتلال ومستوطنيه، للإطباق على الأرض والمقدسات، والعالم لا يسمع صوت الضعيف ولا استغاثات المظلومين والمقهورين. وبالانتفاضة والمقاومة نكون قادرين على رفض ضغوط إدارة ترامب وعقوباته، بإغلاق بعثة منظمة التحرير، ووقف دعم وكالة غوث اللاجئين والمساعدات للسلطة، وحذف مصطلحات مثل الاحتلال والأراضي المحتلة، والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل السفارة إليها وإغلاق القنصيلة في القدس المحتلة. وآخر هذه العقوبات الأمريكية، كما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية، شطب مصلح «السلطة الفلسطينية» من على الموقع الرسمي للخارجية الأمريكية، لتعريف المناطق والبلدان في منطقة الشرق الأوسط. وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن الموقع الرسمي للخارجية، يخلو حاليا من أي مصطلح لـ»السلطة الفلسطينية»، أو أي مصطلح يخص الفلسطينيين أو الإشارة إليهم.

الشعب الفلسطيني ينتظر بفارغ الصبر والضفة الغربية تغلي كما الأوضاع في قطاع غزة

نعم بالانتفاضة والمقاومة نرد على ترامب، الذي يرى القضية الفلسطينية صفقة اقتصادية، معتقدا أن كل شيء قابل للبيع. وهو غير قادر على استيعاب حقيقة أن الشعب الفلسطيني، مثل أي شعب في العالم، لديه طموحات وطنية، ويسعى لنيل الاستقلال وإقامة الدولة المستقلة الحديثة، بطاقاته وعلمه والسواعد العاملة، ويعكس ذلك جهل زعيم العالم الحر، وعجزه عن استيعاب حقيقة أن ملياراته وترليوناته، طبعا هو لا يجود بماله بل بأموال «الأشقاء» الخليجيين، لن تغري الشعب الفلسطيني ليتنازل عن حقوقه الوطنية. ولو كان الأمر كذلك لما وضع نفسه في هذا الضائقة المالية، ولقبل الإغراءات المالية الأمريكية العربية.
وحاول ترامب مجددا إعطاء الانطباع بأن القضية اقتصادية، ومشكلة مالية لا أكثر، وذلك في تصريح له على هامش قمة مجموعة الـ «جي 7» المنعقدة في فرنسا الأسبوع الماضي، حول إمكانية إعلان الشق السياسي، لما يسمى صفقة القرن. وقال إنه يعتقد أن إسرائيل تريد توقيع اتفاق سلام، وعندما تحدث عن الفلسطينيين جاء الحديث عن الجانب المالي فحسب، بقوله «إن الفلسطينيين يرغبون أيضًا في الحصول على مساعدة مالية منا وتوقيع اتفاقية سلام». وجاء الرد الفلسطيني عليه حاسما وقاطعا وسريعا برفض سياسة «الابتزاز المالي»، والأهم رفض الشعب الفلسطيني، المساومة على حقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، وعلى رأسها قضية القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين. والشيء بالشيء يذكر، وفي سياق أن ترامب ليس صاحب الكلمة الأخيرة في البيت الأبيض، خاصة في ما يتعلق بسياسته ازاء الشرق الاوسط، أعلن ضلع المثلث الصهيوني المسؤول عن هذا الملف جيسون غرينبلات، بعد يومين فقط من تصريح رئيسه حول نشر الشق السياسي من الصفقة قبل الانتخابات الاسرائيلية، قال في تغريدة له: «لقد قررنا عدم إطلاق رؤية السلام أو أجزاء منها قبل الانتخابات الإسرائيلية».
نعم بالانتفاضة والمقاومة بكل الوسائل المتاحة نحبط المؤامرة الصهيو/عربية الأمريكية. والشعب الفلسطيني ينتظر بفارغ الصبر والضفة الغربية تغلي كما الاوضاع في قطاع غزة. وحذرت من هذه الأوضاع المتدهورة واحتمالات الانفجار حتى مراكز دراسات استراتيجية ووسائل إعلام، ومسؤولين أمنيين في دولة الاحتلال.
ووفقا لصحيفة «معاريف» الإسرائيلية، فإن وحدات التقصي في الجيش تحذر من احتمالات الانفجار، لكن حكومة بنيامين نتنياهو، كما تقول، ترفض الاستماع وتفضل اتباع أيديولوجيتها، الهادفة إلى تجنب المفاوضات والترتيبات الاقتصادية طويلة الأجل، وتغذية حالة الانقسام بين الضفة وغزة، لكن ما ظهر في الأشهر الأخيرة، يشير إلى أن مخططات حكومة نتنياهو لن تحقق نجاحا طويلا. وخلصت «معاريف» للقول» يمكن للمرء أن يفترض عاجلاً أم آجلاً، أن الجيش والشاباك يمكن أن يعتقلا منفذي عملية «دوليف» الأخيرة، لكن ذلك لن يغير حقيقة أن غزة والضفة الغربية براكين تغلي.
وأختتم بما قاله الأب مانويل مسلم رئيس الهيئة الشعبية لعدالة وسلام القدس وعضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة المقدسات لموقع فلسطيني، «أن المسجد الاقصى يَئِنُّ تحت وطأة العدوان الإسرائيلي الغاشم، ووطأة خيانة الأنظمة العربية والإسلامية التي تهرول تجاه الاحتلال»، مشدداً على «أن الاقصى جزء من الإيمان، وجزء من القرآن الكريم، وجزء من سورة الإسراء التي لا يمكن حذف آياتها أو حجبها».
وهاجم الأب مانويل مسلم الأنظمة العربية التي تواصل التطبيع مع الكيان الصهيوني وتحيك المؤامرات للمسجد، وتنتقص منه، مشيراً إلى «أنَّ كل من ينتقص من الاقصى وقدسيته لا يملك من المروءة والدين والنخوة أي شيء»، مشدداً على أن «من يفرط في الأقصى يفرط بعقيدته وحضارته، وتاريخه، ومستقبله». واضاف: «المسلمون والعرب يتباكون على الأقصى المبارك، ويذرفون الدمع امام شاشات التلفزيون، وفي الخفاء يتآمرون عليه، ألا يكفيكم نذالة؟، ألا يكفيكم بيع شعارات خادعة؟ ألا يكفيكم كلاما فارغا وانتقاصا من الأقصى؟ ألا يكفيكم إهانة للقدس والمقدسيين؟ عندما يهان الأقصى تهان قوميتي، ومسيحيتي، ومهد مسيحي، وكنيسية القيامة، لكن ذلك الشعور يشعل فينا قوة المقاومة والاستبسال في مواجهة العدو». وأكد على أن المسجد الأقصى وكنيستي القيامة والمهد هي رموز عربية وإسلامية ومسيحية، والنيل منها نيل من كل فلسطيني ومسلم ومسيحي شريف».

*كاتب فلسطيني



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2184667

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2184667 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40