الجمعة 23 آب (أغسطس) 2019

مطلوبون للعدالة : قتلة أطفال فلسطين في القدس المحتلة

الجمعة 23 آب (أغسطس) 2019

كشفت مؤسسة القدس الدولية في تحقيق خاص تفاصيل أسماء وصور عناصر الشرطة الإسرائيلية الأربعة الذين قتلوا الطفل نسيم أبو رومي (14 عامًا- من العيزرية شرقي القدس) بدم بارد، وأصابوا الطفل حمودة الشيخ (14 عامًا- من العيزرية) بإصابة حرجة، وذلك الخميس 15-8-2019 عند باب السلسلة؛ أحد أبواب المسجد الأقصى.

أظهر التحقيق تعمُّد عناصر الشرطة المجرمين تفريغ عشرات الرصاصات في جسدَي الطفليْن على الرغم من انتفاء الخطر عنهم، فقد استمرّ عناصر الشرطة الإسرائيلية بإطلاق النار على الطفليْن وهما مطروحان أرضًا بلا حركة.

وبيَّن التحقيق أن جريمة هؤلاء الجنود الأربعة هي جريمة موصوفة ومكشوفة بالأسماء والصور ومقاطع الفيديو التي بيّنت دور كل واحد من هؤلاء العناصر. ودعا التحقيق إلى إطلاق جهد قانوني مكثّف لجلب هؤلاء المجرمين إلى العدالة، وملاحقة الاحتلال قضائيًّا لاقترافه الكثير من أمثال هذه الجريمة. 

ففي الخميس 15-8-2019، وعقب صلاة العصر، وبسكّينتي مطبخ تخبَّآن في ثنايا الملابس، تحرك الفتيان نسيم أبو رومي وحمودة الشيخ ابنا الأربعة عشر ربيعاً نحو باب السلسلة في المسجد الأقصى.

بادر حمودة إلى رفع سكينه مبكراً، وحاول طعن أقرب الجنود الإسرائيليين إليه، لحق به نسيم مستهدفاً الجندي ذاته، فالتفت عناصر الدورية الأربعة المتبقون يرفع ثلاثة منهم مسدساتهم ويفرغون مخازنها في الجسدين الغضّين، يُستشهد نسيم أبو رومي على الفور، ويصاب حمودة الشيخ إصاباتٍ خطيرة، أما الجندي المستهدف فتُعلن الشرطة الصهيونية أن إصاباته بين طفيفة ومتوسطة.

هل كان “تحييد الخطر” الذي شكله الفتَيان مع سكينتي المطبخ يتطلب تفريغ مخازن ثلاثة مسدسات في جسديهما؟ هل كانت السيطرة عليهما مستحيلة بعد الرصاصة الأولى؟ لماذا اختار قائد الدورية أن يفرغ مسدسه كاملاً، وأن يحذو اثنان من زملائه حذوه قبل أن يرفع يده مشيراً لهما بالتوقف؟

الفيديو الذي نشرته الشرطة الصهيونية ومدته 14 ثانية يوضح بجلاء أن عنصراً واحداً للدورية كان “مهدداً”، أما الأربعة المتبقون فلم يكونوا في حالة دفاعٍ مباشر عن النفس، وكانت السيطرة على الفتيين ممكنة لهم، وفي متناولهم.

ولتبرر هذا القتل وزّعت الشرطة الصهيونية الفيديو، ففي وعيها العنصري أنّ كل من تسول له نفسه أن يقترب من شرطتها يستحق القتل، وهي تحاول أن تنشر هذا المنطق وتطبعه في وعي الجميع، حتى يصبح مقبولاً فلسطينياً وعربياً وعالمياً.

“هؤلاء يستحقون القتل”.. هذه الرسالة التي أراد الفيديو تسميم وعينا بها، ولأجل هذا أجرت مؤسسة القدس الدولية تحقيقاً صحفياً، ليضع بين يدي كل مهتم بإحقاق العدالة نقطة بداية لجلب هؤلاء القتلة أمام العدالة.

لم يكن الكشف عن هوية القتلة صعباً؛ فرغم كونهم يعملون في جهازٍ أمني كان الوصول إلى حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم أمراً يسيراً لا يتطلب إلا بعض الإلمام باللغة العبرية.

إن كانت هناك من صعوبة وحيدة فهي ذلك الإرهاب الذي تحاول سلطة المحتل زرعه في قلوب الناس حين يتحدث إليهم أحد عن هوية فردٍ من الشرطة، لكن ذلك لم يحل دون الوصول إلى نتيجة.

توصل التحقيق إلى هوية أعضاء الدورية الأربعة الظاهرة بالفيديو، والدور الذي قام به كل منهم:

ياكير ترجمان

ياكير ترجمان: من سكان هرتسليا، قائد الدورية الذي يظهر وجهه في فيديو الشرطة الصهيونية وهو الذي يلتفت ليطلق النار ويفرغ مخزن مسدسه كاملاً، ورغم أن كلا الفتيين باتا على الأرض ولا يشكلان أدنى خطر، يواصل توزيع عدة رصاصاتٍ من مسدسه بينهما قبل أن يرفع يده اليسرى مشيراً لبقية أفراد الدورية بالتوقف.

ترجمان يُعرف في أوساط المقدسيين بالـ“شبر” لقصر قامته، وبعض أفراد الشرطة ذوي الأصول العربية يتداولون هذا اللقب له. يقود الشبر في العادة قوة من 12 شرطياً مسؤولة عن تأمين اقتحامات المتطرفين الصهاينة خلال فترة الصباح ما بين 7:30-11:00 صباحاً، ومن ثم يعود إلى نقطة خدمته عند باب السلسلة.

خلال التحقيق انتشرت صورة لترجمان على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يخرج أثاث مصلى باب الرحمة الذي تحاول سلطات الاحتلال إعادة إغلاقه بأي شكل، فحذف ترجمان حساب الفيسبوك الخاص به بعد انتشار الصورة، واختفت صُوَره من حسابات زملائه رغم أنها كانت منشورة سابقاً، وبدا أن إجراءات احتياطية قصوى اتخذت تجاهه فأزيل كل المحتوى الإلكتروني الخاص به من كثير من المواقع.

ترجمان من عائلة يهودية ذات أصولٍ مغربية، وله أقارب وصلوا إلى مراتب عليا في الشرطة والجيش الصهيوني، ولعل هذا ما يفسر سكنه في هرتسليا التي تعد مدينة للنخبة المقتدرة مالياً، منهم العميد المتقاعد دورون ترجمان القائد السابق لشرطة البلدة القديمة، وأفراهام ترجمان القائد السابق كذلك في شرطة “تل أبيب”، واللواء المتقاعد سامي ترجمان قائد القوات البرية في الجيش الصهيوني خلال الحرب على غزة 2014.

وسام فلاح طريف

 وسام فلاح طريف: من أصلٍ عربي، من بلدة بيت جَن من قضاء عكا شمال فلسطين المحتلة، هو الذي يظهر في الفيديو واقفاً أمام الطاولة، ثاني أعضاء الدورية إطلاقاً للرصاص، رفع مسدسه وأطلق النار بكثافة دون تدقيق، ولكونه أمام باب السلسلة المفتوح مباشرة يصيب حارس المسجد الأقصى عمران الرجبي في فخذه. عمران هو الحارس الموكل بمهمة الحراسة عند باب السلسلة، يقف أمام الباب لينظر ما الذي يحصل فتعاجله رصاصة في فخذه تسقطه أرضاً. بعد ذلك يواصل وسيم تفريغ رصاصاته في جسد الفتى نسيم أبو رومي المسجى أمامه.
 

بطرس داي

بطرس داي: من أصل عربي، من سكان الناصرة في الجليل شمال فلسطين المحتلة، يكون جالساً على الطاولة كما يظهر في الفيديو، عندما يقف ويخرج مسدسه يكون الفتيان قد تلقيا رصاصات عدة من زميليه وباتا ملقيين على الأرض، لكنه رغم ذلك يطلق النار.
 

بطرس داي

عروة عساقلة: من أصل عربي من بلدة المغار، ويظهر في فيديو الشرطة معطياً ظهره للكاميرا، يحاول ضرب الشهيد نسيم أبو رومي بحقيبة كان يحملها على ظهره، وبعد إطلاق النار على أبو رومي يلقي الحقيبة ويضع يديه في أذنيه من صوت الرصاص المنطلق من مسدسات زملائه الثلاثة في الدورية.

تقول مؤسسة القدس: إن “ما جرى كان جريمة قتل خارج إطار القانون، تُمارس ضمنَ سياسة دولة تفوّض أجهزة الأمن فيها وتوجه أفرادها للقتل الميداني خارج نطاق القانون أينما”شعروا“مجرد شعور أنهم مهددون، تهدف في حقيقتها إلى إرهاب الفلسطينيين المدنيين ومنعهم من المطالبة بحقوقهم وحرياتهم الأساسية، وهي جريمة لم تكن الأولى، فقبلها بأسابيع قتل شرطي صهيوني الشهيد محمد سمير عبيد من مسافة صفر، علماً بأن الشهيد عبيد لم يكن يحمل أي سلاح، إنما كان دافع القتل هو إرهاب شباب العيسوية لعل ذلك يسهل للشرطة فرض ما تريد على تلك البلدة”.

كما أنها ليست الحالة الأولى لإطلاق الرصاص الحي على قاصرٍ لا يشكل خطراً، فقد سبقتها حالة الفتى أحمد المناصرة، بل هي في سياق سياسة متعمدة تقصد أن تظهر أنها لا تراعي أي خصوصية للقُصّر، كما تجلى ذلك في تعذيب الفتى الأسير طارق أبو خضير الذي عُرض على المحكمة وآثار التعذيب بادية على وجهه.

وهذه الجريمة تمسي مركّبة إذا ما أخذنا بالاعتبار الدافع لها، فشرطة الاحتلال هي التي استفزت الفلسطينيين باقتحامها الأقصى في يوم عيد الأضحى وإطلاق مئات قنابل الغاز والدخان واستخدام الرصاص المطاطي لإخراج المصلين من مسجدهم بالقوة في أحد أقدس الأعياد الإسلامية، فهي التي أشعلت الغضب الذي قاد الفتيين أبو رومي والشيخ لهذا الفعل العفوي، وهي التي قتلتهما عندما قاما به، فهي المعتدي أولاً والمعتدي ثانياً.
ولا تنفرد السلطات الإسرائيلية بالمسؤولية عن هذه الجريمة وحدها؛ بل تشترك معها الإدارة الأمريكية التي منحتها الغطاء السياسي مع سابق علمٍ وإدراك بأن القتل هو أحد أهم وأبرز الأدوات التي ستوظفها السلطة الاستعمارية الصهيونية لتطبيق قرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمةً لها.


info portfolio

عروة عساقلة

الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4598 / 2184606

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع عن العدو  متابعة نشاط الموقع عين على العدو   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2184606 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40