السبت 3 آب (أغسطس) 2019

صحافة العدو: قبل الانتخابات الإسرائيلية: غزة.. وقرع طبول الحرب

السبت 3 آب (أغسطس) 2019

بدا جدول الأعمال الإسرائيلي، الشهر الماضي، سياسياً بشكل واضح. قبل الانتخابات الإضافية وتحت التهديد الملموس لنسبة الحسم، وفرت الاتصالات من أجل توحيد الأحزاب المختلفة معظم الانشغال الإعلامي حتى إغلاق قوائم الكنيست القادمة أمس. تحظى المسائل الأمنية باهتمام محدود، على الأقل عندما يدور الحديث عن عناوين الصحف. هذا صيف هادئ بشكل استثنائي بالمفاهيم العسكرية. أما الذي حدث على حدود القطاع، فجر أمس، وأصيب فيه ضابط إسرائيلي وجنديان بنار أحد أعضاء حماس متسللاً إلى الأراضي الإسرائيلية، فمشكوك في أنه سيغير هذه الصورة من الأساس.

الهزة السياسية لا تقلل من عبء المهام وقلق أجهزة الأمن، الانشغال بها جري في معظمه من وراء الكواليس ومركز لدى المستويات المهنية. إصغاء بنيامين نتنياهو وهو يحمل وظيفتي وزير الدفاع ورئيس الحكومة محدود بالوقت والعمق. نتنياهو خبير وضليع بهذه المسائل، لكنه غارق في المعارك على بقائه السياسي وفي معاركه القانونية. معظم المسائل الأمنية وتحديداً التي يطلب فيها حسم للمدى البعيد، هي الآن في تجميد عميق. الجيش الإسرائيلي يتعلم هذا بالطريقة الصعبة، من خلال الفهم الذي يتبلور في هيئة الأركان العامة التي ستنضج فيها نقاشات الميزانية والخطة متعددة السنوات قبل السنة القادمة وبعد تشكيل ائتلاف حكومي جديد.

ليست شبيهة بمعظم الحملات الانتخابية في العقود الأخيرة؛ فالخلافات والتخوفات الأمنية لا تحتل مكاناً رئيسياً في الحملة الحالية التي ما زالت في مراحلها الأولى. الهدوء النسبي الذي ساد خلال بضعة أسابيع حتى أمس في قطاع غزة، خفف قوة انتقاد سياسة نتنياهو هناك. في الحملة الانتخابية الأخيرة التي انتهت بشلل سياسي، يطل التهديد الرئيسي لمكانة نتنياهو في المجال الأمني من قطاع غزة. عدد من جولات التصعيد في القطاع وعمليات صعبة في الضفة الغربية أثار للحظة مخاوف اندلاع كبير. وهذا ليس مؤقتاً، لأن نتنياهو صك أسنانه، وضبط نفسه، وخفف قوة رد الجيش الإسرائيلي.

مقاربته للقطاع كلفته انتقاداً شديداً من قبل إسرائيل بيتنا واليمين الجديد وأزرق أبيض، وحتى أحياناً حزب العمل، الذين اتهموه بإبداء جمود عسكري أمام حماس. ولكن البديل، أي تلك الحرب التي نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف ستنتهي، فقد ظهر أكثر إشكالية لنتنياهو. لقد اتبع ضبط نفس يشبه ما كان في جولة القتال الشديدة الأخيرة في القطاع، في بداية شهر أيار، التي قتل فيها أربعة إسرائيليين.

في غزة، ورغم عدم رغبته الواضحة، ظهر له سيناريو لا مناص منه، يمكن أن يتحقق حتى قبل موعد الانتخابات التي في 17 أيلول. الأسبوع الماضي وفي الاحتفال بالذكرى السنوية لشهداء عملية الجرف الصامد، العملية الأكبر في الـ 13 سنة من حكمه، قال نتنياهو إن حكومته تعمل على التوصل إلى تهدئة في القطاع، لكن في الوقت نفسه قال “نحن مستعدون لعملية أوسع توقع ضربة بحماس والجهاد الإسلامي، ضربة عسكرية لم يسبق لها مثيل حتى اليوم. لا أستطيع تقديم تفاصيل، لكن هذه ليست كل شيء. نريد تهدئة؛ ومستعدون لمعركة”. هذا الأسبوع اهتم الجيش بنشر -بتشجيع من نتنياهو- تفاصيل عن مناورة واسعة على مستوى الفرقة جرت على حدود القطاع، وفيها جرى التدرب على سيناريو لمواجهة كبيرة في القطاع. قائد فرقة غزة يعرفه رئيس الحكومة جيداً. هو العميد اليعيزر طوليدانو، السكرتير العسكري السابق لنتنياهو.

مع ذلك، يجب علينا قراءة ما بين السطور، فالتوجيه العسكري للمراسلين لا يتحدث عن احتلال القطاع، بل عن عملية برية واسعة، بحيث “تسبب أضراراً كبيرة” للذراع العسكري لحماس..بعيداً عن الأفكار التي أسمعها وزير الدفاع افيغدور ليبرمان عندما تخاصم مع نتنياهو واستقال من وظيفته في تشرين الثاني الماضي. في هذه الأثناء خفف نتنياهو نغمته، بما في ذلك محادثاته المغلقة؛ أولاً، لأنه يعتقد بأن التورط العسكري في غزة سيضعه في خطر ملموس يخسره الانتخابات. وثانياً، لأن باقي الأطراف الشريكة – حماس والوسطاء من قطر، موصر والأمم المتحدة – يسمعون نغمات جديدة، أكثر تفاؤلاً.

هناك أمل ما في أن عملية تحويل الأموال من قطر إلى القطاع ستجري هذا الشهر على نحو أكثر ترتيباً، إزاء التوقعات بطرح مشاريع البنى التحتية، التي يدور الحديث عنها منذ أشهر طويلة. وصول رسائل مهدئة من حماس وعيد الأضحى الإسلامي القريب، قد تحدث معجزة ما وتبقى غزة هادئة حتى موعد الانتخابات الإسرائيلية القريبة، وربما بعدها.

سارع الجيش أمس إلى الشرح بأن نشيط حماس الذي أطلق النار على جنود غولاني على حدود القطاع، ثم قتل بعد ذلك، كان مدفوعاً بمسؤوليته. في الأثناء، تبدو هذه طريقة أخرى للقول إن هناك رداً إسرائيلياً منضبطاً درءاً للانجرار إلى التصعيد.

الإيرانيون ومبعوثوهم

مقابل غزة، الساحة الإيرانية التي تمتد في نظر الإسرائيليين من الخليج الفارسي مروراً بالعراق وانتهاء بسوريا ولبنان، تضج بالنشاط. في الشهر الماضي جاءت تقارير عن هجومين في العراق نسبا إلى إسرائيل، وعلى الأقل أربع هجمات أخرى في جنوب سوريا، كانت وجهت ضد منشأة عسكرية أقامها حزب الله في الجانب السوري من الحدود لهضبة الجولان، وشملت في إحدى الحالات اغتيال ناشط محلي. المعركة بين حربين، تستمر بزخم نسبي، وحتى لو أن معظمها يجري تحت الرادار، فلا تحظى أثناء حدوثها بتغطية إعلامية في الوقت الحقيقي.

ما يحدث في العراق وصل إلى عناوين الصحف الإسرائيلية متأخراً أسبوعين تقريباً، بعد أن قامت وسائل الإعلام العربية بالتحدث عن هجومين لسلاح الجو في غرب العراق. في أحد التقارير قيل إن الهجوم نفذ بواسطة طائرات “اف35” الجديدة. حتى لو كانت هذه المعلومات صحيحة بالخطوط العامة، فإننا نوصي كالعادة بأخذ التفاصيل بضمان محدود. ليس كل هجوم بالضرورة يجب أن يتم بواسطة رأس الحربة التكنولوجية.

قسم الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي اعتبر العراق منذ العام 2018، ساحة للمعركة القادمة. والإيرانيون يحاولون ترجمة قوس نفوذهم الإقليمي إلى ممر بري حقيقي، وشبكة تهريب السلاح التي يشغلونها تجري إدارتها في موازاة النشاط الجوي والبحري، وكذا في الخط البري طهران – بغداد – دمشق – بيروت. إضافة إلى ذلك، يتبين وجود جهود إيرانية لنشر جزء من الصواريخ بمدى أطول بمساعدة مليشيات شيعية في غرب العراق بهدف الابتعاد عن قدرة الضربة الإسرائيلية التي سبق وظهرت في شمال وشرق سوريا.

إلى جانب ذلك، تستمر نشاطات صد إسرائيلية قرب الحدود في هضبة الجولان. استمرار الهجمات المنسوبة للجيش الإسرائيلي هناك تدل مرة أخرى إلى أي مدى كان الاعتماد على وعود روسيا أمراً بعيد المنال، وذلك قبل نحو سنة من إبعاد الوجود الإيراني عن الحدود مقابل أن لا تشوش إسرائيل على عملية إعادة سيطرة نظام الأسد على جنوب سوريا. الروس تحدثوا في حينه عن نزع السلاح إلى مسافة 80 كم من القوات الإيرانية. وأتباع نتنياهو تفاخروا بإنجاز سياسي غير مسبوق لرئيس الحكومة. فعلياً، سرعان ما تبين أن حزب الله نشط جداً في المنطقة، وأن المنظمة تعيد تشكيل شبكة إرهاب في جنوب سوريا.

رئيس قسم العمليات في القيادة العامة، الجنرال اهارون حليوة، كان في موسكو منتصف الشهر الماضي في زيارة عمل وصفت بأنها ممتازة في الجيش. مع ذلك، عندما احتجت إسرائيل لروسيا على تواجد حزب الله في هضبة الجولان السورية قالوا إن الوعد كان يمس الإيرانيين أنفسهم وليس مبعوثيهم. في هذه الظروف، يبدو أن موسكو تسلم بالخطوات العسكرية المحدودة لإسرائيل ضد حزب الله وإيران في سوريا طالما أن الأمر لا يعرض النظام في دمشق للخطر.

ومثلما ورد في الصحيفة في الشهر الماضي، حرس الثورة الإيراني ابتعد في هذه الأثناء، بضغط الهجمات الإسرائيلية، عن مطار دمشق إلى القاعدة “تي 4” قرب حمص. لكن نشاط حزب الله في قرى هضبة الجولان أصبح كثيفاً. هناك شك بأن خطوات إسرائيل تمس رأس جبل الجليد فقط في الوقت الذي يعمل فيه حزب الله على تحويل هذه القرى إلى مواقع محصنة، مثلما فعل منذ العام 2006 في القرى الشيعية في جنوب لبنان.

بقلم: عاموس هرئيل

هآرتس 2/8/2019



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 89 / 2184495

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع عن العدو  متابعة نشاط الموقع عين على العدو   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2184495 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40