السبت 27 نيسان (أبريل) 2019

جولة في صحافة العدو

السبت 27 نيسان (أبريل) 2019

- غرينبلات لرئيس الحكومة الفلسطينية عبر “تويتر”: هل ستقول «أعطونا الصفقة التي نريد؟”

أحد العروض الأهم في المدينة أجري مؤخراً في ساحة الشبكة الاجتماعية «تويتر». بطلاها شخصيتان مهمتان، رئيس الوزراء الفلسطيني الوافد د. محمد اشتيه، ومبعوث ترامب الخاص للمسيرة السلمية جيسون غرينبلات. فقد تسلم اشتيه مهام منصبه الأسبوع الماضي وشرع في سلسلة تصريحات انتقادية على خطة السلام للبيت الأبيض، والتي ستنشر تفاصيلها قريباً لأول مرة.
حسب تسريبات غير رسمية، ستتضمن الخطة عنصراً اقتصادياً مركزياً يقوم على أساس تبرعات بالمليارات لإعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني وسلسلة مشاريع لتشجيع النمو في الضفة وغزة. وهي ستطالب إسرائيل بتنازلات سياسية، ولكن ليس كتلك التي سعى إليها الفلسطينيون. القدس لن تقسم، والكتل الاستيطانية لن تخلى. كل هذا على الورق. أما عملياً، فعلاقات القوى بين رام الله وواشنطن تحبطها مسبقاً. فقد أقال الفلسطينيون الأمريكيين عن المسيرة السلمية، وهم غير مرغوب فيهم كرعاة أوائل في سموهم، مثلما كانوا دوماً. ورغم ذلك، فإنهم يواصلون العمل على خطتهم، بل وغاضبون من الفلسطينيين الذين يسدون الأنف في ضوء الخطة المستقبلية.
لماذا يسد الفلسطينيون أنفهم؟ لأن القدس ليست في الداخل، ولأن البيت الأبيض جمد المساعدة المالية للسلطة ولغزة، ولأن دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بينما مكانتها لا تزال موضع خلاف. ولكن ترامب يعشق الفكرة، بل ووصف خطته بأنها «صفقة القرن». كما شرح ذات مرة كيف حل لب المشكلة: «اكتشفنا أن القدس هي عائق، فأزلناها عن الطاولة».
في الأسبوع الماضي جمع اشتيه صحافيين في مكتبه وبسط أمامهم موقف السلطة من الخطة المستقبلية. وقال: «كل مبادرة فلسطينية لا تدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية سيادية مع القدس الشرقية عاصمة لها، في حدود 67، وحل مشكلة اللاجئين، غير مقبولة من الفلسطينيين». غرينبلات، محامي يهودي من نيويورك، عمل على هذه الخطة سنتين ونصف السنة، منذ دخل ترامب البيت الأبيض. فقد سارع إلى الرد على أقوال اشتيه بلغة ترامبية وعلى مرأى الجميع. فقد تراسل مع اشتيه على «تويتر» وقال له: «في واقع الأمر أنت تقول، أعطونا الصفقة التي نطلبها، وإلا فلا صفقة. هذا ينسجم مع المحاولات الفلسطينية السابقة. (لكن) كيف سيعمل هذا؟ هل تريد أن تقود شعبك للوفرة وللفرص، أم مواصلة إطلاق السطور المتعبة ذاتها المرة تلو الأخرى؟».
واصل اشتيه واتهم الأمريكيين بأنهم شنوا «حرباً مالية» ضد الفلسطينيين. وعلى حد قوله، فإن وقف المساعدة الأمريكية على أنواعها للسلطة وقطاع غزة يستهدف دحر الفلسطينيين نحو الحائط وإجبارهم على الاستجابة لخطة السلام. وادعى: «لا يوجد شركاء فلسطينيون لترامب، ليس له شركاء بين الدول العربية، وليس له شركاء أوروبيون». ولهذا السبب، يقول إن الخطة هذه ولدت ميتة.
«حرب مالية؟»، غرد غرينبلات ناخراً، «هذه أموال دافع الضرائب الأمريكي». في مقابلة مع «سكاي نيوز» بالعربية، تناول المبعوث الموقف الفلسطيني، والذي يقول إن حل الدولتين هو الممكن فقط، فأجاب غرينبلات: «كل طرف يفسر اصطلاح (حل الدولتين) بشكل مختلف»، وعملياً باح بأن الخطة التي سيعرضها لا تتضمن دولة فلسطينية في حدود 67 بل دولة ناقصة. «لا معنى لاستخدام اصطلاح لن يجلب السلام أبداً».

قطيعة سنة ونصف

لسنوات طويلة كان الأمريكيون أسياد إسرائيل، ولكنهم تعاطوا مع الفلسطينيين دوماً بعطف وكانوا وسطاء لا جدال فيهم في المسيرة السلمية. أما في عصر ترامب فتحطمت القواعد. فمنذ سنة ونصف السنة والبيت الأبيض والمقاطعة يوجدان في قطيعة مطلقة. وكذلك في القاهرة والرياض وأبو ظبي لا توجد حماسة زائدة للمبادرة الأمريكية. أما الإسرائيليون القلقون من مغبة أن تؤدي هذه الخطة إلى ضغوط على القدس، فيمكنهم أن يهدأوا. واشنطن لن تفرض على إسرائيل اتفاقاً حتى رام الله لا تريده. وهي ستكون في أفضل الأحوال تمريناً فكرياً يثير عناوين رئيسة سمينة. وفي أسوأ الأحوال وسيلة مناكفة للكل ضد الكل. الفلسطينيون سيتهمون الأمريكيين بأنهم عملوا بتكليف من إسرائيل وأصبحوا وسيطاً معادياً؛ إسرائيل ستتهم الفلسطينيين أنهم لم يفوتوا أي فرصة ليفوتوا فيها الفرص؛ والأمريكيون سيقولون إن «أبو مازن» عدو للسلام ولن يحصل شعبه أبداً على خطة أفضل من هذه.

إذا كانت كل الطرق تؤدي إلى واشنطن وإسرائيل… من قصر الرباط

«صفقة القرن» المستقبلية للبيت الأبيض تذكر بالخطة التي وضها اللواء يغئال الون بعد حرب الأيام الستة، حين تولى منصب وزير في حكومة ليفي أشكول. فقد تضمنت خطة الون ضمن أمور أخرى ضم أجزاء من أراضي 67 وإبقاء غور الأردن في أيدي إسرائيل. واعتقد الون أن بوسع خطته أن تحل النزاع. هو ووزير الخارجية في حينه آبا ايبان، أجريا سلسلة لقاءات سرية مع الملك حسين ورجاله. وعلى مدى السنين بحثت خطة الون بجدية كبيرة في الخطاب السياسي الإسرائيلي، بل ولمح بنيامين نتنياهو غير مرة عن قرب مفاهيمه منها، ولكن في الطرف الأردني وفي الطرف الفلسطيني لم يتعاط أحد معها بعناية شديدة. مثلما كان في حينه، هكذا اليوم أيضاً، هناك حاجة لثلاثة لرقصة التانغو.

حاخام ونشيط

مرسوم صدر عن مكتب الملك المغربي محمد السادس، يأمر وزير الداخلية المغربي بالسماح للجالية اليهودية إجراء انتخابات حرة لاختيار مجلس معين لأول مرة بعد خمسين سنة. هذه الخطوة رمزية في أساسها، إذ إن كل يهودي في المغرب يعرف لمن يتوجه عند الحاجة. ولكن قوتها هي في أنها تعبر عن اهتمام القصر بـ 2.500 يهودي والشرعية الرسمية التي تمنحها لهم.
إن قرب الجالية اليهودية من صدر الملك يمنحه نقاطاً لدى حكومات في الغرب، ولا سيما في الولايات المتحدة، ويعزز مكانته كنظام يحمي الأقليات. محمد السادس يرى العناق الذي يمنحه ترامب لإسرائيل، ويفهم في أي طرف من المجدي له أن يكون. عن العلاقات الاستخبارية بين الرباط وواشنطن كتب الكثير. المغاربة يساعدون الأمريكيين كثيراً في الصراع ضد الجهاد العالمي.
كما أن للعلاقات مع إسرائيل وزناً في الخطوة التي اتخذها محمد السادس، ولكنه وزن قليل. فالحكومتان تقيمان اتصالات أمنية بعيدة عن العين. حركة السياحة الإسرائيلية إلى المغرب ساخنة جداً. فبالمتوسط 30 ألف إسرائيلي يزورون المغرب كل سنة. وفود علمية، ورياضيون وأكاديميون يحلون ضيوفاً هناك دون عناوين رئيسة ودون معارضة صاخبة. وفي السنوات الأخيرة بدأ المغرب بمنح المواطنة لليهود من أصل مغربي.
المرسوم الملكي المتعلق بلجنة الجالية جاء بعد أسبوع من تعيين الحاخام يئيشياهو بنتو من اسدود لمنصب رفيع في قيادة الجالية. وقرب الحدثين ليس صدفة، ولا الوظيفة التي تمنحها الرباط للحاخام. فبنتو ليس حاخاماً فحسب، بل هو نشيط جداً ومعروف للإسرائيليين كزعيم روحاني جذب إليه آلاف المعجبين قبل أن يتورط بأعمال جنائية، حقيقة كان من شأنها ظاهراً أن تردع الملك ورجاله. ولكن، للحاخام علاقات واتصالات في الولايات المتحدة يقيمها بفضل شبكة المداس الدينية التي أقامها هناك. وقد سبق أن قيل إنه بالنسبة للقصر في الرباط، فإن كل الطرق تؤدي إلى واشنطن.

جاكي خوجي

- هل تنقلب أزمة الفلسطينيين الاقتصادية لغماً ينفجر في وجه نتنياهو؟

صحف عبرية
0
حجم الخط

ثلاثة ألغام أزالها بنيامين نتنياهو من الطريق في الأسابيع التي سبقت فوزه في الانتخابات. رئيس الحكومة علم أن مواجهات أمنية عشية الانتخابات يمكنها أن تصعب عليه في صناديق الاقتراع، وتعامل بمرونة بالحد الأقصى، إلى درجة الاستعداد للتنازل عن مبادئ واضحة من أجل تفكيك الألغام التي عرضت للخطر فوز الليكود: الوضع على حدود القطاع، وإضراب سجناء حماس في السجون الإسرائيلية عن الطعام، والتوتر في منطقة الحرم.
في إحدى المناسبات قال نتنياهو لرجاله بأن المواجهة العسكرية في غزة هي فقط التي يمكنها أن تشوش على الفوز السياسي. لذلك، وافق على أن ينقل بواسطة المصريين وعوداً بتسهيلات بعيدة المدى على المعابر وعلى ضخ أموال من العالم العربي لتحسين البنى التحتية في القطاع بعد الانتخابات. الوضع على الحدود حساس، لكن هذه ما زالت الأسابيع الهادئة جداً التي عرفها سكان غلاف غزة منذ أكثر من سنة. للسبب نفسه وإلى جانبه الخوف من تأثير التوترات في السجون على الوضع في القطاع، سارع نتنياهو إلى العمل على وقف الإضراب عن الطعام. وقد تم وقفه بفضل التعهد الذي أعطاه للسجناء بتركيب، للمرة الأولى، هواتف عامة في الأقسام الأمنية في السجون. في الوقت نفسه توصلت إسرائيل إلى تفاهمات مع الأردن والأوقاف على إغلاق مبنى باب الرحمة مثار الخلاف لبضعة أشهر بغرض إعادة ترميمه من أجل وقف التوتر في الحرم.
في هذه الأثناء يأتي اللغم الأكثر تعقيداً على التفكيك ـ وليس فقط لأن نتنياهو دفنه بنفسه. في منتصف شهر شباط صادق الكابنت على قانون خصم رواتب الإرهابيين الذي يمنع تحويل المساعدة المالية الشهرية من السلطة الفلسطينية للسجناء الأمنيين. ورداً على ذلك، أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأنه سيرفض تسلم الأموال المتبقية من المقاصة ـ أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل من الفلسطينيين والتي تبلغ 9 مليارات شيكل في السنة، التي تعادل نصف ميزانية السلطة. النتيجة الفورية للمواجهة هي أزمة اقتصادية استثنائية في السلطة. رواتب أكثر من 160 ألف موظف من موظفي القطاع العام في الضفة الغربية خفضت بـ 50 في المئة تقريباً. وهذا هو الشهر الثاني على التوالي ـ قبل لحظة من بداية شهر رمضان الذي فيه تكون نفقات الفلسطينيين أكثر. لاحقاً، في هذه السنة من المعقول أن السلطة ستضطر إلى اتخاذ تقليصات أكثر شدة.
المواجهة حول أموال السجناء تضاف إلى الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها السلطة بسبب تقليص ميزانية الأونروا والوقف شبه التام للمساعدات من الولايات المتحدة، التي تتجمع معاً من أجل تقليص مليار شيكل تقريباً من الأموال التي تحصل عليها السلطة سنويًا. خلافاً لقطاع غزة، الضفة غير معتادة على أزمة شديدة كهذه. في الـ 14 سنة الأخيرة منذ خفوت الانتفاضة الثانية كان الوضع الاقتصادي في الضفة معقولاً جداً بمفاهيم المنطقة.
خلف تجميد تحويل الأموال للسجناء الأمنيين ثمة اعتبارات سياسية وتبريرات أيديولوجية. في اليمين طلبوا في السنوات الأخيرة وقف ما وصف كهدية للإرهاب. وقبل الانتخابات بشهرين وإزاء التحدي الذي وضعته أحزاب مثل إسرائيل بيتنا واليمين الجديد، ورغم تقديرات الاستخبارات التي قالت إن أبو مازن لا يمكنه الانسحاب مما يعتبر مبدأ وطنياً مقدساً لدى الفلسطينيين، استجاب نتنياهو للضغوط. هل هو مستعد لأن يوقف الآن، بسبب معرفته أن تشديد الأزمة الاقتصادية يمكن أن يصعب على التنسيق الأمني مع السلطة ويسرع مواجهات محتملة في الضفة؟ في جهاز الأمن هناك من يرون وجود فرصة ضيقة يستطيع رئيس الحكومة العمل فيها. الحكومة الجديدة لم يتم تشكيلها بعد، ونتنياهو يحظى بدعم كبير من الجمهور في أعقاب فوزه في الانتخابات. هو تقريباً يستطيع العمل كما يريد.
في الأسبوع الماضي اقترح رئيس حكومة السلطة الفلسطينية الجديد، محمد اشتية، خطة طوارئ اقتصادية لمئة يوم، إزاء الأزمة المالية. وضمن أمور أخرى، أعلنت السلطة عن وقف تمويل سكان المناطق الذين يحصلون على العلاج الطبي في إسرائيل. هؤلاء سيتم إرسالهم إلى مصر والأردن، وهناك سيتم علاجهم بتكلفة أقل، ولكن بجودة أقل أيضاً. اشتية دعا إلى وقف التعامل بالشيكل الإسرائيلي والعودة إلى زراعة الأراضي. عدد من الأفكار التي طرحها يبدو غريباً، لكن في أساسها تقف أيديولوجيا متبلورة أكثر ـ العودة إلى مقاربة الصمود، الموقف المتصلب الذي تبناه الفلسطينيون في فترات صعبة التي ظهر فيها أن العالم قد تخلى عنهم مثلما في الثمانينيات قبيل اندلاع الانتفاضة الأولى في 1987.
أقوال اشتية تعكس اليأس الشديد في الطرف الفلسطيني، الذي يشتد إزاء التقارير حول صفقة القرن للإدارة الأمريكية، التي تم تأجيل عرضها حتى شهر حزيران بعد شهر رمضان. لا يوجد للرئيس ترامب ومساعديه حتى التفاخر بالظهور كوسطاء نزيهين بين إسرائيل والفلسطينيين، وللفلسطينيين أسباب كثيرة من أجل القلق. التسريبات حول الخطة تبشر بأن الولايات المتحدة تريد أن تعرض على الفلسطينيين أقل من دولة؛ في مقابلات الوداع إثر تركه لوظيفته، حذر السفير الفرنسي في واشنطن، جيرار آرو (في السابق كان سفيراً متميزاً لبلاده في إسرائيل وله صداقة مع شخصيات رفيعة كثيرة هنا) من أن إسرائيل تنزلق نحو نظام الأبرتهايد في المناطق؛ مستشار رئيس الحكومة، يونتان اوريخ، تفاخر في مقابلة مع «المصدر الأول» بأن نتنياهو نجح في «تحقيق الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، وبالأساس حطم حلم الدولة الفلسطينية في هاتين المنطقتين». وفي قائمة طلبات توحيد أحزاب اليمين في المفاوضات الائتلافية، هناك أيضاً فرض السيادة على المستوطنات في الضفة وكذلك إجازة قانون الحصانة الذي يمكنه أن يضمن بقاء نتنياهو في الحكم لسنوات عديدة.
دعم ترامب الواضح لنتنياهو يؤدي إلى ثقة مبالغ فيها إلى درجة الغرور في اليمين، التي تتعزز إزاء لامبالاة المجتمع الدولي بضائقة الفلسطينيين. ولكن حتى لو تم للحظة تجاهل التداعيات الأخلاقية لاستمرار الاحتلال خلال سنوات، فهذه مقاربة خاطئة. وسواء طال الوقت أم قصر، المناطق يمكن أن تشتعل مرة أخرى. قبل بضع سنوات وضع قسم الاستخبارات في الجيش تحذيراً استراتيجياً أمام المستوى السياسي حول احتمال اشتعال كبير في المناطق. التحذير لم يتحقق، باستثناء موجة عمليات الطعن والدهس التي اندلعت في خريف 2015 وتم قمعها خلال بضعة أشهر. إن تمسك الاستخبارات العسكرية بالعودة إلى تحذيرها أثار عدم الرضى، وأحياناً حتى السخرية في أوساط الوزراء. ولكن مواصلة المنحى الحالي يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقق السيناريو المتشائم.
العقيد احتياط ميخائيل ملشتاين، خدم إلى ما قبل سنة في الجيش، ومن بين الوظائف التي تولاها منصب رئيس الساحة الفلسطينية في وحدة التحقيق في الاستخبارات العسكرية. ملشتاين قال أمس للصحيفة إن «سر الهدوء النسبي في الضفة الغربية خلال أكثر من عقد هو نسيج الحياة المستقر نسبياً. الذكرى الصادمة في أوساط الجمهور الفلسطيني من فترة الانتفاضة ومعرفة ثمن الخسارة، أوقفت حتى الآن حدوث انفجار كبير. حقيقة أن المناطق ما زالت هادئة تدل على الصدمة وعلى الاستيعاب التدريجي لمعنى الخطوات الاقتصادية التي تلقتها السلطة. ولكن الانفجار يمكن أن يأتي بسرعة».
ملشتاين قلق من احتمالية أن ينضم آلاف الفلسطينيين في الضفة إلى الاضطرابات العنيفة أو الأعمال الإرهابية، ومن ضربة أخرى في أداء السلطة، التي ستضعف سيطرتها على الأرض. جهات فلسطينية رفيعة، قال، تكثر من التحذير من المس بالتنسيق الأمني مع إسرائيل، والعاملون في الميدان يمكنهم ترجمة ذلك إلى فهم أنه مسموح استخدام العنف. «حكومة إسرائيل يجب عليها أن تظهر البراغماتية مثلما تفعل في غزة»، قال. «إذا لم يحدث ذلك، فنحن سنصل إلى تدهور أمني سريع».

الإعفاء والعقوبة

يتواصل مجيء الهدايا من أمريكا حتى بعد الانتخابات. هذا الأسبوع أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن إلغاء الإعفاء من العقوبات، الذي منحته إدارة ترامب لثماني دول، واصلت في السنة الأخيرة استيراد النفط من إيران. هذه الخطوة تنضم إلى إعلان أمريكا هذا الشهر عن حرس الثورة الإيراني كمنظمة إرهابية، وإلى قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي في أيار الماضي.
الولايات المتحدة تواصل استخدام سياسة ضغط بالحد الأقصى على النظام وفقاً للأفكار التي صيغت في الـ 12 بنداً لخطة بومبيو للتعامل مع إيران قبل سنة تقريباً. الأمريكيون يأملون بأن تسريع الضغط الاقتصادي سيجبر الإيرانيين على العودة إلى طاولة المفاوضات والبحث في صيغة جديدة للاتفاق. وسيطلب منهم أكثر مما طلب منهم في اتفاق فيينا من العام 2015 في عهد إدارة الرئيس اوباما.

وضع كل بيضاته في سلة ترامب فاطمأن للّغم الإقليمي الإيراني

الإدارة الأمريكية تعمل في سوق نفط مريحة نسبياً وتعتمد على تعهدات السعودية ودول خليجية أخرى لزيادة إنتاج النفط، بصورة لا تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط. ولكن إلغاء الإعفاءات سيؤثر على شبكة العلاقات التجارية المتوترة أصلاً بين الولايات المتحدة والصين، وهي إحدى الدول التي حظيت حتى الآن بالإعفاء الأمريكي. ترامب يعمل من خلال دعم السعودية وتشجيع إسرائيل، ولكن أوروبا ليست تماماً ضمن اللعبة. الأوروبيون مثل الروس والصينيين، يتمسكون باتفاق فيينا ولا يقدرون أن الخطوات الأمريكية ستثمر أي فائدة.
قبل تعيينه في وظيفة مستشار الأمن القومي، تعامل جون بولتون بإيجابية مع إمكانية إسقاط النظام في طهران. الوزير بومبيو، حسب تقارير في هذا الأسبوع في موقع «ايكسيوس»، قال لعدد من الإيرانيين في المنفى العكس: «لا يوجد للولايات المتحدة خطة عسكرية لمحاربة إيران. وهي لا تؤيد منظمات معارضة تعمل على تغيير النظام. الهدف هو العودة إلى طاولة المفاوضات. ولكن ليس مثلما في إدارة أوباما، ترامب لا يكتفي بقيود مؤقتة على المشروع النووي الإيراني وفرض الشفافية. الرئيس الأمريكي يريد أكثر من ذلك، يريد تعهداً بوقف التآمر وتقديم المساعدة لتنظيمات إرهابية في الشرق الأوسط.
مثلما في القناة الإسرائيلية ـ الفلسطينية، ترامب على قناعة بأن تجربته في عقد الصفقات العقارية ستساعده أيضاً في الحصول على صفقة أفضل من طهران. يبدو أن الإيرانيين في هذه الأثناء يرفضون التأثر، ومن المعقول أن يفضلوا إطالة الوقت على أمل أنه في تشرين الثاني 2020 سيخسر ترامب في الانتخابات، والرئيس الديمقراطي الذي سيحل مكانه سيطرح مقاربة مريحة أكثر بالنسبة لهم.
حسابات نتنياهو معاكسة في الهدف. أول أمس جاء في «هآرتس» أن ستة من المتنافسين على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة تعهدوا في الأسابيع الأخيرة بالتوقيع من جديد على الاتفاق النووي إذا فازوا في الانتخابات. في محيط رئيس الحكومة قلقون من تطورين محتملين ـ تحول الخلاف على العلاقة مع إيران إلى المسألة المركزية في الانتخابات وعودة أمريكا إلى الاتفاق في حالة فوز مرشح ديمقراطي.
الانشغال الكبير بذلك في واشنطن يثير الشعور بذعر معين في إسرائيل، وحتى ربما الرغبة في تسريع خطوات غير قابلة للتراجع عنها من قبل ترامب تجاه إيران، حتى قبل الانتخابات في الولايات المتحدة. في الساحة الأمريكية نتنياهو يضع كل البيض في سلة واحدة، سلة ترامب. إن تشابه المصالح بينهما يزيد الاغتراب تجاه إسرائيل، بالتأكيد في المعسكر الأكثر يسارية للحزب الديمقراطي. هذا الأسبوع قال أحد المرشحين البارزين في السابق السناتور بيرني ساندرز بأنه «يؤيد إسرائيل 100 في المئة، لكن حكومة نتنياهو حكومة عنصرية». قبل سنتين تقريباً كان يصعب تخيل حتى تصريحات كهذه من شخصية كبيرة ديمقراطية.

بين مملكتين

على هامش الأقوال، أعلن نتنياهو هذا الأسبوع بأنه سيسمي مستوطنة في هضبة الجولان على اسم ترامب كعلامة شكر على الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان. لا شك في أن نتنياهو يعرف، حتى أكثر من زعماء آخرين، الوقود الذي يحرك ترامب، وهو الحاجة غير النهائية للثناء وحسن النوايا الاستخذائية.
ذات مرة، قبل سنوات، اعتادت الاستخبارات الإسرائيلية الحديث عن سوريا، الدولة، بصيغة المفرد المذكر: ماذا يخطط السوري، ماذا سيفعل السوري. القصد كان الرؤساء: الأسد، والأب، وبعده الابن، وذلك على فرض أنه فقط شخص واحد هو الذي يقرر السياسة في دمشق. الآن وعلى الرغم من أنه يحكمها نظام ديمقراطي، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تتصرف قليلاً كممالك: الزعيم أ يعلن أنه سيسمي مستوطنة على اسم الزعيم ب. بهذا لا تنتهي خطوط التشابه بين الدولتين. ترامب تخلص بصعوبة من تقديمه للمحاكمة في قضية التدخل الروسي في الانتخابات، أيضاً بسبب أن المدعي الخاص، روبرت مولر، عمل حسب توجيهات وزارة العدل التي تقول إنه لا يمكن تقديم رئيس في منصبه للمحاكمة. نتنياهو عمل في نفس هذه الأيام من أجل أن يبلور في اللحظة الأخيرة خطوات تشريعية يأمل بأن تنقذه من الإجراءات القضائية ضده.

الخروج إلى مصر

صباح أول أمس، بعد وقت طويل من هرب الخيول من الإسطبلات، اختارت قيادة محاربة الإرهاب (تحت غطاء «مصدر أمني كبير») محاولة أن تغلق خلفها الأبواب. في العنوان الرئيسي في «يديعوت أحرونوت» دعي عشرات آلاف الإسرائيليين الذين اختاروا تجاهل تحذير الحملة وقضاء أيام عيد الفصح في سيناء، العودة فوراً إلى بيوتهم. التحذير من عمليات في سيناء، قالوا في مقر القيادة، بقيت على حالها. «اخرجوا من سيناء بأسرع وقت ممكن. لا تبقوا هناك، هذا أمر خطير». هذه الدعوة استقبلت بلامبالاة تامة.
تدفق الجمهور نحو سيناء ينبع أساساً من الفجوة الكبيرة في الأسعار لصالح شواطئ شبه الجزيرة مقارنة مع المواقع السياحية داخل إسرائيل. أيضاً التوقف الطويل في العمليات ضد السياح هناك يساعد على الشعور بالأمان بشكل متزايد، وربما أضيف إلى ذلك خوف أساسي من تدخل مبالغ فيه للسلطات في الاختيارات الشخصية التي يقوم بها المواطن. الدولة تناور هنا في منطقة حساسة، بسبب العلاقات القريبة مع مصر. العلاقة مع القاهرة وثيقة أكثر مما كانت دائماً. ومصر لا تريد أن تخسر مداخيل السياحة التي يجلبها السياح من إسرائيل. قبل بضع سنوات، على خلفية تحذير فوري من عملية إرهابية، أغلقت مصر لفترة قصيرة معبر طابا أمام السياح الإسرائيليين بناء على طلب من القدس. هذه الخطوة الاستثنائية لم تتكرر هذا الأسبوع.

عاموس هرئيل

- ترامب وعباس يتصارعان على الموقف العربي من خطة السلام

إدارة ترامب تتصارع الآن مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على موقف الدول العربية من خطة السلام، التي يتوقع نشرها بعد شهر رمضان الذي سينتهي في شهر حزيران. دبلوماسيون عرب وأوروبيون يجرون محادثات مع الإدارة قالوا إن كبار الشخصيات في إدارة ترامب قلقون من إمكانية أن الأردن ومصر، الدولتين الوحيدتين اللتين لها اتفاقات سلام مع إسرائيل، ستردان بشكل سلبي على الخطة، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على دول أخرى في المنطقة.
أحد الدبلوماسيين العرب الذي تحدث مع «هآرتس» قال إن الإدارة تدرك أن الأردن سيجد صعوبة في تأييد الخطة كما الخطة كما تظهر في هذه اللحظة مما ينشر في وسائل الإعلام ـ بدون دولة فلسطينية وبدون حل لمشكلة اللاجئين. قبل بضعة أشهر قال الملك عبد الله في محادثة مع زعماء يهود في الولايات المتحدة، رغم أنه أجرى لقاءات كثيرة مع الطاقم الأمريكي برئاسة غارد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، إلا أنه لا يعرف ما تتضمنه الخطة الأمريكية. «ببساطة لا فكرة لدي»، قال الملك عبد الله في المقابلة.
مصدران أمريكيان شاركا في اللقاء قالا للصحيفة إن الملك أظهر تشاؤمه من الخطة وفضل التحدث عن أمور أخرى مثل الوضع في سوريا وأزمة اللاجئين التي تثقل على الأردن.
في البيت الأبيض، في المقابل، يرسمون صورة متفائلة أكثر مع التأكيد على علاقة كوشنر الشخصية مع شخصيات في دول الخليج. هدف الإدارة هو الفصل بين الرد الفلسطيني على خطة السلام والرد الأوسع للعالم العربي. هذا على فرض أن الفلسطينيين سيردون سلباً على الخطة عند نشرها. في الإدارة يدركون أن الأردن ومصر ودولاً عربية أخرى سيجدون صعوبة في أن يدعموا الخطة بشكل واضح، والتي لن تشمل دولتين وعاصمة لفلسطين في شرق القدس. ولكنهم يأملون أن رد العالم العربي لن يكون الرفض المطلق للخطة، بل موافقة على أن يروا فيها قاعدة للنقاش.
وفقاً لذلك حاول المبعوث الخاص لترامب في الشرق الاوسط، جيسون غرينبلاط، مؤخراً، نفي منشورات في العالم العربي قيل فيها إن الخطة ستمس بالسلامة الجغرافية أو مصالح مصر والأردن. في الأسبوع الماضي نفى غرينبلاط في حسابه على «تويتر» منشورات قالت إن مصر سيطلب منها في إطار الخطة إعطاء مناطق للفلسطينيين في شبه جزيرة سيناء كتعويض عن ضم إسرائيلي في الضفة الغربية. غرينبلاط أكد في أقواله أن سيناء «تعود للمصريين» ووصف التقارير حول هذا الموضوع بـ «أخبار كاذبة». المبعوث الخاص طلب منه التعليق على هذه القضية بعد أن حظيت منشورات حول الموضوع في الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام العربية بمئات آلاف المشاركات.

تجنيد خبراء في الشرق الأوسط للدفاع عنها عبر وسائل الإعلام

وقد علمت «هآرتس» أن غرينبلاط التقى في السنوات الأخيرة، عدة مرات، منظمات يمينية في الولايات المتحدة، تعمل على دفع فكرة تبادل الأراضي في شبه جزيرة سيناء. جزء من اللقاءات جرى قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض، في الوقت الذي كان فيه غرينبلاط مستشاراً لحملة ترامب الانتخابية. في السنة الماضية عندما اكتشفت شخصيات رفيعة سابقة في إدارة اوباما موضوع هذه اللقاءات، توجهت إلى غرينبلاط وحذرته من أن الأمر يتعلق بفكرة ستعرض للخطر العلاقات بين إسرائيل ومصر. وقد أجاب رداً على ذلك بأن الأمر يتعلق بـ «نظرية مؤامرة» واتهم الفلسطينيين بنشر معلومات كاذبة استهدفت إثارة الرأي العام في العالم العربي ضد الخطة.
نفي آخر اضطر غرينبلاط إلى أن ينشره مؤخراً يتعلق بالأردن وبفكرة «كونفيدرالية إسرائيلية ـ أردنية ـ فلسطينية» كحل محتمل للنزاع. البيت الأبيض سبق ونفى في السابق أنه ينوي اقتراح كونفيدرالية كهذه، لكن الأربعاء الماضي كتب غرينبلاط مرة أخرى في «تويتر» أن ليست هذه هي الخطة، من أجل صد منشورات حول هذا الموضوع في الأردن. مصادر في الإدارة الأمريكية على قناعة بأن الفلسطينيين يعملون على نشر مواضيع كهذه من أجل تخريب احتمالية نجاحهم.
في الإدارة الأمريكية يحاولون تجنيد خبراء في شؤون الشرق الأوسط يوافقون على الدفاع عن الخطة ويحاولون عرض أفضلياتها على وسائل الإعلام العربية. «هم يعرفون أن أمامهم تحدياً كبيراً في هذا القطاع»، قال للصحيفة شخص يقدم الاستشارات للإدارة حول هذا الموضوع.
في عدد من المحادثات عرض كبار رجال الإدارة كمثال لنجاح عملية كهذه الرد في العالم العربي على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في السنة الماضية. الدول العربية أدانت حقاً هذه العملية، لكن كانت هناك فجوات في قوة ردها. الأردن كان الأبرز في رده الشديد، والسعودية ومصر ردتا بضبط أكبر للنفس.
من يعمل على إفشال جهود أمريكا لدى هذه الدول هو محمود عباس الذي زار هذا الأسبوع القاهرة. عباس جاء إلى العاصمة المصرية بعد أسبوع ونصف من زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في واشنطن حيث تم استقباله بحفاوة في البيت الأبيض. الدبلوماسيون العرب الذين تحدثوا مع «هآرتس» قالوا إن عباس يريد التأكد من أن زعماء الدول العربية لن يغيروا مواقفهم من الخطة في أعقاب وعود من الإدارة في مواضيع اقتصادية وأمنية.
في البيت الأبيض يأملون بأن العلاقات القريبة لكوشنر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومع نظيره في دولة الإمارات محمد بن زايد، ستجعل هذه الدول تحتل عنصر المفاجأة في موقفها من الخطة. محمود عباس في المقابل يعتمد على ملك السعودية، سلمان، الذي أظهر في السنة الأخيرة مقاربة «أكثر تقليدية» حول القضية الفلسطينية. ووعد بأن دولته ستعارض أي خطة لا تستجيب لمواقف الفلسطينيين.

أمير تيفون



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7884 / 2184625

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع عن العدو  متابعة نشاط الموقع عين على العدو   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2184625 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40