الجمعة 22 آذار (مارس) 2019

مواضيع الصحافة الاحتلالية

أهي نهاية عصر منظمة التحرير كممثل وحيد للشعب الفلسطيني؟
الجمعة 22 آذار (مارس) 2019

- أهي نهاية عصر منظمة التحرير كممثل وحيد للشعب الفلسطيني؟
رغم الجهود المتواصلة للتقريب بين فتح وحماس، فإن الإحساس السائد هو أنه الأمل تبدد في المصالحة بينهما في المستقبل المنظور. على هذه الخلفية تبرز محاولات حماس وغيرها من منظمات المعارضة للتشكيك في مكانة م.ت.ف كممثل وحيد للشعب الفلسطيني ومكانة فتح العليا في م.ت.ف. أما فتح من جانبها فتخشى جداً هذا التطور، تجد صعوبة في أن تصدق أن هناك من يفكر بالتشكيك بالمكانة التقليدية «المقدسة» لـ م.ت.ف، وترى في مجرد التفكير في هذا الاتجاه خطراً وجودياً على «المشروع العظيم» الذي بنته. أما ما أدخلته إدارة ترامب إلى هذا البحث فهي أمور حرجة، بسبب التشجيع الكبير الذي فيها لخصوم أبو مازن. وبلا إسناد من إسرائيل ودعم من أمريكا، يسحب من تحت أقدام أبو مازن وقيادة م.ت.ف الأساس الذي بني عليه طريقهم على مدى سنوات عديدة.
أما الجمود السياسي فسيتعمق على ما يبدو، وفي غياب إنجاز حقيقي للفلسطينيين في إطار خطة القرن التي تنوي إدارة ترامب وضعها على الطاولة سيتعمق أيضاً إحساس الفشل في رام الله. في هذه الظروف ستجد م.ت.ف صعوبة في أن تشكل «الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني» والسلطة الفلسطينية. إن تضعضع الاستقرار في الساحة الفلسطينية وتصعيد التوتر بين المعسكرين يضع إسرائيل أمام تحد أمني لم تواجهه في السنوات الأخيرة.
منذ فشل المحاولة المصرية الأخيرة لحمل الفصيلين الفلسطينيين الكبيرين على المصالحة، تعاظم الصراع بينهما. فقد أعلن أبو مازن في 22 كانون الأول 2018 عن حل المجلس التشريعي، الذي لحماس فيه أغلبية منذ انتخابات 2006. بعد ذلك في 6 كانون الثاني 2019 أمر مراقبي السلطة الفلسطينية بترك معبر رفح. وهكذا أجبر أبو مازن مصر على إغلاق المعبر وإعادة الحركة فيه إلى صيغتها التي كانت عملياً قبل عودة موظفي السلطة إلى هناك (في تشرين الأول 2017). أي فتح المعبر لفترات زمنية قصيرة وبتواتر متدن. والخطاب الذي نشأ منذئذ بين السلطة وحماس بات شديداً، مفعماً بالاتهامات المتبادلة وبالعدوانية، ويتميز بعدم الاستعداد لاستئناف الحوار.
لقد تلقى هذا التوتر تعبيراً حقيقياً في اجتماع الفصائل الفلسطينية الذي انعقد في موسكو في 12 و 13 شباط بدعوة من وزارة الخارجية الروسية. فقد عارض الجهاد الإسلامي إصدار بيان مشترك في ختام الاجتماع، نجح في أن يجر حماس أيضاً إلى الموافقة على ذلك ومنع، لاستياء المضيفين، نشره. ضمن أمور أخرى، رفض الجهاد الإسلامي وحماس الإشارة في البيان إلى أن «م.ت.ف هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني». أما التعليل الذي ذكره الجهاد الإسلامي فكان أن م.ت.ف غيرت طريقها وأنه سيكون ممكناً الانضمام إليها واعتبارها ممثلاً وطنياً وحيداً إذا ما أجرت إعادة تنظيم وعادت إلى «الطريق القويم»، أي: أن تلغي إعلان الاستقلال الفلسطيني، واتفاقات أوسلو، وتتخلى عن كل الإنجازات السياسية التي حققتها حتى الآن. وبالمقابل، فإن عزام الأحمد، رئيس وفد فتح إلى هذه المحادثات وعضو اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، ادعى بأن الاعتراف بـ م.ت.ف لا يمكن أن يكون مشروطاً، وأن م.ت.ف هي المنظمة ولا أحد غيرها، بكل التزاماتها والاتفاقات التي وقعت عليها، وإضافة إلى ذلك وصف رجال الجهاد الإسلامي بالجهلة. أما انجرار حماس وراء الجهاد الإسلامي ـ التنظيم الذي مكانه في المراتبية التنظيمية أدنى منها ـ فكانت مفاجأة، لأنه بين المنظمتين توجد خصومة وصلت غير مرة إلى المواجهة. وتدور الخصومة بينهما، ضمن أمور أخرى، حول التحولات التي طرأت في السنوات الأخيرة في نهج حماس من مسألة الموقف من م.ت.ف والتي وجدت تعبيرها في برنامجها السياسي الأخير الذي نشر في 17 أيار 2018، وتقرر فيه أن «م.ت.ف هو الإطار الوطني لعموم الفلسطينيين».
من هنا فإن الإحساس السائد هو أنه، رغم الجهود المتواصلة للتقرب بين فتح وحماس، تبدد الأمل في المصالحة بينهما في المستقبل المنظور. على هذه الخلفية تبرز محاولات حماس ومنظمات المعارضة الأخرى التشكيك بمكانة م.ت.ف كممثل وحيد للشعب الفلسطيني ومكانة فتح العليا في م.ت.ف. أما فتح من جانبها فتخشى جداً هذا التطور، تجد صعوبة في أن تصدق بأن هناك من يتصور التشكيك بمكانة م.ت.ف التقليدية «المقدسة»، ترى بمجرد التفكير في هذا الاتجاه خطراً وجودياً على «المشروع العظيم» الذي بنته وترد باستخفاف هذه الأصوات، التي تطلق على حد تعريف الناطقين بلسان المنظمة على ألسنة عديمي التجربة.
غير أنه جرى مؤخراً اجتياز لخط لم يسبق أن اجتيز ـ حتى في سنوات الهزة الشديدة «للربيع العربي». فالمتظاهرون في قطاع غزة، بتشجيع وبتنظيم من حماس، يجرون مظاهرات تطلق في أثنائها هتافات لرحيل أبو مازن. فدعوة «ارحل»، التي تطلق في المظاهرات في ميدان التحرير في القاهرة ضد نظام حسني مبارك تطلق في شوارع القطاع أيضاً. ومع أن هذه الدعوة تنبع من الإحباط والغضب الشديدين المتراكمين ضد أبو مازن على دفع عدم الرواتب للموظفين في القطاع وتقليص ميزانيات المنطقة إلا أن هذا في نظر فتح، السلطة وم.ت.ف، هو سابقة خطيرة. وحتى لو لم يكن نداء كهذا بعد لخلق زخم يجذب وراءه كتلة متظاهرين كبرى، إلا أنه يخلق آلية خطيرة من شأنها أن تقوض الاعتراف بـ م.ت.ف كممثل وحيد «للقضية الفلسطينية»، وقدرتها على أن تترجم هذا الاعتراف إلى خطوات سياسية. كما أن حماس تدير سياسة خارجية مستقلة خاصة بها، تذكر في كل محفل يظهر فيه أبو مازن أو مندوب م.ت.ف أو مندوب السلطة أنهم لا يمثلون الشعب الفلسطيني، وهكذا تصعد التوتر بين المنظمتين في الساحة الفلسطينية.
وفي خلفية الخصومة أيضاً ـ السياسة التي تتبعها في السنتين الأخيرتين إدارة ترامب ومنذ زمن ما إسرائيل أيضاً، والتي تضعف جداً السلطة الفلسطينية، تفرغها من محتواها وتعزز حماس وباقي خصوم السلطة من الداخل. لقد تبنت إدارة ترامب عملياً موقف إسرائيل في مسألة النزاع مع الفلسطينيين، قلصت تقريباً كل أموال المساعدة للفلسطينيين التي حولتها الولايات المتحدة حتى تأسيسها، وألغت الميزانية التي درجت الإدارات السابقة على ضخها إلى وكالة الغوث، وبذلك تكون قد حددت عملياً بأن مشكلة اللاجئين لم تعد موجودة إلا بحدود طفيفة. كما حددت إدارة ترامب موقفاً في موضوع القدس، هو أقرب إلى موقف إسرائيل منه إلى موقف الفلسطينيين، في أنها نقلت السفارة الأمريكية إلى المدينة. وتشوشت منظومة العلاقات بين أبو مازن وإدارة ترامب جداً منذئذ. خطاب الإدارة تجاهه نقدي للغاية ويعكس رؤيتها له كمصدر مانع ومعيق، وليس بالذات كزعيم محب للسلام ـ مثلما تراه محافل أخرى في الأسرة الدولية. أما أبو مازن من جهته فقد أعرب عدة مرات عن عدم ثقته بإدارة ترامب وقضى بأن هذه لا يمكنها أن تكون وسيطة أو راعية وحيدة لكل مفاوضات تنشأ بين إسرائيل والفلسطينيين. كما يرفض أبو مازن اللقاء بمبعوثي الإدارة إلى الشرق الأوسط، يكافحهم من خلال الدول العربية وعملياً أخرج نفسه من دائرة النفوذ الأمريكي.
وبالفعل فإن باقي الفصائل الفلسطينية تحترم أبو مازن لمعارضته الأفكار التي تصدر عن محافل في إدارة ترامب. خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس سابقاً، قال مؤخراً إنه جدير بالتقدير على تصديه للسياسة الأمريكية. ومع ذلك، فضلاً عن كل هذا يتبلور الاستنتاج بأن ليس لـ م.ت.ف أي قوة دون إسناد أمريكي ـ إسرائيلي، وهي ببساطة تفقد حضورها. ودعا هاني المصري، كاتب رأي شائع النشر والأهمية، والذي لا يعد من مقربي أبو مازن أو من التيار الإسلامي، في 26 شباط، إلى الامتناع عن الدعوات الخطيرة «ارحل» تجاه أبو مازن، ولكنه بالمقابل دعا فتح، المنظمة المركزية في م.ت.ف، إلى الاستيعاب بأنها لم تعد حركة بين متساوين وأن المساواة بين الفصيلين الكبيرين في الحركة الفلسطينية يستوجب الكف عن العمل بشكل مستقل.
غير أن فتح تجد صعوبة في أن تسلم بهذا الواقع، من التعادل الذي يمس بمكانتها ويؤدي إلى شلل الساحة الفلسطينية. ويواصل أبو مازن المطالبة بالتبعية المطلقة من جانب حماس للسلطة الفلسطينية: «سلطة واحدة، سلاح وأحد وقانون واحد». وهو يعتقد أن الوحدة الفلسطينية فقط يمكنها أن تتصدى لـ «صفقة القرن» لترامب.
ورغم وعيه لذلك في أن إسناداً إسرائيلياً أمريكياً وعربياً فقط يمكنه أن يعزز مطالبته بوحدة السلاح والحكم، فإنه يتمسك بالتعهدات الدولية التي اخذتها على عاتقها م.ت.ف ويخشى من لبننة الساحة الفلسطينية، مما لا يسمح بالايفاء بهذه التعهدات. في السنة الأخيرة تعاظم خوف أبو مازن مما يراه كمحاولة أمريكية، مسنودة بدعم إسرائيلي، لإقامة كيان فلسطيني مستقل في قطاع غزة فقط، بدلا ًمن السعي إلى استئناف المفاوضات على كل مناطق ب و ج، مثلما تفترض اتفاقات اوسلو. أما حماس من جهتها فتتمسك بالتمييز بين «سلاح المقاومة»، الذي هي غير مستعدة لأن تسلمه «طالما استمر الاحتلال»، وبين السلاح الآخر ـ حفظ النظام العام)، الذي ليست معنية به. وتؤمن قيادتها بأن لها تأييداً شعبياً لهذا الموقف، ولكنها تخشى من الضغط الاقتصادي الذي يمارسه أبو مازن عليها والذي لم يوجد له في هذه الأثناء حل بديل.
هذا هو إذن واقع لم تشهد م.ت.ف مثيلاً له. فالجمهور الفلسطيني، كمن رأى في هذه المنظمة ممثله الوحيد، يفهم أنه لم يعد ممكناً تجاهل سيطرة حماس، التي تتنافس منذ 1987 مع فتح على قلبه. يبدو أنه بعد كل الخطوات التاريخية التي اتخذتها م.ت.ف، وبعد كل المحاولات وكذا بعد كل الإخفاقات التي شهدتها الساحة الفلسطينية، ثمة اعتراف آخذ في النضوج جماهيرياً واسعاً بأنه لا مفر من اندماج متفق عليه بين استراتيجيتي الكفاح لفتح وحماس. ومسألة «اليوم التالي لأبو مازن» تتركز أساساً في مسألة أي طريق يأخذ به الشعب الفلسطيني وليس في مسألة من يخلفه في مناصبه المختلفة.
إن ما أدخلته إدارة ترامب إلى هذا البحث هو نقاط حرجة، بسبب التشجيع الكبير الذي فيه لخصوم أبو مازن. فبدون إسناد إسرائيلي ودعم أمريكي، يسحب من تحت أقدام أبو مازن وقيادة م.ت.ف الأساس الذي بنوا عليه طريقهم على مدى سنوات طويلة. الجمود السياسي سيتعمق على ما يبدو، وفي غياب إنجاز حقيقي للفلسطينيين في إطارة خطة القرنن التي تنوي إدارة ترامب وضعها على الطاولة سيتعمق أيضاً إحساس الفشل في رام الله. في هذه الظروف ستجد م.ت.ف صعوبة في أن تواصل كونها تشكل «الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، كحكم فلسطيني داخلي، ستضعف أكثر فأكثر. إن ضعضعة الاستقرار في الساحة الفلسطينية وتعاظم التوتر في المعسكرين فيها سيطرح على إسرائيل تحدياً أمنياً لم يسبق لها أن واجهته في السنوات الأخيرة. صحيح أن هناك احتمالاً عالياً في أن تكون إسرائيل هي التي تحسم الصراع الفلسطيني الداخلي في الضفة الغربية لصالح المعسكر الوطني/ فتح / م.ت.ف، ولكن الخطوة ستنطوي على مس شديد بشرعية هذا المعسكر وإضعافه. مشكوك جداً أفي ن تتمكن عندها من مواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل، في صيغته المعروفة اليوم.

يوحنان تسوريف
نظرية عليا 21/3/2019

- سباق التسلح بـ «من هو صهيوني» وفزاعة «العرب يتفقون»
مسألة مكانة المواطنين العرب في المجتمع الإسرائيلي وخاصة في المجال السياسي، تحولت إلى محور رئيسي في الحملة الانتخابية الحالية بصورة أكبر مما هو متوقع. في الانتخابات السابقة نتنياهو استل هذه الفزاعة «العرب يتدفقون بجموعهم» فقط في اللحظة الأخيرة من أجل حث مصوتيه الراضين عن أنفسهم للإسراع نحو صندوق الاقتراع. هذه المرة أمام خصم أمني قوي، فقد داس على دواسة التحريض من البداية.
التغيير الدراماتيكي هذا كان يمكن أن يكون مدخلاً لنقاش عام جدي على دور المواطنين العرب في المجتمع الإسرائيلي وفي قيادته المستقبلية. بدلاً من ذلك، تحرك بين نزع الشرعية عنهم وشيطنتهم في الجانب اليميني من الخارطة، مقابل تجاهل وتنصل منهم من جانب أحزاب الوسط، بروح مقولة «الزعبيين» ليئير لبيد. قبل وقت طويل من الانتخابات الحالية نجحوا في المؤسسة السياسية اليمينية (ومن يخدمونها في وسائل الإعلام والمجتمع المدني) في تحويل سباق التسلح لـ «من هو صهيوني» إلى الاختبار النهائي للشرعية السياسية الإسرائيلية. الانتخابات شددت النغمة وزادت الخطر الكامن في شطب كامل لخمس السكان من المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهم.
في الأسبوع الماضي، بالتحديد شخصية غريبة عن الخطاب السياسي باسم روتم سيلع، أيقظتنا للحظة من السبات الوطني المتطرف ـ المحافظ. مثلما في قصة «الملك عار»، كانت هي الوحيدة التي تجرأت على سؤال نتنياهو ما لم يتجرأ على سؤاله كبار الجنرالات الذين يتفاخرون باستبداله ـ ما هو السيئ في الحقوق المتساوية للمواطنين العرب ومشاركتهم في القيادة؟ لماذا يحظر الحديث عن هذا موضوع ؟
هذه العاصفة الصغيرة والردود الشديدة التي جاءت في أعقابها أدت إلى تغطية وتمثيل «طبيعي» للمواطنين العرب، بعيداً عن التأطير الأمني المهدد الذي اعتدنا عليه. ولكن يتبين أنه حتى في هذه اللحظة النادرة عندما طرحت على رأس جدول الأعمال مسألة الشرعية السياسية للمواطنين العرب الآن أخيراً، تبين أن أغلبية وسائل الإعلام بشكل عام لم تكلف نفسها عناء التحدث مع المواطنين العرب حول هذا الموضوع. مؤشر التمثيل لجمعية «احتمال» و«العين السابعة» أظهر أن 12 في المئة من بين 93 مادة نشرت في وسائل الإعلام الرسمية عن تصريحات سيلع ورد نتنياهو تضمنت مقابلات مع عرب. فقط 3 في المئة من تغطية الانتخابات التمهيدية وتشكيل القوائم في الشهر الماضي خصصت لمرشحي القوائم العربية، أيضاً هؤلاء لم يتطرقوا إلى مضمون الحملات والبرامج الانتخابية. هذه نتائج مقلقة تدل على فشل وسائل الإعلام في إسرائيل في إعطاء منصة وتمثيل مناسب للمواطنين العرب حتى في مواضيع تمسهم مباشرة.
في هذه الأثناء عندما يكون طرف واحد في الخارطة السياسية يحول الانقسام والفصل لرسالته الرئيسية، وسائل الإعلام التي تنظر لنفسها بجدية يجب عليها أن تفتح منصات النقاش والمجلات وأعمدة الرأي لممثلي الأقلية العربية وأن تجري معهم نقاشاً جوهرياً حول مكانتهم ودورهم في قيادة الدولة وتشكيل طابعها ومستقبلها. ليس فقط «طريق النوايا» للجنرالات والاستراتيجيين السياسيين للأحزاب اليهودية، بل من خلال وجهة نظر المواطنين والمثقفين ورؤساء السلطات ورجال الثقافة والزعماء العرب الذين يعيشون هنا.
استراتيجية أحزاب اليمين يمكن أن تكون فرصة لوسائل الإعلام والمراسلين في إسرائيل من أجل خلق خطاب جديد. أجل، بما فيها وسائل الإعلام المحافظة التي تميل نحو اليمين وتتفاخر بجلب تمثيل متنوع لإسرائيل. بدلاً من الانجرار إلى داخل الثقب الأسود للفصل والتحريض العنصري الذي يقوده اليمين بصورة نشيطة والوسط بصورة سلبية، حان الوقت لتقوم وسائل الإعلام بأشكالها بمواجهة هذا الخطاب الضار مع صورة الواقع الواسعة القائمة هنا والآخذة في التعزز.
من خلال إدراك ثقل المسؤولية والمهمة الموضوعة على أكتافهم في الديمقراطية بشكل عام وفي فترة الانتخابات بشكل خاص، يجب عليهم استغلال الفرصة وتحدي خطاب التحريض الهائج: المواجهة بين الرسائل الكاذبة والمحرضة وبين الواقع اليومي على الأرض، التوجهات الاجتماعية لاندماج المواطنين العرب وتعزيز الشراكة بين اليهود والعرب في إسرائيل الآن. من يتجول على الأرض ـ في المستشفيات والشركات الكبيرة ومناطق التجارة والجامعات ـ يعرف أن مسألة مشاركة المواطنين العرب ومكانتهم في المجتمع الإسرائيلي ليست على الإطلاق أمراً مشكوكاً فيه، ومشاركتهم في عملية اتخاذ القرارات وقيادة الدولة هي فقط مسألة وقت. بعد وقت طويل من تحول نتنياهو إلى ذكرى بعيدة، سيستمر اليهود والعرب بالعيش معاً هنا، الواحد إلى جانب الآخر، سواء كان ذلك في صراع وعداء متواصل أو بمساواة وشراكة. ونحن فقط يمكننا تحديد ذلك.

عيدان رينغ
هآرتس 21/3/2019

- التجربة اللبنانية دليل على أوهام «أزرق أبيض»… و«الصفقة الحقيقية» هو ما تعرضه إسرائيل على ترامب
أعود إلى مراجعة الفصل السياسي ـ الأمني في برنامج حزب «أزرق أبيض». وحين يكون واضحاً بأن الحديث يدور عن جمع من الكلمات، لم لا يوجد في البرنامج قدرة أو نية على تنفيذها؟ فأنا أجدني حقاً أتقيأ من دعاية الانتخابات التي تعنى بكل شيء، باستثناء المواضيع التي على جدول الأعمال، والتي تلعب فيها الأحابيل والقصص الكاذبة دور النجم. فالبرنامج يحاول على الأقل أن يعرض، لمن لديه بالطبع ما يكفي من الصبر ليقرأ المادة، الخطوط الأساس لفكر الحزب في المواضيع المختلفة.
رأيت شيئاً وأحداً جيداً في القسم الأمني: قول واضح بأن «هضبة الجولان هي جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل. هذا الموضوع غير قابل للمفاوضات». في ضوء تجربة الماضي المريرة من رابين، مسموح التشكيك بهذا التعهد الحاد. ولكن تعالوا نسمح لقيادة أزرق أبيض بأن تتمتع بالشك.
في نفس الوقت، التقطت عيني في البرنامج مفهوم «تصميم». بمعنى بلورة، إعطاء صورة وإطار. فعلى ماذا يدور الحديث؟ في دولة إسرائيل التي تصمم كل الشرق الأوسط وكأن بها مايكل آنجلو، المصمم لتمثال داود وتمثال موسى بيد واحدة، وباليد الثانية يصمم برسوماته، القبة السيستانية في الفاتيكان.
أعترف بأني حتى الآن لم ألق جنوناً إسرائيلياً مشابهاً، في التقدير الذاتي للدولة، وبرأيي، حتى بعدم فهم الواقع الذي يوجد في الشرق الأوسط.
مثال واحد: القول إن للعديد من الدول في المجال التي يهددها الإسلام المتطرف وداعش، مصلحة مشتركة هامة معنا، من المغرب وحتى الأردن والخليج الفارسي. «هذه الدول مستعدة اليوم لأن تصمم معنا شرق أوسط آخر يلجم العدوان الإيراني ويهزم شيطان الإسلام المتطرف».
هذا بالتأكيد صحيح، فلعدة دول في المنطقة مصلحة أمنية مشتركة مع إسرائيل وهي مستعدة لأن تقيم علاقات معينة معها من أجل التقدم في هذه المصلحة. ولكن أن تصمم معنا شرق أوسط آخر؟ ديمقراطي ما؟ لا يذبح فيه الواحد الآخر؟ لا يبدل التحالفات كما يبدل جرابه؟ نصمم فيه نحن مع السعودية، واليمن، وقطر، والكويت؟ نساعد فيه الملك عبد الله للتغلب على الحركات الإسلامية القوية في بلاده؟
يوجد مكان واحد يمكننا فيه أن نساعد: مصر في شبه جزيرة سيناء. أما كل الباقي فأضغاث أحلام. إسرائيل في دور البطل الذي يهزم الإسلام المتطرف؟ فقط قبل جيل ونصف جربنا أن «نصمم» مصير لبنان الصغير، والذي ليس هو شيئاً مقارنة بمشاكل المجال ـ وتلقينا على رأسنا كما يجدر. اعتقدت أننا تعلمنا شيئاً ما من هذه التجربة المريرة، «أن نصمم» حياة الآخرين. يبدو أن لا.
مثال آخر: القول إننا سنبادر إلى مؤتمر إقليمي يكون فيه الموضوع الهام (إلى جانب «تعميق الانفصال عن الفلسطينيين») هو «المكانة الإقليمية لإسرائيل كقوة قائدة مع شركاء لها، يشاركون مشاركة فاعلة في لقاءات القوى العظمى».
وليس هذا فقط: «إسرائيل ستعرض أمام الرئيس ترامب صفقة القرن الحقيقية: رؤيا شرق أوسط يقوده ويصممه حلفاء الولايات المتحدة وليس المحور المتطرف. هكذا فقط نتمكن من أن نعيد صداقة عظيمة القوة إلى المنطقة ونضمن أن تجد المصلحة الإسرائيلية تعبيرها في كل مكان».
يقرأ المرء ولا يصدق. البطل على دمائنا. كل تفسير هنا ـ زائد.

عاموس غلبوع
معاريف 21/3/2019

- هل سيشكل الانسحاب الروسي من سوريا ورطة لإسرائيل؟

في قصر الرئيس السوري بشار الأسد ليس هناك وقت لاستبدال أدوات الطعام من كثرة الزوار الذين وصلوا في هذا الأسبوع لزيارته. في البداية كان وزير الدفاع الروسي سرجيه شفيغو، وبعد يوم هبط وزير الدفاع العراقي عثمان الغانمي ورئيس الأركان الإيراني محمد باقر، وقريباً يتوقع وصول وفود من دول عربية أخرى لبحث إمكانية دعوة سوريا لقمة الجامعة العربية التي ستعقد في تونس في نهاية الشهر.
رسمياً صرح الضيوف بأنهم جاؤوا للتباحث في استمرار القتال ضد الإرهابيين. وهذه مواضيع يمكن البحث فيها بالهاتف. ولكن الموضوع الرئيسي هو الخطوة الروسية القادمة التي تشغلهم جميعاً كما يبدو. الرئيس الروسي فلادمير بوتين أجرى يوم الأحد جلسة عمل مشتركة مع وزير خارجيته ومع وزير دفاعه شفيغو. وحسب التقارير الروسية والسورية، فقد أمرهم في البدء بسحب القوات الروسية من سوريا، وبداية سحب طائرات سلاح الجو التي تتركز في قاعدة حميميم.
أمس وردت تقارير تقول إن المجموعة الأولى من الطائرات الروسية التي تقوم بالقصف من نوع سوخوي 34، غادرت قبل يوم سوريا وعادت إلى روسيا. اليوم جاءت تقارير تفيد أن الطائرات القتالية الروسية التي عادت مرة أخرى إلى روسيا عادت إلى سوريا من أجل المشاركة في المعركة على محافظة إدلب التي يتركز فيها عشرات آلاف المتمردين. رئيس لجنة الدفاع والأمن في البرلمان الروسي، فيكتور اوزيروف قدر أن روسيا ستبقي في سوريا حوالي ألف جندي، ويبدو أن روسيا تريد التوضيح بالأساس للأسد بأن دورها العسكري النشيط يقترب من نهايته بعد أن «أنهت مهمتها وأعادت سوريا إلى سيطرته».
هذا التصريح غير دقيق تماماً لأن محافظة ادلب ما زالت تنتظر الحل. ويتوقع أن يتطور الأمر إلى معركة عنيفة إذا لم تنجح تركيا في الوفاء بتعهداتها لروسيا وقامت بطرد رجال جبهة النصرة وجيش الإسلام من أراضيها. القوتان الكبيرتان اللتان تملكان قدرات عسكرية تمنع استكمال سيطرة الأسد على سوريا. بين روسيا وتركيا تطايرت مؤخراً شرارات الغضب والتوتر، عندما طلب الرئيس التركي اردوغان من روسيا منحه فترة زمنية أخرى دون التوضيح كيف ينوي القيام بدوره في اتفاق الإخلاء، في حين أن روسيا تسعى إلى استكمال العملية أيضاً بعملية عسكرية ـ من أجل أن تستطيع الانتقال إلى المرحلة السياسية وتنهي الحرب.
من عليها أن تقلق من انسحاب روسيا المتوقع هي إسرائيل التي تعتبر روسيا الضمانة الأهم لمنع تمركز إيران، بالأساس على الحدود مع إسرائيل في هضبة الجولان. روسيا لم تقم بالوفاء بتعهداتها بإبعاد القوات المؤيدة لإيران على بعد عشرات الكيلومترات شرق خط الحدود، وقد اقترحت في آب إنشاء نقاط مراقبة على طول الحدود التي تهدف إلى منع دخول قوات أجنبية قرب الحدود. ولكن الآن فقط استكملت إنشاء نقطة رقابة واحدة يشغلها رجال الشرطة العسكرية الروسية.
حسب المعلومات الروسية، فإن خمس قواعد رقابة أخرى على الحدود ستكون جاهزة للعمل في الوقت القريب، ومن ناحية موسكو لا يوجد ما يمنع عودة مراقبي الأمم المتحدة إلى قواعدهم وإلى مهمات الدورية على طول الحدود في خط «برافو» الذي يعين حدود الانتشار العسكري السوري حسب اتفاق فصل القوات من العام 1974. فعلياً، سبق في شهر آب أن بدأت قوات «الاوندوف» بالقيام بدوريات بشكل جزئي على طول الحدود، لكن الآن يظهر أن هذه القوات ستستطيع القيام مرة أخرى بمهمتها. عودة مراقبي الأمم المتحدة ستدل على عودة السيطرة على الحدود للأسد مثلما كان قبل الحرب، وعلى موافقة إسرائيل على أن القوات السورية يمكنها الاقتراب حتى خط «برافو»، والعودة إلى اتفاقات وقف إطلاق النار التي ستجبر إسرائيل على الامتناع عن الاختراق العسكري لخط الحدود هذا، الذي استخدمه الجيش الإسرائيلي لإجراء اتصالات من أجل تقديم المساعدات لسكان المنطقة.
في إسرائيل يأملون أن خروج القوات الروسية سيستخدم كرافعة ضغط على إيران من أجل أن تسحب أيضاً قواتها، ولكن بالنسبة لإيران ليس هناك في هذه المرحلة أي إشارة على أنها تنوي تبني الخطوة الروسية.
أيضاً العلاقة الرسمية الآخذة في التعزز بين سوريا والعراق تقلق بشكل خاص على خلفية الإعلان عن نية إعادة فتح المعبر الحدودي الموجود قرب مدينة البوكمال. بين العراق وسوريا ثلاثة معابر حدودية، الأول قرب تنف الذي يسيطر عليه الأمريكيون وهدفه منع انتقال قوات إيرانية من إيران عبر العراق إلى سوريا.
الثاني هو اليعروبية في شمال الدولة والذي تسيطر عليه الآن قوات الأكراد السوريين، في حين أن معبر البوكمال يسيطر عليه النظام السوري ويمكن أن يستخدم نقطة انتقال سهلة ليس فقط للبضائع العراقية بل لمقاتلين ووسائل قتالية ستصل عبر العراق إلى سوريا.
سوريا تستخدم ضغطاً شديداً على الأكراد لتسليمها المناطق التي يسيطرون عليها، عندما تعرض عليهم خيارين ـ المصالحة أو استخدام القوة. المصالحة تعني تقديم المناطق التي سيطروا عليها في إطار حربهم ضد داعش إلى أيدي النظام مقابل التعهد بحماية مكانتهم السياسية والحفاظ على حقوقهم في النظام الذي سيقوم بعد الحرب. إذا لم يوافق الأكراد على طلب سوريا فمن المتوقع أن يفتح النظام ضدهم جبهة جديدة تعرض احتمال حصولهم على مكانة مميزة، أو على الأقل حقهم في حقوق مواطنة متساوية. هذان الخياران يضمنان لسوريا أن معبر الحدود الشمالي سينتقل إلى النظام، ومعه سيتضاعف احتمال نقل السلاح عبر سوريا ومنها إلى لبنان.
من هنا تأتي أهمية وجود القوات الأمريكية في سوريا، الضامن لأمن الأكراد من هجمات سورية وتركية، ولسيطرة الأكراد على المعبر الحدودي. السؤال الآن هو من سينجح في إقناع الرئيس الأمريكي ترامب بإبقاء جنوده في سوريا أو على الأقل تأجيل انسحابهم.

تسفي برئيل
هآرتس 21/3/2019

- 



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 93 / 2184635

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع عن العدو  متابعة نشاط الموقع عين على العدو   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2184635 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40