السبت 19 كانون الثاني (يناير) 2019
نقلق عندما يأمن الخوف في “إيلات”

أزمة المعابر الفلسطينية

السبت 19 كانون الثاني (يناير) 2019

- نقلق عندما يأمن الخوف في “إيلات”

أيمن حسين

أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو سيفتتح مطارا دوليا جديدا باسم “رامون”، الأسبوع الجاري، بمدينة إيلات المطلة على البحر الأحمر ـ حسب وكالات الأنباء ـ ويحظى المطار بأهمية كبيرة من جانب حكومة الاحتلال كونه الميناء الجوي الدولي الثاني في إسرائيل بعد مطار “بن جوريون”، وأيضا لسعته الكبيرة حيث سيستضيف 4.5 مليون مسافر سنويا.
شرعت إسرائيل في بناء المطار عام 2014 وأنفقت عليه نحو 460 مليار دولار، ليولد مطارا ضخما ومهيأ لاستقبال كافة الطائرات، وتحديد 60 موقفا لطائرات نقل الركاب الكبيرة، ومهابط طوارئ، والغريب أن إنشاء المطار كان بهدف تعزيز مدينة إيلات كوجهة سياحية عالمية خاصة لجذب السائحين الأوروبيين في فصل الصيف.
الحقيقة أن عقلي لم يقبل فكرة إنشاء هذا المطار، وتساورني الشكوك من ثقة وطمأنينة الحكومة الإسرائيلية في الإقدام على هذه الخطوة، لتدشين محطة جوية كبرى في بقعة غير آمنة ومحاطة بالمخاطر من كل جانب، فقد ورث الإسرائيليون عقيدة الخوف عن أسلافهم من بني إسرائيل الذين يتصفون بالخوف والجبن، فدائما ما يكون الخوف هاجسا لهم والأمن بغية المنال.
وفي العصر الحديث وقبيل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في نهاية السبعينيات، أشار الراحل الدكتور أسامة الباز السياسي المصري البارز في أحد لقاءاته التليفزيونية إلى أنه أثناء المفاوضات كان الإسرائيليون يشددون على طلب الأمن مقابل الانسحاب من بقية الأراضي المصرية، وأن الرئيس المصري الراحل أنور السادات وعدهم بتوفير مطلبهم حال غادروا أراضي سيناء.
الريبة اليهودية لا تسمح لهم بوضع أهم ميناء جوي في مرمى النيران العربية من كل جانب، خصوصا وأن لديهم مطار بن جوريون الذي يقع في العمق الإسرائيلي الآمن؛ لكن في نفس الوقت نتنياهو يظهر توددا غير مألوف للعرب، فقد نقلت شبكة “سي إن إن” الإخبارية سلسلة تغريدات له باللغة العربية يتنصل فيها من إمكانية مواجهة العرب عسكريا للدفاع عن دولته قائلا: “لو كنّا مستعدين للدفاع عن دولتنا بكل قوتنا قد لا نضطر إلى شن حرب شاملة”، ويتودد لنيل رضا العرب مضيفا: “دول إسلامية رائدة تقترب منّا وهي تدرك أننا لسنا عدوا لها وإنما سند ضروري بالنسبة لها”، بل وجه رسالة لرئيس أركان جيشه والمنتهية ولايته الفريق جادي أيزنكوت عبر مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية قائلا: “حولنا إسرائيل إلى قوة عالمية صاعدة؛ فأنت كنت شاهدا على ذلك أثناء لقاءاتك مع رؤساء أركان الجيوش العربية، قد رأيتَ كيف عانقتم بعضكم البعض وحتى تم تصوير ذلك”، على حد تعبيره – بحسب سي إن إن.
ربما تريد إسرائيل تعزيز موقعها المطل على البحر الأحمر، وفي نفس الوقت تحاول إقحام نفسها داخل المنظومة الاقتصادية المزمع إقامتها في منطقة خليج العقبة والبحر الأحمر والتي ستكون بين مصر والسعودية والأردن من نقل وصناعة وتجارة ودعم لوجيستي، وربما تتودد للدول الثلاث لمحاولة كسب رضاها ووضع نفسها تحت الجاهزية الكاملة انتظارا لإشارة رضا، خصوصا وأنها دولة قامت على الانتهازية في بقعة تدرك أن جميع سكانها يبغضونها.
إذا كنت على ثقة بأن العرب غير مهيئين لقبولها، وأن الأنظمة العربية الحالية لديها تحفظات كثيرة معلنة وغير معلنة تجاه الكيان الإسرائيلي المحتل، ومع إيماني الكامل بيقظة الأجهزة الأمنية والمخابراتية في الدول المحيطة بإسرائيل؛ لكن في نفس الوقت لا أستطيع أن أجزم برأي محدد تجاه نية معينة تخفيها إسرائيل، بل تزداد شكوكي ومخاوفي من سوء نيتها، فالجندي الإسرائيلي المدجج بالأسلحة تنزل عليه غمامة الهلع والرعب عندما يرى طفلا فلسطينيا يطارده بحجر فيتوارى منه، ولا يكتسب الإقدام والجسارة إلا عندما تأمن ارتعاداته، فهل أمِن الإسرائيليون مقت العرب؟ أم قرَّت سرائرهم بمخطط غربي جديد؟!

- أزمة المعابر الفلسطينية

د.أسامة نور الدين:
في الواقع أنها لم تعد أزمة معابر بقدر ما صارت أزمة الشعب الفلسطيني الذي بات محاصرا من الداخل والخارج على السواء، فالخلاف ما بين فتح وحماس والذي يعاني تبعاته الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة قد تحول لعقاب يدفع ثمنه الفلسطينيون كل يوم تعطيلا لأعمالهم، ومنعا لتحركاتهم، وتضييقا مستمرا على حياتهم المعيشية. ذلك الخلاف الذي وصل لمستويات غير مسبوقة بعد قيام السلطة الفلسطينية بسحب رجالها من على معبر رفح، وتركه لحركة حماس كي تديره مثلما تدير القطاع لتزداد معاناة الفلسطينيين أكثر مما يحتمل وأكثر مما تحتمله أي مجموعة بشرية في أي بقعة من بقاع الأرض، إذ يكفي هؤلاء الحصار الخانق المفروض عليهم منذ عقد من الزمان، والمعاناة الرهيبة التي يحياها الشعب الفلسطيني كل يوم.
وحسب تقارير الأمم المتحدة السبب الرئيسي للأوضاع الإنسانية المزرية التي يعيشها الشعب الفلسطيني تعود إلي إغلاق المعابر وغياب “المصالحة الفلسطينية”، تلك المصالحة التي كلما اعتقدنا أنها اقتربت من الحل، نفاجأ بأنها تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، دون أن نعرف السبب الحقيقي وراء ذلك، فكل طرف يحمل الآخر مسؤولية الأزمة، لدرجة بتنا فيها لا نعرف على وجه الدقة من الظالم ومن المظلوم، وإن كان الشعب الفلسطيني هو الضحية في النهاية.
وعلى عكس ما يعتقد كل طرف يخرج الجميع من هذا الصراع خاسرا، فحماس لا يمكنها بمفردها إدارة القطاع، وقد أثبتت الفترة الماضية أنه بدون شراكة حقيقية مع السلطة سيعاني الفلسطينيون المزيد من الحصار، والسلطة في أضعف حالاتها ولا يمكنها التفرد بإدارة المشاكل التي يعاني منها الشعب الفلسطيني والتي تحتاج إلى جهود المخلصين من أبنائه في فتح وحماس وكافة الفصائل الفلسطينية.
يضاف لما سبق أن الاستمرار في سياسة التخوين وتحميل كل طرف الآخر مسؤولية ما يحدث لا تزيد الأوضاع إلا انفجارا، في وقت الأوضاع الإقليمية والدولية في أسوأ حالاتها، ولا تعطي لأحد فرصة للنظر لما يعانيه الشعب الفلسطيني، بل على العكس تقلل تلك السياسة من التعاطف الشعبي مع فلسطين وقضاياها العادلة.
والمشكلة الأكبر أن القضية الفلسطينية باتت الخاسر الأكبر في ذلك كله، إذ أعطى الخلاف الحكومة الإسرائيلية الفرصة لزيادة الضغوط المفروضة على السلطة الفلسطينية، تلك الضغوط التي وصلت إلى حد الإعلان عن فقدان الثقة في الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” واتهامه بالتحريض على القتل والدعوة لاغتياله على الهواء في القناة العاشرة الإسرائيلية.
لذا لم يعد من الممكن السكوت على الخصام الفلسطيني ـ الفلسطيني بين الإخوة والفصائل والحركات الفلسطينية التي يفترض بها أن تعمل لصالح الشعب، خصوصا وأن نتائج هذا الخصام تنعكس بالسلب على الشعب الفلسطيني المحاصر داخل أراضيه، إذ تستغل الحكومة الإسرائيلية ذلك وتحكم غلق المعابر الفلسطينية السبعة: كارني، وكرم أبوسالم، والكرارة ، وبيت حانون، والشجاعية، ورفح، والمخصصة لمرور الوقود والعمال والتجارة والمساعدات المقدمة إلي القطاع.
ذلك الإغلاق الذي تسبب في نفاد الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، وحرمان ما يقرب من 1000 حالة مرضية من العلاج في المستشفيات المصرية والإسرائيلية، ليس هذا فحسب، بل وإغلاق 80% من مصانع قطاع الغزة بعد أن توقفت بشكل كلي أو جزئي بسبب الحصار منذ ما يزيد عن ثماني سنوات.
إن حكم الشعب الفلسطيني ليس رفاهية لسلطة ولا لحركة سياسية أو مقاومة، بل هو مسؤولية وأمانة كبيرة، تتطلب تقديم التنازلات والعمل سويا يدا واحدة لتجاوز الأزمات، ومواجهة العدو الإسرائيلي المتربص بالمقدسات الإسلامية، خصوصا وأن الفرقة والخصام يدفع ثمنها الجميع، وتقود في النهاية القضية إلى الخسارة والضياع، فهل آن الأوان لمصالحة حقيقية بين مختلف الطوائف الفلسطينية وغلق ملفات الخصام والشقاق، وفتح صفحة جديدة في العلاقات قوامها مصلحة الشعب الفلسطيني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2184585

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2184585 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40