الأحد 12 تموز (يوليو) 2015

جبهة السيسي واليهود الطيّبين لمحاربة شر الإخوان المسلمين!

الأحد 12 تموز (يوليو) 2015

- عبد الحميد عبدوس

بعد مرور عامين على الانقلاب على الشرعية الانتخابية، والمسار الديمقراطي في مصر، مازال قائد النظام الانقلابي المشير عبد الفتاح السيسي يشكل فرس الرهان المفضل بالنسبة لرموز الحركة الصهيونية واليمين المتطرف الأوروبي والأمريكي، رغم تكاثر المؤشرات على أن نظام السيسي يسوق البلاد نحو حرب أهلية وكارثة اقتصادية، فقد أشاد مؤخرا مرشح الرئاسة الأمريكي

“جيب بوش” بجهود السيسي، قائلا إنه: “أحد الزعماء العرب القلائل الذين يقفون ضد الإرهابيين الإسلاميين”.

صحيح أن معاداة الإسلام والكيد لأهله يشكلان الإرث المستحكم لعائلة بوش، أو على الأقل أن كراهية الإسلام في هذه العائلة بدأ من الجد الأكبر للرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش الجد الذي أصدر قبل قرنين، في سنة 1831 كتابا تحت عنوان “حياة محمد” زعم فيه “أنه ما لم يتم تدمير إمبراطورية المسلمين، فلن يتمجّد الرب بعودة اليهود إلى وطن آبائهم وأجدادهم، وأنه لابدّ من تدمير إمبراطوريتهم حتى نقيم إمبراطورية الرب”!

أما جورج والكر بوش (شقيق المرشح الحالي جيب بوش) فقد دشن عهدته الرئاسية الأولى بإعلان حرب صليبية ضد الإسلام، ودعا العالم إلى أن يتجند من أجل خوض حرب عالمية ضد ما أسماها “الفاشية الإسلامية”.

جورج بوش يتقاسم هذا التوجّه الصليبي مع حليفه وشريكه في تدمير العراق طوني بلير الذي سارع إلى تأييد انقلاب السيسي في 3 جويلية 2013، وكان بلير قد وجه في العام الماضي نداء للغرب كي يتناسى ما فعله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا والتعاون معه في مواجهة “الإسلام الراديكالي”، مؤكدا أنه يجب على أوروبا والولايات المتحدة التعاون مع روسيا في مواجهة الهدف المشترك “مهما كانت خلافاتنا”.

هذا الحقد على الإسلام جعل جريدة “غارديان” الانجليزية تصف خطوة بلير بأنها حملة صليبية جديدة ضد الإسلام السياسي.. وهو نفس طريق الخداع الذي استخدمه هو والرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، وتقول“إن هذا الخطاب يدشن عودة المحافظين الجدد إلى الساحة مرة أخرى عن طريق خليط قاتل بين دعوات التدخل العسكري في الخارج، والتي تنطلق من عقيدة صهيونية مسيحية وبين ممارسة المكارثية والاضطهاد في الداخل”.

كما كانت زيارة رئيسة الجبهة الوطنية وقائدة الحملة الاسلاموفوبية على

المسلمين في أروبا مارين لوبان إلى مصر في بداية الشهر الماضي فرصة للإشادة بقائد الانقلاب العسكري إذ قالت إن“السيسي أحد القادة الذين يتبنّون خطابا هو الأوضح تجاه الأصولية”!.

أما قادة الدولة الصهيونية فقد اعتبروا انقلاب السيسي وحربه الاستئصالية ضد جماعة الإخوان المسلمين بمثابة “كنز استراتيجي للأمن الإسرائيلي”، وتحوّلت الدبلوماسية الإسرائيلية إلى وكالة لتسويق مزايا الرجل القويّ الجديد في مصر ونظامه القمعي، فقد دعا في شهر ماي 2014 رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك الولايات المتحدة إلى دعم المرشح الرئاسي في مصر السيسي وعدم انتقاده بشكل علني، وتأجيل أي اختلافات معه إلى ما بعد توليه السلطة.

وبعد إمساك السيسي بمقاليد السلطة العليا في مصر، أصبحت وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث بارتياح عن العلاقات الوثيقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والسيسي، وتؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ينظر بعين الرضا إلى ما سمتها “العلاقة الإستراتيجية” التي نشأت بين إسرائيل ومصر، حتى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد أن إسرائيل ومصر تقفان في خندق واحد، وأن إسرائيل هي شريكة لمصر ودول كثيرة بمنطقة الشرق الأوسط في مكافحة ما سماه “الإرهاب الإسلامي المتطرف”.

إن هذه العلاقة الإستراتيجية الجديدة بين أعداء الأمس القريب (مصر وإسرائيل)، لم تؤثر حسب ما يبدو في تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري، بإعادة تصنيف حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وفصائل المعارضة الإسلامية على رأس قائمة الأعداء، ولكنها أدت إلى الدخول في مسار لمحاولة تغيير القيم الثقافية وإعادة صياغة الوجدان الشعبي المصري من منظور تعميق التطبيع، وترسيخ قواعد التحالف الجديد بين الكيان الصهيوني والنظام الانقلابي في مصر.

وفي هذا الإطار نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا حول المسلسل المصري “حارة اليهود”، الذي عرض على عدد من الفضائيات المصرية خلال شهر رمضان، قالت فيه بأنه لأول مرة في الإعلام المصري، الذي يتفشى فيه “عداءُ السامية”، تُعرض بتعاطف بير قصة المجتمع اليهودي في حارة اليهود“الذين لا يزيد تعدادهم على 25 ألفا، غالبهم من النساء المسنّات، بينما كان عددهم في أربعينيات القرن الماضي يصل إلى 75 ألفا”، مبرزة أن الرسالة السياسية للمسلسل هي أن السيسي يعيد مصر إلى “طبيعتها السليمة”، ومقابل صورة “اليهود الطيبين” الذين يعرضهم المسلسل “بتعاطف كبير” يُظهر الإخوان المسلمين، الذين تم الانقلاب على حكمهم عام 2013، بأنهم هم الأشرار.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2182904

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2182904 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40