الخميس 11 كانون الثاني (يناير) 2024

إيلون ماسك «يُجزِّر» بفلسطين على X

علي عواد
الخميس 11 كانون الثاني (يناير) 2024

في الثامن والتاسع من الشهر الحالي، بدأت منصة X (تويتر سابقاً) حملة تطهير ممنهجة بحقّ أبرز حسابات المؤثرين اليساريين والحسابات المؤيدة للشعب الفلسطيني التي تحظى بعدد كبير من المتابعين. أعيدت هذه الحسابات، المعروفة بانتقادها لإسرائيل، في وقت لاحق من مساء الثلاثاء. صحافيون ومراسلون أمثال آلان ماكلويد، وكين كليبنشتاين، وروب روسو، وستيفن موناسيلي وجدوا أنفسهم محجوبين على المنصّة، وكان البودكاست الشهيرTrue Anon Pod والحساب اليساري @zei_squirrel من بينهم أيضاً

بداية، يتوجب الإشارة إلى ما يحدث داخل المجتمع الأميركي كي نفهم السياق الذي حصلت فيه مجزرة الحسابات على X. ينشغل الرأي العام الأميركي حالياً بالوثائق التي تكشف عن تورّط شخصيات أميركية بارزة في قضية الإجرام الجنسي بحق قاصرات وقصّر من المتوفى جيفري إبستين وغيلاين ماكسويل. كما ينشغل الرأي العام بقضية اعتقال مجموعة من الرجال الذين ينتمون إلى الطائفة اليهودية الحسيدية في نيويورك، يوم الإثنين الماضي، بسبب نفق غير قانوني حُفر سراً أسفل المعبد اليهودي التاريخي. إضافة إلى ذلك، لا يزال موضوع استقالة رئيسة «جامعة هارفارد» كلودين غاي (راجع مقال الزميل عبد الرحمن جاسم في مكان آخر من الصفحة) يتفاعل على منصة X بسبب هجوم الملياردير الصهيوني، بيل أكمان عليها، منذ الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بحجة مناصرتها لفلسطين. كل ذلك يحدث بالتوازي مع بدء عملية شد أواصر الناخبين من كلا الحزبين في الولايات المتحدة الأميركية مع حلول عام الانتخابات الرئاسية التي ستجري أواخر العام الحالي.
ليست المرة الأولى التي «يطهّر» فيها إيلون ماسك منصة X من الحسابات الناقدة (مات تشيس)

وفقاً لمشغّلي بعض الحسابات البارزة التي أُوقفت على منصة X، تكهّن بعضهم بأن تعليق حساباتهم ذو علاقة بالانتقادات الموجهة إلى زوجة الملياردير الصهيوني ويليام بيل أكمان. الأخير، شارك بشكل ملحوظ في معارضة المنظمين الطلابيين المؤيدين لفلسطين، وخصوصاً في «هارفارد»، جامعته الأم. حتى مع استقالة رئيسة «جامعة هارفارد»، كلودين غاي، التي اتهمها أكمان بتزوير أطروحاتها (كلامه عار عن الصحة بحسب الجامعة)، كثّف أكمان هجومه عليها عندما وجد أنها ستبقى في مجلس الجامعة مع الراتب نفسه الذي كانت تتقاضاه كرئيسة لها. المهم، بعد استقالة غاي، نشر موقع Business Insider، في السادس من الشهر الحالي، تقريراً يكشف أن نيري أوكسمان، زوجة أكمان، ارتكبت «حالات متعددة من السرقة الأدبية، إذ قامت بنشر كتابات من مصادر أخرى على أنها خاصة بها من دون الاستشهاد بالأصل بأي شكل من الأشكال». وقالت Business Insider إن أطروحة أوكسمان الأستاذة السابقة في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» تحوي «15 مقطعاً تم جلبها من ويكيبيديا من دون إسناد» وفشلت في الاستشهاد بمصادر أخرى. رداً على ذلك، اعترفت أوكسمان بأنها لم تنسب الفضل إلى عمل أكاديمي في أطروحتها. واعتذرت أيضاً عن الحالات الأخرى التي «حذفت فيها علامات الاقتباس لبعض الأعمال التي استخدمتها». إلى هنا، استطاع الملياردير الصهيوني والمقرب من إيلون ماسك، احتواء ما حصل، لكن ما لم يُتوقع حصوله، أن يخرج اسم زوجته مجدداً إلى التداول وهذه المرة في قضية ارتباط مع المدان بالتحرش الجنسي بالأطفال جيفري إبستين، ومع الممثل الأميركي، براد بيت، التي تتفاعل كل يوم. ردّ أكمان أتى سريعاً، وقال إنّ المختبر التي كانت تديره زوجته في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» تلقى «150 ألف دولار من إبستين». وأضاف أن زوجته «التقت به (إبستين) مرة واحدة في معهد ماساتشوستس بناءً على طلب رئيس MediaLab. لقد تم تقديمه (إبستين) لها كمتبرع لا يختلف عن مئات المتبرعين الآخرين على مدار السنوات التي طلب منها تقديم عملها بناء على طلب الإدارة». وتابع أكمان: «لقد دُعيت من قبل إبستين إلى وجبات عشاء عدة ولم تقبل أبداً دعوة واحدة أو رأته أو تحدثت معه مرة أخرى».
مع إفرادنا تلك الأمور، نعود إلى ما قاله أصحاب الحسابات التي أوقفتها منصة X ثم أعادت تفعليها. حساب @zei_squirrel اليساري الذي يحوي 217 ألف متابع، نشر في موقع التدوين الشهير substack «كنت الآن في منتصف كتابة موضوع حول فساد بيل أكمان وأكاذيبه، وفجأة تلقيت إشعاراً بأنه لم يعد بإمكاني النشر لأنني موقوف... هذا هو السبب الوحيد الذي أفكر فيه عن سبب تعليق حسابي الآن على X، حيث لم تتغير منشوراتي بأي شكل من الأشكال عن الأشهر أو السنوات القليلة الماضية في المحتوى».

حساب @TrueAnonPod، الذي يحوي أكثر من 150 ألف متابع، والمختص في متابعة ونشر محتوى وثائق جيفري إبستين، كتب على منصة X بعد إعادة تفعيل حسابه «لقد قدمنا استئنافاً (لمنصة X) لكن لم يكن هناك بريد إلكتروني لإعلامنا إن كان هناك إبلاغ ضد الحساب وما إلى ذلك. أنا متأكد تماماً من أنّ جميع الحسابات قد قدمت بعض التعليقات على هذه الحادثة» في إشارة إلى منشور نشره الحساب بخصوص علاقة زوجة أكمان بإبستين، كذلك، فقد كان حساب ستيفن موناسيلي ينتقد أكمان.

لم ينتقد آخرون، مثل آلان ماكلويد (حوالى 240 ألف متابع) وروب روسو (حوالى 100 ألف متابع)، أكمان صراحةً، لكنهم نشروا وأعادوا تغريد المحتوى الداعم لفلسطين. وكان رد فعل الصحافي اليساري في «ذي إنترسنبت»، غلين غرينوالد (لديه مليونا متابع) على عمليات الإيقاف، إذ كتب: «حساب @Zei_squirrel يتمتع بشعبية كبيرة. كان تركيزه على انتقاد السياسة الخارجية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشدة. لقد نجا هذا الحساب من نظام تويتر السابق. وكان تركيزه الأخير على انتقاد إسرائيل وأكمان». وكتب في منشور آخر: «يبدو أن جميع الحسابات التي كانت تنتقد إسرائيل وأكمان حظرت في الساعات الـ 48 الماضية». بعض الحسابات أوقفت لنشرها أنّ «خروج أفراد الطائفة اليهودية الحسيدية في نيويورك من النفق أشبه بالجرذان».

صار دميةً في يد اليمين من ترامب إلى «إسرائيل» مروراً بجورجيا ميلوني في إيطاليا

ليست المرة الأولى التي «يطهّر» فيها إيلون ماسك منصة X من الحسابات الناقدة. الملياردير الذي يتغنى بدعمه لحرية التعبير المطلقة، واجه في كانون الأول (ديسمبر) عام 2022، رد فعل عنيفاً عندما طهّر المنصة من الصحافيين البارزين، بمن في ذلك دوني أوسوليفان من CNN وميكا لي من «ذي إنترسنبت». ثم أعاد تفعيل تلك الحسابات بعد احتجاج كبير، مدعياً أنها أوقفت عن طريق الخطأ. استحوذ إيلون ماسك على تويتر في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2022 مقابل 44 مليار دولار، وتعهّد بجعل المنصة ملاذاً لحرية التعبير المطلقة. لكن الملياردير الذي ذكر ترامب أنه أتى إليه وهو على شفير الإفلاس عندما كان رئيساً للولايات المتحدة، راجياً المساعدة، وحصل عليها، صار دميةً بين يدي جماعات اليمين من ترامب إلى «إسرائيل» مروراً بجورجيا ميلوني في إيطاليا. ويكفي أن نتابع منشورات ماسك على منصة X: عملياً الرجل ينشر ويعيد تغريد كل القضايا التي يتبنّاها ترامب وأقطاب اليمين بشكل متواصل في حسابه على المنصة.

حرية التعبير المطلقة التي يتفاخر بها ماسك على X، تسري فقط على حسابات اليمين المتطرف التي أعاد ماسك تفعيلها. لا تتسع المنصة لصوت الشعب الفلسطيني ولا لأي حرّ يحاول الكتابة عن الفظائع والتوحش الذي يمارسه الكيان الصهيوني بحق الأطفال والنساء والمدنيين العزّل في غزة. ماسك لم يشتر تويتر عن عبث أو ملل، المنصة التي تحول اسمها إلى X أداة بالغة الأهمية في تشكيل الرأي العام والسردية، وسيكون لها دور كبير في الانتخابات الأميركية القادمة لناحية تقوية كفة اليمين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2184662

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع تخصصات  متابعة نشاط الموقع سوشال ورقميات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2184662 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40