تشاركي للأطفال

 لورا محمود

يُعدّ الرسم أحد أقدم الأنشطة وأكثرها أهمية بالنسبة للأطفال فهو وسيلة للتسلية والمتعة وتنمية مهاراتهم العقلية وأيضاً يُعتبرعلاجاً نفسيّاً وسلوكيّاً يزيد ثقتهم بأنفسهم وينمّي ذكاءهم، وهو طريقة ليعبّر بها الطفل عن مشاعره واحتياجاته، وقد أكد الخبراء أن عقل الطفل يكون غاية في النشاط عندما يعبّر عن نفسه من خلال الرسم كما يساعد على تنمية عضلات يديه وأصابعه ومع تقدّمه في السنّ يكون لديه سيطرة أكبر على القلم وسيبدأ في إنشاء تفاصيل أدقّ وتتطوّر قدراته بين اليد والعين.

ومن هنا جاء اهتمام المركز الوطني للفنون البصرية بالأطفال وتشجيعهم على الرسم بالتعاون مع مرسم شغف، فأقيم معرض للأطفال في المركز الوطني للفنون البصرية في دمشق، ضمّ أعمال 140 طفلاً من أعمار مختلفة وهو نتاج جهد استمرّ مدة عام.

«البناء» التقت مع رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للفنون البصرية غياث الأخرس الذي تحدّث قائلاً: لقد لاحظت تغييراً كبيراً في الأطفال الذين شاركوا في ورشات الرسم هنا في المركز الوطني من ناحية تطورهم بالرسم، مع العلم أنّ أساتذة الورشة لم يعطوا الأطفال موضوعاً معيناً ليرسموه لكن تمّ إرشادهم من دون أن يفرض عليهم أسلوباً أو طريقة معينة بل تم طرح مواضيع من خلال قصص لإثارة خيال الطفل.

وأضاف: الورشة ليست مرسماً أو صفاً مدرسياً، بل هي مقترح للتداول والنقاش من دون فرض آراء أو نظريات وحتى من دون تصحيح من أجل خلق حوار مع الطفل لتحقيق مشروع مشترك بين الأساتذة والطلاب. وهنا أؤكد بأنه لا يجوز التصحيح في الورشات لأنه وبمجرد القيام بهذا الفعل نكون قد قيّدنا خيال المتلقّي وجعلناه محبوساً ضمن آفاق حُدّدت له، وبالطبع هذا الأسلوب هو المتبع في المركز الوطني ولا يمكن أن نبدّله لأنه الأسلوب الأوروبي المعاصر وفي هذه الورشة على وجه الخصوص كانت النتيجة أن الأطفال رسموا بحب وفرح ضمن إطار رحب من الإبداع بعيداً عن التلقين.

كما كانت لـ»البناء» لقاءات مع الأساتذة الذين درّبوا الأطفال في الورشة ننقل إليكم تفاصيلها في ما يلي.

سليمان القوصي وهو طالب في السنة الرابعة بكلية الفنون الجميلة اختصاص حفر وطباعة، قال: الورشة جاءت امتداداً للورشات التي نقوم بها في مرسم شغف. وقد استمرّت الورشة حوالي شهر. الأطفال المشاركون في الورشة متفاوتو الأعمار، حيث تتراوح أعمارهم بين أربع سنوات وست عشرة سنة، والإقبال على الورشة كان كبيراً نوعاً ما، حيث شارك في الورشة حوالي مئة وخمسين طفلاً. وبهذا العدد تمكّنا من التحكّم بالأطفال وهو في الوقت نفسه ليس بالعدد القليل.

وعن الصعوبات التي واجهته كأستاذ في الورشة نوّه القوصي إلى أن الصعوبة كانت في معرفة الأطفال، وقال: بدأنا أولاً بالتعرّف عليهم ومن ثم

أصبحنا نفهم طريقة تفكير الأطفال واهتماماتهم. فأصبح التعامل معهم

أسهل، ولكن في نهاية الورشة كانت ممتعة وشعر الأطفال بالحرية في

المركز لأن المكان الواسع وكبير بالنسبة لهم، فمنهم مَن افترش الأرض

ومنهم من جلس تحت الطاولة هائماً بين ألوانه ورسومه، حتى أنهم

كانوا ينفصلون عن العالم الذي نحن فيه.

أما ريم الحايك وهي متخرجة من الفنون الجميلة اختصاص حفر وطباعة وطالبة ماجستير في علم الاجتماع ومديرة مرسم «شغف» تحدثت عن المرسم وعن الأطفال الذين يتعاملون معهم في المرسم من حوالي عامين ونصف.

وقالت: أقمنا في المركز الوطني ورشة في العطلة الانتصافية في العام الفائت. واليوم هذه الورشة الثانية التي هي أفضل بكثير من الأولى لكونها تعتمد على منهجية بالتعامل مع الأطفال، حيث قمنا بتقسيم الأعمال وفق الأعمار والأبعاد النفسية والاجتماعية بالإضافة إلى التنظيم.

بدورها لينار أباظة طالبة ماجستير في النحت، قالت: المركز ومرسم «شغف» أمّن لنا المكان المناسب والواسع. أما الأمر الأهم فهو تجاوب الأهل لما نقدّمه للأطفال فهذه الورشات مهمة جداً لتنمية مدراك الأطفال وتوسيعها. وهذه المبادرة من المركز مهمة جداً، ففي الورشة يتعلّم الطفل أن يكون حرّاً ويبدع في أفقه من دون قواعد صارمة ومكبّلة مما يمكنه من تفريغ الطاقات السلبية الداخلية لديه.

يذكر أن مرسم «شغف» مبادرة شبابية خاصة تستقبل الأطفال بأعمار مختلفة وتعلّمهم مهارات الرسم والنحت وفق أسس ومناهج تعليمية متقدمة في الرسم.

 البناء اللبنانية