تمّ الإعلان عن تأسيس المنتدى الدولي من أجل العدالة لفلسطين في مؤتمر صحفي عُقد في دار الندوة بحضور رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن أ. معن بشور، الوزير السابق أ. بشارة مرهج، أمين سرّ حركة فتح في لبنان أ. فتحي أبو العردات، عضو المكتب السياسي لحركة أمل أ. محمد خواجة، ممثل التيار الوطني الحر المحامي رمزي دسوم، وأعضاء المؤتمر القومي – الإسلامي أ. حلمي البلبيسي (فلسطين)، أ. أحمد ويحمان (المغرب)، أ. حسن موسى (مصر)، أ. علي ذراع (الجزائر).
كما حضر أيضاً السادة أ. مروان عبد العال مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان وعضو الجبهة زياد حمو، أ. مشهور عبد الحليم (حركة حماس)، أ. أبو علي شكيب العتبا (حركة الجهاد الإسلامي)، أ. خليل الخليل (التنظيم الشعبي الناصري)، أ. محمد قليلات (حركة المرابطون)، أ. عمر المصري (الجماعة الإسلامية)، د. حيان حيدر، أ. محمد قاسم (المنتدى العالمي لدعم المقاومة ومناهضة الإمبريالية)، أ. خالد عضوم وأ. محمد زين (حركة الأمّة)، أ. أبو جمال وهبه (حركة فتح الانتفاضة)، أ. محمد بكري (جبهة التحرير العربية)، أ. هشام مصطفى (جبهة التحرير الفلسطينية)، أ. علي أيوب (الجبهة الشعبية – القيادة العامة)، أ. عبد الله عبد الحميد (المنتدى القومي العربي)، أ. مأمون مكحل رئيس جمعية شبيبة الهدى، أ. طه الحاج أمين عام تكتل أبناء فلسطين 48.
السفياني
افتتح المؤتمر الصحفي، المنسق العام للمؤتمر القومي – الإسلامي المنتخب “حديثاً” أ. خالد السفياني بكلمة رأى فيها أن اختيار المنتدى “يوم الأرض” لتأسيسه تأكيد على عمق التزام المئات من المشاركين فيه من كل أنحاء العالم بفلسطين أرضاً وشعباً وحقوقاً غير قابلة للتصرف.
السفياني حيّا المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن وعلى رأسه الأخ الكبير أ. معن بشور على مبادراته المستمرة بالتعاون مع كل المؤتمرات والاتحادات والأحزاب وقوى المقاومة من أجل فلسطين وقضايا الأمّة واعتبر أن المؤتمر القومي – الإسلامي سيكون جزءاً فاعلاً في هذا المنتدى الدولي من أجل العدالة لفلسطين، وسيدعو أعضائه في كل الأقطار إلى تأسيس فروعاً له.
مكحل
بعد ذلك أعلنت أ. رحاب مكحل مدير عام المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن البيان التأسيسي للمنتدى، وجاء فيه:
في يوم الأرض بكل ما يتضمنه من معان ودلالات أعلن تأسيس المنتدى الدولي من أجل العدالة لفلسطين.
الأخوات والأخوة
في رحاب بيروت، أم الشرائع وعاصمة الحرية والمقاومة والانتصار لكل القضايا العادلة، وفي المقدمة منها قضية فلسطين، وبمبادرة من المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن بمشاركة المؤتمرات العربية الثلاث (المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي – الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية)، وقوى المقاومة في فلسطين ولبنان والعديد من الاتحادات والهيئات العربية والدولية، واستكمالاً لمسار ملتقيات ومؤتمرات ومنتديات نُظمت حول عناوين القضية الفلسطينية الكبرى، انعقد “منتدى العدالة لفلسطين الدولي”، يومي 22 و 23 شباط/فبراير 2015، بحضور 450 شخصية عربية ودولية قادمة من 40 دولة وخمس قارات، وبمشاركة مميّزة من أبناء القدس والضفة الغربية وغزّة، وبتفاعل مع عرب فلسطين المحتلة عام 1948 من خلال المكافحين من أجل حقوقهم، وبتواصل مع الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني عبر رسائل من رموز بارزة من بينهم.
وبعد جلسات ثلاث على مدى يومين تحدث فيها العشرات من أحرار العالم وشرفاء الأمّة، وتمّ في بدايتها تقديم ورقتي عمل، الأولى سياسية أعدّها عضو اللجنة التحضيرية أ. محمد خواجة (لبنان)، والثانية قانونية للمستشار د. حسن أحمد عمر (مصر)، ثم توزّع المشاركون على ثلاث ورش عمل ناقشت على مدى ساعات أوراق عمل تناولت المحاور الرئيسية للمنتدى:
1 – “جرائم الحرب الصهيونية والجرائم ضد الإنسانية وسبل ملاحقة مرتكبيها قضائياً” أعدّ الورقة القانوني النقيب عبد الرحمن بن عمرو (المغرب).
2 – “مناهضة التمييز العنصري الصهيوني” أعدّ الورقة الدكتور جورج جبور (سوريا).
3 – “جرائم الاغتيال الصهيوني الممتدّة منذ قيام الكيان العنصري والتي أقرّ مسؤولون صهاينة كبار ارتكابها” أعدّ الورقة منسق اللجنة القانونية في اللجنة التحضيرية للمنتدى د. محمد طي (لبنان).
4 – “آليات الملاحقة القانونية للعدو الصهيوني عن جرائمه أمام القضاء الدولي” أعدّ الورقة عضو اللجنة القانونية في اللجنة التحضيرية للمنتدى د. حسن جوني (لبنان).
وفي ضوء المناقشات قرّر المجتمعون ما يلي:
في المبادئ العامة:
* إن العدالة لفلسطين تعني تحرير كل فلسطين، لأنه لا عدالة بدون تحرير الأرض وإنفاذ حق العودة بالكامل، وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كل فلسطين وعاصمتها القدس.
* إن العدالة لفلسطين ليست قضية قانونية فحسب، بل هي قضية وجودية وسياسية وأخلاقية وإنسانية تقع مسؤولية الدفاع عنها على كل القوى والشخصيات الحرّة والحيّة والمناصرة للعدل في كافة بقاع العالم.
* إن الجرائم الصهيوني على الشعب الفلسطيني والأمّة العربية عموماً، وعلى دول الطوق المجاورة لفلسطين (سوريا، لبنان، مصر، الأردن) خصوصاً، هي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية، وجرائم عدوان، وجرائم عنصرية (تقييد حرية التنقل داخل فلسطين وخارجها، إقامة جدار الفصل العنصري، وإقامة الدولة اليهودية وحرمان السكان الأصليين من الكثير من حقوقهم)، وهي جرائم متعدّدة الأنواع ماسة بالحق في الحياة (قتل واغتيالات)، وبالأمان الشخصي (اختطاف، تعذيب، اعتقالات تعسفية، خصوصاً الاعتقال الإداري، محاكمات صورية وجائرة، التهجير الجماعي)، وجرائم اقتصادية (تدمير البنى التحتية ومختلف المرافق المدنية العمومية والخدماتية، مصادرة الأراضي (إقامة مستعمرات صهيونية عليها)، حصار اقتصادي (براً وجواً وبحراً)، بالإضافة إلى جرائم اجتماعية (التضييق على الفلسطينيين في التعليم والثقافة والشغل والسكن والصحة).
* العدالة لفلسطين تتطلب إسقاط كل الاتفاقيات والمعاهدات التي تعترف بالكيان العنصري باعتبارها تنازلاً عن الحقوق المشروعة الكاملة للشعب الفلسطيني ومكافأة للظالم على ظلمه وللمحتل على احتلاله.
* العدالة لفلسطين تتطلب المقاطعة الكاملة للكيان العنصري الغاصب، ورفض أي شكل من أشكال التطبيع معه، باعتبار التطبيع مع الكيان الغاصب، نوعاً من الإقرار بظلمه ومكافأة للظالم ودعماً لجرائمه.
* العدالة لفلسطين تتطلب إسقاط كل الغرائز والعصبيات التي تفرق بين أبناء الأمّة الواحدة وبين مكونات أقطارها الدينية والعرقية والمذهبية لأن تفشي هذه العصبيات هو تمزيق لوحدة الأمّة واستكمال لأهداف المشروع الصهيوني – الاستعماري الرامي لتجزئة الأمّة وتفتيتها، وتمكين الكيان الصهيوني من الاستمرار في احتلاله.
* العدالة لفلسطين تتطلب انتصاراً لكل قوى التحرر والتقدم في العالم، كما أن كل انتصار لهذه القوى هو انتصار للعدالة لفلسطين، لأن معركة العدالة واحدة في هذا العالم، وتلازم العدالة مع التحرر والتقدم هو تلازم تاريخي وأخلاقي واستراتيجي.
* العدالة لفلسطين تتطلب الملاحقة القانونية للمجرمين الصهاينة أمام القضاء الدولي والقضاء الوطني على قاعدة عدم الإفلات من العقاب.
* العدالة لفلسطين تتطلب أوسع تضامن عربي وإسلامي ودولي لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته ووحدته الوطنية.
* العدالة لفلسطين تتطلب فتح ملف عدم شرعية الكيان الصهيوني منذ قيامه وانتهاكه للمواثيق والأعراف والقرارات الدولية بما فيها قرار انشائه.
* العدالة لفلسطين تتطلب نبذاً ثقافياً وسياسياً واجتماعياً لكل فكر أو سلوك أو ممارسة إقصائية أو إلغائية أو اجتثاثيه أو استبدادية.
* العدالة لفلسطين تتطلب تقديم النموذج النقيض للكيان الصهيوني كفكرة وكدولة وكمشروع، عبر احترام حقوق الإنسان وحرياته الخاصة والعامة وحماية التنوع الديني والعرقي والاثني في المحيط العربي والإسلامي.
* العدالة لفلسطين: هي العدالة لكل الفلسطينيين خصوصاً لفلسطينيي الشتات المقيّدين في أبسط حقوقهم الإنسانية في العمل والتنقل والتملك، مع تأكيد على حق العودة.
في الآليات
وصلت ورش العمل الثلاث إلى جملة من التوصيات والمقترحات وضعتها في عهدة “لجنة المتابعة” للمنتدى من أجل دراسة جملة الآليات القادرة على تنفيذها.
على الصعيد التنظيمي
1. اعتبار “منتدى العدالة لفلسطين الدولي” مؤسسة دائمة تنعقد مرّة كل عام على الأقل وتواكب كافة التحركات المتصلة بأهداف المنتدى، وتكليف المركز العربي الدولي بالتعاون مع الجهات المشاركة في التحضير إلى تشكيل لجنة متابعة للمنتدى تضع لائحة داخلية لتنظيم عمل المؤسسة.
2. اختيار وزير العدل الأمريكي الأسبق السيد رامزي كلارك رئيساً فخرياً للمنتدى تقديراً لدفاعه المستمر عن كافة القضايا العادلة في العالم وفي المقدمة منها قضية فلسطين.
3. يسعى المنتدى إلى التواصل مع هيئات التضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاطعة الكيان الصهيوني والصهاينة في الدول العربية والإسلامية والأجنبية لإطلاق الشبكة العالمية من أجل العدالة لفلسطين.
4. يسعى المنتدى إلى تشكيل فروع له في الدول العربية والإسلامية وفي العالم، بدءا من الأعضاء المشاركين.
5. الإعداد لوثيقة تاريخية بعنوان “إعلان بيروت الدولي من أجل العدالة لفلسطين” يشارك فيه نخبة من رجال القانون الدولي وخبراء وحقوق الإنسان وتتم ترجمتها إلى اللغات الحيّة وتوزع على أوسع نطاق.
6. يُعتبر الأعضاء المشاركون في المنتدى أعضاء طبيعيين في الهيئة التأسيسية العامة للمنتدى على أن يتم الاتصال بالشخصيات والهيئات التي لم يتسن لها المشاركة في المنتدى للانضمام إليه من أجل أن يكون إطاراً لحركة عالمية تنتصر للعدالة لفلسطين وتلاحق الصهاينة عن جرائمهم.
7. يتم تشكيل لجان متخصصة منبثقة عن المنتدى: - قانونية، - إعلامية، - اتصال، على أن تتولى لجنة المتابعة الشأن السياسي المتصل بالمنتدى، بالإضافة إلى إشرافها على اللجان الأخرى.
- على الصعيد القانوني
1. يسعى المنتدى عبر أعضائه القانونيين والحقوقيين إلى متابعة كل سبل الملاحقة القانونية لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية من القادة العسكريين والسياسيين الصهاينة سواء لدى القضاء الدولي أو لدى القضاء الوطني حسب الاختصاص القانوني المعمول به في الدول والجماعات المعنية.
2. يسعى المنتدى إلى التواصل مع كافة مراكز التوثيق الفلسطينية والعربية والدولية من أجل إعداد ملف حول كل جرائم العدو منذ قيام مشروعه العنصري على أرض فلسطين.
3. يسعى المنتدى إلى إعداد ملف خاص حول جرائم الاغتيالات الصهيونية بحق قادة ومناضلين ومقاومين فلسطينيين وعرب ومتضامنين أجانب، خاصة تلك التي أقرّ العدو بارتكابها داخل فلسطين وخارجها، والعمل على ملاحقة مرتكبيها في الدول التي وقعت فيها هذه الجرائم، أو التي كان مواطنوها ضحية لها بما فيها فتح ملف الوسيط الدولي السويدي الكونت برنادوت، ومتابعة محاكمة مرتكبي جريمة قتل المتضامنة الأمريكية راشيل كوري.
4. السعي للضغط على مجلس الأمن الدولي لإنشاء محكمة دولية خاصة بالجرائم التي ارتكبها، وما يزال، الكيان الصهيوني، واعتبارها محكمة ذات اختصاص بملاحقة كل مجرمي الحرب الصهاينة.
5. يسعى المنتدى بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان المعنية من أجل الانضمام كمراقب إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وتزويده بتقارير دورية عن جرائم الكيان الصهيوني.
6. يسعى المنتدى وبالتعاون مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان واتحاد المحامين العرب وهيئات حقوق الإنسان في مصر وفي كافة الأقطار العربية إلى فتح ملف الجرائم والمجازر الإسرائيلية بحق الجنود المصريين في سيناء خلال حرب حزيران، وفي سائر الجرائم التي سبقتها ولحقتها على أرض مصر العربية وكل أرض عربية.
7. يوجه المنتدى التحية إلى كل كافة الجهود المتصاعدة عربياً وإسلامياً ودولياً لملاحقة جرائم الكيان الصهيوني، لاسيّما مجموعة المحامين المغاربة، الذين شرعوا بالملاحقة القضائية الوطنية بحق مجرمي الحرب، ممن يحملون الجنسية المغربية أو شاركوا بارتكاب جرائم قتل بحق مواطنين ومواطنات مغاربة.
على الصعيد الإعلامي
1. يسعى المنتدى إلى التواصل مع وسائل الإعلام العربية والإسلامية وفي كافة أنحاء العالم من أجل دعوتها لتسليط الأضواء على كل جرائم العدوان وانتهاكاته لحقوق الإنسان، ويعمل على تزويدها بما يتوفر لديه من معلومات.
2. يسعى المنتدى إلى تنظيم حملات وندوات ولقاءات في كل الدول العربية والإسلامية والدولية تحت عنوان “العدالة لفلسطين” يشارك فيها رموز من ضحايا الجرائم الصهيونية.
3. يسعى المنتدى إلى إطلاق موقع “العدالة لفلسطين” على الشبكة العنكبوتية يتضمن كل ما يتوفر لديه من جرائم صهيونية داخل الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.
4. يسعى المنتدى بالتعاون مع الجهات المعنية في كل الحواضر العربية والإسلامية والدولية إلى التذكير بالمجازر الكبرى التي ارتكبها العدو في فلسطين والدول العربية عبر أنشطه متنوعة.
5. يسعى المنتدى بالتعاون مع كل الجهات المعنية، لاسيّما في الجامعات الأمريكية والأوروبية"، من أجل إطلاق حملات لكشف الطبيعة العنصرية للمشروع الصهيوني، بما فيها تنظيم اليوم العالمي لمناهضة التمييز العنصري الصهيوني.
على صعيد الاتصالات
1. يسعى المنتدى إلى إعداد لائحة باسم جميع الهيئات الدولية ذات الصلة بملاحقة جرائم الحرب ومناهضة العنصرية الصهيونية ومقاطعة الكيان الصهيوني من أجل التعاون معها لتحقيق الأهداف المشتركة.
2. يسعى المنتدى إلى الاتصال بالمؤتمرات والاتحادات والدول العربية والإسلامية الصديقة وبالمنظمات الإقليمية والدولية من أجل إعادة الاعتبار للقرار الأممي (3379) القاضي باعتبار الصهيونية حركة عنصرية، والذي تمّ إلغاؤه بذريعة إفساح المجال لجهود التسوية السياسية في مؤتمر مدريد قبل 25 عاماً، والتي لم تسفر حتى الآن إلاّ عن المزيد من الاستيطان والتهويد والحروب العدوانية بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة.
3. يسعى المنتدى إلى الاتصال بكل الجهات المعنية بقضية أسرى الحرية في سجون الاحتلال الصهيوني من أجل إطلاق حركة دائمة ومستمرة في كل الدول العربية والإسلامية والأجنبية من أجل تحويل قضيتهم إلى قضية حاضرة في الوجدان العربي والدولي واعتماد فعاليات دورية كاعتصام “خميس الأسرى” التضامني الشهري الذي يقام في لبنان منذ عام 2002.
خاتمة
ما تقدّم لا يغير من قناعاتنا المبدئية، أن الحراك المدني والحقوقي والدبلوماسي ضروري، لاكتساب الرأي العام الدولي، لكنه غير كاف لردع الإرهاب والإجرام الإسرائيليين، فالكيان الصهيوني، بسبب نشأته الشاذة ودوره الوظيفي، قائم على مفهوم القوة والعدوان، ولا يعير اهتماماً لبيانات الإدانة والاستنكار ولا للقرارات الدولية، ولو صدرت عن أعلى الهيئات الدولية.
وهذا يدفعنا للتمسّك، أكثر فأكثر، بخيار المقاومة المسلحة، كخيار استراتيجي برهن عن قدرته العالية، بمواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، وقد تكون نتائج عدوان الصيف الماضي على قطاع غزّة، بإنزال المقاومة هزيمة عسكرية ميدانية بالجيش الصهيوني، وعملية الاغتيال الأخيرة، لكوادر المقاومة في القنيطرة، والرد النوعي السريع في مزارع شبعا، خير دليل على نجاح المعادلة التي أرستها المقاومة في فلسطين ولبنان، والتي كبحت العدوانية الإسرائيلية إلى حدّ كبير.
وبيان عن المؤتمر القومي – الإسلامي في دورته التاسعة
بسم الله الرحمن الرحيم
المؤتمر القومي – الاسلامي
المؤتمر التاسع
8 - 9 جمادى الآخر 1436ه،
28 - 29 آذار/مارس 2015م
بيروت – لبنان
البيان الختامي الصادر عن
المؤتمر القومي – الإسلامي في دورته التاسعة
في ظل التحديات الصعبة التي تعيشها أمّتنا العربية والإسلامية في هذه اللحظة التاريخية التي تعاني فيها من تحكم الاستعمار وأنظمة الفساد والاستبداد والتبعية ومن تدخل وعدوان خارجي يستهدف أكثر من قطر، ومن بروز حركات التطرف والغلو والتكفير والتكفير المضاد والإقصاء التي ملأت أكثر من ساحة عنفاً ودماً وتدميراً، التأم في بيروت عاصمة المقاومة والتحرير والكرامة المؤتمر القومي – الإسلامي في دورته التاسعة يومي السبت والأحد في 8 - 9 جمادى الآخر 1436ه، الموافق 28 - 29 آذار/مارس 2015م، بحضور عدد كبير من شخصيات وقادة التيارين القومي والإسلامي وكلهم أمل وعزم على إعادة تصويب المسار واجتراح ما يلزم من أفكار لإخراج الأمّة العربية من الدرك الذي وصلت إليه واقتراح الحلول لتجاوز الأوضاع الكارثية التي أضحت تعاني منها على جميع الأصعدة مؤكدين على الثوابت ومعاهدين أبناء أمتهم على ضرورة مواصلة العمل من أجل النهوض حتى تؤسس أمّتنا مكانتها المحترمة تحت الشمس في ظلّ عالم لا يرحم الضعفاء والمتخاذلين.
وإذ يسجّل الحاضرون الأجواء الإيجابية التي سادت المؤتمر والتي كانت في جوهرها متطلعة لتجاوز مآزق الأمّة المختلفة، مستشعرين أهمية النقد الذاتي والمقاربة الموضوعية للقضايا المختلف بصددها والعمل على توسيع دائرة المشترك ومداخله، قضايا كثيرة ومتنوعة تبتدئ بالتصدي لمحاولات الالتفاف على أولوية تحرير فلسطين وكافة الأراضي العربية المحتلة، ومواجهة المشروع الصهيوني والتدخل الخارجي بما في ذلك القواعد العسكرية الأجنبية، والعمل على الانخراط في مسيرة تجسيد معالم المشروع النهضوي العربي القائم على الوحدة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان والاستقلال الوطني والقومي والتنمية المستقلة والتجدد الحضاري، وقد سجل الحاضرون ما يلي:
يأتي انعقاد المؤتمر في مرحلة بالغة الدقة والحساسية، مما يمثل استشعار التيارين لمخاطرها على الأمّة، وقد انعكس ذلك في أجواء الوعي والحكمة التي جسّدها المشاركون من التيارين وفي المناقشات الهادئة التي جرت التزاماً بروح المسؤولية التاريخية.
تتمثل أهمية انعقاد هذا المؤتمر الذي جمع التيارين الأساسيين داخل الأمّة (القومي والإسلامي) في تأكيد الحاضرين على أهمية مبادئ الحوار والتواصل والتكامل والتشارك والتوافق والتداول السلمي على السلطة، والتعاون بين الجميع والانطلاق من المشتركات والعمل على توسيعها وتحديد الأولويات وترتيبها. مع الدعوة لمواجهة المشاكل والقضايا العالقة في أكثر من بلد بالحوار والحلول السلمية بين أبناء الوطن الواحد بعيداً عن الإقصاء والعنف والتدخل العسكري، لأن الحروب تستنزف الجميع وتفتح المجال أمام التدخل الخارجي للعبث بأمن البلاد والعباد.
استمرار العمل على بناء الكتلة التاريخية للأمّة، وهي الكتلة التي يشكل التياران نواتها الصلبة لاستكمال تحقيق أهداف الأمة العربية في الحرية والوحدة والكرامة والعدالة الاجتماعية وتحرير فلسطين وباقي الأراضي العربية المحتلة، مشرقاً ومغرباً.
التأكيد على أولوية قضية فلسطين باعتبارها القضية المركزية للأمّة وبوصلة نضالاتها، والعمل على تكامل الجهود بما يخدم مشروع التحرير، مع تجاوز التناقضات الصغيرة والتفرغ لمواجهة التناقض الأكبر مع المشروع العنصري الصهيوني الذي يشكل الأداة الأخطر للإمبريالية الغربية في تكريس التبعية لمراكز الهيمنة الرأسمالية الدولية.
دعوة الأمّة للدفاع عن القدس وحماية مقدساتها الإسلامية والمسيحية، ومواجهة خطر التهويد، والعمل على الإفراج عن كل الأسرى والمعتقلين في السجون الصهيونية.
ضرورة الرفع الفوري للحصار الظالم على أهلنا في قطاع غزّة والتسريع بالإعمار إنقاذاً لشعبنا هناك من الظروف الصعبة التي يعيشها منذ أزيد من عشر سنوات من الحصار والإرهاب الصهيوني، والتوقف عن استخدام الإعمار وسيلة لابتزاز الشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة.
التأكيد على ضرورة مواجهة التطبيع، بكافة أشكاله، مع كيان الاحتلال الصهيوني، ومع الصهاينة، ودعم حركة مقاطعته في الوطن العربي والعالم الإسلامي وعبر العالم، إيماناً بجدوى تلك الإستراتيجية التي أسقطت نظام الأبارتايد العنصري في جنوب إفريقيا، وانخراطاً في حركة عالمية لمقاطعة الكيان ما فتئت تنمو وتتطور.
التأكيد على خيار المقاومة ودعمها، مقاومة الاحتلال الصهيوني ومقاومة التدخل العسكري الأجنبي، باعتبارها حقاً مشروعاً وواجباً وطنياً وقومياً ودينياً وخياراً استراتيجياً قادراً على تحقيق الانتصارات، كما تمثل ذلك في النجاحات والإنجازات التي حققتها المقاومة في كل من فلسطين ولبنان في مواجهة الاحتلال الصهيوني وضد الاحتلال الأمريكي في العراق لإسقاط مشاريعه وكسر استراتيجيته العدوانية. في مقابل فشل خيار التسوية الذي كان مدخلاً لاستشراء الاستيطان والتهويد، كما للإذلال وضياع الحقوق وتكريس الصراعات الداخلية على حساب أولوية التناقض مع العدو الاستراتيجي.
في مواجهة مخاطر التفتيت والتجزئة الطائفية والمذهبية التي يسعى أعداء الأمّة إلى إذكائها وتكريسها كتناقضات استراتيجية بين أطراف الأمّة الواحدة، يؤكّد المؤتمر على ضرورة التكامل العربي والإسلامي الذي يحصن أمّتنا وقضاياها، ويحمي تنوعها الخلاق ويضمن كرامة الجميع على أساس من المواطنة والاحترام المتبادل، تكامل يحمي وحدة الأوطان ويفتح أمامها آفاقاً لتحقيق وحدة أكبر يعمّ خيرها الجميع.
العمل على بناء أسس متينة للعلاقة بين الوطن العربي ودوائر جواره الحضاري الإيراني والتركي والإفريقي بحكم الانتماء إلى نفس الدائرة الحضارية، واعتماد الحوار والتواصل ومعالجة القضايا المختلفة بينها بما يضمن مصالح الجميع ويسدّ منافذ التدخل الخارجي بمخاطره المتعدّدة، ما من شأنه تحقيق الاستقرار والمساهمة في بناء استراتيجية لمواجهة المشروع الصهيوني والاختراق الأجنبي الأمني والعسكري والثقافي لمنطقتنا، وجعل تلاقي هذه الدوائر أفقاً لبناء عالم متعدد الأقطاب يتجاوز مآسي مرحلة الهيمنة الغربية.
وإذ يؤكّد المؤتمرون أن الاختلاف والتعدد سمة جوهرية من سمات أمّتنا، مما يجعل من التطابق في الأفكار والرؤى عملية متعذرة التحقيق سواء داخل التيار الواحد – قومياً عربياً كان أو إسلامياً – أو بين التيارين، مما يتطلب التأكيد على مدخل الفهم المشترك للقضايا والانطلاق مما هو متفق عليه وتوسيع دائرته، مع التحلي بأخلاق الحوار، وهو الأمر الذي سيفتح أبواب واسعة للعمل تنمي المساحات المشتركة وتقلص عوامل الاختلاف وتعزز الحوار الفكري، مما سينعكس بشكل إيجابي على القضايا التي تعاني منها أمّتنا، تأكيداً لمبادئ تأسيس هذا المؤتمر وأهدافه عام 1994، والتي أثبتت عشرون سنة من وجوده صوابية هذا المنظور وعقلانيته المنتجة، وما يمكن أن يصيب الأمّة من خراب متصاعد في حال التخلي عنه.
وقد شكّل هذا المؤتمر محطة لإنجاز الاستحقاق الانتخابي، حيث جرى انتخاب الأستاذ خالد السفياني (المغرب) بالإجماع منسقاً عاماً للمؤتمر.
كما تمّ انتخاب لجنة متابعة من ستة وعشرين عضواً من مختلف الأقطار العربية.
وقد أوكل المؤتمر إلى المنسق العام ولجنة المتابعة المنتخبين وضع آلية لإنجاز مهام المؤتمر في المرحلة القادمة.