الجمعة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2018

إشارات تتعدى التقييد الروسي والانسحاب الأمريكي

الجمعة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2018

الهجوم الجوي الواسع نسبياً في سوريا أمس والمنسوب إلى إسرائيل يحدث بعد أقل من أسبوع من إعلان الرئيس الأمريكي عن سحب القوات الأمريكية من سوريا. يمكن التقدير أن هجوم إسرائيل وجه لغرض عمليات محددة، مثل ضرب مخازن السلاح الإيرانية، لكن يوجد له أيضاً سياق سياسي أوسع. إسرائيل ترسل إشارات بأن الأمور عادت إلى مسارها من ناحيتها: رغم قرار ترامب ورغم غضب روسيا عليها بعد إسقاط الطائرة الروسية. فهي ترى نفسها حرة لمواصلة قصف أهداف في سوريا عند الحاجة.
حسب تقارير وسائل الإعلام الأجنبية فإنه منذ إسقاط الطائرة الروسية بالخطأ على أيدي نظام الدفاع الجوي السوري أثناء القصف الإسرائيلي ـ قلصت جداً الهجمات الإسرائيلية في سوريا. روسيا المعنية باستقرار نظام الأسد ضغطت على إيران من أجل تقليص تهريب السلاح وجهود التمركز العسكري في سوريا، وتستغل حادثة إسقاط الطائرة من أجل الضغط على إسرائيل كي تقلل من جانبها عدد الهجمات.
في منتصف الشهر الحالي سافر وفد من الجيش الإسرائيلي برئاسة رئيس قسم العمليات في هيئة الأركان، الجنرال اهارون حليوة، لإجراء محادثات في موسكو. ربما أنه بعد اللقاء قد انخفضت بدرجة ما المعارضة الروسية لتجديد الهجمات الإسرائيلية. أيضاً ربما تكون لروسيا مصلحة في تقييد إسرائيل للعملية الإيرانية من أجل زيادة التواجد العسكري في سوريا. من المهم أن الهجوم المنسوب لإسرائيل يتركز في منطقة دمشق بعيداً عن المنطقة الأكثر حساسية لروسيا ـ قاعدة سلاح الجو وطرطوس واللاذقية في شمال غرب سوريا، حيث أسقطت الطائرة الروسية هناك.
هل قامت إسرائيل هنا بمقامرة محسوبة؟ في الظهيرة أصدرت روسيا تنديداً بالهجوم واتهمت إسرائيل بأنها عرضت للخطر طائرتين مدنيتين كانتا في السماء في منطقة دمشق ومنطقة بيروت. لإسرائيل سبب آخر، إلى جانب الرسالة التي تقول إن انسحاب القوات الأمريكية لن يبعدها عن دربها. في الصيف الأخير حيث استكمل نظام الأسد بمساعدة الروس السيطرة من جديد على جنوب سوريا، تعهدت روسيا لإسرائيل بإبعاد القوات الإيرانية إلى مسافة 80 كم عن الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان. عملياً، كما اتضح فيما بعد، الروس لا يشملون في منطقة الحظر على الإيرانيين دمشق وضواحيها حيث تستمر هناك نشاطات حثيثة من جانب رجال قوة القدس في حرس الثورة. إضافة إلى ذلك ما زالت هناك دلائل على نشاطات إيران وحزب الله أيضاً في الجانب السوري من الحدود في هضبة الجولان.
على كل الأحوال، المواجهة الجديدة بين إسرائيل وإيران في سوريا ما زالت تجري على نار هادئة. ربما أن إسرائيل تفضل تركيز المس بعدد أكبر نسبياً من الأهداف وعدد أقل من الهجمات من أجل عدم تصعيد الوضع بصورة لا حاجة إليها. حسب التقارير من سوريا فإن الطائرات التي أطلقت أول أمس الصواريخ على منطقة دمشق عملت من سماء لبنان. الدفاع الجوي السوري رد كالعادة في السنتين الأخيرتين بإطلاق كثيف للصواريخ، أحدها ظهر وكأنه يخترق سماء إسرائيل ـ ورداً على ذلك تم إطلاق صاروخ اعتراض. حسب تقارير مدنية فإن الأمر تم من منطقة الخضيرة. وحسب ما هو معروف، لم يتم القيام باعتراض والصاروخ السوري سقط في نهاية الأمر في الأراضي السورية.
على هامش هذه الأقوال نشرت أمس المجلة الأمريكية «نيوز ويك» أنه في الهجوم الإسرائيلي أصيب مقاتلون من حزب الله. والأخير نشر إعلان نفي. وفي إسرائيل يقولون إن هذه المعلومات غير صحيحة. رئيس الحكومة نتنياهو وجد نفسه أمس محرجاً عندما أشاد به في مستهل لقاء مع مجلس «يشع» المدير العام يغئال دلموني على قصف رجال حزب الله في الليلة السابقة. نتنياهو قرر أن يرد «ليست لي علاقة بذلك».

هندسة الحقائق

هذه الأمور تجري حيث تتواصل في الخلفية نشاطات الجيش الإسرائيلي لاكتشاف أنفاق حزب الله على الحدود اللبنانية في عملية «درع الشمال». وزراء الليكود الذين تم إرسالهم أمس لإجراء مقابلات مع قنوات الإذاعة على خلفية الإعلان المفاجئ لرئيس الحكومة بشأن تقديم موعد الانتخابات، أعلنوا أن العملية ستنتهي قريباً.
هذا حدث كلاسيكي تتم فيه هندسة بعد حدوث الوقائع. نتنياهو كان بحاجة إلى تبرير ذريعة الأنفاق (طبيعة التحدي وأهميته ما زالت خفية عن حزب الله والجمهور الإسرائيلي)، في خطابه في منتصف تشرين الثاني، من أجل بقاء البيت اليهودي في الائتلاف بذريعة الوضع الأمني الحساس. الآن عندما تغيرت الظروف القانونية والسياسية وهو يسارع إلى إجراء الانتخابات فقد بطلت قوة الادعاء الأمني، وبهذا يسارعون إلى الإعلان عن انتهاء العملية.
عملياً، الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى أسابيع غير قليلة من أجل استكمال اكتشاف جميع الأنفاق وتدميرها. هذا لا يجب أن يؤثر ويرجح هذه الكفة أو تلك، بشأن موعد الانتخابات الذي حدد هذا الأسبوع. ولكن بنظرة إلى الوراء الأمور صحيحة بخصوص «خطاب التضحية» الأصلي لنتنياهو قبل شهر تقريباً. العملية مركبة ويكتنفها احتمال معين من التشوش والتورط مع حزب الله (الذي لم يتحقق حتى الآن). هذا كل شيء ـ وليس لذلك أي علاقة بتحديد موعد الانتخابات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 158 / 2183332

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع شؤون الوطن المحتل  متابعة نشاط الموقع أخبار «اسرائلية»   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2183332 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40