السبت 14 حزيران (يونيو) 2014

مصالحة الأحمد و”حكومة الرئيس”!

السبت 14 حزيران (يونيو) 2014 par عبداللطيف مهنا

إنه “لا رجعة للوراء، ولا قوة في الأرض قادرة على تعطيل إنهاء الانقسام” في الساحة الفلسطينية… مثل هذا الكلام الحازم الجازم هو لعزام الأحمد القيادي في حركة فتح السلطة ومسؤول ملف آخر مصالحاتها مع حركة حماس، أو ما عرف بـ”اتفاق الشاطئ” بين سلطتي رام الله وغزة.
وهو قول إذ لا يسهل على من هو سوى الأحمد قوله، فإنه سيكون صحيحًا، أو على الأقل مأمولًا، لو لم تك هذه المصالحة المراد لها أن تنهي هذا الانقسام كانت، وكما وصفناها في مقال سابق، منتفية الشروط، ومن أهمها أنها تفتقر إلى الاستناد إلى برنامج إجماع وطني يرتكز إلى رؤية نضالية استراتيجية مقاومة، رؤية من شأنها أن تضع حدًّا لمسار تساومي تفريطي مدمر للنضال الوطني، مفتت للوحدة الوطنية، أوصلت تهافتاته التصفوية على مدار أكثر من عقدين القضية إلى ما أوصلتها إليه. نقول هذا، لأن الجميع في الساحة الفلسطينية وخارجها لا يجهل، وإن كان التجاهل هنا مستحبًّا لدى الكثيرين، أن “اتفاق الشاطئ”، كان، وكما وصفناه أيضا في مقال سابق آخر، هو توافق تكتيكي يتدثر بمصالحة اضطرار، وإذ هو فصائلي السمة، بمعنى المعقود بين فصيلين وعلى أرضية أوسلوية، ولا يشاركهما فيه كافة أطياف الساحة الوطنية الأخرى على اختلافها واختلاف مواقعها، فإن لكل من طرفيه حساباته الخاصه التي دفعته مضطرًّا إليه، لذا لم تلبث رياح الخلافات بتصريحاتها وتصريحاتها المضادة وأن هبت لتعصف به حاملةً ما يتوعده باقتراب الانهيار.
وفق حساباته، أو من الزاوية التي ينظر منها الأحمد إلى حصاد بيدره الأوسلوي المتأتي له من “اتفاق الشاطئ”، يمكن فهم ما قاله على أنه نوع من التباهي بما يرى أنه قد أنجزه في مشواره التصالحي هذا، وقد لا يخلو قوله أيضًا من مشحة من شماتة في شريكه في هذا المشوار. ولسان حاله هنا يقول، ما كان قد كان، شُكِّلت “حكومة الرئيس”، أو أُعيدت في مكرر من نسختها التي يرأسها مكرر رئيسها الحمدالله، أما تكنوقراطها، أو من أضيفوا إليها، فهم المنتقون وفق المواصفات الأوسلوية المطلوبة إياها، بمعنى تمكنا من تمديد شرعية اللاشرعية، أو الاستمرارية للأمر الواقع، أي لسلطة ليس من شرعية نضالية أو وطنية لها، ولا حتى وفق قانونها الأساسي، ناهيك عن كونها منتجا أوسلويا تحت احتلال. وهو إذ أنجز ما أنجز، لم يقدم بالمقابل أي تنازل لشريكه في التوافق، فـ”حكومة الوحدة الوطنية” هذه تشكَّلت وحماس خارجها، وظلت هي هي، أي “حكومة الرئيس”، ورهن توجهاته ووفق متطلبات نهجه إياه والملتزمة بكل ما ألزم به نفسه خلال مشواره التسووي المعروف، والتنسيق الأمني مع العدو قائم بهذه الحكومة أو من دونها، وبمصالحة أو عدمها، والملاحقات للمقاومين والاعتقالات السياسية في الضفة أمر يومي مستمر لا شأن لما تم في غزة به، أما المفاوضات فشأن مفاوضيها من خارج الحكومة والاتفاق الذي شكَلها… بمعنى جاز للأحمد المباهاة بما أنجزه ولم يقدِّم مقابله شيئًا. لكنما في قوله بأن “لا رجعة للوراء، ولا قوة في الأرض قادرة” على تعطيل ما أنجز، فهنا مكمن ما قد يلمس من مشحة من شماتة في حماس، التي قدمت وحدها التنازلات التي أدت لتوقيع الاتفاق أملًا منها في دفع بلاوي وأثقال استحقاقات الحصار الخانق لا اقتناعًا بنجاعة ما أقدمت عليه، بيد أنها من زاوية الحسابات الفصائلية، أو من حيث ينظر الأحمد لمنجزه، قد دفعت ولم تقبض، وخسرت ولم تكسب، فملف المنظمة تأجل إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا، والحصار ما زال هو الحصار، ولا من جديد حول رئة معبر رفح المسدودة، ووفق الحسبة الأوسلوية، فهي إلى جانب كونها قد غدت خارج “حكومة الرئيس”، فليس من حديث حول إعادة الحياة إلى المجلس التشريعي الذي لها الغلبة فيه، وبالطبع لا من توحيد شبه مستحيل للأجهزة الأمنية، ولا رواتب ستصرف لموظفي حقبة حكومتها المقالة الـ41 ألفًا في غزة، أو عمليًّا ما قد يسهم فيما يرفع عن كاهلها أعباء وتبعات إغاثة جوعى الحصار… من طريف ما قاله الأحمد، وهو يعنِّف حماس لأنها “لا تضع حدًّا لصغارها” الذين يتهمون حكومة الحمدالله بالانقلاب على توافق تشكيلها، و”يتطاولون” على رئيس السلطة: قلت لهنية، “من كان يدفع لكم سابقًا عليه مواصلة ذلك… لكن ما لم يقله الأحمد، هو أن صرف رواتب موظفي غزة من عدمه هو راجع لمشيئة ما تدعى “الدول المانحة”، التي تصنفهم بالإرهابيين لأنهم كانوا يخدمون في الجهاز الإداري لحكومة مقالة لحركة مصنفة عند هذه الدول بالإرهابية!
ربما صح قول الأحمد إنه “لا رجعة للوراء”، بمعنى أن حماس في ظروفها الراهنة قد يصعب عليها العودة عن ما تم التوافق عليه، لكنما لا من قوة في الأرض، إذا ما استعرنا تعبيره، تقنع ساذج في الساحة الفلسطينية بأن المصالحة قد تمت وأن الانقسام قد انتهى، إذ إن أي توافق أو مصالحة أو مهادنة تحت سقف أوسلو الكارثي لن يكون مآلها إلا ما سوف تؤول إليه مصالحة الأحمد.
… وأخيرًا، وكما يقال، رب ضارة نافعة، لكن مثل هذا لن يكون إلا إذا استغلت حماس خروجها من السلطة لإخراج نفسها نهائيًّا من اسار القفص الأوسلوي، أو العودة عن تلك الخطيئة الاستراتيجية التي وقعت في حبائلها عندما استدرجت لملعب أوسلو وحاولت في جنباته الجمع بين نقيضين، السلطة والمقاومة…



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2165357

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عبداللطيف مهنا   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165357 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010