الأحد 8 حزيران (يونيو) 2014

ما بعد إنهاء الانقسام

الأحد 8 حزيران (يونيو) 2014 par هاشم عبد العزيز

بعد سبع سنوات أليمة وليس كما وصفها إسماعيل هنية ب“العظيمة”، طوى الفلسطينيون صفحة الانقسام السياسي السوداء والكئيبة بإطلاق أولى خطوات المصالحة الوطنية بتشكيل حكومة التوافق الوطني لتكون فاتحة إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس “إنهاء الانقسام الذي تسبب لقضيتنا بأضرار كارثية” .
ردود الفعل على هذه الخطوة كانت متسارعة وهي ما زالت متواصلة، وباستثناء الرفض الصهيوني لهذه الحكومة ومسارعتها في التهديد بمقاطعة السلطة الفلسطينية وحجز عوائدها الضريبية والإقدام على منع ثلاثة من الوزراء في غزة من الانتقال إلى الضفة لحضور أداء اليمين الدستورية، وهو مؤشر إلى ما ستتخذه تجاه وزراء الحكومة الجديدة في تنقلاتهم وأداء أعمالهم وبخاصة تلك المتعلقة بالإعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية، فقد جاءت ردود الفعل العربية والإقليمية والدولية بوجه عام مشجعة وإن أخذت مستويات متفاوتة . وهذا ما بدا جلياً بين حماس ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الذي التقى رئيس الوزراء الفلسطيني بمطالبته بدعم ومساندة الحكومة الفلسطينية الذي قال “إنها ملتزمة بالاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية وببرنامج رئيس السلطة الفلسطينية”، وبين الإعلان الأمريكي ب“إمكانية التعامل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة” والذي اعتبر “إسرائيلياً” بمثابة “خيبة أمل”، لأنه يبقي الباب مفتوحاً أمام من ترى “إسرائيل” اللقاء معهم من خلف الجدران العازلة ومنصات الصواريخ .
معلوم أن الحكومة الفلسطينية الوليدة منوطة بمهام بموجب اتفاق المصالحة وهي تحددت آنذاك بمهمتين: الأولى الإعداد والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية، والثانية مواجهة قضايا المواطنين الحيوية، والأبرز تداعيات الحصار على غزة على حياة الناس في توفير الغذاء والدواء ومشاكل البنى التحتية والمياه والكهرباء وغيرها والبطالة المتفاقمة في صفوف الشباب والعثرات الكأداء التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني جراء السياسة الصهيونية المدمرة لقطاعاته الزراعية والصناعية، غير أن الأوضاع الفلسطينية وردود الفعل الصهيونية العدائية تجاه الحكومة الفلسطينية أو بالأصح تجاه الوفاق الوطني الفلسطيني تضع على هذه الحكومة مهامّ ليست أقل من أولوية .
في هذا الشأن أمام الحكومة الجديدة مهمة إزالة آثار الانقسام السياسي على السلطة بمؤسساتها وأنظمتها وتداعيات احتقاناته على المجتمع الفلسطيني بأسره، لأن عدم الإقدام على هذه الخطوة سيبقي الأوضاع قائمة على انقسامها، وفي أحسن الأحوال تجميدها في استراحة لجولة جديدة، وهذا يفرغ الاتفاق من محتواه في شأن إعادة بناء السلطة على أنقاض الانقسام بخطوات وإجراءات جادة حكيمة وسريعة تهيئ للحكومة ذاتها فرص وسبل القيام بمسؤولياتها . إلى هذا، أمام الحكومة الفلسطينية مواجهة التعاطي مع الموقف العدائي الصهيوني لها، والمسألة تبدأ من استيعاب هذا الموقف الهادف إلى إعادة الأمور إلى ذلك المربع الذي اتبعته “إسرائيل”، وقادته الإدارة الأمريكية لعزل حكومة ما بعد الانتخابات البرلمانية وهي سياسة قادت آنذاك إلى انحسار فلسطيني على مصير الحكومة، ومن هنا لم يكن القول: إن الانقسام أدخل الفلسطينيين متاهة تصفية قضيتهم مجاف للحقيقة .
هنا يمكن القول إن الفلسطينيين وليس حكومتهم فقط، لديهم الفرصة المناسبة للخروج من دوامة الابتزاز الصهيوني والضغوط الأمريكية التي أبقتهم منذ الاستفراد الأمريكي في شأن هذه الأزمة في أوضاع متداعية ومأساوية أخطرها إشاعة الإحباط الذي يتنافر مع إرادة هذا الشعب المتقاطر الأجيال في مقاومته من أجل استعادة حقوقه .
القضية هنا ليست مصير حكومة بل مستقبل العمل الوطني الفلسطيني وهذا لا يستدعي مجرد خطوة تكميل منظمة التحرير الفلسطينية بالفصائل غير المنضوية في إطارها فقط، بل إن الطريق إلى هذه النتيجة يجب أن تمر من خلال مؤتمر وطني جامع للفصائل والفعاليات وللشعب الفلسطيني بكافة مكوناته في الداخل والشتات، وفي الأهم الشباب الذين يملكون القدرة على التجديد والتغيير وإعادة الاعتبار للحركة الوطنية الفلسطينية في ظل الاحتلال التي أفسدتها الصراعات السياسية، وفي الأفدح كان الانقسام السياسي بوطأته الكارثية التي تلح على التوقف في هذه المحطة للخروج ببرنامج وآلية تواجه المصاعب القائمة، وتتصدى للتحديات الماثلة في مسيرة كفاح الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه المشروعة والعادلة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165821

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165821 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010