السبت 7 حزيران (يونيو) 2014

“النكسة” وتداعياتها

السبت 7 حزيران (يونيو) 2014 par يونس السيد

شكلت “نكسة” يونيو/حزيران عام ،1967 لحظة فارقة في الذاكرة الجمعية للفلسطينيين والعرب، ليس في كونها حملت هزيمة ثقيلة أضيفت الى نكبة فلسطين عام 1948 فحسب، بل بسبب تداعياتها الكارثية على الواقع العربي والجوار الإقليمي برمته . وهي بهذا المعنى، أخت النكبة أو ابنة عمها، وربما تكون أكثر خطورة من حيث المضمون والنتائج التي أفرزتها، على الرغم من التعريف “المخفف” الذي حملته لتفريقها عن النكبة .
فمنذ ذلك التاريخ، شهدت المنطقة سلسلة من الأزمات والصراعات والحروب، جرت خلالها أحداث جسيمة وسالت فيها انهار من الدماء، أدت في المحصلة إلى تعميق الانقسام والتشرذم في الواقع العربي، وفتحت الباب على مصراعيه أمام التدخلات الخارجية التي لا نزال نحصد نتائجها حتى الآن . وباستثناء الحقبة بين عامي 1967 و،1970 التي شهدت محاولات جادة قادها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر لمحو آثار الهزيمة، تمثلت في العمل على استعادة التضامن العربي، وإعادة بناء الجيش المصري، ما مكّنه من خوض حرب الاستنزاف التي شكلت مدخلاً لحرب اكتوبر ،1973 فإن النتائج التي أفرزتها تلك الحرب، على الرغم من الانتصار العسكري الذي تحقق، جاءت أكثر خطورة على الواقع العربي . إذ سرعان ما تم إخراج مصر من ساحة الصراع، وتعطيل دورها العربي والاقليمي من خلال تكبيلها باتفاقية “كامب ديفيد”، وتوقف التضامن العربي الذي بلغ مرحلة متقدمة آنذاك باستخدام سلاح البترول، ليستبدل بذلك كله سلسلةً من الحروب والصراعات الداخلية على مدار السنوات اللاحقة .
ففي عام 1975 اندلعت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية، ثم الحرب العراقية الإيرانية عام ،1980 الى الاجتياح “الإسرائيلي” للبنان وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية عام ،1982 ثم غزو النظام العراقي للكويت عام ،1990 واندلاع حرب الخليج الأولى وانعقاد مؤتمر مدريد عام ،1991 الى توقيع اتفاقية “أوسلو” عام ،1993 و“وادي عربة” عام ،1994 ثم اندلاع حرب الخليج الثانية والاحتلال الأمريكي - البريطاني للعراق عام ،2003 الى سلسلة الحروب “الإسرائيلية” على لبنان والضفة الغربية وغزة في اكثر من محطة زمنية خلال العقد الماضي، وصولاً إلى ما يسمى “ثورات الربيع العربي” في السنوات الأخيرة، وما تشهده المنطقة من صراعات وأزمات أمنية وسياسية تنذر بحروب أهلية وبتغييرات في كيانات بعض الدول وحدودها وأنظمتها الحاكمة . وفي كل هذه المحطات، التي لا تنفصل قطعاً عن مجرى الصراع العربي - الصهيوني، نجد بصمات التدخل الخارجي والعدو الصهيوني الذي ظل، طوال الوقت، يسعى، ليس الى فرض الاستسلام على الفلسطينيين والعرب فحسب، بل إلى تكريس الهزيمة وثقافتها في داخلهم، للإبقاء على محاولاته في فرض الهيمنة والنفوذ والسيطرة على المنطقة وشعوبها ونهب خيراتها وثرواتها .
لا يمكن في هذه العجالة، الإحاطة بكل تداعيات “النكسة”، ولا الدروس التي ينبغي استلهامها، لكن لا مفرّ من وقفة تأمل، على الأقل، من أجل تصحيح الخلل، الذي يبدأ باستعادة الذات أولاً، والتضامن العربي ثانياً، وحشد الطاقات لتحرير الأراضي المحتلة، ثم الانطلاق نحو آفاق الحرية والتقدم والالتحاق بركب الحضارة العالمية، حتى لا تبقى المنطقة مشرعة على كل الاحتمالات .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 95 / 2165601

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165601 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010