الجمعة 6 حزيران (يونيو) 2014

حكومة التوافق.. ووزارة الأسرى

الجمعة 6 حزيران (يونيو) 2014 par نافذ أبو حسنة

تولى المناضل المقدسي حاتم عبد القادر، منصب وزير شؤون القدس، لأشهر قليلة في حكومة فلسطينية سابقة، ثم تقدم باستقالته دون أن يوضح أسبابها في البداية، ثم قال في وقت لاحق، إن الحكومة ليست جادة في العمل من أجل القدس، وعند الإصرار على تلقي إجابة أكثر وضوحاً من ابن مدينة القدس، أوضح عبد القادر، أن رئيس تلك الحكومة سلام فياض، أعلم وزير شؤون القدس بعدم وجود ميزانية مخصصة للمدينة المقدسة.

منذ ذلك التاريخ غاب الحديث عن وزارة شؤون القدس، وبسبب “زحمة الأحداث الفلسطينية” وأشغال الانقسام الحيوية، لم يعد هناك من يسمع بوجود وزارة لشؤون القدس، أو يعرف ما الذي تقوم به على وجه الدقة، وإن كنا نعلم حجم مشاريع التهويد في المدينة المقدسة، والاهتمام المنخفض جداً للسلطة الفلسطينية بما يجري في المدينة، وقد عرفنا عند تأدية الوزراء قسم اليمين أمام رئيس السلطة، لحكومة التوافق، بوجود وزارة باسم وزارة شؤون القدس يتولاها عدنان الحسيني، لكننا لا نعلم شيئاً عن ميزانيتها وأين تصرف.

هذه الأيام وبمناسبة تشكيل حكومة جديدة (حكومة التوافق والمصالحة والوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام... الخ) جرى استذكار قصة وزارة شؤون القدس، وحكاية الإمكانات المتاحة لها، لا شيء معروفاً حول دور هذه الوزارة، فالحديث كان مُنصبّاً على منع إسقاط وزارة أخرى، هي وزارة شؤون الأسرى.

فقد جرى الإعلان عن أن الحكومة الجديدة لا تضم وزارة للأسرى، وأنه سيجري الاستعاضة عن الوزارة، بهيئة تهتم بالأسرى، وتكون تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية (حلو. جرى تذكر وظيفة تؤديها المنظمة بدل السلطة)، وتردد أن حماس ليست راضية، وتداعت الفصائل إلى اجتماع في قطاع غزة، شددت فيه (للأمانة) على أهمية وجود وزارة للأسرى.

حتى ساعة كتابة هذه السطور، لا نعلم مدى تأثير موضوع الوزارة محل الحديث، على جهود المصالحة وتشكيل حكومة الوفاق والتوافق، فقد جرى إعلان الحكومة، وأدى الوزراء اليمين على أساس أن السيد رامي الحمد الله، رئيس الحكومة سيتولى وزارة شؤون الأسرى إلى جانب الداخلية أيضاً، وقيل إنه جرى التوافق بين حماس وفتح على هذا الأمر، وبعد ساعات تبين أنه لا يوجد توافق، وأكد الحمد الله شخصياً عدم وجود وزارة للأسرى، بل هيئة تتبع منظمة التحرير، ما اعتبره الناطق باسم حماس صلاح البردويل، انقلاباً على حكومة التوافق، ولا ندري ما الذي سيحدث بعد، لكن من حسنات إثارة هذا الموضوع بداية، توقف الجدل المقيت حول وزارة الخارجية ووزيرها الصنديد رياض المالكي.

في هذا المشهد كثير من السخرية، وبمستويات مختلفة، أولاً تعبير وزارة خارجية، هذه السخرية بعينها، ثم يأتي الموقف المتعلق بشخصية الوزير، أي رياض المالكي، والذي اعتبرته حماس غير وطني، داعية إياه للتضحية من أجل الوطن والمصالحة.

صحيح أننا لا نذكر للرجل موقفاً واحداً يرفع الرأس، أو يشكل مصدر اعتزاز، ولكن السؤال لماذا المالكي؟ ثمة اختلال كبير في تعيين مواصفات “الوطنية” في الحالة التي نجد أنفسنا عليها اليوم، وما ينطبق على المالكي ينطبق على كثيرين، هو ليس أفضل أو أسوأ من آخرين، وتظل إجابة السؤال: لماذا المالكي بالذات؟ في ذمة السيد سامي أبو زهري، لعله يطلعنا عليها في يوم ما، والطريف أن المالكي لم يتطوع بالانسحاب، وأدى اليمين مع السادة الوزراء.

- قدس وأسرى

في كل حال، غاب إشكال المالكي (وهو على ما عرفنا، لا يهدد الخطوات الواثقة والجادة باتجاه المصالحة) لصالح موضوع جاد وحقيقي، هو موضوع وزارة الأسرى، وما دام الشيء بالشيء يذكر، حضر موضوع وزارة شؤون القدس من جديد.

وإذا صح الكلام المنسوب لعضو اللجنة المركزية في حركة فتح محمود العالول، عن أن إلغاء وزارة شؤون الأسرى، وتحويلها إلى هيئة تابعة لمنظمة التحرير، جاء بضغط من الدول المانحة للسلطة الفلسطينية، يمكن الاستنتاج بأن منع الإمكانات عن وزارة شؤون القدس، ونحن نصدق بقوة كلام السيد حاتم عبد القادر، جاء بضغط من المانحين أيضاً، وهذا أمر شديد الخطورة.

بالطبع فإنه ليس مفاجئاً أن تخضع السلطة لطلبات المانحين، وهي المتعيشة على ما يقدمه هؤلاء لها من أموال، تدفع لموظفيها وتنفق على إداراتها المختلفة، لكن المتصور، هو وجود حدود للاستجابة، ويبدو أن هذا التصور ظل خاطئاً طوال الوقت، وما دام الأمر على هذا النحو، تشق أسئلة بديهية طريقها إلى الوجود: هل يعتبر الكلام الصادر عن أوساط السلطة بشأن القدس والأسرى حقيقياً؟ أم مجرد مواقف تطلق في الهواء بلا معنى؟

بشأن القدس ليس من داع لإعمال الخيال، تبدو المسألة واضحة لجهة الالتزام بمندرجات اتفاق أوسلو، يسير التهويد بخطى متسارعة، تقابله محاولات لتكييف حل يضع العدو خطوطه العريضة، ويرسم تفاصيله أيضاً.

وما دام الجهد الفعلي على الأرض، متراجعاً وضعيفاً إلى الحد المعلوم، فلا شيء يجعلنا قادرين على تصديق تلك الخطابات الرنانة عن القدس، وحمايتها من التهويد، الأمر نفسه ينسحب على قضية الأسرى.

يدور الحديث عن ضغوط على السلطة، ما الذي لم تفعله حكومة العدو حتى الآن، هي تتحدث عن مقاطعة، ومنعت وزراء من غزة من الحضور إلى الضفة، وستتخذ إجراءات “عقابية” على ما تقول، فهل الحل بالتخلي عن وزارة الأسرى؟

يشكل هذا التخلي رسالة سلبية في أكثر من اتجاه، هو تنكر لأسرانا، وهو منح تفويض للعدو بإقرار مزيد من القوانين العنصرية الجائرة، كمثل “منع العفو”، والذي سيستخدمه الصهاينة لمزيد من التعسف ضد الأسرى، وهو نوع من الإقرار بما يردده الصهاينة والأميركيون عن الأسرى البواسل، وإلصاق صفات الإرهاب بالمناضلين الذين ضحوا بالكثير من أجل بلادهم.

موضوع وزارة الأسرى، ليس للمزايدات في ملفات المصالحة البتراء، وكان ينبغي ألا يكون موضع خلاف من حيث المبدأ، ناهيك عن تقديمه بوصفه مادة خلاف مستجدة بين المتخاصمين – المتصالحين، أو المتصالحين – المتخاصمين، وآخر ما يمكن توقعه هنا أن يثير أحد ما موضوع الإمكانات التي يتوجب توفيرها لوزارة تؤدي هذه المهمة الوطنية الكبيرة، مهما كان حجم الجهد المبذول، قياساً لما هو مطلوب حقاً، لصالح هذه الفئة من الشعب الفلسطيني.

ربما كان من المفترض اعتبار إسناد قضية الأسرى إلى منظمة التحرير مباشرة، أمراً جيداً ودليل اهتمام، ولكن هذا يحتاج بداية، إلى تصديق وجود اهتمام حقيقي بدور المنظمة التي جرى تحويلها، مع الأسف، إلى مؤسسة صغيرة، ملحقة بالسلطة الفلسطينية.

ويتضح من جملة التصريحات التي أعقبت أداء وزراء الحكومة الجديدة القسم الوزاري، وجود إحساس بجسامة الخطوة، ليصل الأمر حد الادعاء بأن الوزارة لم تلغ، وبدا المشهد غير مفهوم على الإطلاق، بين الحديث عن إلغاء الوزارة، وبين الادعاء بوجودها.

- خلافات مستجدة

يؤشر الفشل في الإبقاء على وزارة للأسرى في حكومة التوافق الجديدة، إلى صعوبات إنجاز توافق جدي يحتاجه الشعب الفلسطيني، لحماية حقوقه الأساسية، لقد استمع الفلسطينيون في يوم الإعلان عن الحكومة الجديدة، إلى حديث عن حكومة التوافق السياسي، لكن المقصود حقيقة بالتوافق السياسي ظل غائباً، فالرئيس يتحدث عن حكومته الملتزمة برنامجه السياسي، أما الحديث الصادر من غزة، فيذهب إلى وجهة أخرى، وفي هذا ما يقدم صورة عن جدية الصعوبات التي تواجهها الحكومة، وتفسير حقيقة المهمات المطلوبة منها على المدييْن القريب والمتوسط، ما دام واجبها الأساسي يتحدد في إجراء الانتخابات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165864

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع نافذ أبو حسنة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165864 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010