الثلاثاء 3 حزيران (يونيو) 2014

حل الدولة الواحدة أو الدولتين ؟

الثلاثاء 3 حزيران (يونيو) 2014 par ناجي صادق شراب

الفلسطينيون يرفضون حل الدولة الواحدة ليس بسبب عدم جدوى هذا الحل أو أهميته، ولكن إدراكاً منهم باستحالة تنفيذه على الأرض، ولأن خيارهم الدولي الآن والمتاح هو خيار تفعيل الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، و“الإسرائيليون” من جانبهم يرفضون أيضاً حل الدولة الواحدة للحفاظ على يهوديتهم وخوفهم من العامل السكاني الطاغي للفلسطينيين والذي قد يهدد بقاءهم باندماجهم أو انصهارهم في كيانية سكانية لا تعمل لصالحهم، ولذلك يصر “الإسرائيليون” أو حكومة نتنياهو على الاعتراف بيهودية “إسرائيل”، والمفارقة أن هذا الطلب يطلبونه من الفلسطينيين لما لذلك من تداعيات سياسية خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية، ومستقبل أكثر من عشرين في المئة من سكان الأراضي المحتلة وهي نسبة الفلسطينيين الذين يعيشون داخل الكيان، ولما لذلك من تهديد مباشر على بنية “إسرائيل” الديمغرافية، وخصوصاً بعد فشل سياسات التكامل والإندماج لهؤلاء السكان، وذلك بسبب السياسات العنصرية التي تمارسها الحكومات “الإسرائيلية” المتعاقبة والتي تجعل من الفلسطينيين مواطنين درجة ثالثة أو عاشرة . ورغم هذا الرفض المشترك لحل الدولة الواحدة فإن وجهتي النظر متباعدتان من حل الدولتين، ف“إسرائيل” من جانبها وحتى هذه اللحظة لم تتخذ موقفاً واضحاً وصريحاً من حل الدولتين، فنتنياهو وفي كتابه “الديمقراطية تحت الشمس” يعتبر قيام الدولة الفلسطينية تهديداً وجودياً ل“إسرائيل”، هذا رغم إشاراته بعد ذلك إلى الدولة الفلسطينية .
لكن يبقى السؤال أي دولة تعنيها “إسرائيل”؟ فما زالت “إسرائيل” تستمر في سياسات الاستيطان ومصادرة الأرض الفلسطينية التي يفترض أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية، وترفض إعادة القدس الشرقية، وتصر على بقائها عاصمة موحدة لها، وترفض أي عودة للاجئين الفلسطينيين تحت مطالبتها بالاعتراف بيهوديتها، كما تصر على استمرار بقائها الأمني في العديد من الأراضي الفلسطينية كمنطقة الأغوار، وتطالب بدولة فلسطينية منزوعة السلاح بالكامل وليست لها سيادة على منافذها البرية والبحرية والجوية . وكل هذه الإجراءات تعني دولة برؤية أمنية “إسرائيلية”، وليست دولة من منظور القانون الدولي الذي يوصف الدول بأركانها الثلاث، الأرض، والشعب والسلطة أو السيادة، والعنصر الوحيد المتوفر للفلسطينيين هو العنصر السكاني من خلال نجاح الفلسطينيين في الحفاظ على هويتهم القومية كشعب، وهو ما فشلت “إسرائيل” برغم كل إجراءاتها القمعية والاحتلالية أن تتغلب عليه، وتريد الآن أن تفرغ هذه الدولة من عنصري الأرض بتقزيمها وتجزئتها وعزلها عن بعضها، وسلب سيادتها، وهي بهذا لم تذهب بعيداً عن فكرة الحكم الذاتي الذي تسعى إليه، وتعاملها مع موضوع الدولة الفلسطينية من منظور سكاني وليس قانونياً سيادياً .
هذا الموقف يتناقض تماماً مع المعنى الحقيقي لحل الدولتين، وهي بهذا الموقف تكون قد حققت هدفها بعدم قيام الدولة الواحدة، والحيلولة دون قيام حل الدولتين إدراكاً منها بأن قيام الدولة الفلسطينية الكاملة يعني تقليص وجودها وتمددها الإقليمي في المستقبل، ويكمل حلقة العزل الجغرافي لها عربياً، ومن شأن ذلك أن يحولها إلى كيان صغير مساحة وسكاناً، وأن القوة في حالة مثل هكذا دول تكون فاشلة .
في هذا السياق تأتي خيارات “إسرائيل” في التفكير في الانسحاب الأحادي من الضفة الغربية، وفرض العراقيل والتهديدات أمام نمو السلطة الفلسطينية، ويفسر لنا رفضها للمصالحة الفلسطينية التي تعني لها توحد الأرض والشعب الفلسطينيين . ومحاولتها التسريع في عمليات الاستيطان والتهويد التي هدفها الحيلولة دون قيام حل الدولتين، وفرض أمر واقع لا يمكن لأي مفاوضات تجاوزه .
وفلسطينياً ورغم أن الفلسطينيين لا يملكون خيارات كثيرة، وليس أمامهم إلا المضي قدماً في التأكيد على حقهم في قيام دولتهم، ورغم رسائل التطمين التي يؤكدونها دائماً فإنهم لا يريدون إلا دولة فلسطينية في حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 ولإدراكهم بأن المستوطنات “الإسرائيلية” التي تبتلع ما بقي من أرض تقوم عليها الدولة الفلسطينية فإنه لن يبقى من هذه الدولة إلا مساحة تقل عن عشرين في المئة وهي المساحة المقررة للدولة الفلسطينية، ومع ذلك يصّرون على التمسك بحل الدولتين . ويبقى السؤال: ما خياراتهم لهذا الحل؟ لا يمكن الوصول لهذا الحل من دون نضال ومقاومة سياسية بكل أشكالها تجعل الاحتلال يدفع ثمناً سياسياً باهظاً، وبتفعيل دور الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة وجعلها دولة تحت الاحتلال، ومطالبة الأمم المتحدة القيام بمسؤولياتها لإنهاء الاحتلال، وهذا بالتوازي مع المقاومة والنضال السياسي . ولا يعني التسليم بحل الدولتين ورفض الدولة الواحدة، وإسقاط خيار الدولة الواحدة إذا كانت “إسرائيل” لا تريد حل الدولتين . فلا يكفي رفض حل الدولة الواحدة، وتبني خيار حل الدولتين من دون أن تكون لدينا رؤية استرتيجية، ورؤية واضحة، محددة بأهداف وآليات توصل إلى الهدف . فلنا ستة وستون عاماً نستذكر النكبة من دون أن نتجاوز محنتها . وتجنب نظرية الدوران في دائرة مفرغة من المفاوضات .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165883

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165883 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010