تصوروا، إن الطرق والدروب باتت مسدودة وموصدة على فلسطينيي سوريا من قبل دول الجوار المُتاخمة لسوريا. فبعد تركيا والأردن، أصدَرَت الجهات المعنية اللبنانية قبل أكثر من أسبوعٍ مضى قرارها وتعليماتها بمنع دخول فلسطينيي سوريا الى لبنان منعاً باتاً، إلا بشروطٍ واضحة، وهي شروط لاتنطبق سوى على العدد القليل من عامة الناس من لاجئي فلسطين في سوريا. وبعد ستة أيام من صدور القرار المذكور جرى توزيع تعميم المديرية العامة للأمن العام إلى شركات الطيران بعدم السماح بنقل أي لاجئ فلسطيني من سوريا إلى لبنان، وقد نشرت مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالنشطاء الفلسطينيين صورتين فوتوغرافيتين للقرارين المذكورين.
القرار اللبناني.. الأول والثاني: لم يكن أي منهما مُفاجئاً، فالحالة إياها، ونقصد حالات المنع والقرارات المُفاجئة الصادرة عن بعض الدول العربية حيال حركة اللاجئين الفلسطينيين ممن يُعرفون بحاملي الوثائق، مسألة اعتاد عليها عموم اللاجئين الفلسطينيين من حملة الوثائق، وعلى الأخص منهم فلسطينيي سوريا ولبنان، الذين مازلوا يكابدون أوجاع النكبة ونتائجها وتداعياتها المُتعلقة بحياتهم اليومية في «بلاد العرب أوطاني» بالرغم من مرور «66» عاماً من نكبتهم الأولى.
القرار اللبناني.. الأول الثاني: جاء كل منهما في وقت عصيب في مسار حياة فلسطينيي سوريا، الذين لم يَعُد بإمكان أي منهم مغادرة البلد الى لبنان، وهو المعَبر شبه الوحيد أمامهم، إلا بعد تحقيق جملة من الشروط، منها أن تكون الزوجة لبنانية أو فلسطينية لبنانية، أو أن تكون الوالدة لبنانية او فلسطيني لبنانية، أو أن يكون الطريق من دمشق الى بيروت باتجاه المطار للمغادرة خارج لبنان حصراً. وقد برر البعض الإجراء الرسمي اللبناني بوصفه ردة فعل بسبب تأشيرات مزوّرة كان يحملها «49» شخصاً من فلسطينيي سوريا جرى توقيفهم في مطار بيروت، فإذا صح هذا الكلام هل يجوز توجيه العقاب لشعبٍ بأكمله.
البعض في لبنان نفى، وبالأحرى حاول أن ينفي واقعة القرار الأول والثاني على صفحاته الخاصة بالتواصل الاجتماعي، إلا ان الوقائع الملموسة على الأرض دحضت كل محاولات النفي، فالقرارن يجري تطبيقهما على أرض الواقع منذ لحظات صدورهما وحتى الآن، بالرغم من كل المناشدات التي تقدمت بها القوى الفلسطينية في بيروت للجهات الرسمية اللبنانية المعنية، وبالرغم من الكتاب الرسمي الذي أرسلته وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» للجهات الرسمية اللبنانية وطالبتها فيه بالتراجع عن قرارها الأول والثاني.