الاثنين 19 أيار (مايو) 2014

بين أسيرة ومجرمي الحرب

الاثنين 19 أيار (مايو) 2014 par محمد عبيد

عندما يتعلق الأمر ب“إسرائيل” فلا مكان لاعتبارات الولايات المتحدة السيادية أو حرصها أياً كانت الإدارة فيها، على متطلبات الأمن القومي، ولا مكان أيضاً لحقوق المواطنة أو الحقوق الإنسانية التي تلقي واشنطن المحاضرات والعظات فيها على غيرها، ومن ثم تكون كالعادة أكثر من يخرقها وينتهكها بدعوى حمايتها .
الولايات المتحدة التي تستقبل كبار مجرمي حرب الاحتلال “الإسرائيلي”، وتتعاطى معهم على أنهم “حمائم سلام” عندما يتعلق الأمر بمحاولاتها دفع عملية التسوية، تتمادى في دعم الكيان المحتل، وتمنحه حصانة كاملة، وشيكاً على بياض للاستمرار في جرائمه وعدوانه، من دون أدنى لوم أو حتى “عتاب”، وفي كثير من الأحيان تتحول إلى دائرة أمنية صغرى من دوائر الاحتلال “الإسرائيلي” فتلاحق الفلسطينيين لإدانة مقاومتهم المشروعة للاحتلال الغاشم .
واشنطن قررت إبعاد الأسيرة الفلسطينية المحررة رسمية عودة (66 عاماً) التي تحمل الجنسية الأمريكية منذ قرابة عقد، وتقيم على أراضي الولايات المتحدة منذ عقدين من الزمان، على خلفية ضلوعها في عملية نفذتها المقاومة الفلسطينية في القدس المحتلة عام ،1969 وزجت هذه المناضلة الفلسطينية على إثرها مثل كثير غيرها خلف قضبان المعتقلات في حكم بالمؤبد، ثم أطلق سراحها بعد عشر سنوات في إطار صفقة تبادل .
والذريعة الجاهزة لخرق أكثر ما تتباهى به الولايات المتحدة أمام العالم ممثلاً بدستورها وحقوق المواطنة التي تدعي احترامها، وحجتها في إبعاد هذه المناضلة، هي أن الأخيرة لم تبلغ سلطات الهجرة في الولايات المتحدة بأمر أسرها وظروف تحريرها، وقد عرضت “صفقة” على المناضلة التي تعتقلها منذ عام، تقضي بإبعادها بدلاً من أسرها، وفي هذا تأكيد لحقيقة واشنطن البشعة، التي تمنح مجرمي الحرب “الإسرائيليين” جنسيتها، ومن بين مواطنيها من يحملون الجنسيتين، ومن شاركوا في جرائم الاحتلال .
لكن ما يحمل على التشكيك في ذريعة السلطات الأمريكية التي تحاول من خلالها طرد عودة إيصال رسالة ترهيب للكثير من الفلسطينيين الذين يحملون جنسيتها، ورسالة التزام بمصالح الكيان، هو أن هذه المناضلة تعمل كناشطة اجتماعية كبيرة في “شبكة العمل العربية - الأمريكية” ومقرها شيكاغو، وهي منظمة غير ربحية تأسست عام 1995 “للدفاع عن المهاجرين الجدد ومكافحة العداء للمسلمين والعرب بالولايات المتحدة”، وفق مديرها الأمريكي من أصل فلسطيني حاتم أبو دية .
إذاً فالأمر يحمل أكثر من وجه، ويهدف إلى ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو أولاً مناسبة لتأكيد الولاء الأمريكي للاحتلال، وثانياً هو محاولة لترهيب المناضلين المدنيين، وثالثاً هو حلقة جديدة في مسلسل تجريم العرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص، والمسلمين على مستوى أكبر، ومحاولة وصمهم جميعاً بتهمة “الإرهاب” .
واشنطن تمارس الإرهاب بحق مواطنيها خدمة لمشروعها القائم على تعميق الشرخ القائم بين الحضارات والأديان، وهي لا تتورع عن اتخاذ أي إجراء أو انتهاج أية سياسة أو خرق أي قانون عندما يتعلق الأمر ب“إسرائيل” ومصالحها، ولن توفّر وسيلة لإثبات هذا الولاء على الدوام .
حالة المناضلة الفلسطينية هذه لن تكون الأخيرة، لكنها مؤشر قوي على أن الإدارة الأمريكية مهما زعمت حرصها على إنجاح مسيرة التسوية، فإن ذلك لا يعدو كونه مسعى لخدمة مشروع الاحتلال، ووسيلة للتغطية على جرائمه المتعاظمة



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2177245

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2177245 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40