الجمعة 16 أيار (مايو) 2014

اتفاق 17 أيار... إذعان للشروط «الإسرائيلية سياسيّاً وأمنيّاً

الجمعة 16 أيار (مايو) 2014 par حسن حردان

تظهرالعودة الى نص اتفاق 17 أيار، الذي وقّع بين نظام حكم أمين الجميل و«إسرائيل» في ظل الاحتلال الصهيوني للبنان، حقيقة أن بنوده تشكل إذعاناً للمطالب «الإسرائيلية» كاملة. فالاتفاق هذا، عدا كونه وقّع تحت الإكراه والضغط ونتيجة تعاون نظام الجميل مع الاحتلال، شكل انتقاصاً فاضحاً لسيادة لبنان واستقلاله من خلال المكاسب السياسية والأمنية التي أعطيت لـ«إسرائيل».

أولاً: ينتقص الاتفاق من سيادة واستقلال لبنان، ووُقّع في ظل الاحتلال الذي حدد وفرض ما أراده من غزوه لبنان، إذ نص الاتفاق على توقيع اتفاق صلح وسلام بين لبنان و«إسرائيل» بحسب المادة 1: «يؤكد الفريقان أن حال الحرب بين لبنان و«إسرائيل» أنهيت ولم تعد قائمة».

كما تمّ الاتفاق على اقامة مكاتب اتصال في لبنان و«تل ابيب»: «يكون على رأس كل فريق في لجنة الاتصال المشتركة موظف حكومي كبير» وتُعامل مكاتب الاتصال ويعامل الموظفون «وفقاً لأحكام المتصلة بهذا الموضوع الواردة في معاهدة البعثات الخاصة، تاريخ 8 كانون الأول 1969، بما فيها الاحكام المتعلقة بالامتيازات والحصانات»، وهذا يعني أن مكاتب الاتصال هذه هي بمثابة سفارات.

في هذا الإطار، أكد خبراء القانون على أن مجرد إنهاء حال الحرب لا بد أن تنتهي الاتفاقية هذه بصلح، فضلاً عن إنهاء حالة العداء مع «إسرائيل» واعتراف لبنان بها، يتعهد لبنان بالعمل على وضع حد لأي نقد أو تحريض ضد السياسة الصهيونية التوسعية الاستيطانية وكشف أخطارها وأطماعها في لبنان وسائر المنطقة العربية، ونصّت المادة الخامسة في الاتفاق على الآتي: « انسجاماً منهما مع إنهاء حال الحرب، يمتنع كلّ فريق في إطار أنظمته الدستورية عن أي شكل من الدعاية المعادية للفريق الآخر».

لذا يحقّق الاتفاق هدف «إسرائيل» الأول، أن يكون لبنان ثاني دولة بعد مصر يوقع على معاهدة صلح معها، لإخراجه من دائرة الصراع وفصله عن محيطه العربي والتزاماته العربية، وجعله معادياً لسورية، وصديقاً وحليفاً لـ«إسرائيل» وفق ما ورد في المادة التاسعة:

1 ـ « يتخذ كل من الفريقين في مهلة لا تتعدى عاماً واحداً من بدء سريان هذا الاتفاق، جميع الإجراءات اللازمة لإلغاء المعاهدات والقوانين والأنظمة التي تعتبر متعارضة مع هذا الاتفاق، وفقاً للأحوال الدستورية العائدة الى كل من الفريقين وتقيداً بها».

2 ـ « يتعهد الفريقان عدم تنفيذ أي التزامات راهنة تتعارض مع هذا الاتفاق، كذلك عدم الدخول في أي التزام وعدم تبني قوانين أو أنظمة تتعارض مع هذا الاتفاق».

ثانيا: إذا كان الاتفاق يحقق لـ«إسرائيل» مكاسب سياسية، مثل سلف، فإنه ينص أيضاً على الانتقاص من سيادة لبنان، تبعاً لبنود الترتيبات الأمنية وملحقاتها التي تعطي «إسرائيل» امتيازات أمنية خطيرة تسمح لها بإقامة نقاط إنذار مبكر، وإنشاء منطقة أمنية عازلة في الجنوب ، وإنشاء لواء لبناني عميل للاحتلال وميليشيا لبنانية تابعة له، وتكريس الاحتلال ومنحه صفة شرعية وتحديد نوعية القوات والأسلحة التي يحق للبنان إدخالها الى المنطقة الأمنية، إذ نصت فقرة الترتيبات الأمنية على:

«تقام منطقة أمنية، تتعهد الحكومة اللبنانية أن تنفذ ضمنها الترتيبات الأمنية المتفق عليها بموجب ملحق الترتيبات الأمنية».

أما لناحية القيود والشروط التي وضعها الاتفاق على لبنان في المنطقة الأمنية فقد حدّد أن «القوات والعناصر المسلحة المنظمة الوحيدة المسموح بها في المنطقة الأمنية هي، الجيش اللبناني، والشرطة اللبنانية، وقوى الأمن الداخلي، والقوات اللبنانية المساعدة الأنصار المنشأة تحت سلطة الحكومة اللبنانية المطلقة، وذلك باستثناء ما هو مبين في مكان آخر من هذا الملحق. للجنة الترتيبات الأمنية أن توافق على أن تتمركز في المنطقة الأمنية عناصر مسلحة لبنانية شرعية أخرى مشابهة للانصار».

هذه الفقرة واضحة، فهي تكرس الاحتلال وتعززه في الجنوب عبر لجنة أمنية لبنانية «إسرائيلية» ـ أميركية، وممارسات الاحتلال وتجلياته، بجيش سعد حداد، اللجان المحلية، والتجهيزات التقنية على ضفاف الليطاني وسواها التي نصت عليها الملحقات السرية من الاتفاق.

هذا يعني أن نظام أمين الجميل وافق على الشروط «الإسرائيلية» كاملة، وهي تنتقص من حرية لبنان وسيادته واستقلاله على أرضه، وتجعل منه حارساً وحامياً لأمن «إسرائيل» عندما يقبل بتكريس ميليشيا عميلة لـ«إسرائيل» وعدم إدخاله أي أسلحة ثقيلة للجيش اللبناني والتعهد بمنع أي عمل عسكري ضد «إسرائيل».

ثالثا: من الواضح أن نظام أمين الجميل الذي تشكل في ظل الاحتلال «الإسرائيلي» وافق على إعطاء الاحتلال مكاسب سياسية وأمنية، وكافأه على جرائمه ومجازره الوحشية التي ارتكبها، وبلغت ذروتها في مجزرة صبرا وشاتيلا، ما يكشف زيف ما يدعيه الرئيس السابق أمين الجميل اليوم من أن اتفاق 17 أيار ينص على جلاء القوات «الإسرائيلية» ويحقق السيادة والاستقلال، ويظهر في الوقت ذاته أن ما يدعيه وبعض المعارضين من حرص على السيادة الوطنية، كان تفريطاً بها على أيديهم وموافقة على اتفاق ينتقص من حرية لبنان وسيادته على أرضه، لاعبين دور الأداة الأمنية في خدمة العدو الصهيوني.

لو أردنا تلخيص النتائج التي حققتها «إسرائيل» من الاتفاق على المستويين السياسي والأمني لأمكننا تسجيل الآتي:

1 ـ إضفاء الصفة الشرعية على وجود الاحتلال «الإسرائيلي» وتكريسه ومنح «إسرائيل» صك براءة عن جرائمها ومجازرها التي نفذتها وأثارت سخط الرأي العام العالمي وتنديده.

2 ـ نزع لبنان من محيطه العربي وإلحاقه بركب التبعية «الإسرائيلية» والغربية لمحاصرة سورية والضغط عليها وإرغامها على التراجع والتخلي عن مواقفها الوطنية والقومية.

3 ـ تكريس الاعتراف بـ«إسرائيل» والقبول بقاعدة التفاوض التي فرضتها على الجانب اللبناني، على أساس سياسة الأمر الواقع، بغية انتزاع المزيد من المكاسب والمزايا السياسية والاقليمية مقابل انسحابات تقررها هي وفق مصالحها وأطماعها وأهدافها الاستراتيجية في لبنان، خاصة على المستويين الاقتصادي والمائي اللذين يشكلان الوجه الآخر للغزو وأهدافه، وتمت تلبية تلك الأوضاع والأهداف في الاتفاق المشؤوم.

انطلاقاً مما تقدم، ليس صحيحاً قول المدافعين عن الإتفاق إنه لا يتضمن سوى ترتيبات أمنية لا تمس بالسيادة، بل على العكس تماماً، فالاتفاق إضافة إلى كونه ينتقص من السيادة والاستقلال، يحقق مكاسب سياسية خطيرة ومهمة لكيان العدو «الإسرائيلي»، مثلما أظهرت بنوده.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2177908

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2177908 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40