الجمعة 16 أيار (مايو) 2014

مارتن أنديك وسوزان رايس نموذجا سياسة أميركيّة عمياء

الجمعة 16 أيار (مايو) 2014 par رامز مصطفى

على عادتهم، يعمد المسؤولون والموظفون في الإدارة الأميركية إلى تحميل المسؤوليات وتوزيعها يميناً ويساراً حين يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني وممارساته وجرائمه. فخلال أقلّ من عشرة أيام، عمل كلّ من مارتن أنديك، ناظر المفاوضات، بين حكومة نتنياهو ومنظمة التحرير، وسوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي، على المساواة بين الضحية والجلاد، بين حكومة نتنياهو والسلطة الفلسطينية في ما يتعلق بتوقف المفاوضات ووصولها إلى مأزقها الراهن.

أكد أنديك في تصريحات حديثة له أمام معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط أن كلاً من نتنياهو ومحمود عباس لم يعملا كلّ ما في وسعهما لاستمرار عملية المفاوضات، وأن كلاً منهما ذهب للبحث عن استمرار مستقبله السياسي بشكل أو آخر. يخشى نتنياهو على ائتلافه الحكومي، لذا يستمر بالاستيطان. ويبحث أبو مازن عن بديل له بمعايير يوافق عليها، وهو ذهب بالتالي في خطوات غير موافق عليها أميركياً، سواء توجهه نحو الانضمام إلى المنظمات والاتفاقات الدولية، ومن ثم ذهابه نحو تطبيق المصالحة مع حماس.

أما سوزان رايس في زيارتها الأخيرة للأراضي الفلسطينية المحتلة فطالبت كلا الطرفين الفلسطيني و«الإسرائيلي» بالامتناع عن القيام بخطوات من شأنها أن تساهم في تأزم الأوضاع بينهما. هذا الأسلوب الأميركي المتعمّد تفرضه عقدة الخوف من مراكز الضغط الصهيوني الحاضرة في مواقع القرار الأميركي مجلس الشيوخ والكونغرس ووسائل الإعلام وغيرها. ويبدو أنّ الوزير كيري في تصريحاته التي حمّلت نتنياهو مسؤولية فشل المفاوضات وتراجعه عنها سريعاً، شكلت نموذجاً احتذاه كل من مارتن أنديك وسوزان رايس في تصريحاتهما الأخيرة التي تجنّبوا فيها تحميل نتنياهو وحده مسؤولية ما تعانيه المفاوضات من استعصاء في توقفها، على الرغم من الجهود وضغوط الوعيد والتهديد، للسلطة ورئيسها بالطبع!

لدى التدقيق في التصريحات والعبارات التي وردت على لسانهما، نجد أنّ خدمة قدمها كلّ من الثنائي الأميركي لنتنياهو وحكومته، فمارتن أنديك حاول إيصال رسالته إلى «الإسرائيليين» بأن كلامه عن الاستيطان وما يمكن أن يتسبّب من أضرار فادحة لمسار المفاوضات أساسه الحرص الشديد على فكرة «يهودية الدولة»، وحمايتها من التبدد وتعريضها للخطر! وهوبذلك، أي أنديك، يبدي قلقه على مفهوم هذه الدولة العنصرية الخالصة العرق والجنس، ما اعتبره نتنياهو تشجيعاً غير مباشر له، فاندفع في اتجاه قانون ذي علاقة بيهودية دولة «إسرائيل»، بمعنى أن تكون دولة لليهود. أما سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي، فاستفاضت بدورها، وبعد دعوتها التزم الطرفان الفلسطيني و«الإسرائيلي» بعدم القيام بأي خطوات تؤثر في العملية التفاوضية. وفي الحديث عما تستثمره الولايات المتحدة في أنظمة «الدفاع الإسرائيلي». يُظهر مدى التزامها أمن الكيان، فالولايات المتحدة استثمرت في هذا المجال 900 مليون دولار، وذهبت رايس في القول: «إنّ كل دولار أميركي يصرف على الأمن في الكيان هو استثمار في حماية المصالح المشتركة».

إنّ سلوك أنديك ورايس، وقبلهما الوزير كيري، ومعه الإدارة الأميركية، حيال الممارسات «الإسرائيلية» في ما يخص التهويد والاستيطان والاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطيني، لطالما اتسمت وطبعت بالانحياز الأعمى للكيان الصهيوني، بل والدفاع عن هذه الممارسات والسياسات منذ نشأة هذا الكيان. والمشكلة لا تكمن في سياسات هذه الإدارة وتشكليها على الدوام القلعة التي يحتمي بها هذا الكيان، فالولايات المتحدة الأميركية بحزبيها اللذين يتعاقبان على إدارتها في القضايا التي تمّس الكيان ومصالحها، لا تدوير للزوايا مع أحد، بل استخدمت كل شيء بما في ذلك حق النقض أو الفيتو، لحماية هذا الكيان وقادته من المساءلة القانونية. بينما تكمن المشكلة والمصيبة الكبرى في الجامعة العربية بمعظم دولها التي تحابي الإدارة الأميركية على حساب الشعب الفلسطيني. ومن ثم منظمة التحرير والسلطة التي عليها حسم أمرها في عدم مجاراة الإدارة الأميركية ومسايرة خاطرها على الدوام.

لا يشذّ مارتن أنديك وسوزان رايس والوزير كيري عن القاعدة الأميركية في التعامل مع الموضوع الفلسطيني، بل مع قضايا العرب والمسلمين. إنهم نتاج سياسة أميركية تقليدية عمياء تكيل بمكيالين، وتنظر بعيون من خلف نظارات «إسرائيلية».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165248

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165248 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010