الجمعة 16 أيار (مايو) 2014

بين الجحود والافتراء..؟ الحاج أمين الحسيني زعيم الدولة الفلسطينية الأول

الجمعة 16 أيار (مايو) 2014 par صالح عوض

في هذه الايام تلوح لنا ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني بحرمانه من إقامة دولته، وبتركيب الكيان الصهيوني على أرضه.. في هذا اليوم نقف إجلالا لكل زعماء الدولة الفلسطينية الرواد العظام وعلى رأسهم الحاج أمين الحسيني.. فالدولة الفلسطينية هي هدف الفلسطينيين من نضالهم المر خلال قرن من الزمان. ويبدو لأكثر من سبب أنها عقدة النجار التي لا تلاقي استحسانا لدى كثير من القوى الإقليمية والدولية إلى الدرجة التي يتم تعامل البعض مع الغطرسة الصهيونية كأمر واقع.. الأمر الذي ضاعف المعاناة على الشعب الفلسطيني وأثار التحديات الكثيرة أمامهم..

وللدولة الفلسطينية زعماء كان الرئيس الراحل أبو عمار من أكثرهم حضورا على الأقل للجيل الذي عشناه وهاهو رفيق دربه أبو مازن يتحرك لتثبيت الحلم بواقع دولة فلسطينية رغم كل ما يمكن أن يقال عن فعاليتها وحجمها والقيود المفروضة عليها.. إنها الفكرة الأكثر بريقا أمام أعين الفلسطينيين الذين عرفوا كم هي مأساة شعب بدون دولة ترعى شؤونه وتيسر أموره وتسيرها وتحمي كرامته..؟ شعب قد شتت على كل دول العالم ولم يعد في وطنه سوى الجزء الأصغر منه وتفرقت عوائله ومجتمعه..

إلا أنني وجدت أن هناك ظلما كبيرا يلحق بأحد أهم زعماء فكرة الدولة والكيان السياسي الفلسطيني أنه الحاج أمين الحسيني .. الذي كان على مدار نصف قرن رجل فلسطين الذي لم يشق له غبار.. وحاولت أن أتعرف على أسباب هذا التجني على الحاج أمين الحسيني فوجدته أحد ثلاثة أسباب: الأول الجهل بمكانة الحاج وعدم الإحاطة بتاريخه الواسع.. والثاني الدعاية الصهيونية المجرمة ومن سار في فلكها حيث تم اتهامه بالنازية ومعاداة السامية.. والثالث القوميون واليساريون العرب بوجه عام حيث يرجع ذلك إلى الصدام بين الحاج وعبدالناصر كما هو بسبب الموقف الأيديولوجي لليسار ضد الرموز الدينية..

من هنا يتطوع بعض أبناء الأمة عدوا وظلما للنيل من رجل هو أكبر قامة فلسطينية بلا شك ممتلئة ثقافة وخلقا ووعيا وكفاحا وألمعية ونبلا.. ودفعا عن أنفسنا وعن المناضلين في شعبنا وجدت نفسي مدفوعا بالذوذ عن أبي الدولة الفلسطينية الأول وأبي الوطنية الفلسطينية المتميز الحاج أمين الحسيني..

ذلك هو الحاج أمين الحسيني، الذي جسد القضية الفلسطينية مبكرا، في مواجهة المشروع الإنجليزي، وعمل مبكرا على بناء مؤسسات وطنية تشمل كل التراب الفلسطيني، لا سيما على صعيد الأوقاف والأملاك وصنع رأيا عاما حصن فيه الشعب ضد عمليات تسريب الأراضي للمستوطنين الصهاينة. وخاض المواجهات والإضرابات لإيقاف عمليات التزوير التي تقوم به سلطات الاحتلال البريطاني في تسريب أراضي الوقف للعصابات الصهيونية.. الحاج أمين الحسيني دارس الشريعة بالأزهر وخريج الكلية العسكرية بإسطمبول والضابط في الجيش التركي والذي حمله الفلسطينيون على الأعناق وهو يتصدى للمؤامرات البريطانية مقيما مؤتمرا عاما يمثل فيه الفلسطينيون. وقام بعده بتحركات جماهيرية بما يليق برجل فلسطين الأول مما استفز الإنجليز وسعوا في اعتقاله حتى دخل المسجد الأقصى معتصما فيه وتمكن أهل القدس من تهريبه إلى خارج فلسطين ليقوم بفصول جديدة من الكفاح من أجل فلسطين والعرب.

في العراق اشترك مع الكيلاني في ثورة العراق الشهيرة وعمل جهده أن يكون حاضرا في المسرح الدولي حيث كان القرار بنزع فلسطين من بلاد الشام قد تم اتخاذه على مستوى الدول العظمى.. فكانت حركة الحاج على أكثر من مستوى إقليمي ودولي لإسقاط المشروع الغربي الصهيوني. وكما قال أحد قادة «إسرائيل» أن الحاج أمين الحسيني أخر قيام دولة «إسرائيل» عشرات السنوات..

أعرف أن سلسلة كتب لن تحيط بجهود المفتي وبشخصيته ولن أحاول أن أتكلم بشذرات من هنا وهناك، لذا فإنني سأقصر حديثي على معلمين من معالم كفاح المفتي المعلم الأول: سعيه إلى إقامة دولة فلسطينية.. فلقد أسس الحاج الهيئة العربية العليا التي كانت تمثل الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية والعربية معلنا عن الوجود السياسي للشعب الفلسطيني مفندا بذلك المقولة الصهيونية المدعومة من الغرب: “شعب بلا أرض لأرض بلا شعب”.. فكانت الهيئة عضوا مراقبا في الأمم المتحدة وفي جامعة الدول العربية كما في دول عدم الانحياز فيما بعد.. وقبيل النكبة ألح الحاج على جامعة الدول العربية بضرورة الاعتراف بالهيئة ممثلة للشعب الفلسطيني، إلا أن الرفض كان جواب الجامعة على مطالبة الحاج.. وبعيد النكبة سارع الحاج إلى عقد مؤتمر فلسطيني تشريعي في مدينة غزة تمثلت فيه كل الشخصيات ورؤوس القبائل والعشائر والشخصيات الاعتبارية والسياسية الفلسطينية وانبثق عنه حكومة عموم فلسطين فيها عدد من الوزراء يغطون كل مجالات النشاط.. ومنذ اللحظة الأولى كان مهما صك العملة وإصدار جواز سفر باسم حكومة عموم فلسطين.

المعلم الثاني: علاقاته الدولية والإقليمية حيث كانت قدرة الحاج فائقة على ترتيب أوراقه وصنع تحالفات إقليمية ودولية تدفع بقضيته إلى واجهة الأحداث. ولعل تحالفات الحاج مع ألمانيا هي التي جلبت عليه كل الهجمات المتتالية من قبل اليساريين والصهاينة والإنجليز والأمريكان وبالتبعية كل وسائل الإعلام التابعة والموالية لهم وكل من جعل مصادر ثقافته ومعلوماته تلك الوسائل..

إلا أننا نستطيع الجزم أن بحث الحاج كان ضروريا ومهما عن حلفاء دوليين ضد الحلفاء الذين أصدروا قرارا بمصادرة فلسطين.. من هنا كان تحالفه مع الألمان، أي مع عدو العدو.. أما الموقف من اليهود فرغم أن الحركة الصهيونية العالمية تتخذ منهم مادتها في تكوين عصابات القتل والجريمة ضد شعبه البريء الأعزل إلا أن للحاج مواقف مشهودة أمام النازيين بخصوص التعامل مع اليهود فلقد جمع لقاء بين الحاج ومنظر الأيدويولوجيا النازية بهذا الخصوص. وبعد أن اطلع النازي الحاج على تصنيفات وتحليلات وعمل واسع عن اليهود حول العالم منتهيا إلى حكم معروف بالتوسع في ملاحقة اليهود فقال الحاج كلمته الدقيقة: “مهما كانت صحة تحليلاتكم وعملكم النظري إلا أننا في الإسلام لا نستطيع أن نحاكم أحدا على تحليل أو على ظننا نيته، إنما على أعماله فقط.. واليهود وغيرهم يتساوون في هذا..”

لقد كان الحاج مثقفا وفارسا ونبيلا وقائدا مثاليا وممثلا لفلسطين تقف له الملوك والزعماء إجلالا لمكانته ولمكانة القدس التي يمثلها.. فحق للقدس وفلسطين أن تفتخر به.. إنه الأب الأول للوطنية الفلسطينية وزعيم الدولة الفلسطينية الأول.. وعلني أستطيع قريبا أن أكمل بحثي عن المفتي بعد أن اجتمع لدي كثير من الوثائق والأسانيد ذلك إنصافا لتاريخنا وحماية لذاكرة أبنائنا.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 45 / 2165259

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165259 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010