الثلاثاء 6 أيار (مايو) 2014

«الطريق إلى القدس» من تحت حذاء الصهاينة

الثلاثاء 6 أيار (مايو) 2014 par أحمد الدبش

أجمع المشاركون في المؤتمر الدولي الأول «الطريق إلى القدس» الذي اختتم إعماله، (الأربعاء 30/04/2014)، على الفتوى التي صدرت عن العلماء والمفكرين المشاركين فيه والتي تنص على أنه لا حرج في زيارة المسجد الأقصى المبارك في القدس الشريف للفلسطينيين أينما كانوا في فلسطين أو خارجها مهما كانت جنسياتهم، وللمسلمين من حملة جنسيات بلدان خارج العالم الإسلامي، وعددهم حوالي 450 مليون مسلم. “وتُرِكَ باب الاجتهاد مفتوحا بخصوص حق باقي مسلمي العالم في زيارة المسجد الأقصى المبارك”، ويُفهم من هذا الأمر أن السماح بالزيارة سيعتمد على الوقائع المحيطة بالحالات الفردية، والأسباب ربما التي تستدعي زيارتها.
لذلك لزاما علينا هنا أن نبين حكم هذه الزيارة فى ظل النصوص الشرعية :
(1) إن الحديث الصحيح الذى رواه البخارى ومسلم وغيرهما من اصحاب السنن عن ابى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم ( لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد، مسجدى هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى) لا يدل على الوجوب شدّ الرحال إلى مسجد الأقصى بالاجماع، وإنما يدل على الاستحباب والندب.
(2) يستند بعض المشايخ إلى حادثة الإسراء والمعراج، وأن رسولنا الكريم ذهب إلى القدس تحت الاحتلال الروماني، والرد ببساطة، هو أن رسولنا الكريم في حادثة الإسراء والمعراج لم يطلب تأشيرة زيارة من الروم، ولم يوسط أحد من سفهاء العرب ليستثنيه من التأشيرة ليسمح له بالمرور والدخول إلى القدس، ومن ثم الصلاة في المسجد الأقصى، وللعلم فرسولنا الكريم دخل القدس دون علم الروم ودون استئذان.
(3) أما ما يذهب إليه البعض، بالاستناد إلى عمرة الرسول والصحابة ، المسماة بـ“عمرة القضاء”، فالرسول خرج معتمرا دون علم قريش ودون استئذان, وفى البداية لم يكن معه سلاح, لكن عمر بن الخطاب أشار على الرسول حمل السلاح لأنهم مقدمون على قوم أهل حرب, فاستجاب الرسول لذلك، وهذا يعنى أن الرسول توجه إلى بيت الله الحرام لأداء العمرة ومعه السلاح الذي يدافع به عن نفسه وعمن معه،أما هؤلاء المشايخ لم يخرجوا من ديارهم إلا خانعين، يأتمرون بأوامر الصهيوني، ويمرون من تحت حذائه.
(4) أما قول بعض هؤلاء المشايخ أن “مكة كانت تحت حكم كفار قريش واعتمر النبي وصلى والأصنام منصوبة في الكعبة وحواليها”. صحيح هذا قول حق يراد به باطل، يبدو أن صاحب هذا القول نسى أو تناسي، أن قريش قبيلة عربية، من ملح الأرض العربية، وأنهم أصحاب الأرض الشرعيين، ويتمتعون بشرعية الوجود في مكة، أما الصهاينة ، فهم مجموعة من النفايات البشرية لفظتهم المجتمعات الغربية، وجيء بهم لاغتصاب واستيطان فلسطين، فدخول القدس تحت حرابهم وبحمايتهم تأكيد على شرعيتهم. الفارق الأخير بين الزيارتين، أن مكة لم تكن دخلت ضمن الفتوحات الإسلامية، ولم يعمها الإسلام، فزيارة المسلمين لها لا تعطى شرعية للوجود القرشي، ولا تنفي الوجود الإسلامي، وهذا على عكس القدس، مدينة أسلامية، فالدخول بموافقة العدو الصهيوني، يسلم للعدو بشرعية بأنه صاحب المكان.
(5) يبرر بعض المشايخ هذه الزيارات، ويقارن بينها وبين زيارة عمر بن الخطاب، ولكن شتان ما بين الزيارتين، فعمر بن الخطاب دخل القدس فاتحاً، فارضاً شروطه لاستلام المدينة، معلناً انتصار جيوش المسلمين بعد حصار المدينة، دخل عمر وهامته مرتفعة، أما بعض مشايخ هذه الأمة، سيدخلون القدس خانعين، تحت حراب المحتل، لا يجرؤن على الحديث إلا بأذن من سمح لهم بالزيارة، فعمر كان فاتحاً ومشايخنا الأجلاء كانوا سياح، وهناك بون شاسع بين كليهما.
(5) أن الأدلة الشرعية كثيرة وإجماع المسلمين قديماً وحديثاً قائم على أنه إذا احتلت أرض إسلامية فيجب على أهلها جهاد النفر والدفع حتى تتحرر من المحتلين، فإذا لم يكن ذلك في قدرتهم فيجب على من يليهم حتى يشمل جميع المسلمين القادرين على الدفع والتحرير .
وبناءً على ذلك فإن الواجب على المسلمين ليس شد الرحال لأجل الزيارة وإنما الواجب شد الرحال والنفر خفافاً وثقالاً لأجل التحرير.
إن الفتوى التي صدرت من« مؤتمر الطريق إلى القدس»، تَمنحُ العدو “شهادة أخلاقية”، أمام الرأي العام العالمي؛ عبر توظف الزيارات عالمياً عبر الآلة الإعلامية والدبلوماسية على أنها دولة متسامحة، بسماحها للمسلمين والمسيحيين بزيارة المدينة، وستستثمر ذلك كمؤشر على الاعتراف العربي والإسلامي بالقدس مدينة تابعة لها. وسيؤدي تكثيف الزيارات وتتابعها إلى كسر الحاجز النفسي مع العدو الصهيوني، وفتح مسار عريض للتطبيع مع العدو الصهيوني، فمن يريد الذهاب إلى القدس، وشد الرحال إلى المسجد الأقصى عليه التوجه إلى سفارات العدو الصهيوني وطلب تأشيرة دخول، وهذا بلا شك اعتراف شعبي بمشروعية الوجود الصهيوني، ويُعطيه مُبرِّراً لاستمرار تهويد القدس المحتلة. علاوة على ذلك إن زيارة المسجد الأقصى في ظل الإجراءات التهويدية للقدس تصب في خدمة المشروع الصهيوني ، فالعدو الصهيوني الذي يمنع الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة والضفة الغربية وأهالي القدس خارج جدار الفصل من زيارة المسجد الأقصى لن يسمحوا لمسلمي العالم بزيارة القدس إلا إذا كانت الزيارة تصب في مصلحة الكيان الصهيوني. فالزيارة وشد الرحال الآن عبارة عن “سياحة تطبيعية بوشاح ديني”، وليست وسيلة لدعم القدس المحتلة.
فالفتوى حول جواز زيارة القدس، وشد الرحال إلى المسجد الأقصى تتقاطع مع إعلان رئيس بلدية القدس المحتلة، نير بركات، عن خُطَّة له؛ تَستهدف جذب عشرة ملايين سائح سنويًا إلى القدس؛ مُؤكِّداً أنه نَجَحَ فعلا في اجتذاب (3.5) مليون سائح لمدينة القدس، خلال عام 2011 الماضي، (سي بي إس الأميركية في 5/4/2012).
الم يساءل مشايخنا الأجلاء أنفسهم، لماذا سيسمح الكيان الصهيوني لهم بالصلاة فالأقصى، في حين يرفض السماح للمقدسين بالصلاة هناك؟ ألم يتبادر إلى ذهنهم صورة المشردين واللاجئين المقدسين، الذين يقوم الكيان الغاصب بهدم بيوتهم لتهويد معالم القدس؟ الم يقرأ هؤلاء المدعين التاريخ الإسلامي؟؟ الم يصادفهم قول عثمان بن عفان للمشركين برفضه الطواف بالبيت في مكة، ومحمد ما زال ممنوعاً من ذلك؟ ولماذا لا يقتدي مشايخنا بالقاضي محيي الدين بن الزكي القرشي، الذي رفض أن يخطب الجمعة، أو يصلي في المسجد الأقصى، إلا بعد تحريره من الاحتلال الصليبي.
في نهاية المطاف؛ أجد لزاماً عليْ أن أقول لا تشدوا الرحال من تحت حذاء الاحتلال! فالقدس تنتظر الفاتح وليس السائح!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 57 / 2165538

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع نوافذ  متابعة نشاط الموقع أحمد الدبش   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2165538 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010