الأحد 27 نيسان (أبريل) 2014

خيار لا مفر منه

الأحد 27 نيسان (أبريل) 2014 par أحمد مصطفى علي

تعكس الفرحة الشعبية التي عبّر عنها آلاف الفلسطينيين، الذين خرجوا إلى شوارع غزة بشكل عفوي، لحظة الإعلان عن اتفاق المصالحة بين وفدي منظمة التحرير وحركة حماس، مدى المعاناة الكبيرة التي يعيشها الفلسطينيون في ظل حالة الانقسام منذ العام 2007 ، واستغلها الاحتلال الصهيوني أبشع استغلال لزيادة التفرقة والبغضاء بين الأخوة، وشن غاراته العدوانية على القطاع، وممارسة انتهاكاته اليومية في الضفة، والعمل على تهويد القدس والتخطيط للاستيلاء على الأقصى المبارك وتوسيع الاستيطان بصورة جنونية .
الإنجاز التاريخي الذي حققه الفلسطينيون، والذي يبشر بإنهاء حالة التشرذم من خلال الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات وطنية خلال خمسة أسابيع وانتخابات تشريعية ورئاسية بعد ذلك بستة شهور، وتفعيل الإطار القيادي لمنظمة التحرير، هو خيار استراتيجي لا مفر منه، وخطوة في الاتجاه الصحيح طال انتظارها، لأنه من دون توحيد الصف الفلسطيني من المستحيل تحقيق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس .
على الفلسطينيين القيام بخطوات لتعزيز الثقة وتدعيم صرح الوحدة وتفويت الفرصة على كل المشككين والمستفيدين من حالة التشرذم وتدعيم اتفاق المصالحة الذي يعتبر شرطاً أساسياً وحجر الزاوية لأي نضال لاستعادة الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني .
إعلان غزة، مثلما كشف حقيقة الكيان الصهيوني، الذي سارع إلى إعلان حربه المفتوحة ضد الفلسطينيين بإلغاء لقاء تفاوضي معهم وتخيير الرئيس محمود عباس بين حماس أو عملية التسوية، وشنه غارات مفاجئة على غزة فور الإعلان عن الإنجاز وقراره بمعاقبة الشعب الفلسطيني الأعزل اقتصادياً، عرّت الموقف الأمريكي المزدوج الذي عبر بوضوح عن دعم الاحتلال واعتداءاته من خلال إعلان الناطقة بلسان خارجيتها جينفر بساكي عن قلقها بحجة أن هذا الاتفاق سيعقد مسلسل المفاوضات الذي ما كان له أن ينتهي، والمتعثر أصلاً بالعنجهية “الإسرائيلية” وسرطان الاستيطان وتعنت الاحتلال .
على الفلسطينيين تفويت الرهان “الإسرائيلي” على فشل الاتفاق بمجرد خوض فتح وحماس غمار التفاصيل والولوج في سراديبها المليئة بالشياطين، وتنفيذ بنود وثيقة المصالحة، وفق الجدول الزمني المتفق عليه، بعيداً عن الأنانية وتقديم التنازلات لما يسهم بإخراج خارطة الطريق على أرض الواقع وتحقيق الوحدة الوطنية، بعد سنوات عجاف من الصبر وطول الانتظار .
الدول العربية والإسلامية وكذلك الأطراف الدولية التي أشادت بالخطوة الفلسطينية، مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتوفير كل أشكال الدعم اللازم لمواجهة الضغوط “الإسرائيلية” وإنجاح جهود التوافق الوطني الفلسطيني الذي يشكل أملاً جديداً للفلسطينيين في ظل خيبات الأمل السابقة .
يمكن لقيادات فتح وحماس تجاوز كل العقبات التي قد تطفو على السطح، مع الدخول في التفاصيل، وتجاوز الألغام التي حالت دون تنفيذ الاتفاقات السابقة، في حال توفرت إرادة حقيقية من كلا الجانبين، لتجاوز التحديات الكبيرة التي يتوجب عليهما مواجهتها بحكمة لأنه لا خيار لهما إلا المصالحة في مواجهة العدوان الصهيوني الذي يسعى إلى تفتيت الصف الفلسطيني بكل الوسائل للتهرب من استحقاقات السلام، مثلما يستخدم المصالحة لممارسة عدوانه اللامحدود .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2181154

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2181154 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40