الأحد 27 نيسان (أبريل) 2014

هل بدأ العد التنازلي؟

الأحد 27 نيسان (أبريل) 2014 par هاشم عبد العزيز

هل يبدأ العد التنازلي للانقسام السياسي الفلسطيني بين حركتي “فتح” و“حماس” والساقط على الأرض بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد الاتفاق على المصالحة وتشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات تشريعية؟
السؤال على هذا النحو عاد للحضور في أجواء لقاء غزة الذي جاء لأول مرة بمبادرة وتحرك فلسطينيين، وبدا المشاركون ومن أول وهلة في إجماع على قضايا عدة تصب في اتجاه وضع نهاية لهذا الوضع الكارثي الذي نجم عن استغلال الاحتلال لمغارم السلطة، لتكريس هذا الوضع الانفصالي الذي كرس نفسياً وسياسياً في “الشطرين” في ممارسة استحواذية من كل طرف غاب خلالها التوافق الوطني والعملية التمثيلية الديمقراطية وامتد على الفصائل الأخرى في كل شطر في النيل من حقوقها للتعبير عن وجودها المستقل ومواقفها ورؤاها السياسية إلا في نطاق ضيق محفوف بالتضييق والمنع .
ومن بين ما كرسه الاحتلال في تواز مع هذا الوضع رفع الحواجز الصفيقة بين القطاع والضفة ومنع التنقل بين الشطرين إلا على نطاق ضيق جداً، والحؤول دون أي تواصل لتعميق الانقسام وتحويله إلى واقع انفصال .
من بين أبرز القضايا التي تداولها المشاركون في مستهل لقائهم:
* أولاً: إن استمرار الانقسام لم يعد محتملاً بطبيعته وتداعياته الخطرة والضارة وطنياً، ومنها الاحتقانات والأحقاد والضغائن والكراهية بين أبناء الشعب الواحد وشراكة مصيرهم الوطني .
* ثانياً: إن اللقاء ليس بغرض إعادة التداول في القضايا المرتبطة بإنهاء الانقسام السياسي أو إنجاز المصالحة الوطنية الراسخة، بل الشروع في تنفيذ التفاهمات والاتفاقات، وفي الأبرز اتفاقية القاهرة التي أكدت سلطة واحدة وقانوناً واحداً وشعباً واحداً، وقامت على تشكيل حكومة وطنية وإجراء الانتخابات العامة وإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير بانضمام حركة “حماس” والجهاد في إطارها، واتفاقية الدوحة التي وضعت على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس محمود عباس مسؤولية تنفيذ اتفاقية القاهرة وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي .
بيد أن ما كان غائباً، وعلى الأقل بصورة علنية من جانب المشاركين في اللقاء يفرض أهمية الإشارة إليه، لأن جانباً منه يشكل دافعاً لإعادة مواجهة الانقسام، وجانباً آخر له أهمية لوضع نهاية موفقة لحالة الفلتان السياسي بحوافز السلطة ومغرياتها التي لا تستقيم كما حدث من انقسام في ظل الاحتلال وهذا يتمثل ب:
* أولاً: إن المعارضة السياسية للانقسام التي بدأت مبكراً ولم تحظ بآذان صاغية أو بالاهتمام اللازم من المنقسمين الذين هاجروا، تحولت إلى مجرى الرفض والغضب الشعبي الفلسطيني للانقسام الذي كان يتضاعف مع مرور الوقت، وهذا ما أدركه المنقسمون، ولكن بعد أن تحول إلى تيار له شأن فاعل وبخاصة في أوساط الشباب والمنظمات المدنية التي وجهت رسائلها بعدم الاستسلام أمام ما يحيق بالوحدة الوطنية والقضية الفلسطينية من خراب .
* ثانياً: إن السلطة الفلسطينية وجدت نفسها في مأزق الضغوط الأمريكية والابتزاز الصهيوني في المفاوضات وخياراتها، في ظل أوضاع عربية محدودة إن لم نقل معدومة، حيث بات استمرار الانقسام السياسي يضعفها جراء اللعب الأمريكي والتلاعب الصهيوني على هذا الانقسام .
* ثالثاً: وجدت حركة “حماس” بعد التطورات الأخيرة في المنطقة العربية نفسها، فضلاً عن مأزق مسؤوليتها في غزة المحاصرة، في وضع أقرب إلى المعزول، وهي فعلاً باتت في حاجة للخروج من الوضع المنقسم، بعد أن كانت قد بنت مشاريع خيالية لمستقبل سلطتها في غزة .
والسؤال الآن هل هذا كاف للبناء عليه من أن العد التنازلي للانقسام السياسي الفلسطيني سيبدأ؟
قد يكون مناسباً القول إن الأمور لا تمضي في هذا الشأن لمجرد النيات أو الحاجة وحسب، بل إن ما حدث يتطلب جهوداً كبيرة لإعادة إطلاق مسيرة العمل الوطني الفلسطيني ببرنامجها وآلياتها، والأهم قبل هذا وذاك تأسيس قاعدة الثقة التي بها تتوطد قوة الوحدة الوطنية .
هنا لابد من أن يقدم المنقسمون على خطوتين للتأكيد أن إعلان انتهاء الانقسام لن يصير مظلة للتقاسم على حساب الشراكة الوطنية:
الأولى: أن تغير حركة “فتح” من تعاملها ورؤيتها للسلطة، باعتبارها سلطة وطنية تقوم على شراكة ووفاق وطني، والعمل على هذا الأساس من شأنه إرساء الأسس لبناء الدولة الفلسطينية بمؤسساتها وأجهزتها ونظمها وقوانينها .
الثانية: أن تتراجع حركة “حماس” عن نزعة وصايتها على المقاومة، لأن الشعب الفلسطيني بأسره مقاوم للاحتلال، ولأن المقاومة المنظمة بفصائلها سبقتها بعقود لها دورها وتضحياتها، كما ل“حماس” مكانتها وإمكانياتها وتضحيات من خيرة قياداتها وكوادرها كغيرها من فصائل المقاومة .
وعلى “حماس” أن تراجع التسويقات من أنها جاءت البديل لغيرها من قوى المقاومة باتجاهاتها المختلفة، لأن “حماس” لن تكون سوى البديل لنفسها إذا ما غلّبت تجذرها الوطني الفلسطيني على انشدادها الحزبي الإخواني الذي حولها من حركة تحرر وطني إلى حركة سياسية مغرمة بالسلطة وفي ظل الاحتلال .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2165259

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165259 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010