السبت 26 نيسان (أبريل) 2014

الكيان «الإسرائيليّ» وسياسة تجزئة الفلسطينيين فوق أرضهم

السبت 26 نيسان (أبريل) 2014 par تحسين الحلبي

يعيش في قطاع غزة المحاصر منذ أعوام ثمانية تقريباً مليونان وسبعمائة ألف فلسطيني على رقعة أرض ضيّقة لا تزيد مساحتها على 360 كلم مربع، وتؤكد منظمة الأونروا لشؤون اللاجئين الفلسطينية التابعة للأمم المتحدة إنه أطول حصار محكم في التاريخ يفرض على شعب يضمّ هذا العدد، وفي المقابل يتمتع أكثر من 750 ألفاً من المستوطنين بحقوق الاستيطان والبناء على أكثر من 80 من مساحة الضفة الغربية وما يُسمّى أراضي باء وجيم التي تديرها قوات الاحتلال «الإسرائيلي»، بما في ذلك القدس، بموجب اتفاقية أوسلو الموقعة عام 1993 بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة اسحق رابين. فقطاع غزة هو أضيق مساحة تضمّ أكبر كثافة سكانية في العالم، بينما يستوطن نحو مئة ألف من «الاسرائيليين» في بعض أراضي الضفة الغربية على مساحة تشكل ضعفي مساحة قطاع غزة تقريباً، وتضمّ عدداً من الكتل الاستيطانية من «غوش عتصيون» إلى مستوطنات القدس 15 من مساحة الضفة الغربية البالغة 5000 كلم مربع.

يبدو واضحاً تماماً أنّ الكيان الصهيوني الذي أنشأه الاستعمار البريطاني والفرنسي على أرض فلسطين في بداية القرن العشرين، تحوّل الآن إلى التطبيق العملي الملموس لسياسة التقسيم والتجزئة نفسها التي استخدمها الاستعمار لتأسيس هذا الكيان، إذ وجدت الحكومات «الإسرائيلية» أنّ خطة تقسيم وتجزئة الشعب الفلسطيني في ما تبقى من أرضه المحتلة التي يعيش فوقها هي أفضل مرحلة تؤدي في النهاية الى إبعاده وترحيله عنها بمختلف الأشكال القسرية الممكنة. ويرى قادة «تل أبيب» أنّ وجود ما يزيد على خمسة ملايين فلسطيني يعيش جزء منهم في المناطق المحتلة منذ عام 1948 تحت حكم «تل أبيب»، وجزء آخر في الضفة الغربية تحت الاحتلال وإدارة السلطة الفلسطينية المجاور للمملكة الأردنية، وجزء ثالث في قطاع غزة تحت حكم حركة حماس المجاور لمصر سيوفر للمشروع الصهيوني فرصة تاريخية لبسط السيطرة على بقية فلسطين في الضفة الغربية بعدما أصبح عدد المستوطنين فيها ما يزيد على 750 ألفاً، أي 40 من عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية وبعدما شقت المبادرة الأميركية طريق الخيار الأردني في المفاوضات التي جرت تحت رعاية حون كيري وزير الخارجية في عمان في الأشهر الثلاثة الماضية.

لا شك في أنّ ترسيخ هذه التجزئة المصطنعة والمفروضة أرضاً وسكاناً على الفلسطينيين فوق أرض فلسطين التاريخية والمتاخمة في الضفة الغربية وفي قطاع غزة لحدود دولتين الأردن ومصر ترتبطان باتفاقات «سلام» مع «تل أبيب» تخدم مصلحة استكمال المشروع الصهيوني وتتيح عزل الفلسطينيين في أضيق المساحات وفرض الدور الأردني لاستيعاب جزء كبير من فلسطينيّي الأرض المحتلة بمختلف الأشكال والمبرّرات في كيانه.

إذا كانت مصلحة «إسرائيل» ومشروعها التوسّعي واضحة من طبيعة هذه التجزئة التي تفرضها منذ ثمانية أعوام، إضافة إلى أشكال التجزئة الأخرى المستمرة داخل الضفة الغربية بين سكان القدس أصحاب البطاقات الزرقاء وسكان القرى التي ابتلعها الجدار الفاصل وقرى أخرى تجاور المستوطنات، فالسؤال الملحّ والمطلوبة الإجابة عنه هو: ماذا ينتظر الفلسطينيون أولاً؟ وماذا ينتظر العرب ثانياً؟! أما آن الأوان لسدّ الطريق أمام هذا المخطط الخطير على مصير أقدم وأعدل قضية في التاريخ!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165884

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165884 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010