السبت 26 نيسان (أبريل) 2014

خيبة في عيون أمريكية وقحة

السبت 26 نيسان (أبريل) 2014 par د. تحسين الاسطل

لم تكن غريبة الخيبة الامريكية ، بعد توقيع اتفاق إنهاء الانقسام في مدينة غزة بين حركتي فتح وحماس ، وكذلك لم يكن غريبا قلق حكومة الاحتلال المتطرفة ، التي وفر لها الانقسام الدعم الكافي للاستفراد بالشعب الفلسطيني ، والغطرسة والعربدة الاستيطانية في الضفة الغربية.
فمنذ الانقسام قبل سبع سنوات عجاف ، والاحتلال الإسرائيلي والإدارة الامريكية تعملان على إطالة عمره ، والضغط على أطراف الانقسام بكل الوسائل من جانب وتوفير الرخاء الاقتصادي والسياسي لأصحاب الانقسام من جانب آخر من اجل المحافظة عليه وضمان استمراره ، لأطول فترة ممكنة ، لتوفر للاحتلال فرصة تهويد الأرض والقدس ، فيما ينشغل رفاق النضال ، وأخوة السلاح في مشاكلهم الداخلية ، والصراع على الصلاحيات المسلوبة أصلا من قبل الاحتلال.
اليوم بكل وقاحة تعرب الإدارة الامريكية عن قلقها من المصالحة الفلسطينية ، بحجة أن هذه المصالحة تعرقل عملية السلام والمفاوضات ، التي لن تحقق أي إنجاز ، غير كشف العجز والانحياز الأمريكي لصالح الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ، وكأن الإدارة الامريكية تريدنا مختلفين دائما ، من اجل أن تستمر في انحيازها وتهربها من لعب دور الوسيط الحقيقي في عملية السلام.
الرئيس محمود عباس المؤمن بخيار السلام قولا وعملا ، واستطاع أن يقنع الشعب الفلسطيني بخيار السلام العادل والشامل ، أعطى كل الفرص للإدارة الامريكية لكي تتجرد من انحيازها على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ، إلا أنها في كل مرة كانت تتراجع عن مواقفها ، وتخضع للضغط الصهيوني ، وتتهرب من استحقاقات عملية السلام ، لصالح التوسع الاستيطاني ، ومحاولات المتطرفين اليهود الاستيلاء على لمسجد الأقصى ، من خلال توفير الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لدولة الاحتلال «الإسرائيلي» ، التي لم تلمس ي ضغوطات لإجبارها على تقديم استحقاقات عملية السلام.
وقاحة الإدارة الامريكية التي أعربت عن خيبتها من المصالحة الفلسطينية ، تجاهلت تماما التوسع الاستيطاني ، والاستفزاز« الإسرائيلي» للفلسطينيين ، وكلما أوفدت الإدارة الأمريكية مبعوثيها لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط ، وأصبح الفلسطينيون والقيادة الفلسطينية على قناعة تامة ، أن هؤلاء المبعوثين من الإدارة الأمريكية يزورون الأراضي الفلسطينية لدفع عملية الاستيطان ، والبحث في سبل التضييق على الشعب الفلسطيني، ومع كل زيارة أمريكية كان الفلسطينيون يحبسون أنفاسهم لمعرفة كم وحدة استيطانية جديدة ستبتلع الأرض الفلسطينية ، لتقدم قربان من اجل عيون الوفود الأمريكية .
ومضت الوقاحة الأمريكية في استفزازها ، للإعلان عن نيتها تسجيل مواليد المستوطنين الأمريكيين الذين يحملون الجنسية المزدوجة في مدينة القدس ، مواليد في دولة الاحتلال ، وكأنها تمهد للاعتراف بسيطرة دولة الاحتلال على القدس الشريف، متجاهلة تماما حقوق الشعب الفلسطيني والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن ،والتي تعتبر القدس من الأراضي المحتلة عام 1967م ، ويتوجب على دولة الاحتلال الانسحاب منها .
الخيبة الأمريكية ، والقلق الإسرائيلي من المصالحة الفلسطينية ، لابد أن يمنحنا دفعة قوية إلى الأمام ، من اجل الشروع فورا في تنفيذ الاتفاق الذي ابرم في مدينة غزة ، والذي أعاد الأمل من جديد في صفوف الشعب الفلسطيني الذين يعيشون في ظروف بالغة الخطورة ، في ظل غياب أي أمل في المستقبل ، والعيش بكرامة واستقلال بعيدا عن ظلم الانقسام وظلامه.
الشعب الفلسطيني استبشر خيرا بالتوقيع على إنهاء الانقسام ، والذي تسبب في كثير من الآلام لأبناء الشعب الفلسطيني ، فكل منزل فلسطيني اكتوى بنار الانقسام ، وكابد بسببه كثير من المعاناة ، والكثير تبددت أحلامه، وتبخرت طموحاته في ظل إغلاق كل الآفاق من أمامه ، فكان فريسة سهلة للانحراف والجريمة.
اليوم نحن نطوي هذه الصفحة المظلمة من تاريخ شعبنا ، والتي أصبحت من الماضي ، ونعيش الآن مرحلة جديدة من تاريخ شعبنا ، نبني فيه دولة فلسطينية ، بدأت تتجسد بفعل وحدتنا في مواجهة التحديدات ، فهذه لحظة حقيقية للوحدة ، وقهر الاختلاف ، ومن اليوم الجميع مطالب بالتفاؤل ، ولا تسمحوا لأحد أن يتراجع عن ما اتفق عليه ، ولا تلقوا بالا بالإدارة الأمريكية ، وخيبة أملها ، ونريد لهذه الخيبة أن تتحول إلى قهر ، عندما تتجسد الوحدة بشكل كامل ، ونبدأ جميعا في بناء مستقبل جديد لبلادنا الغالية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165321

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165321 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010