الخميس 17 نيسان (أبريل) 2014

الكيان الغاصب يواصل تهويد المدينة المقدسة

الخميس 17 نيسان (أبريل) 2014 par د. يوسف مكي

إثر انتهاء حرب يونيو/ حزيران عام 1967، أعلن ليفي أشكول رئيس حكومة الكيان الصهيوني في رسالة وجهها إلى “الإسرائيليين”، بأنه ينبغي أن لا يكون هناك وهم بأن حكومته مستعدة للعودة إلى الأوضاع التي سادت قبل الحرب. وقد بدأ الكيان الصهيوني فعليا في تنفيذ سياساته التوسعية. فخلال أقل أسبوع على العدوان، أعلن حكومة العدو رسميا ضم الجزء الشرقي من مدينة القدس، وأجزاء أخرى من الأراضي المحيطة بها، من الشمال والجنوب، التي تعتبر من وجهة القانون الدولي، أراض محتلة.

وفي الشهر نفسه، يونيو/ حزيران 1967، أصدر الكنيست الإسرائيلي، مرسوما خول الحكومة، بتطبيق القوانين الإسرائيلية، بما فيها القوانين القضائية والإدارية، على المدينة المقدسة. ومنذ شهر يوليو، بدأ الكيان الصهيوني في بناء المستوطنات بالقدس الشرقية، وبقية مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد واصلت الحكومات المتعاقبة للكيان الصهيوني، نفس النهج بقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، وهدم البيوت، ومصادرة الأراضي الزراعية.

والهدف الرئيس من هذا النهج العدواني التوسعي، هو تهويد مدينة القدس، والغاء على هويتها العربية، والقضاء على أي عناصر ومقومات، من شأنها تثبيت فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، على الأراضي التي احتلها الصهاينة في حرب يونيو/ حزيران، التي عرفت بالنكسة.

الخطوة الأخيرة، التي أقدم عليها الكيان الصهيوني، بإنهاء الوصاية الأردنية على الجزء الشرقي من مدينة القدس، هي خطوة أخرى، باتجاه تهويد القدس الشريف، وإلغاء هويتها العربية. لقد ناقش الكنيست الصهيوني بسط السيادة الإسرائيلية على الأماكن المقدسة بالحرم القدسي. وكان الجزء الشرقي من المدينة المقدسة، مع بقية أجزاء الضفة الغربية، قد ضم إلى الأردن، بعد منذ تأسيس الكيان الصهيوني، على الأرض الفلسطينية عام 1967. وقد استمرت الوصاية الأردنية، على المدينة، ورعاية القائمين عليها منذ احتلالها، في حرب يونيو/ حزيران حتى يومنا هذا.

تأتي هذه الخطوة، متزامنة مع فشل غير معلن للمبادرة الأمريكية، لتسوية القضية الفلسطينية، ومطالبة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بتمديد فترة المفاوضات، في محاولة يائسة للتوصل إلى حل يقبل به الصهاينة والسلطة الفلسطينية، دون وجود ما يشي بأن الصهاينة على استعداد للقبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة، تتمتع بكامل حقوق السيادة.

كما يتزامن فشل المفاوضات، بين الفلسطينيين والصهاينة، وبالرعاية الأمريكية، بقرار الكنيست رفع الوصاية الأردنية عن القدس الشرقية، ووسط تصعيد كبير في الانتهاكات الصهيونية لحقوق الشعب الفلسطيني، والحديث مجددا، عن يهودية الكيان الغاصب والعودة لمشروع الوطن البديل. والذي يهدف العدو من خلاله، لانجاز نظريته في الاصطفاء، بإجراء تطهير عرقي واسع، بطرد البقية الباقية من الفلسطينيين، الرازحين تحت الاحتلال، بالأراضي التي احتلها اليهود عام 1948 وشيدوا عليها الصهاينة كيانهم الغاصب، من أراضيهم وتجريديهم من ممتلكاتهم، ودمج الضفة الغربية بالأردن، لتكون معبرا للتسلل الصهيوني الاقتصادي والسياسي لبقية أنحاء الوطن العربي.

لقد أثارت هذه الخطوة غضبا رسميا وشعبيا واسعا بين الفلسطينيين بالأردن، وتوج ذلك بمطالبة مجلس النواب الأردني بطرد السفير الإسرائيلي احتجاجا على هذه الخطوة، والدعوة لاجتماع عاجل لجامعة الدول العربية، لمناقشة الانتهاكات الإسرائيلية بالأراضي الفلسطينية المحتلة. وترافق ذلك مع تصاعد الاحتجاجات حيثما تواجدت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

المؤكد أن الصهاينة، لم يكن بإمكانهم التمادي ورفض مبادرات السلام، لولا الفشل الأممي عن اتخاذ خطوات حقيقية تجبر العدو الصهيوني على الانصياع للقرارات الأممية، الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، والهيئات الدولية الأخرى. وهذا الفشل، هو الوجه الآخر للعجز العربي، عن اتخاذ موقف حازم تجاه حماية عروبة القدس، واستعادة الحقوق الفلسطينية.

لا حل للجم نزعات التوسع الصهيونية، سوى وقفة عربية قوية، تكون حدودها الدنيا، وقف التجاوزات الصهيونية، على الحقوق الثابتة والمعترف بها دوليا للشعب الفلسطيني الشقيق.

فمنذ برزت قضية الصراع العربي مع الصهاينة، أكدت جميع القرارات الدولية، على عروبة القدس، ورفض الادعاءات الصهيونية بحقها. وتأكد ذلك بقرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي أوصى بقيام دولتين على أرض فلسطين التاريخية. ولكنه استثنى المدينة المقدسة، التي أوصى ببقائها في ظل نظام دولي تديره الأمم المتحدة. وقد بذلت في حينه جهود مكثفة خلال عامي 1948- 1949. ولم يتم التخلي عن ذلك، إلا عام 1951، حين قسمت المدينة، وأصبح الجزء الغربي منها، تحت الاحتلال، أما الجزء الشرقي، فضم مع الضفة الغربية، إلى المملكة الهاشمية، لكن الأمل الدولي، في توحيد المدينة، وبقائها تحت الحماية الدولية بقي على ما هو عليه، كأحد الخيارات المستقبلية، لحل الصراع مع الصهاينة.

وفي هذا السياق، رفضت الأمم المتحدة، كل الإجراءات التي اتخذها الكيان الغاصب لدمج القدس الشرقية بالكيان الصهيوني. وكانت محاولات ضم القدس محل شجب دولي متكرّر، وليس لها أي أثر قانوني. وتأكد ذلك مرة أخرى، بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الصادر بعد نكسة يونيو، والذي نص على عدم جواز اكتساب الأراضي عن طريق الحرب، وانسحاب إسرائيل من أراض احتلتها في النزاع الأخير، "حرب يونيو 1967. وبذلك أكدت الأمم المتحدة في قرارها آنف الذكر، عدم جواز احتلال الأراضي بالقوة العسكرية.

مطلوب من جامعة الدول العربية وقفة عربية تضامنية لإيقاف العبث الصهيوني، وحماية المقدسات الإسلامية، وعروبة القدس، قبل فوات الأوان.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165355

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع يوسف مكي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165355 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010