الخميس 17 نيسان (أبريل) 2014

يغيّبون لكن لا يغيبون

الخميس 17 نيسان (أبريل) 2014 par محمد عبيد

قد ينجح الاحتلال “الإسرائيلي” في تغييب مجموعة كبيرة من خيرة أبناء الشعب الفلسطيني، خلف قضبان معتقلاته، وداخل زنازين العزل الانفرادي، وقد ينجح في الاستفراد بآلاف أسرى الحرب العزّل، ويحاول كسر إرادتهم والحط من كرامتهم الإنسانية، وقد يحاول اختراق صفوفهم من خلال “عصافيره” وعملائه، وسياسات التفريق وافتعال الفتنة، لكنه اصطدم ويصطدم وسيصطدم بوعي وطني ومستوى راقٍ من المسؤولية، وصمود عصي على الكسر، فالأسرى الفلسطينيون يغيّبون، لكنهم لا يغيبون ما دامت الأنفاس، وطالما بقي أسير واحد خلف القضبان .
السابع عشر من إبريل، يوم الأسير الفلسطيني، الذي لم يأت اختياره مصادفة، بقدر ما كان يوم عز آخر من أيام الشعب الفلسطيني المناضل، ففيه تمت أول عملية تبادل أسرى مع الاحتلال، عندما حرر الأسير محمود بكر حجازي عام 1974، والآن بعد 40 عاماً على تلك اللحظة التاريخية، ما زال الفلسطينيون يحيون كل عام هذه الذكرى، ويرفعون الصوت عالياً بمطالبهم الشرعية بفك أسر هؤلاء الأبطال .
اعتقال آلاف الفلسطينيين، يأتي في إطار سياسة متكاملة تشكّل نتيجة طبيعية لوجود الاحتلال الاستعماري العنصري، الذي لا يفوّت فرصة مهما كانت، لتثبيت أركانه، وفي المقابل إسكات صوت كل من يواجهه ويقاوم سياساته وجرائمه، سواء من خلال التصفية الجسدية، أو الاختطاف، رهائن في المعتقلات، كما هو حال آلاف الأسرى، واتباع سياسات الموت البطيء بحقهم .
المشهد الحالي في معتقلات الاحتلال “الإسرائيلي” يتخطى أي وصف معقول أو مقبول، ذلك أن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الأسرى تتخطى كل الحدود، وتنتهك جميع حقوقهم الإنسانية الفردية والجماعية، وتضرب عرض الحائط كل عرف أو قانون، مستغلة الصمت والتواطؤ الدولي غير المسبوق، ومحاولات تحويل الأنظار عن القضية الفلسطينية، من خلال اختلاق الأزمات والحروب في مناطق مختلفة من العالم، ومن خلال دعم لا متناه من الإدارة الأمريكية التي تحاول تسويق نفسها كوسيط بين طرفي الصراع التاريخي .
الأسرى الفلسطينيون يواجهون وحيدين هذه الهجمة الشرسة، ويبدو التضامن الشعبي معهم، الذي لم يقف عند حد، عاجزاً في ظل تحوّل ملفهم على المستوى السياسي إلى مجال واسع للمساومة والخضوع للشروط “الإسرائيلية”، وعنصر ملحق في عملية المفاوضات التي فشلت في إطلاق آخر دفعة من عمداء الأسرى المحتجزين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، قبل أكثر من عشرين عاماً، والكيان المحتل يتقن التلاعب بورقة الأسرى إلى أقصى الحدود، فيساوم ويماطل ويعطّل ويرفض إنهاء هذه القضية تحت أكثر من ذريعة .
المنتظر الآن بعد اعتماد فلسطين عضواً في اتفاقيات جنيف وملحقها، أن تتوجه الحكومة الفلسطينية إلى المحاكم الدولية لإدانة الاحتلال، وتثبيت حق الفلسطينيين وعلى رأسهم الأسرى في التعاطي معهم من خلال بروتوكول جنيف الخاص بالمدنيين في زمن الحرب، ووضع قضية الأسرى على أجندة محاكم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وملاحقة قادة الكيان المتورطين في اعتقال واغتيال وقتل الأسرى بشكل بطيء من خلال سياسات الإهمال الطبي والتعذيب والعزل، وغيرها من الممارسات الحاطة بالكرامة البشرية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2165775

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165775 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010