الثلاثاء 15 نيسان (أبريل) 2014

إعادة “كل فلسطين” إلى المفاوضات

الثلاثاء 15 نيسان (أبريل) 2014 par د.احمد جميل عزم

كان مطلوباً مني قبل أيّام، الحديث في مؤتمر مركز “مسارات”، في البيرة بفلسطين، تحت عنوان المفاوضات ومستقبلها، وبحيث يتحدث في الموضوع نفسه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يمثل الفلسطينيين تفاوضيّا مع «الإسرائيليين،» صائب عريقات. وكذلك تحدّث في الشأن ذاته أمين عام حزب الشعب الفلسطيني، بسّام الصالحي.
الورقة التي كنت سأقدّمها هي نتاج عمل سابق، أعددتها كمسودة أساسية لصالح مجموعة التفكير الاستراتيجي الفلسطيني، وخضعت لنقاشات شارك فيها خبراء وسياسيون، ما يجعل الوثيقة (الورقة) أقرب لنتاج عمل جماعي. لكن بسبب مرور أشهر على تلك النقاشات، وجدت أنّه لا بد من “التحديث” للورقة. وللوهلة الأولى، فإنّ المأزق الحالي للمفاوضات وتَعثرها الراهن، يبدو هو العامل الأساسي الذي يفرض التحديث. على أنّ المأزق الراهن لا يغير في الواقع كثيراً من خريطة التفكير في العملية التفاوضية؛ فما حدث ليس مفاجئا ولا جديداً. وواقع الأمر أن أي تناول علمي أو فكري للعملية التفاوضية لا يتطلب متابعة كبيرة للتفاصيل، فهي متكررة، تنبع من قواعد وسمات تحكم العملية التفاوضية بشكل مملّ وروتيني.
إذا كان الجديد في المفاوضات في العامين الماضيين هو توجه الفلسطينيين إلى المنظمات الدولية والتدويل، فالحقيقة أنّ هذا التوجّه تتضاءل أهميته بتحوّله إلى مجرد تكتيك تفاوضي، وليس إلى استراتيجية قيادة صراع بديلة. فالمؤشرات أنّ الاستراتيجية الفلسطينية هي الاستعداد الدائم للتراجع عن هذا المطلب، أو تجميده، مقابل ثمن سياسي في إطار المفاوضات، والعودة له غضباً من تعثّر تفاوضي ما. وما يزال الخيار الفلسطيني هو العملية القديمة (عملية أوسلو)، واستمرار محاولة مقاربتها بطرق مختلفة. ولا يوجد حسم استراتيجي بشأن نهج أو أدوات وأطر تفاوضية أو غير تفاوضية بديلة، بل يمكن تجميد الذهاب للأمم المتحدة لأجل قضايا معينة، مثل الأسرى.
الجديد الحقيقي الذي أجد أنّه يستحق الانتباه أثناء النظرة إلى المفاوضات، هو الدعوات المتزايدة من الفئات الفلسطينية المختلفة إلى إعادة تعريف القضية الفلسطينية، ومراجعة أهداف التفاوض. ففي ظل عدم تجديد شرعية وعضويّة المجلس الوطني الفلسطيني لأكثر من ربع قرن الآن (منذ العام 1988)، وبالتالي شرعيّات الهيئات التنفيذية الأعلى في المنظمة، وانتهاء الولايات الانتخابية للرئيس الفلسطيني، وللمجلس التشريعي، والحكومات الفلسطينية، بات لا بد من تلمس الموقف الفلسطيني في سياقات أخرى؛ منها الحراكات الشعبية ومنابر مثل المؤتمرات والندوات.
في أكثر من مناسبة، كانت هناك دعوة إلى “إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني”، وتحديداً مراجعة كل فكرة الدولة الفلسطينية. هذا ما أزعم أنّه كان واضحاً في مؤتمر المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، نهاية العام الماضي، في الدوحة، حيث اجتمع مئات الكتاب والباحثين والسياسيين الفلسطينيين، وكان واضحاً الدعوة إلى إعادة الاعتبار لمجموع الشعب الفلسطيني، بما في ذلك المناطق المحتلة العام 1948، والشتات؛ والدعوة إلى إعطاء إشراك قطاعات الشعب الفلسطيني أولوية قصوى قبل استئناف التفاوض، أو أي تصور سياسي لمستقبل الشعب الفلسطيني. وأزعم أنّ هناك المزيد من الدعوات في الطريق ذاتها. فقبل مؤتمر “مسارات”، كنتُ في مؤتمر أسبوع الأبارتهايد «الإسرائيلي»، في عكّا، بتنظيم مجموعة “فلسطينيات” التي باتت ذات حضور متزايد في الشارع الفلسطيني، ومبدأ عملها الأول حركة وطنية موحدة في كل فلسطين ولكل الفلسطينيين. ثم مؤتمر “مسارات” الذي كان من الأوراق المقدّمة فيه بحث نديم روحانا، الذي نشرَته مؤخّراً مجلة الدراسات الفلسطينية، الصادرة عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وفيه يؤكد روحانا أهمية التراجع عن التعريف القومي (المرتبط بفكرة الدولة) إلى مسألة التحرر من الاستعمار.
التغيير الأهم في بيئة المفاوضات في اعتقادي، هو التشكيك الشعبي الفلسطيني المتزايد بكل فكرة التركيزعلى تحقيق الدولة الفلسطينية على جزء من فلسطين، بصفتها محور العملية السياسية، إلى المطالبة أولا بتجديد منظمة التحرير الفلسطينية وكل الحركة الوطنية الفلسطينية، كأولوية أولى في هذا الوقت، وبحيث تعبر الحركة الوطنية عن كل الفلسطينيين، بدءا من أراضي الاحتلال الأول العام 1948، والاحتلال الثاني 1967، والشتات، وبحيث تكون الأطر والقيادات التي تنتجها هذه الحركة هي التي تحدد الخيارات التفاوضية وتعبر عن مصالح كل الفلسطينيين وكل فلسطين، داخل هذه المفاوضات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 50 / 2165463

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165463 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010