الجمعة 4 نيسان (أبريل) 2014

“الجامعة” وغطاء المفاوضات

الجمعة 4 نيسان (أبريل) 2014 par أمجد عرار

مجلس الجامعة العربية قرّر الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية الأربعاء المقبل، لبحث تطورات القضية الفلسطينية ووضع بدائل وخيارات التحرك العربي، والرد على تعنّت “إسرائيل”، وبخاصة بعد قرار فلسطين الانضمام إلى المنظمات والمؤسسات الدولية . لو نشر هذا الكلام قبل أربعة أيام، أي في الأول من نيسان، لفهمنا المكتوب من العنوان . لكنه ينشر في توقيت لا يحتمل التأويل، بدليل أن الأمين العام للجامعة نبيل العربي “مقتنع” بأن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة خطرة، لأن “إسرائيل” رفضت التوقيع على اتفاقية إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين والبالغ قوامها ستة وعشرين أسيراً .
إذا كان عكس الخطأ صواباً وعكس الشر خيراً، فإن عكس الخطر طمأنينة . وهكذا، ووفق منطق الجامعة، فإن الصورة المضادة لتشاؤم أمينها العام تقول إنه لو وافقت “إسرائيل” على إطلاق الأسرى الستة والعشرين، فإن القضية الفلسطينية لا تكون عندئذ تمر بمرحلة خطرة، ولما كانت هناك حاجة لاجتماع الجامعة لا على مستوى الخارجية ولا الزعماء .
على ذلك، من حق أي مراقب أن يتوقّع إفراج “إسرائيل” عن الدفعة الرابعة ليبدو الجانب الفلسطيني والعربي في وضع المنتصر، ومن فرض شروطه ومطالبه . إذا حصلت “إسرائيل” على جاسوسها المسجون في أمريكا، جوناثان بولارد، فإنها من الممكن أن تطلق سراح ستة وعشرين أسيراً فلسطينياً، لأن حكومة نتنياهو تستطيع أن تصور هذه الخطوة باعتبارها عملية تبادل رابحة، وليست خطوة في عملية سياسية .
على العموم، ما سيجري بالفعل قاله الأمين العام للجامعة بعد الديباجة، عندما عبّر عن قناعته الشخصية بإمكان تمديد المفاوضات برعاية أمريكية حتى نهاية العام، ولكي تبدو التصريحات مفعمة بالحيوية ومطعّمة باللاتقليدي، فإنه طالب الإدارة الأمريكية بلعب دور أكثر فاعلية، ولم ينس أن يشيد ب “التزام” وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التوصل إلى اتفاق بين الجانبين . هكذا يكون الغطاء .
“جيد” أن تدخل الجامعة العربية على خط القضية الفلسطينية، ولو بثوب “جاهة الصلح”، مع أن الجاهات نادراً ما تفشل في حل قضية . المفارقة الغريبة أن الجامعة محبطة من فشل “المجتمع الدولي” في حل الأزمة السورية، وهي في كل الأحوال، أبسط كثيراً من قضية احتلال ومحتل، ومن قضية شعب طرد من وطنه قبل سبعة عقود وأقيم على أنقاض حقوقه كيان بطريقة الاغتصاب المدعوم من “المجتمع الدولي” ذاته، الذي تراهن عليه الجامعة العربية بإيجاد “حل سلمي” بين الضحية والجلاد، وعلى أساس أن يعترف الجلاد بحق الضحية في الصراخ العالي والحلم الذاتي .
ما تفعله القيادة الفلسطينية والنظام الرسمي العربي يتنافى مع منطق الأشياء وقوانين الطبيعة، إذ لا توجد جماعة في التاريخ وفي الطبيعة تجرّب طريقاً لربع قرن وليس فيه سوى الفشل واستمرار العدو في فرض الوقائع على الأرض وترسيخ أهدافه التكتيكية والاستراتيجية . وإذا هذا حال الفلسطينيين، فإن حال العرب ليس أفضل، فهم أيضاً لم يبحثوا في أرشيف التاريخ ليجدوا جماعة تنتقم من أمة، ولا ناطقين باسم أمة يستجدون الأجنبي لإصلاح أمورها عن طريق تدميرها . قال الأول: ليس هكذا تورد الإبل يا عمرو، فرد الثاني: وليس هكذا يقلى البيض أيها النبيل .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2165294

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

27 من الزوار الآن

2165294 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 27


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010