الاثنين 31 آذار (مارس) 2014

في يوم الارض: ارض الكرامةوكرامة ارض

الاثنين 31 آذار (مارس) 2014 par معن بشور

في جلسة جمعتني مع صديق فلسطيني مقيم في بلد اوروبي ويحمل جنسيته، روى لي الصديق اللصيق بقضايا شعبه وامته كيف زار مسقط رأسه في حيفا حيث وُلد قبل اكثر من سبعين عاماً، وحيث بيوت والده واعمامه واجداده.
قال لي الصديق ان ضابط الجوازات الصهيوني على الحدود فوجئ انه من مواليد حيفا، فسأله للتأكد من صحة ما قرأه “هل انت من مواليد حيفا فعلاً”، فأجابه الصديق بحزم ” وماذا قرأت في الجواز؟” سأله الضابط باحترام غير معهود من الصهاينة في تعامهلم مع الفلسطينيين “وما غرض الزيارة؟ أهي للسياحة ام لعمل تجاري” فأجابه الصديق من جديد وبلهجة أكثر حزماً: ” انا آت إلى وطني والى البيت الذي ولدت فيه”. صمت الضابط وسلمه الجواز بسرعة وكأنه يريد انهاء “مشكلة”.
تعليق الصديق على هذه “المساجلة” السريعة هو شعوره بأن من بين الاسرائيليين العاديين من بات يشعر بنوع من القلق الوجودي والاحساس المتنامي بالذنب تجاه الفلسطيني المشرد من بيته وأملاكه وأرضه…
لا يكتفي صديقنا بهذه الرواية بل يصف لنا مشهد مطعم في جبل الكرمل قرب حيفا، وهو الجبل الذي يطل على عكا وحتى على رأس الناقورة في جنوب لبنان. في هذا المطعم الكبير تجتمع المئات من العائلات الفلسطينية ليلاً، وبينهم شباب وشابات يتصرفون بثقة عالية بالنفس، وحتى بنوع من الاستهتار بالوجود الصهيوني المطبق على حياتهم، لا بل بشعور بأن هذه الارض (فلسطين) ستعود حتما إلى اصحابها عاجلاً ام آجلاً..
فوجئ الصديق، بكل لقاءاته وتنقلاته ، بهذه الروح الجديدة التي تغمر الكثير من عرب فلسطين 48، وأمتلكه احساس بالفرح لم يشعر به من قبل، لا بل قال لصديق هاتفه خلال وجوده في المطعم:” لا تصدق انني اشعر كمن يحمله جناحان إلى الفضاء.. اشعر كما لو انني اطير في حلم، لا لأنني اشعر انني قريب من حيفا مكان ولادتي ومن ملاعب طفولتي فحسب، بل أيضاً لاحساس بالاعتزازوالفخر بابناء شعبي وهم يتصرفون بهذا الاباء والشمم والثقة بالنفس….
يكمل صديقي حديثه، بالقول: سألت صديقاً لي منذ ايام الطفولة، وهو اليوم شخص لامع في محيطه.. ما تفسيرك لهذه الثقة المتزايدة بالنفس لدى الفلسطيني، وهذا الاكتئاب المتزايد لدى الاسرائيليين.
اجابه الصديق المتجّذر في ارضه: انها حرب تموز 2006، يومها حصل انقلاب غريب في المزاج الفلسطيني، وفي المزاج الصهيوني معاً، فالفلسطيني بات اكثر ثقة بأنه سيستعيد حقوقه، والصهيوني بات اكثر قلقاً على مصيره ووجوده.
الانطباع ذاته نقله لي صديق مقيم في الولايات المتحدة عن زوجته التي زارت مسقط رأسها في فلسطين المحتلة عام 1948، وهي سيدة وطنية مثقفة، لكنها غير مسيّسة أو متأدلجة، قالت السيدة بعد زيارة استغرقت عدة أيام: لقد شعرت ان الاسرائيلي في فلسطين هو سائح ولكن باقامة طويلة… فهو يدرك انه لا بد من ان يعود من حيث أتى…
هذان الحديثان اللذان سمعتهما خلال العُشر الاخير من شهر آذار/مارس اكدتا لي جملة المعاني والرموز التي احتشدت على مدى عقود في حياة فلسطين وكفاح شعبها في هذه الايام، منذ معركة الكرامة في 21/3/1968 إلى يوم الارض في 30/3/1976، إلى استشهاد القائدين الكبيرين الشيخ احمد ياسين ود. وديع حداد في مثل هذه الايام، إلى محاصرة الرئيس الشهيد ياسر عرفات، إلى ملحمة جنين 2002 التي تجددت قبل ايام على يد الابطال حمزة ابو الهيجا ومحمود ابو زينة ويزن جبارين مجسدين وحدة المقاومة والاستشهاد ، إلى اختطاف المناضل الكبير احمد سعادات والقائد الفتحاوي فؤاد الشوبكي إلى العديد من محطات العطاء والنضال .
في هذين الحديثين يمكن لنا ان نفهم في يوم الارض كيف اصبحت ارض الكرامة رمزاً لكرامة الارض والوطن والامة.
وبعد هذا كله يأتي جون كيري باتفاق اطار لا يكشف عن انحياز مروّع لجانب الظلم فقط، بل عن جهل مطلق بحقيقة شعب فلسطين الذي لم يتوقف كفاحه من اجل الحرية منذ اكثر من قرن، وهو مؤمن انه سينال حتما ً حريته كما نالها شعب الجزائر بعد 130 عاماً من ابشع استعمار استيطاني واكثرهم وحشية.
انه منطق التاريخ… كما منطق ” الارض التي تقاتل دوماً مع أهلها”، كما يقول مثل عراقي شائع في البادية العراقية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2166046

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع معن بشور   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2166046 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010