السبت 29 آذار (مارس) 2014

فولك يلخص حقيقة الكيان

السبت 29 آذار (مارس) 2014 par د. فايز رشيد

اعتدنا نمطاً من المسؤولين الغربيين ينصفون الفلسطينيين بعد خروجهم من مناصبهم، من بين هؤلاء إلى حد ما جيمي كارتر الرئيس الأمريكي الأسبق الذي تطرق إلى بعض مظاهر عنصرية “إسرائيل” بعد خروجه من السلطة من خلال مؤلفه: “فلسطين . . .سلام لا فصل عنصري” . وبعض المسؤولين يجعلون من مناصبهم منابر لقول الحقيقة حول أوضاع الفلسطينيين، من بين هؤلاء، ريتشارد فولك الخبير الدولي في مجلس حقوق الإنسان للأراضي الفلسطينية . معروف أن ولاية فولك ستنتهي بعد أسابيع قليلة، لكنه طوال بقائه في ولايته مثّل الضمير الإنساني في تطرقه لخرق “إسرائيل” الفاضح لحقوق الإنسان الفلسطيني . ومنذ أيام قليلة عقد فولك مؤتمراً صحفياً في واشنطن تحدث فيه بصراحة مطلقة عن عنصرية دولة الكيان، لقد ندد بسياسة “إسرائيل” في الأراضي الفلسطينية المحتلة واعتبر “أنها تحمل صفات نظام الفصل العنصري والتطهير العرقي”، وقال للصحفيين: “إن الواقع على الأرض يتفاقم سواءً من وجهة نظر القانون الدولي أو من وجهة نظر الشعب الفلسطيني”، واتهم الكيان ببذل جهود منهجية ومتواصلة من أجل تغيير التركيبة العرقية في القدس الشرقية، والإفراط في اللجوء إلى القوة والعقوبات الجماعية في قطاع غزة وتدمير المنازل وبناء المزيد من المستوطنات .
وقال: “إن هناك تمييزاً منهجياً على أساس الهوية العرقية بهدف تغيير تركيبة القدس الديموغرافية”، مؤكداً أن ذلك يعتبر شكلاً من أشكال التطهير العرقي، وأوضح فولك أن ما يسمى احتلالاً أصبح اليوم يفهم أكثر على أنه نوع من الضم والإلحاق وفق قاعدة نظام فصل عنصري، متهماً “إسرائيل” باعتماد نظام مزدوج قانونياً يقوم على التمييز . ست سنوات قضاها فولك في منصبه خاض خلالها معارك عدة مع دولة الكيان الصهيوني وداعميها، لاسيما الولايات المتحدة وكندا . ومعروف عن فولك أنه دعا محكمة العدل الدولية إلى النظر في شرعية احتلال “إسرائيل” للأراضي الفلسطينية .
فولك خبير دولي بشأن حقوق الإنسان تتبع خطوات نظام الفصل الصهيوني ضد الفلسطينيين .أما ما المتوقع من “إسرائيل” لهذا المسؤول، فهو اتهامه بالتهمة الجاهزة “العداء للسامية”، هذه التهمة سرعان ما تلصقها دولة الكيان بكل من ينتقد سياساتها، فكيف عندما يتهمها بالفصل العنصري؟ تصريحات فولك تعيد إلى الأذهان قراري الأمم المتحدة بشأن العنصرية الصهيونية أحدهما القرار رقم 315 (د-28) الصادر في 14 ديسمبر/ كانون الأول 1973 بشأن “التحالف الآثم بين العنصرية في إفريقيا الجنوبية والصهيونية”، والقرار رقم 3379 الصادر في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 1975“اعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري” . تأثرت دولة الكيان وحليفتها الأمريكية والدول الصديقة لهما أيما تأثر بهذا القرار، لذا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية في عام 1991 كانت الخطوة الأولى التي اتخذتها الولايات المتحدة هي إجبار الأمم المتحدة (في عالم القطب الأوحد والتحكم السياسي الأمريكي في العالم) على إلغاء هذا القرار . إلغاء القرار هو تأكيد بشكل آخر على عنصرية “إسرائيل” في عهد الموازين السياسية الجديدة .إلغاء القرار لا يلغي جدول التعاون في الأوجه العديدة بين نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا والكيان الصهيوني . لقد امتلكت “إسرائيل” أفضل العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع جنوب إفريقيا العنصرية حين كانت دول العالم تقاطع ذلك النظام وتحاصره . لقد امتلكت دولة الكيان الصهيوني أفضل العلاقات مع الدكتاتوريات العديدة في دول العالم، وعلى الأخص إبّان مرحلة بينوشيه في تشيلي .
وقد امتلكت الحركة الصهيونية أفضل العلاقات مع أشد الحركات عنصرية في التاريخ: الحركة النازية قبل سنوات عدة من اندلاع الحرب العالمية الثانية، ففي عام 1933 جرى توقيع اتفاقية أطلق عليها“اتفاقية الترانسفير” بين ممثلي الحركة الصهيوينة والحكومة الألمانية من أجل تسهيل هجرة يهود ألمانيا إلى فلسطين وتشجيع الصادرات الألمانية وتسويقها بمساعدة الحركة الصهيونية، هذه الاتفاقية عكست المصالح المشتركة بين الطرفين، لقد تم توقيع اتفاقيتين صادق عليهما المؤتمر الصهيوني الثامن عشر من عام 1933 والتاسع عشر من عام ،1935 في عام ،1937 وفي فلسطين التقى أيخمات وكاغن كممثلين عن الحركة النازية مع بولكيسي ممثل المنظمة “الإرهابية” “الهاجناة” وفي هذا اللقاء تم الاتفاق بين الطرفين “على تزويد الحركة الصهيونية للغستابو بأية معلومات عن التنظيمات اليهودية في الدول الأوروبية، وعن أية نشاطات لها ضد النازيين مقابل دعم هؤلاء لإقامة الدولة الصهيونية” .
الصهيونية منذ وجودها كحركة سياسية ارتبطت بالظاهرة الاستعمارية . في تلك الحقبة في عام 1907 وبعد سقوط وزارة حزب المحافظين في بريطانيا جاءت إلى الحكم وزارة من حزب الأحرار برئاسة كامبل بنرمان . في عهده تم تشكيل جبهة استعمارية من بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، البرتغال، هولندا، إيطاليا، وإسبانيا .
عقدت هذه الدول فيما بينها اتفاقية أسمتها “اتفاقية بنرمان” ومن بين نصوصها ما يلي “إننا نوصي بضرورة العمل على فصل الجزء الإفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، ونقترح لذلك إقامة حاجز بشري قوي وغريب، على الجسر البري الذي يربط آسيا بإفريقيا ويربطهما معاً بالبحر المتوسط، بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار وعدوة لسكان المنطقة” . ولم تجد هذه الدول أفضل من الحركة الصهيونية حليفاً استراتيجياً لها .
هذا هو غيض من فيض تاريخ الحركة الصهيونية وممثلتها دولة الكيان . أما التاريخ الحديث فحدّث ولا حرج . مذابح جماعية بحق الفلسطينيين والعرب، اغتيالات، اعتقالات، استيطان، هدم بيوت، جرائم حرب ضد الإنسانية وغيرها . الكثير من القادة السياسيين والعسكريين الصهاينة متهمون بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية من قبل محاكم عدة في دول عدة من العالم، ولذلك لا يجرؤون على السفر إليها بسبب ملاحقاتهم فيها . التاريخ الصهيوني وواقع دولة الكيان الصهيوني يؤكدان تآمر “إسرائيل” ضد العديد من الدول من بينها العديد من الأقطار العربية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2165441

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165441 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010