الجمعة 14 آذار (مارس) 2014

“اتفاق الإطار”: عاصمة في بيت حنينا.. وأقل من نصف الضفة

الجمعة 14 آذار (مارس) 2014 par عبد الرحمن ناصر

رغم التطورات في أوكرانيا، والتي حازت جانباً أساسياً من نشاط رئيس الدبلوماسية الأميركية جون كيري، فإن الأخير ما زال يتحرك في إطار إنفاذ خطته للتسوية، ومن المقرر أن يكون ملف التسوية على مائدة البحث خلال زيارة الرئيس الأميركي للملك السعودي، وكذلك خلال الزيارة المقررة لرئيس السلطة محمود عباس إلى واشنطن، كما أن هناك جولة مقررة للوزير الأميركي، فضلاً عن زيارة لمستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس إلى فلسطين المحتلة، للقاء المسؤولين في السلطة، وحكومة نتنياهو.

وفي الأثناء يواصل المفاوضون عن السلطة الفلسطينية وحكومة العدو العمل ضمن الإطار الذي حدده الوزير الأميركي، وكذلك الإدلاء بمواقف تتصل بالعناوين محل البحث في الخطة الأميركية، والتي ينتظر الطرفان تقديمها في صيغتها النهائية المكتوبة، فقد تحدث كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات عن أن الجانب الأميركي “لم يقدم حتى الآن أي شيء مكتوب للجانب الفلسطيني”، نافياً بذلك ما تردد مؤخراً عن تسلمه نسخة من اتفاق إطار المفاوضات خلال وجوده في الولايات المتحدة مؤخراً، وقال عريقات “النقاش مستمر مع الجانب الأميركي حول كافة القضايا، ولكن الجانب الأميركي لم يقدم أي شيء مكتوب بعد”، وهو ما أشار إليه أيضاً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حيث قال: إن الجانب الفلسطيني لم يتسلم أي شيء مكتوب حول اتفاق الإطار الذي يسعى إليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وقالت جنيفر بساكي، الناطقة باسم الخارجية الأميركية: إن “اتفاق الإطار لم يكتمل بعد”، أما رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، فأعرب عن اعتقاده بأن وزير الخارجية الأميركي جون كيري “لن يعرض الوثيقة التي تتضمن بنود اتفاق الإطار”، مضيفاً “لسنا متأكدين أن الفلسطينيين سيقبلون هذا الاتفاق”.

بيد أن ما لم يقدم كتابة بات الكثير منه معروفاً، ويتم تداول معلومات عن أن اتفاق الإطار سيقضم أجزاء كبيرة من أراضي الضفة الفلسطينية، كما يقترح منطقة “بيت حنينا” من ضواحي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، في محاولة متجددة للخداع، بأن هناك عاصمة فلسطينية في القدس، بدل أن تكون القدس المحتلة عام 1967، عاصمة للدولة كما كان يطالب الجانب الفلسطيني، مع بدء مهزلة التفاوض وتوقيع اتفاق أوسلو.

بيت حنينا بديلاً للقدس

الخبير في شؤون الاستيطان، ومدير دائرة الخرائط والمساحة في بيت الشرق، بالقدس المحتلة السيد خليل التفكجي، قال في تصريحات لصحيفة الغد الأردنية: “يتم حالياً تحضير”بيت حنينا“لتكون عاصمة الدولة الفلسطينية”، لافتاً إلى “إجراءات إسرائيلية تم اتخاذها مؤخراً، ومنها تسهيل منح رخص البناء الفلسطيني فيها بنسب غير مسبوقة وتخفيف السيطرة عليها، بما يوحي بالاستعداد لتلك الخطوة”، وأضاف التفكجي: إن “بيت حنينا”، التي احتلت بعد العام 1967 وأتبعت لحدود ما يسمى “بلدية القدس”، يتم تحضيرها حالياً لتكون عاصمة الدولة الفلسطينية وليس القدس، وذلك تساوقاً مع ما يطرح في إطار خطة وزير الخارجية الأميركية جون كيري، وأوضح الخبير في شؤون الاستيطان، أن “تلك الخطوة تتماشى مع توجه تسليم الجانب الفلسطيني مطار قلنديا بعد تشغيله، والقائم بين رام الله و”بيت حنينا“تقريباً”.

الناطقة الرسمية باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي رفضت التعليق على المعلومات التي يتم تناولها، بخصوص “اتفاق الإطار” المتوقع إعلانه قريباً والذي قيل، إنه يتضمن “اعتبار بلدة بيت حنينا الفلسطينية عاصمة للدولة الفلسطينية الموعودة” قائلة في إطار ردها على سؤال صحفي بهذا الشأن: “لن أسلك هذا الطريق أو أخوض في هذا النقاش”، وأكدت بساكي بخصوص بيت حنينا “أن هذه القضايا جميعها قيد البحث بين الطرفين على مائدة المفاوضات”.

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تحدث حول موضوع القدس قائلاً: “نريد أن نقيم دولتنا على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية التي اعترف العالم جميعه، بما فيه الولايات المتحدة الأميركية، بأنها أرض محتلة عام 1967”. وأضاف أن “القدس ستكون مفتوحة لكل أتباع الديانات السماوية، ولا نمانع أن تكون مفتوحة على القدس الغربية، مع وجود جسم تنسيقي بينهما”، أما رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، فقال في مقابلتين تلفزيونيتن في الولايات المتحدة: “إن القدس ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية”.

أقل من نصف الضفة

يشن إعلام العدو حملة دعائية كبيرة، حول تنازل سيقدمه بنيامين نتنياهو، بالتخلي عن بعض المستوطنات في الضفة، لإنجاح جهود كيري، والتجاوب مع اتفاق الإطار. وذكرت صحف عربية أن نتنياهو كشف عن أنه سيخلي مستوطنات وسيبقي بعضها تحت السيطرة الفلسطينية، لكنه وعد بتقليص تلك التي لن تبقى تحت السيطرة الإسرائيلية “إلى أقل عدد ممكن”، وبينما أبدى نتنياهو “مرونة” في ملف المستوطنات، وفق تلك الصحف، فإنه أبدى تشدداً في موضوعي القدس ويهودية الدولة، علماً أن رئيس حكومة العدو، شدد على رفضه تقديم تعهد للرئيس الأميركي، “بتجميد البناء في المستوطنات”.

لكن المعطيات التي يتحدث عنها الخبير في شؤون الاستيطان خليل التفكجي، تظهر قدر الخداع الذي يقوم به الصهاينة، مشيراً إلى أن اتفاق الإطار المزمع تنفيذه، يتيح للاحتلال التهام أكثر من نصف المساحة الإجمالية للضفة الفلسطينية المحتلة.

وقال التفكجي إن “اتفاق الإطار” الأميركي “يبقي نحو ألفي كم فقط من مساحة الضفة الغربية بيد الفلسطينيين، بعد ضمّ 70% من الكتل الاستيطانية للجانب الإسرائيلي، ووضع أخرى تحت الحكم الذاتي، واقتطاع غور الأردن”، مشيراً إلى أن اتفاق الإطار، “هو اتفاق للتفاوض وليس للحل النهائي، يسمح بتغلغل المستوطنات داخل أراضي الدولة الفلسطينية المنشودة، ويمنع تواصلها”، ولفت التفكجي إلى أن “الصيغة تتضمن ضمّ الكتل الاستيطانية الكبرى، التي تمثل 80% من المستوطنين و70% من المستوطنات، للكيان الإسرائيلي، وتحويل مستوطنات تقع وسط الضفة الغربية المحتلة إلى حكم ذاتي في أراضي السلطة ومرتبطة بالاحتلال”.

وحول الحملة الدعائية عن تنازلات يقدمها نتنياهو بشأن المستوطنات، بيّن التفكجي أن “ما يعنيه نتنياهو مجرد مستوطنات صغيرة لا قيمة استراتيجية أو اقتصادية أو أمنية لها”، وذلك على غرار المستوطنات الأربع المعزولة في شمال الضفة الغربية التي أخلاها الاحتلال، في إطار الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة، في العام 2005.

وأكد خبير الاستيطان بأن “الاحتلال لا يمكن له التنازل عن ضمّ الكتل الاستيطانية، ومنها”معاليه أدوميم“و”غوش عتصيون“و”أرئيل“و”جيغاف زئيف“، و”بيت إيل“و”كريات أربع“، باعتبارها الظهير الاستراتيجي للكيان الإسرائيلي”.

وتابع إن “تلك المستوطنات قريبة من أراضي فلسطين المحتلة العام 1948 وتمنع أي تواصل بين أراضي الدولة الفلسطينية المنشودة، فضلاً عن الأغراض الأمنية الاستراتيجية”، منوهاً إلى أن “مستوطنة أرئيل وحدها تمتد بعمق 25 كم داخل أراضي الضفة الغربية المحتلة”.

وأشار إلى أنه “لن يتبقى بيد الفلسطينيين سوى 2000 كم من إجمالي 5800 كم تشكل مساحة الضفة الغربية المحتلة بعد الاقتطاعات”، مفيداً بأن “منطقة الأغوار تقع خارج البحث بالنسبة للاحتلال، أسوة بقضيتي اللاجئين الفلسطينيين والقدس”.

واعتبر أن “الجانب الفلسطيني هو الأضعف في هكذا اتفاق، فإما القبول به كما هو وإما رفضه، وبالتالي تحمل الضغط الاقتصادي”، لافتاً إلى خطورة “تضمينه الاشتراط الإسرائيلي بالاعتراف”بيهودية الدولة“، وهو الأمر المرفوض فلسطينياً”.

يهودية الدولة

شدد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو على أنه لن يمرر أي اتفاق، من دون “اعتراف فلسطيني بيهودية إسرائيل”، التصريحات التي أطلقها نتنياهو في الولايات المتحدة قابلها دعم أميركي واضح، فقد قالت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الأميركية: “موقفنا هو أن إسرائيل دولة يهودية، ولكن ليس بالضرورة أن يتفق الطرفان على ذلك في إطار الاتفاق النهائي”، مشيرة إلى أنه في نهاية الأمر سيتم التوصل لصيغة يقبلها الطرفان.

الموقف الأميركي يعني تشديد الضغوط على الطرف الفلسطيني المفاوض، خصوصاً لجهة المطالبة بالاعتراف بيهودية دولة الاحتلال، فطوال مسار التفاوض تبنى الأميركيون الموقف الصهيوني، ووجهوا الضغوط على الفلسطينيين لتمرير المواقف والطلبات التي يريدها المحتلون.

رئيس السلطة الفلسطينية جدد مواقفه المعروفة والرافضة للاعتراف بيهودية دولة الاحتلال، وقال: “إن هذا المطلب الذي ظهر فقط منذ عامين هدفه”وضع العراقيل أمام التوصل إلى السلام“، وأضاف”نحن اعترفنا بإسرائيل في الاعتراف المتبادل الذي تم في اتفاق أوسلو، فلماذا الآن يطالبوننا بقضية الاعتراف بيهودية الدولة، ولماذا لم يقدموا هذا الطلب إلى الأردن أو مصر عندما وقعتا معهم اتفاق السلام“. واعتبر رئيس السلطة أن”يهودية الدولة شأن إسرائيلي، وهم أحرار بأن يذهبوا إلى الأمم المتحدة ليحصلوا على التسمية التي يريدونها، ولكن نحن لن نعترف بها".

كل شيء في هذه المفاوضات يحمل معالم الكارثة، صائب عريقات نفسه ناشد عباس وقف هذه المفاوضات، بإمكان صائب القيام بنفسه بالتوقف عن الاستمرار في هذه المهزلة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165543

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165543 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010