الثلاثاء 13 تموز (يوليو) 2010

تنسيق ام اندماج أمني؟

رأي «القدس العربي»
الثلاثاء 13 تموز (يوليو) 2010

لم يخطر في بالنا قط ان يقوم الجنرال يوفال ديسكين رئيس جهاز الامن الداخلي «الاسرائيلي» (شاباك) بزيارة مقر قوات الأمن الفلسطينية في مدينة جنين، ويقضي يوماً كاملاً في ضيافة ألويتها وعقدائها وكوادرها كضيف عزيز يفرش له السجاد الأحمر، ولكن في هذا الزمن السيئ كل شيء جائز.

نعرف جيداً ان هناك تنسيقاً أمنياً بين أجهزة الأمن «الاسرائيلية» ونظيرتها الفلسطينية، مثلما نعرف ايضاً ان السلطة الفلسطينية منبثقة من رحم الاحتلال «الاسرائيلي»، ولكن ان يتطور هذا التنسيق الذي هو خطيئة في حد ذاته، الى درجة الاندماج الكامل، فهذا امر يصعب تصوره بالنسبة الينا على الأقل.

السؤال الذي يطرح نفسه، بكل قوة، هو عن موقف حركة «التحرير» الوطني الفلسطيني «فتح» من هذه المسألة، وهل تقر مثل هذا التنسيق الأمني، وهذه الزيارة، لمقر قوات من المفترض انها تتكون من المنتمين اليها، ومن قبل قائد جهاز أمني «اسرائيلي»، يعتقل الآلاف من مناضليها، ويخضعهم لتعذيب نفسي وجسدي، ويوفر الحماية للمستوطنين الذين يسرقون الارض والماء والهواء، ويعتدون بصفة دورية على الأهالي، وآخر اعتداءاتهم تمثل في اقدام مستوطن على قتل أحد المواطنين الفلسطينيين دهساً؟

السؤال الآخر الذي يتفرع عن السؤال الأول، هو عما اذا كانت هذه القوات تخضع للجنة المركزية لحركة «فتح» في الاساس، وعما اذا كانت اللجنة تعلم مسبقاً بهذه الزيارة وزيارات سابقة مماثلة، وحجم التعاون بين جهازي الأمن في البلدين؟

ربما يجادل البعض بأن اتفاقات اوسلو نصت على التنسيق الامني بين قوات الأمن الفلسطينية ونظيرتها «الاسرائيلية»، ولكن يمكن تفنيد هذه النقطة والرد عليها بالقول، ان هذه الاتفاقات نصت ايضاً على الانسحاب «الاسرائيلي» الكامل من الاراضي الفلسطينية المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعد خمس سنوات من توقيعها.

فلماذا يتم التمسك بالتنسيق الأمني فقط، والنصوص المتعلقة به في الاتفاقية، واسقاط النصوص والمواد الأخرى الملزمة لـ «اسرائيل»، مثل الانسحاب وقيام الدولة المستقلة؟

ندرك جيداً اننا لن نتلقى أي اجابات من المسؤولين في السلطة حول هذه الاسئلة والكثير غيرها، ولا نشك مطلقاً في ان الغالبية الساحقة من كوادر «فتح» الشرفاء يطرحون الاسئلة نفسها، ويشعرون بالمرارة والغضب في الوقت نفسه، لان مثل هذه الجرائم ترتكب باسمهم واسم تنظيمهم الذي حمل راية النضال الفلسطيني لأكثر من أربعين عاماً، وقدم آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الأسرى والجرحى على درب التحرير والاستقلال.

زيارة ديسكين لمقر قوات الامن الفلسطينية في مدينة جنين التي كانت نموذجاً في المقاومة تشكل اهانة لكل فلسطيني، وتطرح علامة استفهام كبيرة حول ما اذا كانت قوات الأمن هذه فلسطينية الهوية في الاساس، لانه لم يحدث في التاريخ ان تحولت حركة تحرير الى اداة من ادوات الاحتلال الامنية.

ومن المفارقة ان انباء هذه الزيارة خرجت الى العلن عبر الاعلام «الاسرائيلي» ومطبوعاته، والا لما عرفنا بها، لأن الطرف الفلسطيني يخفي مثل هذه المعلومات عن ابناء شعبه، في اطار سياساته في التعتيم والتضليل، ولا نستغرب ان تكون زيارة ديسكين هذه هي قمة جبل الجليد، وان هناك اشياء اخرى اكثر خطورة ترتكب باسم الشعب الفلسطيني وضد ابناء الشعب الفلسطيني نفسه وقضيته تحت مسميات التنسيق الأمني واللجنة الرباعية وسراب السلام.

- المصدر : صحيفة «القدس العربي» اللندنية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2165551

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

35 من الزوار الآن

2165551 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 35


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010